17

1.7K 55 1
                                    


أترى النجوم بعرسك ما تراقصت جباهها....
وإنما غطت وجهها ناحبةً للمصابا.....

أترى الشمس ما تشعشعت أنوارها...
وإنما رسمت دموعاً واضطرابا.....

ما بال الشموع في عرسك لم تضئ..
ما بال دمك صار حنةً للترابا..


=============







خرج من بيت والده وهو يُدخل هاتفه الذي لم يتوقف عن الرنين في جيب بنطاله...



ساق سيارته على عجل وهو يضرب يده اليسرى على رجله بقلق...



ما بالها لا تكف عن الرنين ولا تُجيب حين يتصل!!!



ووصل بسرعة حيثُ أفواج من النسوة يزدلفن من ذلك الصرح الكبير ذي القبة الخضراء...



عجيبة تلك القبة بنصلها الفولاذي الصاعد للسماء في خشوع، وقد تدلى منها هلال صغير بدا كثغر طفلٍ يبتسم على استحياء..



و عاد يتطلع في الوجوه التي تعترضه علّه يلمحها في ذلك الزحام...



وميزها رغم سمرة الليل، بعودها النحيل، بخمارها الذي تجعل طرفه يتدلى على جانب وجهها وتزيحه كل حين دون شعور....



ضغط على بوق السيارة عدة مرات ليُعلمها بقدومه، فالتفتت إليه برهةً خاطفة ثم عادت لتخاطب تلك الفتاة الواقفة بجانبها...



و لمَ هذه الضجة التي افتعلتها، وهذا الرنين ما دامت الآنسة لم تُكمل أحاديثها بعد؟!



و ابتسم بتهكم، كم هي مكشوفة تلك الصغيرة، تُحاول أن تستفزه، تعانده، ولكن...



على هامان يا فرعون!!



عاد صوت البوق ليرتفع فصافحت "غدير" الفتاة ثم توجهت للسيارة حاملةً في يدها بعض الأشياء...



ودخلت دون أن تنظر إليه أو تنبس حتى ببنت شفة...



تطلع إليها وهو يرفع حاجبيه بتساؤل مصطنع، ثم هزّ رأسه وأدار محرك السيارة من جديد...



وانتشرت رائحة الورد لتضوع المكان بطيبها، لتمنحها شيئاً من العذوبة، شيئاً من الجمال...



وأدارت إحداها بين يديها بشرود وهي تنظر لأوراقها التي لم تتفتح بعد..




وامتدت يد لتختطفها من بين يديها، حينها فقط دارت إليه..


- شكراً!!


- هذه ليست لك. ردت بحدة.


- حقاً!! لا تنطلي علي حركاتكن!!



وقرّب الزهرة من أنفه وهو يشمها بعمق، فشعرت بالغيظ، تصرفاته في الآونة الأخيرة تكادُ تُصيبها بالجنون!!



- انتبه، للورد أشواك!! علقت بسخرية.


- ما دامت من يدك، فأنا لا أُبالي بشيء.. قالها بحرارة و عيناه تشعان دفئاً غريباً..



صدت للنافذة و قد عاد الإضطراب ليعتمل صدرها من جديد...


لمَ هذا الكلام؟!


لم تفتأ تقول لي ذلك؟!


ألست مسافراً إليها؟!


ألن تتركني وتذهب إليها؟!


أم قطعتين في الجيبِ أفضل؟!


كاذب، غشاش آخر!!!



و كادت تصرخ في وجهه بذلك لولا أن توقفت السيارة، وشكرت ربها أنها توقفت و أمسكت أعصابها التي باتت تنفلت لأدنى كلمة وبدون سببٍ ....



وتركت باب السيارة مفتوحاً فناداها:



- على رُسلك!! انتظري..



ولم تتوقف وأكملت طريقها مباشرة إلى غرفتها وهي تصفق الباب خلفها وتوصده بالمزلاج..


وسمعت دق الباب بعد وصولها بدقائق..



- من؟!


- من تعتقدين في رأيك؟!


- ماذا تريد؟!


- خذي لقد نسيتِ أشياءك؟!


- أيُّ أشياء؟!


وانتبهت أنها عادت بيدين خاويتي الوفاض، ولامت نفسها على إهمالها وسرحانها، أيُّ زلةٍ سيحملها إياها الآن؟!



وفتحت الباب قليلاً وقد عم الاحمرار وجهها وعنقها:


- تفضلي..



وسحبتها من يده دون أن تترك له مجالاً ليضيف المزيد...




سمعته يغمغم بالخارج فعادت لتفتح الباب:



- انتظر..


- ماذا؟!


- خذ.



وتطلع إلى الشمعة البيضاء الممدودة إليه بتساؤل:



- ما هذا؟!


- شمعة..


- أعرف، ولكن لمَ، ماذا أفعلُ بها؟!


- أطلب أمنية و احتفظ بها، وإذا تحققت أعطني "المكتوب"..



تطلع إليها بشك وهو يقول:



- أليست سحراً أو شيئاً من هذا القبيل؟!



وحدجته بنظرة نارية فأخذ يبرر مازحاً:



- أقصد ربما لكي تمنعيني من السفر!!



- سفرك أو عدمه لا يهمني بشيء!!



وصفقت الباب في وجهه بغضب...



ماذا يظنُ نفسه؟!



لم يذكرني برحيله كل حين...


ألا يعلم بأنهُ يقتلني حينها ألف مرة..



لماذا يا "عمر" لماذا؟!!



===========




طافت "شيماء" حول الفناء الخارجي وهي تسمع جلبةً خفيفة....



وجدت عاملان آسيويان يحملان علباً كبيرة و "وليد" ينهرهما ليحملوها بالشكل الصحيح...



"ألم يقل أن الأجهزة وصلت منذُ أسابيع!!!"...تساءلت في نفسها.



وانزوت قليلاً كي لا تكون في مرمى البصر وأخذت تتابع عملية النقل بإهتمام....




- هيا أحملوا معكم العلب الفارغة والأكياس للخارج!! أمرهم بعجرفة.



وانصرف العاملان وخرج هو على أثرهم دالفاً من الباب الاحتياطي...


وبعد أن استوثقت من انصراف الجميع، سارت بفضول نحو المخزن الكبير الذي أحتله بهدف تحويله إلى مختبر لتجاربه!!!



وأطلت من بين قضبان النافذة لكنّ الشبك المعدني الناعم كان يعوق الرؤية بوضوح، فتنهدت بإستسلام..



وأرادت أن تعود من حيث أتت لكن عيناها سقطتا فوراً على إكرة الباب...



وأدارته دون أن تتوقع شيئاً، ولكن يا لدهشتها فقد كان الباب غير مقفلاً!!



وهزت كتفيها وهي تفتحه شيئاً فشيئاً....



كان المكان مليئاً فعلاً بالأجهزة المفتوحة فعلاً و أخرى لازالت في علبها تنتظر المشرط...



وتوقف بصرها حول جهاز X-Rays يقابله سرير صغير قد تناثرت أدوات لم تعرفها حوله...



وولجت للداخل تفحص كل ما تصادفه بتمعن، خاصة تلك الملفات المركونة على أحد الرفوف بعناية..



وأخذت تتصفحها بتعجب وهي تحاول أن تقرأ ما فيها بصعوبة، إذ كان الخط متشابكاً على عادة الأطباء...



- ما هذا!! سميرة، سميحة؟!!



وجلست على حافة السرير بعد أن أبعدت الأدوات بحذر وعيناها تحاولان أن تفك الطلاسم المكتوبة كما سمتها!!!



أيأتي له مرضى؟! ولكن أين ومتى؟!



ربما كانت ملفات قديمة منذُ أيام دراسته بالخارج!!



و مطت شفتيها بلا مبالاة وهي تعيدها لمكانها...



وألقت نظرةً أخيرة للمكان لتتأكد من أن كل شيء في محله ثم أغلقت الباب خلفها بخفوت...


وسارت في الممر دون أن تنتبه لتلك العينان اللتان لاحظتها منذُ أن وصلت بإنتصار!!!!




===========



- هيه أنت!!


- .................


- يا عديم الضمير، يا عدو الإنسانية!!


- ماذا تريدين؟! صرخ بغضب.


- أريد أن آكل، أنا جائعة، كم مرة قلتُ لك ذلك؟!!



- وماذا أفعلُ لكِ؟!


- أريدُ "بيتزا"، اشتر لي "بيتزا"... وضربت منضدتها بكلتا يديها وهي تصيح.


- وهل تريدينني أن أخرج من العمل كي أشتري لسيادتك بيتزا؟!


- أنا قلتُ لك اخرج؟! ألم تسمع بإختراع اسمه "هاتف"؟!



وزفرت وهي تقول بصوت منخفض لا يُسمع:



"غباء، لا أدري بدوني كيف كانت ستسير الشركة!!"...



ورفع سماعة الهاتف بإستسلام فصاحت بعجل:



- انتظر، لم تسألني ماذا أريد؟!



وأردفت دون أن تتيح له الفرصة ليسأل:



- أريدُ بيتزا، ليس من المعجنات الموجودة هنا، بل إما من "سيزر" أو "بيتزا هت"..


- .................


- بالخضار ، وبدون "المرتديلا"!!!


- ...............


ورفعت أصبعها في الهواء بتحذير:



- حجم كبير لو سمحت ، ولكن انتبه سآكلها لوحدي، إذا كنت تريد اشتر لك أخرى، أنا لا أحب أن يشاركني أحد في طعامي!!!



- حجم كبير؟! لن تستطيعي قطعاً أكلها..


- بل أستطيع.. ردت بثقة.



وسألها بريبة:



- أرأيتها من قبل، أتعرفين كيف يكون حجمها؟!



وشعرت بالإهانة من تساؤلاته، فعاد لتضرب الطاولة بغضب:


- تخالني جئتُ من البادية!! ليكن في علمك أنا كل أسبوع أذهب للمطعم والسينما، خصوصاً السينما، أذهب لها كل ليلة ، كل ليللللللللللللللللللللة!!!



وأخذت تصيح بصوتٍ عالٍ، والمدير ينظر لها بإستغراب..



ووقفت فجأة من مكانها وكأنها تذكرت شيئاً و هي لاتزال ترمقه بنظرة عدائية:



- أيعجبك هذا؟! لقد فورت دمي الآن، خلاياي العصبية احترقت بسببك ، اشتر لي عصير برتقال..



- !!!!!!!!!!!!!!



- و احضر لي ....



- ماذا تريدين أيضاً؟! سلطة خضار؟! خبز بالثوم؟! سألها بحنق.



- اممممم، لم أكن لأقول هذا، أنا لا أحب أن أثقل على أحد!! ولكن إذا كنت تشتهيها فلا بأس!!



وعادت لتسترخي في مقعدها وعلى شفتيها ابتسامة عريضة تترقب وصول البيتزا...



===========



توقفت أمام باب غرفته وهي تطالع بألم تلك الحقيبة الكبيرة الموضوعة على السرير...



كان يتحرك بحماس وهو ينقل ثيابه داخلها، وتوقف فجأة وكأنهُ انتبه للتو من وجودها الذي ناهز النصف ساعة ربما!!



- لم أنتِ واقفة هكذا، تعالي وساعديني!!!



و لم ينتظر إجابتها، سرعان ما سحبها للداخل...



و بقيت جامدة بلا حراك وهي تمسك دمعتها خشية أن تغدر بها غيلةً أمامه...



كانت تتقطع من الداخل، وصرخة مرة في حلقها لا تلبث أن تحتج، وهي تكافح لكبح جماحها كي لا تنطلق...



أما تشعر بنزيفي يا هذا؟!!



وعاد الألم ليعتصرها بقوة دون أن تجد له منفذاً لتنّفس عنه...




أخذت تطالعه بيأس، بعذاب، لكنهُ لا يرفع رأسه، لم يعد يرى أحداً إلا نفسه...




لقد نسي كل شيء، كل شيء و أولهم أنتِ يا "غدير"!!!



وأفاقت على صوته...



- لم تسأليني متى سأعود؟! سألها بلوم.



- فالتبقى طوال عمرك هناك، لا يهمني.. ردت بصوتٍ متهدج.



- سأسافر لأسبوعان فقط، أتخالينها تكفي؟!!!



بل يكفي ما تفعله بي، يكفي...




- ألا تعلمين أين وضعت ربطات العنق خاصتي؟!


- في جهنم...



وانفجر ضاحكاً وهو يبحث في أدراج خزانته:



- خسارة، كانت غالية الثمن، سأشتري لي في الصباح أخرى جديدة..



ثم أردف وهو يتأملها بإهتمام:


- جهزي لنفسك حقيبةً صغيرة كي تبقي في بيت والدي لحين عودتي.


- لن أجهز أي شيء ولن أذهب لمكان. صاحت بغضب.


- ستبقين في الشقة لوحدك؟!


- لا شأن لك بي حتى لو مُت، أتفهم؟!



وغطت وجهها بكفيها وهي تبكي بمرارة...



ولم تشعر إلا بيدين تطبقان على كفيها بحنان، ضمهما إلى يديه وهو يضغط عليهما برقة:



- إياكِ أن تقولي هذا مرةً أخرى، ألا تعلمين بدونك أضيع..


- ها أنت ستسافر بدوني و... صمتت من الألم.


- بودي أن آخذك، لكنكِ لا تنفعين!! أتقبلين أن تكوني شاهدة على العقد؟!!



وسحبت يدها منه ولم تشعر إلا بها تمتد في صفعة على خده..



تطلع لها مصدوماً وهي يمسكها من معصمها بقوة ، لكنها لم تخف ولم تجفل، كانت تستمد من جرحها النازف شجاعة، تجعلها تواجه اليوم وغداً وبعد سنين!!




- أيتها المتوحشة!!


- لا يهمني رأيك بي، أريدك أن تطلقني قبل أن تسافر، لا أريد البقاء معك بعد اليوم، أتسمع؟!


- لم أكن أعلم أن فراقي سيؤثر عليكِ بهذه الدرجة!!!



وفي حركة لم تتوقعها منه تلك اللحظة، رفع يدها التي صفعته إلى شفتيه وقبلها!!!



و فجرت تلك الحركة البراكين الكامنة بداخلها، زلزلتها من الأعماق، زادتها ألماً، ضاعفت لوعتها....



سحبت يدها منه وهي تصيح في وجهه:



- أنا أكرهك، أكرهك، ارحل، لا أريد أن أراك ..




وهرعت لغرفتها تبكي نفسها، خيبتها، وذاك الذاهب في الغد ...



==========



- كليها كلها والآن!!


- سأحمل البقية إلى المنزل. قالت بإستعطاف.


- كلا، بل الآن. ردّ بحزم.


- معدتي ستنفجر، لا أستطيع..


- أنتِ من قلتِ تريدينها بهذا الحجم، تحملي نتيجة طمعك.


- إذا كان على ثمنها أيها البخيل فسأدفع لك.. صاحت.


- لا أريد ثمنها، وستأكلينها رغماً عنك.


- لن أفعل.


- بل ستفعلين.


- لن أفعل وأرني كيف سترغمني.


- تتحدينني؟!


- وأتحدى من هو أكبرُ منك!!


- إذاً لن تخرجي من هنا، وستباتين الليلة في المكتب!!



و تطلعت إليه بخوف لأول مرة، أجاد هو فيما يقوله!!



- أنت لا تعني هذا، أليس كذلك؟! سألته بإضطراب.


- أنا لا أمزح أبداً.


- أبي..أبي سيتصل إذا تأخرت، وأخوتي سيأتون وسيحطمون رأسك..



وسحب حقيبتها الموضوعة على الطاولة..


- ماذا تفعل بحقيبتي، ألا تخجل من نفسك؟!



وأخرج هاتفها المحمول دون أن يعبأ بإستنكارها:



- الهاتف وقفلته، أريني كيف سيتصل بك أهلك؟!



و ازدردت ريقها الجاف وهي ترمش عينيها بسرعة...



أخذت تردد بتقطع:


- إن...إن شاء الله، سآ...سآكلها، فقط لا تُغضب نفسك!!



وأمسكت القطعة الخامسة وهي تشعر بالغثيان، وقبل أن تفتح فمها، خاطبته بتوسل:


- تفضل، كل معي، لذيذة، لا تُقاوم!!!



وأمسكت معدتها بتعب وهي تنظر لوجهه الجامد...



وكادت الدموع تطفر من عينيها وهي تمضغ قطعاً صغيرة وتتوقف كل حين...



- ماذا تنتظرين؟!


- لا أستطيع، سأتقيأ..


- لا مانع تقيأي ثم أكملي البقية!!!



وأسقطت القطعة وهي تضع يدها على فمها وتنثني إلى أسفل..



- هيا، كفي عن التمثيل!! صاح بقسوة.


ردت بصوتٍ محتقن:


- سأموت، إن لبدنك عليك حق!!



- ما شاء الله وتعرفين الأحاديث النبوية؟!


- أتخالني كافرة؟! صاحت فيه بإستنكار وقد نسيت ألم معدتها.



ودقّ الطاولة بأنامله بتهديد:


- ستأخريني وتأخرين نفسك...



ورفعت رأسها بعد أن قرصت خديها بقوة، أسبلت عينيها وهي تقول بوهن:



- لا أستطيع، معدتي لا تحتمل، رشاقتي هي سبب تعاستي، ما ذنبي أنا؟!!



ورفعت صوتها بتباكٍ وهي تفرك عينيها دون أن تنظر إليه...



- ابكي حتى الغد، ستأكلين يعني ستأكلين..



- ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء يا عديم الرحمة!! صاحت من بين دموعها الشحيحة.



- إلى متى سأنتظر؟! صرخ بنفاذ صبر.



أمسكت القطعة بإحدى يديها بإستسلام واليد الأخرى تمسح وجهها...



وبقيت تنظر لها بتقزز والغثيان يكاد يُصيبها بدوار، وقربتها من فمها، وما كادت تفعل حتى انثنت من جديد وهي تصيح من الألم..



- بطني يؤلمني، سأموت...



ثم رفعت رأسها بصعوبة وهي تخاطب ملامحه التي باتت أكثر جموداً:



- لن آكلها، لن آكلها أسمعت، تريد أن تحبسني، لا يهمني، لن آكل شيء.



ووضعت رأسها على الطاولة و بكت...



وسمعته يبتعد ويعود أدراجه، ثم قال بصوتٍ رخيم:


- أتمنى أن تكوني قد استفدتِ من درس اليوم وهو: لا للطمع!!!


- .....................


- موعدنا في الغد بإذن الله مع درس جديد أيتها التلميذة النجيبة!!


- ...................



- يمكنك أن تعودي إلى البيت الآن!!!



واستقامت في جلستها تلك وهي تنظر له بشزر:




- ليتني أقرأ خبر وفاتك في الجريدة أيها المجرم!!


- .....................


- سأخبر الجميع عنك، سأخبرهم كلهم عن أعمالك السوداء مثلك!!! رددت بصوتٍ مبحوح.


- ......................


- لن أعود إلى هنا، لن أعمل معك وإن كان على الشهادة فخذها، لا أريدها، أفضل أن أنسحب من الجامعة بأكملها ولا أبقى معك دقيقة يا شبيه هتلر، أيها الظالم النازي!!



وسحبت حقيبتها ونعليها وخرجت بدموعها ودعواتها عليه!!!




===============




هبّت من نومها مذعورة....



تلفتت حولها وصدرها يعلو و يهبط في اضطراب...



فلم تلقى إلا الظلام الدامس يكتنفها، يحيطها من كل جانب...



غرزت أصابعها في شعرها الأسود علها توقف الأفكار المستعرة بجنون في ذهنها...



كان كابوساً، ما رأتهُ كان كابوساً...



عمر لن يسافر، لن يسافر، ولن يُحضر معه تلك الشقراء!!!



أمسكت جبينها الملتهب بين راحتيها، كان مبللاً!!



من أين جاء كل هذا الماء؟!!!



أبعدت الغطاء عنها بوهن و توجهت إلى الحمام لتغسل وجهها...



المرآة...


ما أقساها!!!



عيناها تبدوان حمراوتان كأنهما لم تذوقا النوم منذُ شهور...



و الوجه شاحب، فقد بريقه، سرقتهُ الأيام!!



تخلل الماء البارد بين أصابعها وهي ترشح وجهها ببطء لعلها تُزيح شيئاً من عياءه، من همومه، من كوابيسه الذي تلاحقه في كل مكان...



لم يتبقَ من الأيام إلا غداً، غداً فقط!!!



واحد، اثنان، ثلاثة، أربع، خمسة...


ما أسهل العد!!



وما أقسى الحياة!!!



وسمعت صوتاً خافتاً يهمس في أذنيها بكلمات:



دعي الأيام تمر هكذا ولا تُبالي، ماذا ستجنين أكثر؟!!



ماذا بإمكانك أن تفعليه أو تقدميه؟!!



لا شيء..



إذن اصمتي، اصمتي وكفي عن البكاء والأنين...



لطالما كنتِ وحيدة، لطالما تركوكِ وحيدة، لمَ العويل إذن؟!



لأنهُ "عمر"...



"عمر"!!!




أصص ما هذا الكلام؟! ما هذه النبرة الضعيفة، لم أعهدك هكذا من قبل يا "غدير"!!!



"عمر" أهذا من رفضته في البداية، من حاربتي لئلا يتم بينكما الزواج؟!!




ما بينكما انتهى، كان لا بدُ أن ينتهي منذُ زمن، لأن ليس بينكما أي شيء أصلاً!!



لكنني، لكنني.....



ماذا؟! عدنا للنبرة الضعيفة...




في كلتا الحالتين أنتِ خاسرة، في كلتا الحالتين ستخسرينه!!!



تدثري جيداً يا "غدير" وانسي!!



انسي "عمر، انسيه....



الأفكار تكاد تعصف بها، تزلزلها ، تهدم كل الحواجز الذي بنتها منذُ سنين طويلة....



لم يتبقى شيء على الغد...



ها قد اختلطت خيوط الفجر بنجوم الظلام...



ها قد تشابكتا، اتحدتا معاً في رقصة سرمدية...






أتراهُ سيسافر؟!


أتراها ستتكلم؟!


أم أن الفجر سيبقى هكذا في حالة احتضار؟!



انتظروا الغد بمفاجآته!!!


.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.




يستمتع بنحيب قلبي
بين مقلتيه ..


ألا يرى الروح ترفف بعشقه
ولكن القدر بقضائه كان أقوى بحكمه ..


لما يستحل الموت البطيء لي
و أمام عينيه ؟


أين حبه الذي
قدمه لي ذات مساء ؟


ألأني رفضته
يريني خناجر انتقامه
و الابتسامة تعلو محياه ..


أوااااااااه أي قلبٍ
تحمل
و حب تقصد ؟


احتملت ثورة الحب
بين جنبات قلبي المكسور
و أنت تتهادين أمامي
حلالا
و أنت حرام علي براضكـ
وبعد هذا تعتبين !!



ليتك تتركين العناد جانبا
و تحتملين هموم قلب معنى
هام به عشقا لا حبا ..
و تعتبين !!


كفي
براءة يقطر منها شهد
الخيانه
و أنا الأسير
برضاي ..


ذاك الاسير الذي كبلته قيود جنوني بك
ذات لحظهـ
و مازلت مجنونـ ـكـ ..
و تعتبين !!


لكل شي حد و طاقهـ
و أنت استنزفت كل حدودي و طاقاتي
معكـ
فلم العتب ؟!


بأخرى حللها الشرع لي
كحلالك الذي صيرته حراما
بحبك الخائن ؟؟!



ستعلم ذات مساء
من هو الخائن ؟
و لما الصمت المكفن بثوب الموت ؟؟ 

أشعلت لقلبك شمعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن