13

1.8K 43 3
                                    


البعدُ عنكِ زادني تبريحا
والقربُ منكِ زادني تجريحا



ولاخيار غير موتي ظلّ لي
وها أنا أجهز الضريحا


لا حبَّ يستطيعُ أن يمنعني
من أن أكون صادقاً صريحا


==========



ومد هذه الكلمة بتفكير، فأخذت تتلفت حولها وما أن صدت للأمام حتى رأتهُ قادماً باتجاهها...


ابتسمت له بارتياح لكنها سرعان ما وأدت ابتسامتها...


كانت عيناهُ تشتعلان وقد بدا وجهه مظلم، منطفأ، ومسحة من الإجرام تلوحُ في حناياه وهو ينقل بصرهُ بينهما...


تراجعت إلى الخلف بفزع وهي تهزُّ رأسها نافيةً كي لا يفسر ما يراهُ خطأ...


ها هو يقترب بثبات، بقوة...


أخذ صدرها يعلو ويهبط وشفتاها ترتجفان، وأفلتت من فمها صرخة ذعر:


- كلاااااااااااااااااااااااااا


لكن الصرخة اختنقت قبل أن يتردد صداها!!!!



أحاط خصرها بذراعه وهو يشدها إليه بقوة، نظر إلى الواقف أمامه وهو يسأله بجمود:


- نعم!!

- لا...لا شئ يا أخي.


وابتعد الرجل وهو يغمغم معتذراً...


أما هي فبقيت جامدة في وقفتها تطالع الفراغ بعينين لا تريان وذراعه لا تزال تطوقها...


صرّ على أسنانه، وبصوتٍ كظيم همس:


- سيري أمامي فوراً وبهدوء.


وأفلتها بإزدراء دون أن تنبس ببنت شفه، دون أن تتحرك، بصرها ينظر للبعيد، إلى الأمام، إلى لا شئ!!!


وانتبهت لأصابع يدها التي أخذت ترتجف دون توقف....


روحها معلقة بين جنبيها، فوق فوهة زجاجة مهشمة، وقدماها ثقيلتان لا تتزحزان ولا تستجيبان لنداءه المتكرر لها....


أخذت تطالعه وتطالع يديها لكأنه تستفهمه وتستفهمهما معاً عمّا حدث!!!


تُرى ماذا حدث؟!


عاد ليدمدم وهو يسحبها من ذراعها بفظاظة....


هوى قلبها، ماج تحت الأقدام الثقيلة وانزوى هناك في زاوية مظلمة، غير مرئية...


لازالت عاجزة عن الحراك لوحدها، عن النطق، فقط زخات الدماء التي تنبض في عروقها بقوة، بسرعة شلت باقي الحواس...


ووجدت نفسها داخل السيارة دون أن تشعر، ها هي تسمع هدير محركها ينطلق....


الهدير يعلو، يطغى على الأسماع، والأشياء تتماهى أمام عينيها، تبدو صغيرة، صغيرة جداً، كتلك النقط المتوهجة التي نراها على قمم الموج قُبيل الغروب...

أشعلت لقلبك شمعةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن