الفصل الأول /8

15 1 0
                                    


في العادة عندما يخبر الطبيب الأم انها حامل بتوأم في رحمها تبدأ العديد من الأفكار بالانسياب إلى رأسها، فهي ستبتاع لهما الثياب نفسها، ستنامان الغرفة نفسها، وسترسلهما إلى المدرسة نفسها، ستحبهما كما تحب شخصا واحدا وستعتني بهما دون أي تفريق، في النهاية يتجه تفكيرها بالكامل إلى أن طفليها المنتظرين سيكونان نسخة واحدة عن بعضهما البعض، وهي تستمر في هذا الحلم إلى أن تنتهي التسعة أشهر لتضع التوأم الذي حلمت به ووقتها ستصاب بصدمة لا تضاهى، فعندما ترى أن طفلتيها لا تشبه أي منهما الأخرى في شيء وقتها ستنهار كل الأماني التي بنتها في رأسها، كل منهما لا تريد ارتداء ما ترتديه الأخرى، وكل واحدة تريد غرفة مستقلة عن شقيقتها، لا تريدان الذهاب للمدرسة نفسها أو على الأقل لا تريدان أن تكونا في الصف نفسه، كل منهما ترغب بأن تكون شخصا مستقلا عن الأخرى، حتى أنهما قد ترغبان بتغيير اسميهما، وأكثر ما تكرهانه هو أن تشبه إحداهما بالثانية، هذا الوضع هو الوضع نفسه الذي وجدت روزيت رولييد نفسها فيه بعد أن أنجبت آنيتا وآليتا، لم تكن تعتقد يوما أن الفتاتين ستكونان مختلفتين لهذه الدرجة، حتى من الناحية الخارجية فهما لا تشبان بعضهما، فأليتا نشأت تشبه والدها أما آنيتا فهي تشبه والدتها بشعرها الذهبي الطويل وعينيها الزرقاوين، الأولى متسرعة ومتهورة والثانية عاقلة وهادئة، أليتا تعشق الثوران والانطلاق بسرعة دون أن تحسب حسابا لأحد أو لشيء في الوقت الذي لا تقوم فيه شقيقتها بأي حركة قبل أن تحسب كل أبعادها ونتائجها، آنيتا تعشق موسيقى الروك الصاخبة فيما تفضل آليتا سماع سيمفونيات بيتهوفن، الأولى تعشق الألوان السوداء المدموجة بالألوان الصاخبة فيما تفضل الثانية الألوان البيضاء النقية، لقد حاولت روزييت الدمج بين ابنتيها ولكن أيا منهما لم تكن تطيق البقاء مع الثانية لأكثر من دقيقة، فآليتا تقول أن شقيقتها متزمتة ومملة وآنيتا تقول أنها سطحية ومزعجة، وما بين هذه وتلك لجأت السيدة إلى زوجها بغية التخفيف من حدة الاختلاف بين طفلتيها ولكن هذا الرجل سرعان ما أخرج نفسه من هذا الإطار بأكمله، فصحيح أن فري رولييد يعتبر رجلا قوي الشكيمة وذو عقلية ممتازة أهلته لأن يدير مؤسسة وتفير الروسية للإقراض، ومنظمة بحجم خدم السادة في الوقت نفسه إلا أنه لم يتمكن من البقاء جالسا بين ابنتيه يستمع لهما، فطوال حياته بينهما والتي امتدت لخمس وعشرين سنة لم يسبق له أن سمع من كليهما كلمة واحدة حسنة عن الاخرى هذا في حال تحدثتا عن بعضهما، ولكن ما لم يكن يعرفه لا هو ولا زوجته هو أن ابنتيه قد تتفقان على شيء واحد في حياتهما.

وقعت آنيتا على تلك الورقة التي استقرت أمامها وهي جالسة في مكتبها الذي أطلت نوافذه الثلاثة على الحديقة الخلفية التي تميزت بلونها الأخضرها وأزهارها الملونة التي تبهج حزيران بأكمله، أخذت الشابة نفسا عميقا لتترك القلم من يدها واضعة إياه على المكتب أمامها وأسندت جسدها للمقعد قائلة براحة

سلسلة الأسياد-الجزء الخامس-خدم السادةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن