دقت الساعة معلنة انتصاف النهار حيث ساد الهدوء القاتل على كل ناحية من صالة الجلوس في اللؤلؤة البيضاء، فالهدوء الذي كان يبدو أمرا اعتياديا في أروقة المنزل بدا لصاحبته مريبا وثقيلا جدا هذه المرة، شقت آشلي طريقها عبر المطبخ متقدمة نحو الصالة التي جلس فيها زوجها، جلست بحوار الشاب لتمد يدها واضعة إياها على كتفه محاولة انتشاله من هوة الأفكار التي غزت عقله قائلة
-وسيم
رفع الشاب نظره نحوها لترسم هي ابتسامة خفيفة على شفتيها وقالت
-ستكون الأمور بخير
على الرغم من بساطة هذه الجملة إلا أن أثرها وقع كبيرا على نفسه، فما هو الذي سيكون بخير بالضبط؟، بدا التعب على ملامح وجهه ليقول بنبرة لم تخلو من الإرهاق
-لا شيء سيكون بخير آشلي
-لا تقل هذا
-حان الوقت للتوقف عن الهرب ومواجهة الواقع فعليا، لقد تركت أماني أمانة بين يدي وها أنا أعيدها إليها بأسو مما يمكن المرء أن يتخيل، لا أريد أن أتصور ما الذي يحصل الآن في الأعلى، لا أرغب حتى أن أرفع نظري نحو السلم لأرى أي شيء، إن كل ما أريده أن تمر هذه الدقائق بسرعة آش، لا أريد أي شيء آخر
رفعت الفتاة يدها لتضعها على وجهه قائلة
-لا داعي لكل هذا القلق
-أتمنى هذا آشلي
وأخذ نفسا عميقا ليدير نظره نحو السلم فيما صمتت آشلي وهي تراقبه بقلق كبير، فمنذ أن فتح نيشان عينيه مستعيدا ذاكرته انقلبت حياة وسيم راسي بالكامل، لم يعد يستطيع أن يفكر بأي شيء، لقد توقف عالمه عند تلك اللحظة، عند اللحظة التي بدا الفزع والذهول الكامل على وجه نيشان وهو يستمع لفقدانه نظره، وهو يستمع لقرار إعدام مستقبله المهني وحياته الكاملة، لم ترى زوجها بتلك الحالة من قبل إلا مرة واحدة يوم مات ياسين بين يديه على متن لؤلؤة البحر، رفع وسيم عينيه لأعلى السلم حيث نزل نيشان برفقة تروفيل، نهض الشاب عن الأريكة وتقدم نحو الشاب الذي قادته تروفيل إليه، وقف وسيم أمامه ينظر لعينيه الميتتين وهما تحدقان في اللون الأسود أمامه، كتم الغصة التي بدت في نفسه ليقول مصطنعا الهدوء
-إذن أنت مغادر الآن؟
فأجاب نيشان محاولا أن يجعل صوته يبدو طبيعيها
-لقد أصرت امي على هذا، وأنت تعرف ما مدى عناد تلك السيدة
-أنا من يعرف
ومد يده ليضعها على كتفه قائلا
-هل ستكون بخير؟
أجبره هذا السؤال على الصمت برهة وهو يحاول أن يجد جوابا مقنعا قبل أن يهز رأسه سلبا قائلا
أنت تقرأ
سلسلة الأسياد-الجزء الخامس-خدم السادة
Acciónعندما تكتشف أن كل ما عشته حتى الآن في عالمك الوديع ليس سوى مجرد كذبة ملونة والأسرار التي تختبئ خلف ظهرك قادرة على أن تقلب حياتك مئة وثمانين درجة والأفكار التي كنت تعتنقها قادرة على أن تدفعك لتقود أكبر ثورة في تاريخك وليس تاريخك وحدك بل هو تاريخ ا...