لامست أشعة الشمس الأعشاب الندية والأزهار التي استقبلتها بترحاب مدفئة إياها ومكسبة أوراقها المزيدا من الخضرة والألوان الجذابة، مررت كيرا يدها على أوراق الزهرة التي استقرت بين يديها وهي واقفة بجوار المقاعد في الحديقة الخلفية للمركز وعينيها مثبتتين على فاسيين الذي جلس على الأرض مسندا جسده على السور الخشبي المحيط بالمركز، راقبته الفتاة بصمت وهي تحرك الزهرة بين أصابعها والقلق بادٍ في عينيها، إنه على هذه الحالة منذ أن عاد إلى المركز قبل ستة أيام، عندما غادر كان الجميع في دهشة وحيرة من أمرهم، فهو قد اختفى بين ليلة وضحاها تماما كما حدث مع بيترلن، لقد اعتقدوا أنه قد غادر هو الآخر إلى غير رجعة، خصوصا أن الدكتور زوفري لم ينطق بحرف واحد عما دفعه ليغادر، بل اكتفى بقوله أنه قد طرأت لديه بعض الأعمال المستعجلة، وهذا ما دفع بالجميع ليقف فاغرا الفم عندما شاهدوه يدخل إلى المركز، وقد بدا واضحا منذ يوم عودته أنه قد تعرض لأحداث عصيبة جدا، فملامحه تغيرت بشكل كامل، والخيبة والألم الشديد كانا باديان بوضوح في عينيه، حتى جسده كان مرهقا بشكل كامل وزاد الطين بلة أنه لم يكن يتناول شيئا، والجميع هنا متأكد أنه إن بقي على هذه الحالة سيسقط صريع المرض قريبا جدا، وهذه الظروف الغريبة التي أحاطت بعودته دفعت بريس إلى إعطائه وضعا خاصا، فبعد أن غادرت رايشن المقر عين الدكتور زوفري ريس المسؤول الدائم عن المركز، وقد استعمل ريس نفوذه هذا بإعادة فاسيين إلى وظيفته التي لم تشغل أساسا، وإضافة إلى ذلك سمح له بالتغيب عن المناوبة الليلية والحصول على فترة راحة مختلفة عن باقي الموظفين، فعلى الرغم من أن فاسيين كان يحاول أن يتابع شؤون المرضى الخاصين بفريقه إلا أنه لم يكن يستطيع ذلك، وقد بدا هذا واضحا ومثيرا لدهشة الجميع، فهو كان قبل مغادرته تلك واحدا من أمهر الممرضين هنا، وقد تأقلم مع جميع المرضى هنا، ولكنه الآن غير قادر على التعامل حتى مع روسي، والأمر الذي أثار الريبة ايضا هو أنه طلب من ريس أن يغير له الغرفة التي كان يحتلها سابقا مع بيترلن، تنهدت بتعب لتقول
-يا إلهي ما العمل الآن؟
تقدم ريس ليقف بجوار الفتاة قائلا
-أمن جديد؟
-لا، هل وصل الدكتور زوفري؟
-أجل
-أتعتقد أنه سينجح في مساعدته؟
-هذا ما سنعرفه حالا
وتجاوزها وسط مراقبتها المترقبة ليتقدم نحو فاسيين، وقف بجوار الشاب ليجثو أمامه ومد يده ليضعها على كتفه شادا إياها من الدوامة التي كان يدور داخلها، رفع فاسيين نظره نحو رفيقه الذي قال بابتسامة
-أقطعت أفكارك؟
-ليس فعلا
-حسنا يا فتى لقد وصل الدكتور زوفري وهو في لهفة لرؤيتك.
أنت تقرأ
سلسلة الأسياد-الجزء الخامس-خدم السادة
Açãoعندما تكتشف أن كل ما عشته حتى الآن في عالمك الوديع ليس سوى مجرد كذبة ملونة والأسرار التي تختبئ خلف ظهرك قادرة على أن تقلب حياتك مئة وثمانين درجة والأفكار التي كنت تعتنقها قادرة على أن تدفعك لتقود أكبر ثورة في تاريخك وليس تاريخك وحدك بل هو تاريخ ا...