الفصل الثاني /1

7 1 0
                                    


استندت إيفا إلى باب الغرفة وهي تنظر بقلق تجلا في عينيها نحو عمها الذي جلس بصمت على ذلك المقعد في شرفة جناحهما في شيفالييت، لأول مرة في حياتها تشاهد عمها بهذه الحالة، فهو منذ شاهد ذلك الشاب ميتا بين ذراعي آنيتا قبل ثلاثة أيام انقلب حالة مئة وثمانين درجة، حتى عندما كان يصارع سون الموت في مرضه قبل سنين كان أكثر تماسكا وقوة من الآن، حتى أنه لم يسأل حتى الآن عن الملك رويس الثامن عشر والذي لم يتمكن رجالها من العثور على داخل المنزل، لقد فتشت كل ناحية من ذلك المكان ولكنها لم تعثر على شيء، تنهدت بتعب لتقول

-يا إلهي

اعتدلت في وقفتها لتتقدم نحو الشرفة حيث جلس عمها، أخذت مقعدها على المقعد المجاور أمامه لتضع يدها على يده قائلة

-أأنت بخير يا عماه؟

رفع الرجل نظره نحوها ليقول بهدوء سيطر عليه التعب

-أنا على ما يرام

-ولكنك على هذه الحالة منذ عدة أيام، وأنت تثير قلقي

-لا داعي لهذا يا عزيزتي فأنا على ما يرام

راقبته الفتاة بصمت وهي تدرك تماما أنه لا يعني أي كلمة مما تفوه به للتو فيما قال هو

-ما الأخبار خارجا؟

-آنيتا غادرت المنزل برفقة ماريا نحو مقر خدم السادة الرئيسي في أديميرا، أما آليتا فهي ما تزال متواجدة هنا في موسكو بالمنزل برفقة آندروس

-والملك رويس؟

-لم نعثر على أي أثر له

-لا بد أنه برفقة آنيتا في أديميرا

-تظن هذا

-لا شك

-وماذا سفعل الآن؟

-جهزي للسفر إلى لاغوس وابدئي بوضع خطة للتسلل إلى أديميرا، علينا أن نخرج الملك من ذلك المكان مهما كلف الثمن

-حاضر

ونهضت مغادرة إلى الداخل، أسند جاك رأسه إلى مسند المقعد محدقا في السماء، ألم يعد نفسه خلال الشهر الماضي بأن ذلك الشاب لن يتعرض للأذى بسبب الأسياد أو خدم السادة؟، كم مرة أعاد هذه الكلمات لنفسه ولزوفري أيضا؟، وها هو ماذا فعل؟ أرسله إلى قبره مباشرة، أغمض عينيه بمرارة سيطرت على كل خلية من جسده، منذ أن شاهد جسده على تلك الحالة شعر بالعديد من الأفكار المتضاربة تدور في رأسه، فالذنب يتملكه بالكامل لأنه سمح بأن يقع بين يدي آنيتا في المقام الأول، والمصيبة الأكبر أنه سار مع تلك الفتاة كما تريد بالضبط، لقد كان من المفترض أن يكون هو المسيطر، أن يدير هو خيوط اللعبة كما يريد، وألا يسمح لفتاة لم تبلغ سن الرشد بعد بأن تعبث به وتسيره كما تشاء، ضغط على قبضتيه بقوة فهو قد اكتشف هذا بعد فوات الأوان، اكتشف بعد أن قتل فاسيين، لقد وضع ذلك الشاب فعلا في مستوى سون وليان، ولم يحس بدقيقة واحدة أنه غريب عنه، منذ أن شاهده لأول مرة في المركز، بل إنه أحس فعلا بأن هذا هو الابن الذي لم يرزق به، فهو قد أحب كل صفاته وأحب شخصيته وأسلوبه، وآخر ما كان يفكر فيه هو أنه سيموت بتلك الطريقة، لقد اخفى عنه كل ما يتلعق بالأسياد وخدم السادة، وبذل الكثير لإبعاده عن آنيتا وإقناعه بالعدول عن مطاردته لآنيتا ومحاولاته المتعددة لاكتشاف شخصيتها، لقد فعل كل ذلك لحمايته لا لشيء آخر، لم يرد له أن يدخل إلى هذه الدوامة العميقة، فالأسياد هي ثقب أسود يبتلع كل من يدخل إليه، ثقب اسود لا يفرق بين عدو أو صديق، بل جل ما يهمه هو التهام أي شيء يجده أمامه فقط كي يتسع وتزداد المساحة التي يغطيها ويمتلكها تحت يديه، وها هو هذا الثقب قد ابتلع شخصا آخر، نهض عن المقعد ليقف على الشرفة حيث نظر إلى الأبنية التي انتشرت على مد النظر في موسكو، قد لا يستطيع أن يفعل شيئا لإصلاح ما حدث، فهو قد فقد ذلك الشاب للأبد ولكنه يستطيع بشكل أو بآخر أن يجعل آليتا تدقع ثمن ما اقترفته يديها غاليا، وإن كان سابقا قد أرسلها إلى راموس، فإنه الآن لن يقبل بأقل من إرسالها للعالم الآخر.

سلسلة الأسياد-الجزء الخامس-خدم السادةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن