الفصل الأول /1

69 0 0
                                    


إن ما لا يمكن لأحد أن ينكره أنه وإضافة إلى تمتع سويسرا بحيادها الدولي واحتضانها لجميع الاتفاقيات الإنسانية على مر التاريخ أنها تتمع بمناظر ساحرة لا يمكن لأحد نسيانها ولو حاول ذلك، وذلك الجمال الذي يظهر إبداعه في الريف بشكل خاص دفع بالدكتور زوفري إلى استغلال هذا الجمال بشكل كامل، فإلى الشمال من بلدة أويرل شرقي سولوتورن يستقر منزل من خمس طوابق مبني على الطراز القديم وسط مجموعة من السهول الخضراء الممتدة على طول النظر، فيما تستقر تلك البحيرة الصغيرة خلفه معطية رونقا وجمالا إضافيا للمكان، المنزل الذي بني في القرن الماضي والذي ورثه الدكتور زوفري عن جده ما زال حتى هذا اليوم محتفظا بهيكله وقوته ومتانته مما أهله إضافة لموقعه المميز إلى أن يكون الموقع المثالي لعيادة الطبيب النفسية أو لمركز التأهيل الخاص به بكلمات أدق، فداخل المنزل تتواجد مجموعة من قرابة العشرين شخصا معظمهم مصابين بأمراض نفسية أو صدمات قوية بمختلف أسبابها إلى جانب مجموعة أخرى من العلل النفسية التي دفعت بهم لفقدان تواصلهم مع العالم الخارجي وانعزالهم في عالمهم الخاص، لقد افتتح الدكتور روفري المركز عام 2000 وبسبب الاسم الكبير الذي يملكه الرجل في العالم وشهرته التي بلغت الآفاق بصفته من أفضل الأطباء النفسيين فإن نزلاءه لم يكونوا من عامة الشعب بلا شك، فتكلفة الدخول إلى المركز مرتفعة جدا وتجعل من تحملها لغير الأثرياء مشكلة كبيرة، ولكن كما يقولون فما يلقاه المرضى هنا يستحق هذه التكلفة، فداخل هذه الجدران يتواجد طاقم مكون من ثلاثين موظفا ما بين الممرضين والخبراء والمساعدين وهؤلاء مدربون ومؤهلون ليخلقوا أفضل الأجواء وأكثرها أريحية حول المرضى، شقت السيارة طريقها عبر السور الخشبي الخفيف الذي أحاط بالمنزل لتشق طريقها عبر الحديقة حتى توقفت أمام باب المنزل، أطفأ فاسيين محرك سيارته ليترجل منها مغلقا الباب خلفه حيث أخذ نفسا عميقا مستمتعا بالشمس الناعمة التي ملأت المكان، وسرعان ما حول نظره نحو الباب الرئيسي حيث وقفت تلك السيدة بطلتها الهادئة البشوشة ليزيل نظارته عن عينيه ليضعها على شعره قائلا بالألمانية

-يبدو أن إقامتي هنا لن تكون سيئة كما ظننت

تقدم نحو الباب حتى وقف أمام مضيفته ليقول

-سيدة رايشن

-فاسيين لوشيه

فمد يده مصافحا ليقول

-بذاته

وضعت السيدة يدها في يده لتقول بابتسامة مرحبة

-أهلا بك في المركز

-شكرا سيدتي

-تفضل معي

والتفتت لتقوده عبر الطابق الأول والذي شكل صالة جلوس واسعة طغى عليها الهدوء فيما استقر المطبخ في الجهة اليمنى وبجواره ارتفع سلم للأعلى، أدار فاسيين نظره في المكان متأملا كل ناحية منه، فقد بدا مناسبا فعلا ليكون مصحة نفسية، فألوان جدرانه الزرقاء المدرجة هادئة ومتناسقة مع بعضها البعض مما يوحي إليك بالهدوء والرغبة بالاستلقاء والنوم فقط، الطابق الثاني من المنزل كان يحتوي على قرابة الخمس غرف يستقر في كل واحدة منها شخصين وكذلك بالنسبة للطابق الثالث، إلا أن مرشدته شقت طريقها عبر الطابق الثاني متجاوزة الغرف نحو باب في نهاية الرواق يقود إلى المبنى الجديد الذي بني خلف المنزل قبل أشهر من افتتاح المركز، وهذا المبنى يتكون من ثلاث طوابق ويحتوي على غرف الطاقم ومكتب رئيس المركز في الثاني والثالث إضافة إلى قاعة استراحة لهم في الأول، فتحت رايشن الباب ليجد الشاب نفسه في ردهة صغيرة تطل على رواقين وغرفة مستقلة، تقدمت مضيفته نحو الغرفة لتطرق بابها حيث تهادى إلى سمعها صوت رئيسها قائلا

سلسلة الأسياد-الجزء الخامس-خدم السادةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن