لا تهتم كيف ينظر اليك المحيط ، عش انت وكانك المحيط .
-ليوناردو دي كابريوأسبوعان ، 14يوم ، 336 ساعة ، 20,160 دقيقة ،1,209,600 ثانية .
بدأ موسم الإختبارات ، موسم زرع بذور الجد و الاجتهاد ، لقطف ثمار النجاح و التقدم .
أسبوعان من العمل الشاق و الدراسة لساعات طويلة ، أسبوعان من قلة النوم و المعاناة من آثار الهالات السوداء و الصداع ، أسبوعان بالتفكير بما يلي الاختبارات ، حتى أتى اليوم المنتظَر و استيقظوا من نومهم المتقطع للذهاب لآخر إختبار بعد عناءٍ طويل ، و بعد الإختبار تنهد الجميع بأريحية و ذهب تعب الدراسة و حان وقت المرح و العودة للحياة الطبيعية بدون أي إختبارات 💃🏻.
الخميس - ٢:٠٠ ظهراً ، كافتيريا الجامعة
تجلس سام و هي ترتشف القليل من النسكافيه برفقة هانا و جينا ، بعد لحظات اعتذرت هانا لكونها متعبة و لم تنم ليلة البارحة ، فبقيت سام مع جينا التي كانت تحدق بالفضاء .
-سام : جينا ! هل تسمعينني
-جينا : سام .. ما الامر !
-كنت اتحدث معك للتو ، ما بكِ مشتتة ؟
-آسفة ، لم أسمعكِ ، ما هو الامر ؟
-كيف هو امتحانك ؟
-جيد ..لا بأس .. أعني لا أعلم!
-هل هناك خطب ما ؟
-في الواقع أنا لم اذاكر جيداً
-لماذا ؟
عضت جينا شفتها السفلية بخفة و هي تلعب بأناملها بتوتر
-جينا ؟ لا تقلقيني عليكِ يا فتاة
-إنه .. إنه بسبب رغبتي بتحويل التخصص ..بما أننا انتهينا من الامتحانات
-هل تحدثتي مع والداكِ ؟
-كلا.. كلا لم أفعل
-لا تقلقِ سنجد حلاً ما و ستدرسين التخصص الذي تحبينه
-لست متأكدة بشأن هذا الأمر
-جينا عليكِ التحلي بالشجاعة و مواجهة والداكِ
-لكن ..والداي ..
-افعلي ما ترينه صحيحاً ، واجهي مخاوفكِ و واجهي خوفك من كلام المجتمع الفارغ
-أنا لا اعلم يا سام .. حقاً لا اعلم
-اسمعيني جيداً يا جينا، يوماً ما سنندم على كل شيء لم نقم به ، كل شيء لم نكمله و قصرنا فيه ، يوم لا ينفع الندم بشيء .. فما أسوء أن تستيقظي في ليلةٍ ما ، حينما تكتشفين فيها قرارك الخاطىء الذي قد غير مجرى حياتكِ
-أنا لا أريد إتخاذ أية قرارات خاطئة ، لا أريد أن أندم!
قالت جينا بينما تغيرت نبرتها و تنهدت بقلة حيلة
-إذاً واجهي واقعكِ ، فإن عدم المحاولة هو أفشل من السقوط
-سأتحدث معهما
-جيد ، أتمنى لكِ التوفيق يا رسامة
-سأفعل ، سأكون قوية
-أنا واثقة من هذا
-علي الذهاب الآن فلدي موعد مع جون
قالت جينا بينما عادت تلك الابتسامة لتزين ثغرها
-حسناً ، حظاً موفقاً بالموعد
-وداعاً سام ، أراكِ لاحقاً
ذهبت جينا بينما بقيت سام تقبع لوحدها حتى أتى هو و جلس مقابلاً لها و هو يبتسم بعفوية
-مرحباً سام سميث
-مرحباً آدم ميلر
-كيف حالكِ اليوم ؟
-بخير بدون اختبارات ، و أنت ؟
-جيد ، هل أنتِ متفرغة اليوم ؟
-أجل ، لماذا ؟
-جيسي و انا نودّ مشاهدة فلم ما ، و فكرت بسؤالك للمجيء معنا
-جيسي؟
-جيسيكا ، شقيقتي
-أجل أجل ، بالطبع سيكون هذا ممتعاً
-جيد ، نلتقي بالسينما الساعة السادسة
-حسناً اتفقنا
٦:٠٠ مساءً ، السينما
-دعونا نختار هذا الفلم ! هيا ادم من فضلك قالت جيسيكا بترجي
-أفلام الرعب ليس جيدة للأطفال قال ادم بسخرية
-لا بأس دعنا نشاهده أم أنك تخاف ؟ قالت سام بتحدٍ
-آدم : هكذا إذاً ؟ حسناً سنشاهده و سنرى الجبان منا
-جيسيكا : سام أنتِ هي الأفضل !
-آدم : حسناً الفلم سيبدأ بعد ٢٠ دقيقة ، سأذهب لأحضر الفشار و المشروبات
-جيسيكا : و أنا و سام سنحضر التذاكر
-سام : حسناً هيا
٥ دقائق لبدء الفلم
دخلت جيسيكا الحمام بقيت وقفت سام تنتظرها خارجاً و هي تحمل التذاكر ، قَدِمَ آدم و هو يحمل الحاجيات ثم وضعها على الكرسي المجاور و وقف ينتظر مع سام .
-سام:حسناً بما أنك هنا ، امسك التذاكر سأذهب لأرى جيسيكا ، كي لا نتأخر
-آدم : إذاً تأخرتن سأذهب لوحدي 😂
فتحت سام باب الحمام فتراءى لها ذاك الشعر الكيرلي و قصر القامة اللطيف و النظارات السوداء اللامعة ، جينا !
أغلقت باب الحمام و عادت أدراجها بسرعة البرق بينما قطب ادم حاجباه و قال : ما الأمر ؟
-جينا بالداخل !
-حسناً ؟
-جينا اليوم ستخرج بموعد و هذا يعني أن..
-أن جون هنا
-و أن ...
-و أن وجودنا هنا خاطىء تماماً
-بالضبط !
نظرت سام ناحية اليمين حتى اصطدمت عيناها بذلك الطويل ، الأبيض البشرة ، بنيّ الشعر ، جون!
نظر آدم بنفس الاتجاه ثم عاد و حدق بسام و نظر بالإتجاه المعاكس و صعقه وجود الحائط بآخر الرواق، اقترب جون اكثر و فتح باب الحمام رويداً رويداً ، كانا عالقين بالمنتصف ، لا مجال للهرب ! .
-فلتجاريني بما سأفعله الآن
قال آدم بينما وقف مقابلاً لسام التي قد ارتطم جسدها بالجدار بخفة ، احكم قبضته على يدها اليمنى و امسك شعرها بيده اليمنى و اقتربت بشدة حتى اخفى تفاصيل وجهه فيها ، و غاص بأعماقها و لم يبقى له أثر ، سمع خطوات جينا الرتيبة و رأى خصلات شعر جون تبتعدان عن المكان ، فرفع رأسه و هو يرى تلك الغارقة باللون الأحمر و بوجهٍ مصدوم ، بينما لا يفصل بينها و بينه سوى بضع المليميترات اللعينة التي قد أصبحت أمتار بعد سماعهم لصوت جيسيكا
-ما الذي تفعلونه سيبدأ الفلم !
-ادم : أجل هيا لنذهب
حمل كلٌ منهم اغراضه ثم توجهوا لقاعة العرض و جلسوا بجانب بعضهم البعض ، بدأ الفلم و بدأت أصوات قضم الفشار تعلو ، و أصوات الصراخ و المؤثرات ، الجميع منسجم بالفلم ، فجأة قطع حبل تركيزها يد ادم و هي تنتشل حبة فشار من عندها ، فنظرت إليه و بادلها النظر و قال : فشارك طعمه أفضل
-إنهما بنفس الطعم
-هذا ليس صحيحاً ، جربي
امسك حبة فشار و قربها من فم سام ليطعمها فأشاحت بوجهها و قالت : حسناً أصدقك
-ألن تأكليها ؟
-كلا لن أفعل فالخاص بي أفضل
-إنهما بنفس الطعم😉
-حسناً اعطني اياها
-لا بل انا من سيطعمكِ
فتحت فاهها لترد عليه فأسكتها بوضع الفشار و بإبتسامة النصر التي زينت محياه .
انتهى الفلم و انتهت سام معه ، خرجوا من السينما بحذر تجنباً لجون و جينا .
-جيسيكا: كان فلماً ممتعاً للغاية ، أرأيتم كيف قتلت الفتاة و انتقمت منها !
-سام: أجل و عندما أخفت جثتها
-جيسيكا: و عندها كذبت على عائلتها و أصدقائها
-سام: افلام الرعب تكون أفضل بملايين المرات عند مشاهدتها بالسينما
-آدم: أفلام الرعب ليست من المفضلة لدي ، لكن لا يمكنني الإنكار، لقد كان فلماً جيداً
-جيسيكا : إذاً ماذا سنفعل الآن ؟
-آدم : لا أعلم
-جيسيكا : سام فلتأتي معنا للمنزل
-سام : جيسيكا ..
-جيسيكا : سام هيا من فضلكِ! سنمرح معاً ، آدم اخبرها أن تأتي!
-آدم: سنسعد بمجيئك معنا
-جيسيكا : هيا لا ترفضي
-سام : لا اعلم بشأن هذا
-جيسيكا: أرجوكِ 😭
-ادم: اقبلي قبل أن تبكي جيسي
-سام باستسلام :حسناً حسناً
-جيسيكا : مرحى !
٩:٠٠ ليلاً ، منزل ادم
تصعد سام الدرج للطابق العلوي مع جيسيكا بعد أن ذهب ادم ليعد الشاي بالمطبخ ، تجلس على سرير جيسيكا و تتأمل غرفتها بإعجاب ، غرفة صغيرة نسبياً ، ذات دهان ازرق و أثاث أبيض ، تصميم لطيف و بسيط لفتاة بعمر السادسة عشر ، الكثير من ملصقات و صور فرقة "ون دايركشن" الأمريكية التي تعجب بهم كل فتاة بالعالم ، أو بالأخرى كل مراهقة بالعالم .
-غرفتك لطيفة للغاية !
-شكراً
-من الظاهر أنكِ تحبين فرقة "ون دايركشن "
-بالطبع ! و من لا يحبهم
-في الواقع أنا لست من المعجبين بهذا النوع من الموسيقى و المغنيين
-لا تقولي انك تحبين ذاك النوع من الموسيقى
-اي نوع ؟
-نوع ادم
-الموسيقى الكلاسيكية و الجاز ؟
-أجل
-هذا تماماً نوعي المفضل
-يا الهي أنتِ بالفعل تليقين به
-ما ...
-الشاي جاهز !
-جيسيكا : ها نحن قادمتان
نزلتا الى الطابق السفلي ، و جلسوا جميعهم بغرفة المعيشة بعد ان استلمت جيسيكا الميكروفون و بدأت تثرثر بلا توقف عن حياة الثانوية و "ون دايركشن".
-سام : أعتقد أنني نسيت هاتفي بالأعلى سأذهب لاحضاره
-ادم: لا تضلي الطريق كما تفعلين دائماً
-سام : أنا أعرف الطريق الآن ، إنه من جهة اليمين
-ادم : هذا صحيح
صعدت سام مجدداً متوجهةً لغرفة جيسيكا بعد أن وجدت هاتفها ، كاد الفضول أن يقتلها لرؤية غرفته ، كيف تبدو ؟ هل هي صغيرة أم كبيرة ؟ ما هو لون غطاء السرير ؟ ، يجب عليها معرفة الجواب بنفسها ، قادتها الحاسة السادسة للباب المقابل لغرفة جيسيكا ، أم لنقل الحذاء الرجولي الموجود أمام الباب ، لا يوجد رجل غيره بالمنزل ! .
فتحت الباب بتردد ممتزج مع الحماس ، خطت خطوة صغيرة داخل غرفته ، فأول ما وقعت عليه عيناها ذاك البيانو الضخم الذي يتربع بوسط الغرفة ، على جهة اليسار سرير ذو غطاء أبيض ، يخفي بياضه أكوام الملابس الملقية عليه مشكلةً جبل من الملابس ، على اليمين يوجد مكتب صغير و بسيط مع خزانة ملابس تلتصق بها مرآة و تغطيها ما عدا جوانبها ، بالإضافة الى نافذة كبيرة محاذيةً للبيانو ، مع الأرضية الخشبية و دهان الحائط الأبيض ، غرفة كلاسيكية تليق بعازف بيانو كآدم .
جلست على طرف السرير و أخدت ترتب الملابس قطعةً قطعة ، بينما أخذت رائحة تلك الملابس تنتشر في أرجاء الغرفة .
-هل وجدتي هاتفكِ ؟
أجفلت سام عند سماعها لصوته فقالت دون النظر له بينما تبتلع ريقها و تحمر خجلاً
-أجل لقد وجدته
-و هل كان في غرفتي ؟
-كلا
-و ما الذي تفعلينه هنا ؟
-لقد كان الباب مفتوحاً فحسب
-أنتِ سيئة بالكذب يا سام سميث
-و أنت إنسان فوضوي و تلقي ملابسك بكل مكان
-و هل هذا يزعجك ؟
-أجل
-لا يمكنك الدخول هكذا
-لِمَ لا ؟ لقد رأيت غرفتي و من حقي أن أرى غرفتك أيضاً
-حسناً أنا لم أدخل خلسة
-أياً يكن
فجأة انفجر ادم من الضحك و هو يمسك بمعدته بينما ضربته سام بقميصه على كتفه .
-كان عليكِ رؤية تعابير وجهك، كدتِ تموتين من الخوف
-أنت مزعج !
قالت بينما تضربه مرة أخرى بقميصه و تنهض عن السرير متوجهةً للباب .
-لا يمكنك الخروج
-لِمَ لا ؟ لقد قلت للتو أنني لا يمكنني الدخول
-لقد غيرت رأيي ، عودي للجلوس مجدداً
-لا أريد
-هيا سام سميث
-قلت لك لا أريد
-سأعزف لكِ على البيانو
-هل هذا إغراء أم ماذا ؟
-شيء من هذا القبيل
-حسناً إذاً سأجلس
جلست سام مجدداً بعد أن انهت ترتيب ملابسه و بدأ هو بالعزف على مفاتيح البيانو ، أصابعه تتحرك بسلاسة ، أغمض عيناه و انجرف لعالمه الخاص ، العالم الذي لا يراه و يشعر به سوى العازف بحد ذاته ، العالم الذي يصل له العازف في أشد لحظات عزفه قوة ً و تركيزاً .
لم تعرف متى بدأ عزفه و متى انتهى ، كانت تبتسم طوال الأداء ، التي أعجبها بشدة حتى تشنج فكها ، صفقت له بحرارة و قالت : هذا أروع أداء سمعته طوال حياتي !
-ليس لهذه الدرجة
-بالفعل لقد كان مدهشاً للغاية
-شكراً لك سام سميث
-العفو ، علي الذهاب الآن
-سأوصلك للمحطة
خرجا بعد أن قامت سام بتوديع جيسيكا التي قد اصرت على إقناعها أن تكون معجبة ل "ون دايركشن " ،توجها صوب محطة الحافلات و جلسا على الكرسي منتظرين الحافلة فقالت هي : لقد كان يوماً ممتعاً ، شكراً لكم
-لا عليكِ ، جيسيكا أحبتكِ بحق
-و أنا أحببتها إنها لطيفة للغاية
- أحياناً أحزن عليها
-لماذا ؟
-كونها تربت بلا أب ، فقد تطلقا والدي و هي طفلة صغيرة
-على الأقل أنت هنا من أجلها
-هذا صحيح ، لكن فراق الأب صعب للغاية
-هل تتحدث مع والدك ؟
-لا
-هل تشتاق له ؟
-أجل
-آسفة بشأن هذا
-لا عليكِ ، هذا ليس ذنبك ، لا بد أنكِ تشتاقين لوالدكِ أيضاً
-كثيراً
-آسف بشأن هذا
-لا عليك ، هذا ليس ذنبك أيضاً
-سام سميث
-ماذا يا ادم ميلر
-شكراً لترتيبك لملابسي و لقدومك معنا
-لا بأس ، بالمناسبة ما بال جبل الملابس القائم على سريرك
-لقد كنت محتاراً بشأن اختيار ملابسي
-محتاراً ؟ و هل تحتار هكذا دائماً
-اليوم ليس كأي يوم ..لقد وصلت الحافلة ، هيا اذهبي
-هل تعلم أحياناً أشعر بأنني لا أفهمك حقاً
-ليس عليكِ هذا سام سميث ، فأنا أفهمك جيداً
-شكراً لك على هذا اليوم
-بل شكراً لكِ ، وداعاً
-وداعاً ..
دخلت سام الحافلة و هي تفكر بكلامه مرة و مرتين و ثلاثة ، أنا حقاً لا أفهم كلام ادم ميلر هذا ، ثم عادت أدراجها للمنزل ، و فتحت هاتفها تتفحص آخر الأخبار قبل نومها ، ٣٢٥ رسالة نصية على المجموعة الخاصة بها و بجينا و هانا ، لحظة ، اشعار جديد! ، "قامت هانا بتغيير اسم المجموعة الى " محبين جينا و جون 💘 " ، آهٍ يا هانا ، على اي حال يبدو أن الموعد سار على نحوٍ جيد ، أغلقت هاتفها و تمددت على سريرها بتعب ، لم ترد قراءة ٣٢٥ رسالة الان ، لا بأس سأقرأهم لاحقاً ، ثم ماذا فعلت ؟
نامت بالطبع 😴.
أنت تقرأ
سمفونية التوليب
Short Storyفي أعماق مدينة نيويورك الضخمة ، و شوارعها الصاخبة المزدحمة ، تقبع سام سميث على كرسيها منغمسةً بالقراءة و الإستماع للموسيقى، رائحة القهوة و الكتب العتيقة تندمج مع الأكسجين في الأثير ، يخرج بطلها الحقيقي من روايتها و تنقلب حياتها رأساً على عقب ، الكثي...