الثلاثاء -٩:٠٠ صباحاً
ممسكةً بكوبٍ من الشاي باليد اليمنى، بينما قصة قصيرة تستخوذ على يدها اليسرى ، كانت تحب هذه القصة من كتابة والدها، و تتذكر حينما كان يقرأها لها هي و عشرات القصص كل ليلة .
" اللون الأسود "
على مكتب تلك الطفلة الصغيرة ، كانت تقبع علبة ألوانها بجانب كراس رسمها ، خرجت الألوان من مهجعها و تناثرت على المكتب اللطيف الصغير ، بدأت الألوان تتحرك و ترقص على الأوراق البيضاء لكراس الرسم ، الأزرق ينسجم مع الأصفر ليرسما السماء و الشمس ، البني يتحد مع الأخضر ليرسما الأشجار و النبانات ، و على هذا النحو ، بقي اللون الأسود مرمياً بعيداً عن باقي الألوان ، اللون الذي يمقته الجميع ، بالرغم من لقبه " سيد الألوان " ، إلا أن الألوان الأخرى تمقته ، لأنه كلما أقترب من لون أفسده و جعله سواداً قاتماً مثله ، اكملت الألوان الرسمة و المرح و الضحك ، حتى قَدِم اللون الأبيض الذي تحبه جميع الألوان لِما له من نضارة و نقاء و جمال ، كلما يقترب من لون ما يزيده جمال و أناقة و إشراقاً ، تساعدت جميع الألوان بالرسمة و عندما انتهوا ، بدت الرسمة ناقصة ، عبارة عن كتل من ألوان ، فراغات كبيرة ، كان هناك خطب ما ! ، ابتعد اللون الأبيض ليفكر بالأمر الناقص ، فكر و فكر ، لم ينتبه لنفسه ، و غرق بعالمه ، فاصطدم بقوة باللون الأسود ، سقطا معاً ، حدقا ببعضهما للحظات ، حاول اللون الأسود النهوض لكنه انزلق مرة أخرى ، ساعده اللون الأبيض على النهوض ، فعندما نهضا لاحظا وجود شيء غريب على الأرضية الخاصة بالمكتب ، ما هذا ! ، هنالك شيء غريب .
-ما هذا يا أيها اللون الأسود ؟
-لا أعلم ، لم أرى هذا اللون قط
-متى تكوْن هذا ؟
-يبدو بأنه عندما اصطدمت بك
-حقاً ! ، اعطني يدك
-لا تلمس يدي ، ستلوث نفسك
-من قال هذا ؟
-الجميع
-هذا ليس صحيحاً ، كل لون منا له أهمية و هدف
-ليس أنا..
-اعطني يدك
مدّ يده للون الأبيض ، فأمسكها الآخر و شدّ عليها ، رفع يده فنظر للون مرة الناتج أخرى بوضوح .
-لم أرى هذا اللون منذ زمن
-ما اسمه
-اللون الرمادي
-مِمَ تكون هذا؟
-مني و منك
-حقاً ؟
-أجل ، هل أترى أخبرتك بأن لديك أهمية ، في الواقع أنت اللون الذي نحتاجه !
-ماذا ؟
-تعال معي
ذهبت و وقفا معاً ينظران للرسمة فقال اللون الأبيض : ماذا ترى ؟
-الألوان و المزيد من الألوان
-هنالك شيء ناقص صحيح ؟
-أعتقد أن كل شيء متداخل ، لا يوجد هنالك حدود
-حدود! هذا ما كنت ابحث عنه
-إذاً ؟
-هذه وظيفتك
-لكن ..
-لا تستهين بنفسك ، أنت لديك هدف و وظيفة في هذه الحياة ،ثق بنفسك و دعك من كلامهم ، حسناً ؟
-حسناً
-أما بالنسبة للون الرمادي فأنت ستكون مساعدي بالرسمة الأخرى
-حقا ؟
-هنالك الكثير من العمل لك ، فقط لك ، عمل لن ينجزه سواك
-و ماذا عن باقي الألوان ؟
-كل واحد له مهمته و هدفه المختلف عن الآخر ، و أنت أيضاً اجعل لك أهدافاً خاصة بك
-سأفعل
بدأ اللون الأسود بالتلوين ، حثه اللون الأبيض و شجعه على الإستمرار و المثابرة ،حتى انتهى و وقف بجانب الألوان الأخرى، فخوراً بنفسه و بعمله ، حيته باقي الألوان و عملوا و تشاركوا معاً في جميع الرسومات ، لم يعد أحد يكره اللون الأسود ، و علموا حقيقته و أهميته التي خسروها بمعظم رسوماتهم ، ثق بنفسك و ابرز شخصيتك ، مهما قال الناس عنك لا تدع ذلك يعيقك ، أريهم حقيقتك و هويتك و ما هو معدنك الحقيقي اللامع ، أنت لديك الكثير من الأمور الرائعة بداخلك ، اطلق العنان لها و اكتشف نفسك و قدراتك ، حاول ، حاول بجد دون كللٍ أو ملل .
أنت تقرأ
سمفونية التوليب
Short Storyفي أعماق مدينة نيويورك الضخمة ، و شوارعها الصاخبة المزدحمة ، تقبع سام سميث على كرسيها منغمسةً بالقراءة و الإستماع للموسيقى، رائحة القهوة و الكتب العتيقة تندمج مع الأكسجين في الأثير ، يخرج بطلها الحقيقي من روايتها و تنقلب حياتها رأساً على عقب ، الكثي...