"هُناكَ شَخصٌ في هذا العالمِ سَيَقعُ في غَرامكَ منَ اللحظةِ الأولى وَسيخبركَ بذلك، لكنّك ولأنّك خُذلتَ كَثيراً سَتعتقِدُ أَنّه يَكذب."
-مجهولالأربعاء - ٦:٠٠ مساءً
ترتدي سام ملابسها و تتجهز للعشاء المزعوم ، هذا اخر يوم لها بالشقة ، حسناً ليس لديها وقت للحزن الآن ، هنالك فقط وقت لوضع مستحضرات التجميل ! ، أخرجت العلبة التي تحتوي على كل الأدوات اللازمة ، التي أخذتها من والدتها عند آخر زيارة لها ، رطبت وجهها و أعطته نضارة و جمال ثم أخرجت أحمر الشفاه الوردي القاتم و صبغت به شفاهها ، أخرجت الكحلة السوداء لتحديد جمال عيناها بعدها ظلال العيون الداكن اللون ، مع المسكارا لتكثيف و تطويل الرموش ، فكت ربطة شعرها و جعلته منسدلاً يشع جمالاً ، وقفت بذلك الفستان الأرجواني القصير القاتم الداكن، فستان مكون من طبقتان ، الطبقة الأولى أرجوانية بدون أكمام ، ضيقة و ملتصقة بالجسد ، الطبقة الثانية أوسع من الأولى ، تحوي على نقوش سوداء واسعة خاصةً عند الرقبة ، بأكمام ، لكنها تبرزت عظمة الترقوة بجدارة ، لسبب مجهول سألها آدم عن البارحة ما اللون الذي سترتديه ، أنا فضولية حقاً كيف سيبدو اليوم !.
٧:٣٠ ليلاً
اصطدمت عيناها بعينا أختها إلين ، لا تتحاشي النظر ، كوني قوية و حافظي على رباطة جأشك!، أخذت شهيقاً و زفيراً ، و ألقت التحية على الجميع ، كلهم يبدون أنيقين ، أليكس ببدلته الرمادية الداكنة ، إلين بفستانها الأبيض ، القصير من الأمام و الطويل من الخلف ، إيفا بفستانها الخمري و جولييت بفستانها الأسود ، يبدو بأنني ورثت حب اللون الأسود من عمتي !.
-إلين بسخرية : ما كل هذا التأنق يا سام ؟ هل أنتِ بخير؟ أنتِ سام صحيح؟
-جولييت : سام اليوم لديها ضيف على العشاء
-إلين :حقاً ؟ أهي هانا ؟
-سام:في الواقع هو عشيقي
-قهقهت إلين و قالت : حقاً؟ فضولي يقتلني لرؤيته
-سام: ستصدمين به حقاً
-إلين : مِمَ سأصدم بالتحديد؟
-سام:سترين عندما يأتي
-أليكس : مرت فترة طويلة يا سام
-سام ببرود : حقاً ؟ لم أشعر بها
-جولييت : إذاً أعزائي أليكس و إلين كيف هو حال الحياة الزوجية ؟
-إلين : أفضل شيء حدث لي يا خالتي
-أليكس:يجب عليكِ زيارتنا بمنزلنا الجديد ، لقد انتهينا منه تماماً
-جولييت : سأود ذلك حقاً ، لا بد أنه رائع مثلكما
-إلين : شكراً خالتي، أنتِ هي الرائعة
جلست إيفا بجانب سام مقابلةً للثنائي المزعج بنظر سام و شقيقتها .
-إيفا : فستان جميل يا سام ، اللون الأرجواني يناسبكِ بحق ، تبدين جميلة جداً
-سام: شكراً أمي ، ورثت الجمال عنكِ كما تعلمين
-إلين : أنا أشك بأنكِ سام حقاً
-سام : كما تعلمين إلين الناس تتغير و لا تبقَ كما هي ، ربما للأفضل أو للأسوأ
-إلين : و إلى ماذا أنتِ تغيرتي ؟
-سام: ما رأيكِ أنتِ ؟
-إيفا مقاطعةً : إذاً العشاء جاهز تقريباً ، سنبدأ عندما يأتي آدم
-إلين : آدم إذاً ؟ لِمَ لا نتحدث قليلاً عنه بينما ننتظر ؟
-سام : أليس لديكِ حديث إلا عنه ؟
-إلين: هذا حديث مهم ، أعذري حماسي
-سام: لا تتعجلي ، سيأتي و ستريه بأم عينك
-أليكس: إلين دعيها تفرح و تواعد لفترة ، أنتِ تعلمين كيف هي علاقات الجامعة
-سام: ماذا تعني ؟
-علاقات الجامعة معظمها نهايتها معلومة كما أنه لا يزال صغيراً، هل تظنين بأنه ينظر لكِ بجدية ؟
-سام بتحدٍ : أتقول لي أنك نظرت لإلين و رغبت بتزوجها من بداية علاقتكما ؟
صمت
-إيفا : سام تعالي ساعديني في الداخل
-سام: حسناً
ساعدت سام والدتها بترتيب المائدة ، لم تحب إيفا قط أن يكون لها خادمات دائمات بالمنزل ، هي معتادة دائماً على فعل كل شيء بنفسها ، تساعدتا معاً بينا بقيت جولييت مع أليكس و إلين ، إنهم يليقون ببعضهم البعض، كتلة إزعاج !.
٨:٠٠ ليلاً
*صوت رن الجرس*
وضعت سام يدها على قلبها و توترت لا إرادياً ، يا إلهي أرجو أن يمر اليوم على خير و ألّا أنكشف ! ، اقتربت من الباب ، بينما رفع الجميع رأسه و نظروا نحو الباب بفضول ، فتحت سام الباب و هي تغمض عيناها ، فكان هو أمامها ، بدلة سوداء تناسب جسده تماماً ، كأنها مصنوعة خصيصاً له ، ربطة عنق أرجوانية قاتمة بلون فستان سام ، شعر مرفوع و خصلاته متتطايرة بجاذبية ، يحمل بيده باقة لطيفة متقنة الصنع من زهور التوليب الحمراء ، مدً لها باقة الزهور فامسكتها سام و هي لا تزال تحدق به بمشاعر مضطربة و متداخلة ، أمسك بيدها الأخرى و قبل كفها بعمق ، ثم رفع عيناه الخضراوتين و نظر لها بهيام و قال : كنت أود أن أحضر قبل دقيقة ، لكني خفت أن تظنيني متلهفاً جداً ، و خفت أن أحضر بعد دقيقة فخفت أن تظنيني متأخراً جداً ، لهذا جئت على الموعد ، و فستانك الأرجواني يليق بكِ جداً
ابتسمت سام بخجل و قالت : مرحباً بك ، شكراً على الزهور إنها رائعة ، تفضل بالدخول
دلف آدم للداخل و هو لا يزال يمسك بيدها ، ألقى التحية عليهم برزانة و رسمية عالية ، صعقوا عندما رأوه ، جولييت بقيت تحدق به بصدمة و هو يقف بجانب سام ، إلين صعقت عندما رأته بهذه الهيئة و اللباقة و الرومنسية الرائعة ، لم تتوقع هذا البتة ! ، حتى أليكس أُعجب بالهالة التي تحيط بآدم ، و بالطبع إيفا رحبت به بشدة و سعادة عارمة عندما رأته ، عازف البيانو من زفاف إلين و أليكس، جلس الجميع ليتناولوا طعام العشاء ، إيفا على رأس الطاولة و على يمينها جولييت و الثنائي المزعج ، أما على يسارها الثنائي الجديد الأكثر من رائع ، الطاولة مليئة بشتى أنواع الطعام و المأكولات اللذيذة ، بكل ما تشتهي الأنفس ، أحبت سام إمساكه ليدها و نظراته لها ، هي مرتاحة الآن و سيمر اليوم بسلام .
-إيفا: سررت حقاً بمجيئك ، اعتبر نفسك بمنزلك
-آدم: هذا من دواع سروري ، كما أنني لن أرفض طلباً لسام
-جولييت : يالحظك يا سام
-إيفا : اعطني طبقك لملئه لك
-آدم: لا بأس ، سام ستقوم بهذا
-سام :أجل بالطبع
امسكت بطبقه و بدأت تضع له من كل أصناف الطعام ، بينما هو بقي يبتسم بخفة .
-إلين بسخرية: من الجيد رؤيتك على أرض الواقع ، ظننتك شخصيةً خيالية من إحدى روايات سام
-آدم بثقة عالية :أعتذر إذا كان من الصعب تصديق أن شخص مثلي واقعي
-أليكس : واقعي جداً
-سام : إلين تناولي طعامك قبل أن يبرد
-إلين : لا تقلقِ علي ، أليكس سيطعمني ، صحيح ؟
-أليكس :صحيح
امسك بالملعقة و أخذ يقسم الطعام لقطع صغيرة و يطعمها لقمة فلقمة .
قلبت سام عيناها بملل ، بينما آدم بدأ يشعر بالتحدي بين الشقيقتين .
-جولييت : آدم ، ألن تقوم بإطعام سام بنفسك؟
-آدم : إذا سام أرادت ذلك سأطعمها بيدي
-سام بهمس : ليس عليك فعل ذلك حقاً
-آدم : تريدين أن أقوم بإطعامك ؟ حسناً إذاً
أمسك آدم بالشوكة و السكين و أخذ يبتر الطعام و يطعم سام التي لم تنبس بكلمة ، كان ينظر لها فقط ، متناسياً العالم من حوله .
-أليكس : إذاً كيف تعرفتما على بعضكما البعض؟
-آدم : في الواقع نحن بنفس الكلية ، تعرفنا في الجامعة ، هل تريدين إخبارهم كيف يا حبيبتي ؟
حبيبتي ؟ هل قال حبيبتي للتو ! ، بالطبع سيقولها فهو عشيقك المزيف ، تذكري هذا عشيقك المزيف فحسب.
-سام بهدوء : لقد اصطدمت به عن طريق الخطأ و أوقعت بعض الأوراق فساعدني في جمعها و أدركت حينها أنه بنفس كليتي
-آدم : أجل و مع الأيام و المحاضرات تطور الأمر
-إلين : كما يحدث بالأفلام تماماً
-سام بثقة : و أفضل
-جولييت : أخبرنا أكثر عن نفسك
-آدم : ماذا تريدين أن تعرفي ؟
-جولييت : ماذا تريدنا أن نعرف ؟
-آدم: اسمي آدم ميلر ، عمري ٢٠ عاماً ، طالب بكلية الحقوق ، و عازف بيانو
-إيفا: في الواقع صعقت عندما علمت أنك نفسه عازف البيانو ذاك
-آدم : العالم صغير أكثر من ما نتصور و ربما هذا ما جعلني ألتقي بسام
غمز لها بنهاية كلامه و امسك يدها و قبلها مرة أخرى.
٩:٠٠ ليلاً
كانت سام بالمطبخ تساعد والدتها قليلاً بينما يجلس الباقون بغرفة المعيشة ، غرفة المعيشة الضخمة ذات الجدران الذهبية و الأثاث الخمري و اللوحات القديمة العتيقة .
-سام : آدم هل يمكنني أن أحادثك للحظات ؟
-آدم:هل اشتقتِ لي بهذه السرعة ؟
-سام: و لِمَ لا أفعل ؟
ضحك آدم و ابتعدا عن الجميع نحو غرفة أخرى ، أخذت سام تتنفس بثقل ، وضعت يدها على صدرها الذي يعلو و يهبط ، فتفحصها بعينيه و قال:
-هل أنتِ بخير ؟
-هذا متعب
-ما هو المتعب ؟
- أنا لا أطيق فعل هذا، و لا مناقشة شقيقتي المزعجة و زوجها المتعجرف و خالتي التي لا تتوقف عن إحراج الآخرين
-حقاً ؟ أنا أظن أن الأمر يبدو ممتعاً
- لا أصدق أني ورطتك بكل هذا
-لِمَ تنظرين إلى الأمور هكذا؟
-و كيف سأنظر لها إذاً ؟
-تصرفي على طبيعتك ، لا تتوتري ، و لا تستسلمي ، أنتِ جيدة للآن لا تفسدي الأمر
-سأحاول هذا
-جيد جداً
٩:٣٠ ليلاً
يجلس الجميع بغرفة المعيشة ، يتبادلون أطراف الحديث ، أليكس و إلين كالعادة يثرثرون بقصصهم و مغامراتهم المضجرة ، بينما جولييت تستمع لهما بإعجاب ، و إيفا تبتسم لرؤية طفلتيها يكبران أمام عينيها ،آدم يعبث بخصلات شعر سام ، حسناً هي لا تستطيع رفض ذلك ! .
-إلين : بالمناسبة ، كيف كان أول موعد لكما ؟ ، أنا فضولية حقاً
-جولييت: أجل أنا أشعر بالفضول أيضاً
ما هذا المأزق ! يا إلهي ، سينكشف أمري الآن !.
امسك آدم بيدها و شدَّ عليها قليلاً و تمتم لها بألا تقلق و أن تسايره بالحديث .
-آدم: أنا أذكر هذا اليوم كأنه البارحة ، ذهبنا للبحر و كانت ترتدي فستاناً أرجواني اللون ، الرياح كانت تداعب خصلات شعرها ..
-سام : كنت ترتدي بنطال أسود و قميص أبيض ، بقينا نسير معاً لوقت طويل ..
-آدم: بعدها وصلنا لتلك الصخرة الكبيرة ،و جلسنا معاً ..
-سام: أحضرت معي سلة طعام و بقينا نتحدث و نسينا الوقت و الزمان ..
-آدم: و شاهدنا غروب الشمس ..
-سام:كان الجو بارد ، لذا اعطيتني سترتك ..
-آدم: و عدنا ..
-سام :معاً
انهيا القصة و بقيا ينظران لبعضهما البعض ، نظراته كانت دافئة ،واقعية ، تمنت سام لو يحدث هذا بالفعل ، تمنت لو نظراته تلك حقاً لها ، لو أنهما لم يكونان يمثلان ، أشاحت بوجهها و هي تبتسم بتكلف و إبتسامة بلاستيكية رديئة .
-إلين:يا للرومنسية
-إيفا: هذا لطيف حقاً
-إلين : إذاً ماذا عن ..
-سام مقاطعةً : إلين أعتقد أن الأسئلة تكفي لليوم
-آدم : في الواقع أنا لا أمانع ، لا بأس
-إلين بخبث :حسناً إذاً ، ماذا عن أول قبلة بينكما ؟
-أليكس: إلين ما هذا السؤال ؟
-إلين : لِمَ لا ؟ هو عشيقها بنهاية الأمر
-آدم :أعتقد أن سام ستجيبك على هذا
-سام بتوتر :في الواقع .. أول قبلة كانت رائعة و دافئة تماماً كآدم
لم تنظر له و نهضت بحجة ذهابها لدورة المياه ، فتحت الباب و اسندت رأسها على الباب ، هي على وشك الإنهيار ، لا يمكنها فعل هذا ، حركات آدم و ملامساته و أجوبته و نظراته و شكله ، كل شيء به ، سيصيبها هي و قلبها بالجنون .
طُرِقَ الباب ، فابتعدت و فتحته بهدوء ،كان هو يقف منتظراً تبريراً لهروبها .
-ما الذي تفعلينه ؟
-لا أفعل شيء
-سام أنت طلبتي مني مساعدتك ، لا يمكنكِ تركي و الهرب كما تعلمين
قال هو ببرود
-أنا لا أستطيع الإستمرار بهذا
-لِمَ لا ؟ لم يشك أحد بنا
-آدم هذا صعب بحق ، كيف يمكنك الضحك و التحدث بأريحية و فعل كل هذا بشكلٍ طبيعي ؟
-هذا سهل يا سام
-ما السهل بالأمر ؟ ، أنا لا يمكنني فعل هذا ، لا يمكنني التمثيل و التظاهر أكثر
قالت هي بإندفاع
-..
-كيف يمكنك أن تكون رائع بالتمثيل هكذا ؟
-و من قال لكِ أني أمثل ؟
قال هو ببرود
-ماذا ؟
-سام لِمَ تتصرفين بغباء عندما أكون بجوارك ؟
تغيرت ملامحه نحو الغضب ، قطب حاجباه ، و قام بعض شفته داخلياً .
-ما الذي تقصده ؟
-هذا يكفي يا سام ، يكفي حقاً ، لمرة واحدة فقط غيري زاوية نظرك إتجاهي ، ستكتشفين أنني لست طفلاً إنما أنا رجل ، رجل ، أتسمعينني ؟
-..
-أنا لا أعلم كيف أتصرف معكِ ، أنا أفهمك و أنظر لكِ بينما أنتِ جاهلة حولي ، أنتِ لا تفهمينني
قال هو بعتاب
-آدم ..
-توقفي عن كونك غبية حولي
قال جملته الأخيرة بنبرة مرتفعة و هو يشير بإصبع السبابة نحو طرف جبينه .
ابتعد عنها و اعتذر لعائلتها كونه عليه الذهاب لظرف عائلي خاص كاذب ، خرج من المنزل بينما تبعته لتوصله للخارج ، لم يلتفت لها أو يحادثها ، امسكت بيده لتوقفه لكنه أزاح يدها و تجاهلها ، بقيت تنادي عليه ، و بقي هو يتجاهلها ، منذ لحظات كانا يسردان قصة حبهما على البحر و الآن هما غارقان بالبحر .
١١:٣٠ ليلاً
لم تستطع النوم بالرغم من إستيقاظها باكراً و إنشغالها طوال اليوم ، قلبها يؤلمها ، لأول مرة تراه غاضباً بهذا الشكل بسببها ، كانت تفكر به و كلما زارها النوم أغلقت جملة آدم الأخيرة الباب بوجهه و بوجهها ، رفعت رأسها لتنظر لزهور التوليب الحمراء ، زهور التوليب التي ترمز للتصريح بالحب و الإعلان عنه و الإعتراف فيه ، كانت يحاول طيلة الأمسية إخبارها بالكثير من الأمور و المشاعر الصادقة التي تخالجه ، و لكنها و كما قال تصبح غبية حوله! .
أنت تقرأ
سمفونية التوليب
Short Storyفي أعماق مدينة نيويورك الضخمة ، و شوارعها الصاخبة المزدحمة ، تقبع سام سميث على كرسيها منغمسةً بالقراءة و الإستماع للموسيقى، رائحة القهوة و الكتب العتيقة تندمج مع الأكسجين في الأثير ، يخرج بطلها الحقيقي من روايتها و تنقلب حياتها رأساً على عقب ، الكثي...