البارت السابع: تحت المطر

1.2K 84 50
                                    

أيتها الحياة.... أمهليني القليل... قد تصدع قلبي من ضرباتك المتتالية.......










ساد الهدوء وسط ضجيج قلبها الذي أبى أن يستكين، شعرت بدقّاته كطبول تقرع، وبأنّ الزمن قد توقف لتفتح عينيها على أصوات اللكمات والضرب الذي جعل قائد المجموعة يجفل ملتفتاً نحو أتباعه بتأهب واضح....

رغم الظلام الذي غلّف المكان، استطاعت صغيرتنا متابعة حركات الشاب الرشيقة، دون أن تعلم من يكون، لم يسعفها عقلها في التفكير، وأخذت تراقب قفزاته الدقيقة وضرباته المتينة، لقد أجهز عليهم بزمن قياسي، راقبت ظلّه الطويل على اولئك الممدين أرضاً مدرّجين بالدماء.

راقب قائدهم ما يحدث مضيّقاً عينيه عاضّاً على شفته السّفلى بحماس ما لبث أن تحوّل لضحكة مختلّة:ربما عليّ أن أصفق لك، القائد باين سيسعد كثيرا، ما رأيك بالانضمام إلينا....

نظر الأشقر للشاب أمامه بصمت فيما ذراعه تمسح دماء الجرح من الجانب الأيمن لفمه ولم يرد، اجتاح الآخر رغبة تحطيمه، لكنه راوغ كما الأفعى فيما عيناه تتنقل بينه وبين رفاقه الفاقدين للوعي:حسناً، ما رأيك بحلٍّ يرضي كلينا، سأبدأ مع الفتاة أنا، ثم لك الحق بأن تفعل لها ما تشاء....

ضيّق عينيه على الأشقر أمامه يتقدم إليه بنظرة حاقد وعيونٍ لم يرى مثيلاً لتعطّشها للقتل قبلاً، ازدرى ريقه بصعوبة فيما يشعر بتعرّق يديه، بدى من أمامه كثعلب مفترس على وشك الانقضاض، وعلم بقرارة نفسه أن الأوان قد فات للتراجع:حسنا، سأسمح لك بأخذ الفتاة، فالتفعل بها ما شئت،
لم يُجب بطلنا، بل أخذ يطقطق أصابعه استعدادا لما سيفعل...

سيلٌ من اللكمات وضربات الأرجل قد وجهها كلٌّ منهما للآخر، لم تعلم صغيرتنا كيف يمكنهما التعارك في الظلام هكذا بينما هي بالكاد ترى شيئاً...

أما عند الأشقر فقد راقب المدعوّ جين،  حيث بدأ يهوي أرضاً بعينان منتفخة بالكاد يقاوم فتحها وخدٍّ أيسر متورم،وأنفٍ بالدم يسيل،ليبتسم ابتسامته اللعوبة، بنظرات جائعة نحو المرتجف أمامه،  لم ينتظر، بل أخذ ذراعه خلف ظهره فيما سمعت البيضاء صوت تحطم عظامه لتصرخ بفزع:توقف... ، هذا كثير....

راقبت عيناها الجسد الذي هوى أرضاً بلا حول ولا قوة، فيما تحوّل نظرها للقدمان اللتان تحركتا باتجاهها، اتسعت عيناها برعب، وقف أمامها فيما أخرج من جيبه سكيناً لمعت في هذا الظلام، ليقفز قلب صغيرتنا من الخوف، قرّب السكين منها لكنه ما لبث أن أبعدها بعدما شعر بارتجافها، تباً، هو حقاً متوتر، لا يدري كيف يتعامل مع شخص خائف، بل فتاة خائفة، بدت حقّا كأرنبة صغيرة،

شيء ما في نفسه أراد أن يضمها، كم يود أن يستشعر جسدها الصغير بين ضلوعه، نفض تلك الأفكار مسرعاً ليعاود تقريب السكين من الحبال الملفوفة حولها، لن ينكر أن ارتجافها يخلق التوتو في نفسه، سخر من نفسه حقاً، فقد كان قبل قليل في قتال مع شبّان أكبر منه، لكنه علم تمام العلم أنه الغالب في النهاية...

العشق المنفصم (الجزء الأول) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن