الجزء الاول 💕

104K 1.4K 77
                                    

رواية - فتاة ذوبتـني عشـقًا -
الجزء الاول

لم اكن اطيل النظر أليك عبثا في كل مره انظر فيها أليك كنت أشعر ان جزءا داخلي يترمم !

** تقلبت في فراشها وهي تشعر بفراغ بجانبها .. فتحت عينيها بتكاسل ولم تجده بجانبها .. فأعتدلت في الفراش ورفعت شعرها الذي كان يغطي نصف وجها .. ليظهر فمها الصغير وعينيها الكبيره ذات اللون العسلي .. رفعت بصرها للأعلى لتنظر للساعة فوجدت الوقت متأخر جداً .. قامت من الفراش بهدوء .. اتجهت لحمام الغرفه وفتحته ولم تجده هناك أيضاً .. تنهدت بقوه ونزلت من الغرفه للاسفل وقفت بمنتصف السُلم ورأته يجلس مديراً ظهره لها امام المدفئة وينظر للنار التي تنعكس لونها في عينيه البنية ... فأقتربت منه ووضعت يديها علي كتفه فرفع رأسه اليها وابتسم بهدوء وشدها لتجلس متكوره بين احضانه وكأنها تحتمي به .. كأنها تستمد منه القوه والدفئ ... كانا كالوحه ابدع بها من رسمها .. كانت كطفل بين احضان امه .. مسد علي شعرها وقال (فرح .. ايه الي صحاكي دلوقتي ؟!)... اغمضت عينيها وهي تتشبث برقبته وتريح رأسها علي صدره قائله  (ملقتكش جنبي وقمت ايه الي صحاك ؟ ) .. ابتسم بهدوء وقبل رأسها وشدها اكثر اليه ( زي كل ليله يافرح .. مش قادر انسي الي حصل معانا .. زي مايكون كابوس بس طَول اووي .. او دا اختبار من ربنا عشان يشوف مدي صبرنا .. بس اختبار طويل اوي مش راضي يخلص !! ) فرت دمعة من عينيها وكأنها رأت الماضي امامها لتو .. صمتا قليلاً ..كل منهما شرد بالماضي وكيف كان .. !! شرد بماضيه منذ ان كان طفلاً وكَبُر ودخلت فرحته لحياته ونشرت الفرح في كيانه .. بل قلبت كيانه رأساً علي عقب .. مشاكل عديده وعديده واجهتهم وهم يصدوها وتحملوها كثيرا .. وهم يقولون " لا يكلف الله نفسا الا وسعها " آمنوا بقدرهم وما كُتب لهم في حياتهم رغم انه كان مؤلماً !! كان الصمت هو سيد المكان حتي قاطعته هي بصوتها الملئ بالألم والأختناق ( احنا امتي هنرجع مصر .. سليم رجعني مصر ارجوك !! ) خبأت رأسها بحضنه وبكت .. فنظر لها بهدوء ولم تتدم نظراته للحظات ورفع رأسه للاعلي سانداً اياه علي الكرسي واغمض عينيه بتنهيده بينما هي تبكي بصمت بأحضانه .. ليشرد مره اخري بالماضي !!

(Flash back )

** كانت تركض بسرعة شديدة ، حتي بدأت أنفاسها تنقطع من شدة وسرعة الركض ، ولكن ليس الآن فهي في وضع خطير حرِج ، ترتدي ذاك الفستان المُترب وبدأ يفقد لونه من وساخته وكمية التراب التي تغطيه ، ولكن لم يمنع ذلك من ظهور لونه النبيـتي ، وترتدي فوقه الكاب الذي يغطي كامل الفستان من الخلف ويغطي شعرها ونصف وجهها من الامام ((( الي معرفوش زي الي ف التصميم يابنات ))) ظلت تركض حتي وصلت للطريق العام وقفت تنظر أمامها وهي تلهث بتعب ومرة أخري أمسكت فُستانها وركضت للمكان المقصود " الصيدليـة " دلفتها سريعا فتوقف الصيدلي بسرعة من هيئتها ومعه المساعدة ، لتنظر لهم بخفوت وقالت بسرعة وبصوت لاهث ( عايزة دوا السُكر والنبي بسرعة ) مط الصيدلي شفتيه باستنكار وذهبت مساعدته واتت بعدها بدقيقة بالدواء وهي تمليها علي سعره ..
نظرت لها وهي تتمسك اكثر بثيابها كـ شئ تستمد منه القوة قائلة ( بس انا معييش فلوس خالص ) خرج صوت الصيدلي بصياح ( انتي جايه تهرجي يا ست انتي ، امال جاية تشتري ازاي ) ألتفتت له وهي تضم يديها بترجي ( والنبي يا دكتور تديني الدوا وانا هجبلك الفلوس بكرا ، بس والنبي تديهولي ، امي تعبانة اوي ) هز رأسه بغضب قائلاً ( اطلعي يابت انتي برا ) كانت دموعها تسير علي خديها وصوتها مرتعش خائف ، ولكن يكفي خوف ، والدتها مُتعبة كثيرًا وتحتاج للدواء الآن .. وجهت اخر نظرة للصيدلي ثم للمساعدة اللذان لم يستطعا رؤية وجهها إطلاقاً بسبب  ذلك الوشاح الذي يغطيها ، لم يروا كم ان الزمن قسي علي تلك الفتاة وجعلها علي ما بها الآن ، لم يروا ملامح وجهها المتعبة ، الشاحبة ، المزرقة ، الحزينة ، لم يروا دموعها التي تنهار علي خديها بلا توقف ، اكثر ما تخشاه في حياتها هو خسارة والدتها واعز ما تملك والوحيدة التي تملك ..
خرجت من الصيدلية ووجهت نظرها للارض لتري حجر ، لم تجد سوي تلك الفكرة لتأخذ الدواء لوالدتها ، لملمت القليل في ثوبها ودلفت مرة اخري وهي تمسك اكبرهم قائلة بنبرة غاضبة ولكن لم يخلو منها الخوف ( هتديني الدوا ولا افتح راسك وابوظلك الصيدلية ) نظر لها بصدمة ثم تبدلت للغضب قائلاً ( اخرجي يابت انتي من هنا وإلا والله هجبلك البوليس ، قسم الشرطة جنبنا والله هناديهم ) لم تبالي لا بشرطة ولا بغيرها ورمت حجر من معها علي الزجاج امامها لينكسر الي اشلاء مكملة ( والله العظيم هكسرلك الصيدلية هاااات دواا بقولك ) نظر لمساعدته لتهز رأسها فـ خرجت تركض لقسم الشرطة المجاور لهم ونظرت للشرطي قائلة (يا باشا في بنت هبله اقتحمت الصيدلية بتاعتنا وماسكة طوب وعايزة تاخد دوا عافية وهي ممعهاش فلوس ) ، كان يقف خلفها وهو يستمع لكلماتها قائلاً بنبرة هادئة ( فين الصيدلية دي ) التفتت سريعاً له قائلة بنبرة خائفة ( جنبكو هنا يباشا تعاليٰ معايا ) نظر لمُساعده وتوجه معها لتلك الصيدلية بينما لحقه المساعد وبعض رجال الشرطة .. دلفت الصيدلية وهي تشير للمجهولة تلك قائلة ببغض ( هي دي ياباشا بُص معاها طوب قد اي ) توجه لها بهيئته الضخمة ، بينما هي ارتعش جسدها ووقع من يديها الحجر كله ، إذن اتت الشرطة ولن يرحمها أحداً الآن لتذهب لوالدتها ، وقبل ان يتقدم ليراها كانت تمسك بفستانها وتستعد للركوض من باب الصيدلية الآخر ، ولكنه كان أسرع منها وامسكها بقـوة مزمجراً ( علي فيننن ؟) ظلت تحاول النفور منه ولكنه كان الاقوي علي قبضته ليستمعا لصوت الصيدلي ( انا برفع دعوة علي البنت دي لانها اتهجمت علي صيدليتي وكسرت حاجات فيها ) جال ببصره في المكان وهو يري ما فعلته تلك القطة التي يمسكها بقوة وهي تحاول الهروب منه .. نظر للصيدلي قائلاً بصوت حاد ( تعاليٰ القسم ارفع الدعوة هناك ) نظر لرجاله واكمل ( هاتوه هو كمان ) امسكها بقوة مكملاً بضيق ( اهمدي بقاا ) وجذبها عنوة وهي تصرخ ( سيبني يا باشاا والنبي ياباااشا سيبني ) لم يستمع اليها بل كانت كلماتها كمعزوفة تطرق أذنيه ، وصل بها لقسم الشرطة ومعه رجاله وذلك الرجل الذي رفع عليها دعوة بالتهجم علي أملاكه ..
بينما هو سحبها لداخل القفص الموجود في القسم ورماها به ، لتتأوه بألم من شدته معها ( اااه ) رفعت بصرها تنظر له وهي تعتدل في جلستها قائلة بترجي ( والنبي ياباشا تسيبني امي هتموت مني وهو مكنش راضي يديني الدوا بتاع السكر دا ) اقترب منها وامسكها من كتفها يوقفها بعنف لتتأوه للمرة الألف للآن ( اسمك اي يابت انتي ) نطقها بصوت حاد مُرتفع ، لينتفض جسدها بخوف قائلة بصوت باكي ( اسمي فرح ياباشااا ) كان يحاول ان ينظر لوجهها او اي شئ منها فزفر بضيق قائلاً ( شيلي البتاع دا ) ومد يديه يدفعه للخف ليسقط علي ظهرها ... فيظهر وجهها الدائري ذو اللون القمحي ، وعينيها العسليتين المدورتين برموشهم الكثيفة ، وحاجبيها الكثيفيين غير المرتبين ، وانفها الصغير نسبياً يليه شفتيها المكتنزتين الشاحبتان المتقشرتان بسبب فقر الماء الذي لم تشربه منذ الصباح ، وشعرها المبعثر المُترب من شدة وساخته ، وغرتها التي حجبت جزء من عينيها لتعيدها للخلف بقلق وخوف من تفحصه لوجهها الجميل ذاك .. كان داخلها يرتجف فتراجعت خطوة للخلف .... بللت شفتيها وابتلعت ريقها قائلة ( سيبني ياباشا ، والله العظيم امي هتموت مني ، وانا مكنش معايا فلوس وكان لازم اخدلها دوا للسُكر ) هز رأسه يخرج ذلك الجمال ليكمل ( تقومي تتهجمي علي الراجل في صيدليته .. انتي مجنونة يعني ولا اي .. وبعدين انتي مشرفانا هنا مفيش طلوع ، هما دايمًا بتوع الشوارع عاملين مصايب كدا ) حُفرت اخر جملة قالها داخلها ، وداخل قلبها لتخفض بصرها ارضاً وهي تشبك يديها ببعضهما البعض مرتجفة .. ألقي نظرة أخيرة عليها ولعن نفسه علي ما تفوه به الآن ، خرج من الزنزانة المحبوسة بها واغلق الباب عليها وسار الي مكتبه وهو يفكر بتلك الحسناء التي بعثرت الفضول داخله ليشعر أنه يريد ان يعرف عنها الكثير ، تقول ان امها ستموت منها ، يا تُري هل تكذب ام تقول الحقيقة ، اللعنة الآن علي حظك ايها الرائد جلس وقرأ الدعوة التي رُفعت عليها ثم القي نظرة عليها ليجدها احتلت ركن من الزنزانة تتكور به بخوف ، تشهق وتبكي بألم .. ثم نظر للصيدلي الواقف أمامه قائلا ( تفتكر لما ترفع دعوة عليها هتدفعلك فلوس عشان تصلح الصيدلية ؟) هز الصيدلي رأسه نافياً ( لا بس الي زيها لازم يتحط في السجن عشان ميكررش فعلته ) اراح ظهره علي كرسيه قائلا ( تفتكر لو كنت زيها كنت هتقبل تفضل في السجن كدا ) ضيق الصيدلي عينيه قائلاً ( انت تقصد اي يا باشا ) هز كتفه بلا مبالاة قائلاً ( مقصدش حاجة بس دعوتك ملهاش اي لازمة ، فأحسنلك اسحبها ، دي بنت شوارع محدش عارف عنها حاجة هتفضل يومين تلاته وهتطلع ) مط ذاك الصيدلي شفتيه قائلاً ( بس لو لقيتها قدام الصيدلية بتاعتي تاني انا هقتلها ) قام من مكانه مكملا ( اقتلها وخد إعدام انت حُر ) وقام بتمزيق الدعوة وذهب لها مرة اخري يفرج عنها قائلا ( انتي هتطلعي بس قسماّ عظماً لو عملتي مصايب تاني لتكوني مسجونة باقي حياتك فاهمة يابت انتي ) هزت رأسها بخوف وغطت وجهها مرة اخري وهي تخرج ( حاضر يباشا انا مش هعمل حاجة تاني ) ثم ركضت للخارج بينما هو خرج قائلاً لصديقه ( عندي شغل هخلصه وراجع ) خرج ليجدها تجري في الطريق كـ من يهرب من شئ مخيف يلاحقه ، او كـ شخص متلهف علي شئ
، صعد لسيارته ولحقها دون ان تشعر ، ليجدها تسلك احدي السكك الحديدية ، ترجل من سيارته وسار خلفها فوجدها تذهب لقطار مر عليه الزمن ، فأصبح قديماً لا عمل ولا منفعه له ، اختبئ سريعاً بين الاشجار الموجودة حول سكة الحديد عندما رأها تلتفت تنظر خلفها وحولها ، ثم اكملت لذلك القطار وركبته ، فتعجب لحال تلك الفتاة التي زاد فضولاً ناحيتها ..

فتاة ذوبتني عشقًاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن