عصرًا بعد جلسَة الشاي، استأذَن الثنائي للعودَة، فسيهون عليه التحضير لدروس يوم الاثنَين، ونانا عليها ان تعتني بملفات بعض الطلبة الصحية.
لكن السَبب الحقيقي لم يكُن هكذا، فنانا كانت من الحَّت على سيهون بالعودَة، وكل ما اخبَرته اياه كان:
"املك شعورًا سيئا، وهو لا يزول، احتاج للعودَة سيهون، شيء ما يخبرني اني يجب ان اعود."
وهو لم يعترض، حينما رأى وجهها المُصمم، هو علم انه بعد الآن، لن يوقفهَا شيء.
حين خرجا من المنزل، اصرت على ان تقود، وفعلت بسرعة جنونيَة، حتى انها كادت تتجاوز بضع اشارات حمراء، كان القلق باديًا على وجهها رغم كل ذلك.
"صحيح أن آوي عتيقَة وتفتقر للأناقة، لكنها لم تخذلني يومًا!"
وبعد صمت قصير سألها سيهون بحذر:
"امم.. من هي آوي؟"
ضحكت رغم عصبيتها وقالت له:
"آوي تعني ازرَق في اليابانية."
ولم ينطقا بشيء بعدها اطلاقًا، كانت تتعرق لشدَة القلق، وسيهون رآها هكذا للمرة الاولى..
اخيرا عند وصولهمَا لم تضع وقتا في ايقاف المحرك الذي كاد يموت بل حتى الباب تركته مفتوحا وركضت للداخل، كأنما هنالك شيء يقودها الى هناك، كأنما بداخل صدرها كرة قلق وخوف تشتعل بلا توقف، هي بذاتها لا تدري مالسبب، لكنها بدأت تبحث عن والدتها قبل ان تدخل للمنزل حتى..
صرخت بجميع القوة في صوتها، تناديها، ولكن ما من صوت حنون يجيبها.. ركضَت بجنون في الأنحاء، حتى وصلت المطبخ، وهناك هالهَا ما رأت..
كانت والدتها الحبيبَة ترقد مواجهة الأرض.
اتسعت عيناها بشدَّة وهرعت إليها، خائفة من تكرر المشهد ذاته.. خائفة من كونها رحلت دون ان تكون معها لتودعها على الأقل، خائفة من أنها كانت بمغادرتها للعاصمَة قد سمحت للموت بالقدوم اخيرا، واختطاف ملكَة قلبهَا.
خائفَة من خسَارتها للحرب الأكثَر رعبًا وتكررًا.. بينها وبَين الموت.
احتضَنتها لصدرها ونادتها بصَوت عالٍ، يهتزّ في كل مرة اكثَر، وكأنما تذكرت انهَا ممرضَة أخيرًا عادت لتمديدهَا، ثم وضعت اصابعها على عرق الحياة في عنقها الشاحب، ولم يكن صاخبًا..
لكنه ماكان ساكتًا ايضًا.
عندها لم تضيع اي وقت، حملتها بين يديها وخرجت بها من المطبخ لترى سيهون اخيرًا قادمًا، وكأنما عدوى اتساع العيون تنتقل في الهواء، اتسعت عيناه حتى كادتا تقعان، واسرع عائدًا للسيارة يشغلها مجددًا، يترجى محركها العتيق الا يتقاعد فجأة..
انطلقت السيارة تنهب الأرضَ نهبًا باتجاه اقرَب مستَوصف، وحين ادخلاها لغرفَة معالجة الطوارئ اتتها الطبيبة سائلة عن المشكلة فقالت لها:
"لا اعلم، وجدناها ساقطة على الارض حينما عدنا، لا اعلم لكم من الوقت كانت فاقدة للوعي، لكن اظن انه هايبرتنشن حدث بسبب الروزيريم، لقد اخبرتني انها بدأت اخذه بعد اصابتها بالانسومنيا منذ فترة بسيطة، ولهذا لست اعتقد انه رياكشن، فهو لا يتأخر حتى ثلاثة او اربعه ايام، لذلك اذا لم يكن السايد ايفكت للروزيريم فلا اعرف ما الامر فعلا. "
اومأت الطبيبة وسألتها بينما تباشر فحص ضغط الدم والحرارة مع ممرضة اخرَى:
" هل قمت باختبار رد فعل بؤبؤ العين؟ "
" لم افعل، بالمناسبة لا اعتقد انها اوفر دوز، او ميس دوز، أمي طبيبة. "
اومأت الطبيبة مجددًا واكملت:
" صحيح ان هناك هايبرتنشن، لكن حرارتها ايضا تشارف الاربعين، لا اعلم هل الحمى اتت بسبب الهايبرتنشن ام العكس، على اي حال، سوف اقوم باستبعاد الفلوفوكسامين واي نوع من الريفامبين..."
وهكذا جرت المحادثه التي شعر سيهون انها هيروغليفية بالنسبة له، وعندما استفسر عما يجري قالت له:
" حمى، ضغط دم مرتفع، اعتقد انه بسبب دواء الارق خاصتها لكن لا ادري.. "
" هل ستكون بخير؟ "
" نعم، ان لم يكن شيء غير ارتفاع الضغط والحمَى، فلن تكون في وضع اسوأ، من الجيد اننا وصلنا قبل ان.. يسوء الأمر اكثر."
تنهدت واحتضنته بتعب قبل ان تقول:
" انه المَوت، لقد اتى يخبرنَا انه لم يزرنَا منذ فترَة.. ثم رحل. "
______________________________
يحتاج اقول شي؟
لا؟
اوكي بنقلع.
YOU ARE READING
Paradice corps.
Fanficبالروح وبالجراح، بالدم والدموع، سنجعل هذا البلد بلا هموم، سنحمله على كواهلنا، ولن نسمح لجدرانه بالسقوط. ولكن، ماذا حينما نمحى ونموت؟ او نبعثر الى الضياع؟ ربما نفترق وسط الطريق ونسقط، ماذا وقتها؟ ايمكننا رفع رايه الحب والطريق للجنة؟