الفصل العاشر

160 18 1
                                    

.. في المستشفى ..

أثناء فحصها للمريض دلفت صديقتها تلبيةً لحتياجها لها ، كانت بحاجتها لذلك قامت بأستدعائها ولكنها وجددت ملامحها منقبضه لتدرك بأنها حزينه من ذاك الموقف المحرج الذي وضعت نفسها به .

_عداله بمشاكسه إياها : مالك يا ريهام ؟!
_ريهام بجفاء : مفيش خلصي عايزه ايه تاني غير التحاليل بتاعت الحاله ؟!
_عداله بضيق : مش عايزة حاجة اتفضلي علي مكتبك .
_ريهام بغيظ : انتي بتطرديني ولا عشان الهانم رئيسة القسم يعني .
_عداله بحزن : احنا فيه بينا الكلام ده يا ريهام ؟! انا عمري عملتك بتعالي لمجرد إني رئيسة القسم أو حسستك اني اعلي منك مثلا .
_لتدرك الاخيره ما تفاوهت به من حديث لصديقتها لتهتف بأسف : متزعليش منى مكنتش اقصد.. بس أنا متضايقه شويه ، هحاول اهدا و ارجعلك عشان ملغبطش في الكلام اكتر من كده.. هبعتلك التحاليل مع أي ممرضه .
_عداله : ابعتي التحاليل علي مكتبي مع أي ممرضه .
_ريهام : حاضر.. ثم غادرت من أمامها تلعن غبائها وعفويتها في الحديث سوا في ذاك الموقف أو مع صديقتها .

أنتهت من فحص المرضي التابعين لها ، لتتوجه اخيرا إلي مكتبها فقد تناست بأن مازن معها اليوم دلفت وجدته يقف في شرفة مكتبها بشرود فهو لم يشعر بها من الأساس ، فكرت قليلا أن تمزح معه كي تخفف ما عليه فهو بالتأكيد شارد في مستقبله و عمله فهي عانت ذاك الألم من قبله .

_هتفت بمرح لتخفف عنه : انا مكنتش اعرف أن ريهام قمر كده عشان تخليك تسرح ومتحسش بوجودي .
_التفت لها ورمقها بجمود ولم يعلق لتهتف هي بأسف : انا آسفه مقصدش انا بس لاقيتك سرحان قولت اخفف عنك بس.. تابعت حديثها برفق : مالك يا مازن ؟! سرحان في ايه ؟!
_رمقها بحزن هاتفا بألم : بفكر في عيلتي اللي مفرقتش معاهم.. تخيلي متصلش بيا ولا حتي اهتم انا فين ، قولت متصلش امبارح كان متضايق لسه.. قولت هيتصل انهاردة يعرف انا فين خصوصا انى سبت الشغل برضو متصلش ولا حتي أمي .
_ربتت علي كتفه بمواساه تهتف بحنو : يمكن فيه حاجه شغلته خصوصا انك سبت الشغل يعني سبتهم في دوامه كبيره ، اعذره يا مازن .
_ترقرت الدموع في عينيه ليهتف بألم : اعذره ! ده انا ابنه يا عداله.. معقول يحب الشغل و الفلوس اكتر مني ولا مش معقول ليه ماهو طردني عشان قولتله اني عارف بموضوع ميراث عمي......
_قاطعته بإستغراب : ميراث عمك ؟! عمك مين.. لو عمك صبحي ماهو لسه موجود هتتكلموا علي ميراثه ليه ؟! ولو عمك رحيم فأنا خدت ميراثه...
يبقي ميراث عمك مين اللي طردك بسببه ؟!

_غبي غبي انا ازاي وقعت بلساني كده وقولتلها عداله ذكيه جدا وهتفهم ، غبي يا مازن غبي... هتف بها لنفسه عندما أفشي ذاك السر التي لم تعرف عنه شيء قط .
_عداله مكرره سؤالها : ميراث ايه يا مازن اللي بتتكلم عنه .
_مازن بكذب : ميراث ايه يا عداله مفيش حاجه .
_عداله بشك : قول اللي عندك يا مازن.. متخافش الحزن مش هيموتني يعني ولا هزعل الزعل اللي يخليك تخبي عليا ، قول يا مازن !
_زفر بضيق من نفسه الحمقاء فهو من أوقع نفسه بذاك الفخ : يا حبيبتي مفيش حاجه انا كنت متعصب بس فبقول كلام مش عرفه .
_عداله بأصرار : قول يا مازن اللي عندك ؟!
_مازن بضيق : هتستفادي ايه لو عرفتي ؟!
_عداله بقلق من ذاك الغير معلوم : هستفاد كتير بس قول و رايحني بقي .
_مازن بندم من ما أفشاه بنفسه لها : في يوم كنت في الشركه و بابا طلب مني ورق اخر مشروع مسكته قبل ما اسيب الشغل يعني بكام يوم.. و سمعته كان بيتكلم مع فهمي علي ميراث عمي رحيم و أنه كبير و كدا تقريبا تلت اربع أملاكنا بإسم عمي رحيم و أنهم عايزين يمضوكي علي تنازل للميراث بس أنا مفهمتش حاجه هو مش الميراث بتاع عمي بابا سلمهولك يوم ما سبتي القصر لما خدك المكتب تتكلموا بعد وفاة عمي بيومين صح ؟!
_تسمرت مكانها بصدمه ما أن أستمعت إليه ، فاقت سريعا من غفوتها المؤلمه تلك ثم أصدرت ضحكه مراريه لتهتف بسخريه : هو قالك كده ؟! قالك أنه سلمني الميراث يوم ما سبت القصر .
_مازن بعدم فهم : ده اللي كلنا فاكرينه لما خدك و دخلتي المكتب معاه بعد وفاة عمي بيومين يوم ما مشيتي.. مش هو سلمك جزء من الميراث قبل ما تمشي .

_ضحكت بمرارة تهتف بسخريه : يعني هو فهمكوا كده أنه هو اداني حقي و كان مفهمكوا اني انا اللي سبت القصر و مشيت مانت قولتلي كده يوم ما عرفت أن هو اللي طردني ، بس الحقيقة حاجه تاني يا مازن باشا.. والدك لما خدني المكتب كان بيطردني بالذوق ياما هيخليني احصل ابويا و امي وقالي ان الميراث بتاع بابا هيوصلني اول ما يفتحوا الوصيه بتاعته واللي كان مفيهوش غير 100 الف جنيه عشان بابا كان داخل صفقه وخسرها ده كلام جمال بيه ، و ياريته حتي اداني الفلوس دي و انا ماشيه من القصر لا بعتهوملي مع فهمي بعدها بشهر....ترقرقت الدموع في ملقتيها تهتف بحزن و ألم و ظلم خليط مؤلم تجسد في عينيها ؛ يعني طردني في الشارع في نص الليل و حتي قلبه محنش أني بنت و لوحدي و معرفش هروح فين ؟! لا طردني و مهمتش بحاجه ولا حتي اداني الملاليم اللي قالي عليها يعني حتي مكنش معايا تمن أوضه اتلم فيها من الشارع ولا حتي تمن رغيف عيش حاف يسد جوعي و جمال بيه و صبحي بيه وعيالهم عايشين في قصر مش عند الملوك و بياكلوا احسن اكل وبيشربوا احسن شرب و نايمين علي اغلي فرش وكل ده بفلوس ابويا.. ابويا اللي سابني لناس متعرفش الرحمه... ثم صرخت فيه بألم قلبها ؛ انتواااا ايييه جبتواا بشاعة القلب دي منين ده انا لو كلبه هتحنوا عليا اكتر من كده.. و زعلان إن أبوك طردك علي الأقل أنت لاقيت اللي يساعدك علي طول مقعدتش يومين في الشارع خايف من كلاب الشوارع تنهش فيك.... الغريب أحن منه عم حسن هو اللي شافني بعدها بيومين و خدني عنده اداني شقه في العماره بتاعته اعيش فيها و كان بيعاملني احسن معامله كأني بنته وفضل يصرف عليا سنه بحالها من أكل و شرب ولبس وكل حاجه احتاجتها و كان بيدفعلي مصاريف الكليه ولما فهمي جابلي الفلوس و قولتله اني خلاص مينفعش اخد منه فلوس رفض وقالي انتي بنتي ولما قولتله عايزه اشتغل قالي هدورلك علي شغل واشتغلت في صيدليه جنب البيت و بالعافيه خليتوا ياخد مني إيجار للشقه ونصحني اني احط الفلوس في البنك و اصرف منها لو احتاجتها وفلوس الشغل اعيش منها و اصرف منها للجامعه و هو معايا لو احتاجت حاجه.. لحد ما اتخرجت بتقدير عالي و الكليه نزلتني تدريب في مستشفى العسكري اللي انا فيها دي وبعد التدريب ما انتهى بشهادتهم اني دكتوره كويسه طلبت من مدير المستشفى اشتغل و هو وافق ولحد انهاردة محدش يعرف حاجه عن حالي غير عم حسن و انت دلوقتي... انا تعبت اوي من وقت ما بابا و ماما ماتوا وانت عمرك ما هتحس باللي انا عيشته يا مازن باشا... ثم شرعت في بكاء مرير ، بكاء يقطع أنياط القلب .

_كل هذا أمام صدمته الكبيرة في قسوة والده علي تلك الصغيرة لم يلومها علي اي شيء قالته بل تألم لأجلها لأجل ما عاشته ، تذكر نظرات حسن له بالأمس تذكر جملتها لـ حسن بالأمس "عم حسن مازن ملوش دعوه بيهم انا لازم اساعده زي ماساعدتني"
كم كان العالم قاسياً عليها.. جاء ليضمها كي تهدأ حتي دفعته عنها للخلف بعنف تصرخ فيه بحده : ابعد عنيييي محدش منكوا لي دعوه بياااااا...
ثم غادرت سريعا من أمامه تحت صدمته هو لما فعلت ، تسمر مكانه للحظه يستوعب لما حدث ليفيق سريعا يركض ورائها ربما يجدها ولكنها كانت أسرع فلم يعرف إين ذهبت ؟! ندم بشده علي ذلة لسانه التي أوقعته كهذا ، يا ليتني لم آتي معها لم يكن حدث كل هذا ولم أتسبب لها في ذاك الألم .

.....

_رأيكوا ⁦؟!
_تفاعلوا !
#بقلمي_ مارينا_چورچ

حبيب خيالـي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن