الفصل السابع عشر ...
أحيانًا نكون إلى جانب من نحب وفي غمضة عين يصبح إلى مكان غير الذي كان بـه .. يتنشله المرض من بين أحضاننا .. فالموت أو المرض ليس بطارقٍ للأبواب أو يكون بك علم بما سيحل به ... فالله وحده الذي يعلم بكل هذه الأشياء .. لذلك لا تجعل الموت يأخذ منك عزيزًا عليك وأنتما متخاصمان .. فلا يوجد شيء يستدعي الخصام أو الهجر إلا فـراق الموت !!
نظر إليها بصدمة، فقد كانت آخـر توقعاته بأن تأتي إلى هنا .. يعترف بأنه كان دومًا يتـوق إلى أن تأتي إليه ليخبرها كل ما بداخله، لكي يتخلص من ألم قلبه بقربها .. فالحـزن مهما كانت ضخامته وثقلة على القلب بـمن هوتـه الروح يتبـدد .. المعجزة حقًا في أن يراها الآن وفي هذا الظرف الذي هو به ..
نظر إلى وجهها الذي ما زال كما هو .. بريء كالأطفال، وإلى عينيها الحمراء المنتفخة، يريد أن يذهب إليها ويمحو دموعها لكي يتمكن من رؤية عينيها .. وإلى وجنتيها التي كان دومًا يداعبهما بفرحة تغمر قلبه .. كانت تتذمر عليه أحيانًا لكنها تعشق أن يفعلها، إلى جسدها النحيف .. يبدو وكأنها مثله، لا تنعم ببعض الراحة أبدًا .. وكيف لها أن تنعم بالراحة ونصفها قد تخلى عنها !!
رؤيتـه لها جعلت النبض بـالقلب يتجدد .. الروح بالجسد تنتعش .. طعم الفرحة التي كاد أن يتناساها تأتي اليه من جديد ، بمجرد رؤيتهـا فقط !!
اقتربت منه بتوجس وجلست مقابلة له بدموع تنسال رغمًا عنها فوق وجنتيها حزنًا عليه .. خرج صوتها مرتعشًا بشهقات عالية :
طمني عليك .. أنت كويس ؟تبسم بسخرية ... وتجاهل سؤالها وتساءل هو بحنو رغم ما يشعر به من ألم :
سيبك مني ... طمنيني عليكي أنتي .. اخبارك إيه.زادت في بكائها وأجابته بخفوت :
كويسه .نظر إليها بابتسامة خفيفة من بكائها خوفـًا عليه أو ندمًا، تبكي كطفلة وهذا ما جعله يبتسم ... جميلة حتى وهي تبكي ، قال بتنهيدة تكسوها الحزن :
الحياة من غيرك زي الجسم من غير قلب .. بوجودك كنت متأكد إني هعدي من المرض بأقل الخساير ، زي ما قلبي وروحي حسوا بالفرحة بمجرد ما شافتك عنيا .. أنتي ليكي قدرة خاصة على محو حزني من جوايا يا مي، طول الشهور اللي عدت محدش قدر يغير مودي والحزن اللي جوه قلبي غير لما شفتك ... المرض مكنش هيأثر فيا لو كنتي معايا .. بيقولوا إن كل صعب بيهون مادام اللي بتحبه جنبك ... بس ربنا له حكمة في كل اللي بيحصل .تساءلت ببكاء :
مصارحتنيش ليه؟ ليه عشت كل الحاجات والتعب ده لوحدك ... ليه مخلتنيش أشاركك كل تعبك .. ليه استسهلت البعد وإنك لما تبعد عني وتسيبيني هتبقى بخير .. ليه بعدت ومشيت مع إنك محتاجلي زي ما أنا محتاجالك .. ليه خلتنا نوصل للمرحلة دي يا قاسم .انهمرت دموعه على وجنتيه، فهي محقة في كل كلمة تفوهت بها .. فالفراق ليس حلًا !!
تمتم ببحه :
عشان كنت خايف عليكي مني ... خايف عليكي من المرض والحزن والتعب .. مكنتش عايز تعبي يكون سبب في نزول دموعك اللي بتنزل دلوقتي وأنا مش عارف أتصرف ولا حتى أوقفها ... مكنتش عايزك تشوفيني بالشكل ده أو تبقي مشفقة عليا .. هو أنتي مفكرة إني بعدت بمزاجي؟.. تبقي غلطانه وعمرك ما عرفتيني .. انا بعدت وقلبي بيموت جوايا والمرض بياكل في جسمي ده غير تأنيب الضمير ووجع قلبي في بعدك والمنظر اللي وصلتله .. عمرهم ما كانوا بمزاجي، كنت بعمل كل ده عشانك مش عشاني والله .. عشان مش عايزك تتعذبي جنبي يا مي .
مي :
- خليت عقلك يتحكم في البعد ؟ طيب وقلبك ؟! مقالكش أنا كنت عايشه ازاي ولا كنت بمثل على الناس كلها إني مبسوطه وبمجرد ما أدخل اوضتي بتبدل لواحده تانيه انا نفسي معرفهاش .. قلبك مقالكش إني بموت في بعدك وإنك لو كنت قولتلي اللي فيك مكنش ده كله حصل ... انا كنت هتخلي عن الناس كلها وعن فرحتي لو هتبقى في سبيل إني ابقا جنبك .. مفيش فرحة مدام أنت مش معايا .
أنت تقرأ
طرف تالت
General Fiction#مقدمة : انتقال الفتاة من بيت والدها إلى بيت زوجها المكون من عدة غرف هي المسؤلة عن نظافتهم وتجميلهم أمر صعب ، أن تترك دلال والدها وحنان والدتها وتصبح في كنف رجل آخر شيء ليس بهين ، أن تصبح هي العمود الفقري لذاك المنزل والنصف الآخر لصاحبه أمر يتطلب ال...