الفصل الخامس
دلف إلى غرفته وأغلق الباب خلفه متوجهًا إلى فراشه بعدما أخذ الظرف من المكتب الخاص به .. نظر إليه بفضول واشتياق لحديث صديقه .. لقد مرت سنوات منذ آخر مرة تحدثا معًا .. كم هي ملهاة تلك الدنيا!! .. ولكن ترى لماذا تذكره الآن؟ ولماذا يرسل له رسالة كهذه بهذا الحجم؟!.. قرر أن يرحم فضوله فقام بفتحه بابتسامة سرعان ما جحظت عيناه وارتجفت شفتاه وتحجرت الدموع بمقلتيه؛ عندما رأى ما يحتوي عليه هذا الظرف .. أخذ يقرأ الكلمات بدموع تنسال فوق وجنتيه بغزارة .. دموع تتسابق ندمًا على إهماله لصديقه .. دموع تحرق وجنتيه من شدة ألم قلبه بالكلمات التي كُتبت فوق هذه الورقة بخط بدا أنه مرتعش إثر الأحرف التي كانت ترتفع قليلًا وتهبط قليلًا، مع دموع تبينت على الورقة أثر الكلمات التي خرجت من القلب إلى الورقة مباشرةً، لتصل إلى قلبه تهشمه دون رحمة .. قرأ محتواها مرة أخرى بصوت عالٍ نسبيًًا، صوت مهزوز بدموع لا تتوقف عن النزول :
"هكونا ماتاتا .. اكيد عرفتني .. الأغنية دي كنت بتغنهالي في أي وقت وكل وقت، عشان بس عارف إني هضحك بعد ما تخلصها وهنسى وجعي، أنا دلوقتي يا صاحبي جوه حاجه أكبر من الوجع .. مش قادر أعاتبك ومش قادر معاتبش، عشان مكنتش أتصور إن هيجي يوم وتبعد عني في الوقت اللي محتاج لشخص واحد بس يبقى معايا .. حد يبقالي السند وميبصليش نظرة شفقة !!. أنا وحيد يا خالد بمعنى الكلمة، تعرف انت شعور انك بتعافر لوحدك؟ بتقوي نفسك بنفسك، انت بتكون محتاج اللي يقويك ويدعمك، بس انت اللي بتكون الداعم لنفسك .. تعرف على قد ما الابتلاء ده صعب، بس عرفني حاجات كتير اوي اوي مكنتش اعرفها .. وأولها إنك لازم تكون لنفسك وبس .. تعيش وتحب نفسك، ومتضيعش حياتك على ناس من اول أزمة حصلتلك سابوك .. عشان هتيجي في الآخر وتبقى لوحدك، محدش معاك .. حتى أقرب ما ليك، الضربة بتكون منهم .. بيقولوا إن العتاب نص المحبة .. ودي ممكن تكون آخر مرة أعاتبك فيها .. مش عارف يا صاحبي ..
المهم متاخدش كلامي ده عليك وتزعل أنا بس بقول كده مجرد فضفضة والله مش أكتر .. هرجع وأقول فيه ظروف منعتك إنك تبقى معايا يا صاحبي .. أصل الظروف اوقات بتبقى أقوى مننا .. مقدرش أعتب عليك في دي .
أنا مريض كانسر .. والوقت اللي انت بتقرأ فيه الماسيدج ده أنا فعليًا بتعالج .. انت الوحيد اللي يعرف ده يا صاحبي ومش عاوز غيرك يعرفه ..
مش عارف اقولك اي بس خلي بالك من نفسك، ومن مي مراتي .. الطرد اللي جمبك ده ابقا وصلهولها في التاريخ اللي انا كاتبه عليه .. لو أنا مرجعتش .. وخلي بالك من أهلها .. انا ملقتش غيرك اللي هستأمنه عليهم .. انت غالي عليا وواثق فيك، وواثق انك هتاخد بالك منهم اكتر مني كمان ... خلي بالك منهم وكأنهم أهلك مش أهلي انا .. خليك ديما فاكر كلمة "سنشد عضدك بأخيك" .. هتوحشني يا صاحبي . "
كور الورقة التي توجد بها دموع صديقه التي تزرف وجعًا لأنه تخلى عنه في أشد الأوقات احتياجٍ .. وضع يده على وجهه ودموعه تنهمر على وجنتيه، تعنفه على ترك صديق العمر .. فمن منا اليوم يكون له الصديق، والاخ، والأب أحيانًا.. ويتركه هكذا !!
أنت تقرأ
طرف تالت
Ficción General#مقدمة : انتقال الفتاة من بيت والدها إلى بيت زوجها المكون من عدة غرف هي المسؤلة عن نظافتهم وتجميلهم أمر صعب ، أن تترك دلال والدها وحنان والدتها وتصبح في كنف رجل آخر شيء ليس بهين ، أن تصبح هي العمود الفقري لذاك المنزل والنصف الآخر لصاحبه أمر يتطلب ال...