الحلقة الثالثة
كان جالسًا في عيادة الطبيب شاحب الوجه غائر العينين يفكر في مصيره المجهول .. وهل سيموت قريبًا أم أنه سيشفي من مرضه ويعود لسابق عهده شابًا يافعًا يمارس حياته بكل أريحية و أثناء شروده تحمحم الطبيب وهو يرفع عينيه عن التقارير أمامه وينظر لقاسم بنظرات مطمئنة لكن استشف قاسم من أسفلها الاصطناع .. لكنه لم يُعلق ..
الطبيب بهدوء : طبعًا يا دكتور قاسم احنا سبق وعملنا تشخيص للحالة بعد ما عرفنا الأعراض اللي حضرتك قلتلي عليها .. ورضينا بقضاء ربنا .. دلوقتي احنا لازمنا بعض الفحوصات الشاملة عشان نقدر نحدد السرطان في أي مرحلة من مراحله عشان نبدأ العلاج في أسرع وقت بأمر الله .
قاسم مزدردًا ريقه ببعض التوتر : المفروض اعمل اي يعني؟
الطبيب وهو يخلع نظارته الطبيه ويرسم ابتسامة مطمئنة فوق ثغره : هتجيلي بكرة الصبح بأمر الله على مستشفى ( ... ) عشان نبدأ الفحوصات بتاعتنا .
قاسم : الموضوع مش هيطول .. مش كده؟
الطبيب بروتينية : ان شاء الله ميطولش .. وحتى لو طول .. احنا يهمنا التقدم في العلاج ونتائجه مش طول المدة .
قاسم مومئًا بهدوء : تمام .. اشوف حضرتك بكره بأمر الله .
وقف الطبيب مصافحًا إياه بروتينية متمنيًا له الشفاء العاجل وهو يتمتم بهدوء : النفسية هي العامل الأهم يا دكتور قاسم .
خرج قاسم وفوق ثغره ابتسامة ساخرة من القدر والظروف والحياة .. نفسية !! نفسية ماذا التي يتحدث عنها؟.. لقد تدمرت النفسية تمامًا .. تدمرت منذ أن تغير حاله مئة وثمانون درجة دون أن تشعر به تلك التي من المفترض انها زوجته وشريكة حياته وأيامه .. منذ أن طعنته بخنجر الظروف وهي تبرر فعلتها بعدم رغبتها في الإنجاب منه .. منذ أن وقف يبحث عمن يجب أن يخبره بما يعانيه كي يكون الي جانبه .. لكن وا اسفاه .. لا أحد .. لا زوجة، لا حبيبة، لا أهل، لا أصدقاء .. هو وحده .. وحده تمامًا .. ليس هناك سوي صديقه خالد والذي لاحظ تغير حاله وأصر عليه بالذهاب الي الطبيب .. وقد علم بأمر مرض قاسم .. لكنه اقتطع عليه وعدًا بأنه لن يخبر أحد .. ومنذ ذاك اليوم ولا يعلم عنه شيئًا .. هل تخلي عنه لكونه مريض سرطان ؟.. أم الدنيا مشاغل كما يقولون ؟.. هل حقًا يعتب عليه ؟.. هل سينتظر الغريب ليقف الي جواره دونًا عن الأقربون !
انتبه من شروده على أصوات أبواق السيارات التي قطع طريقها وهو يعبر الطريق دون أن ينتبه لقدوم السيارات .. فاعتذر بيده وتحرك مسرعًا من المكان ..
-----*-----*-----
أعلنت طرقات الباب عن انتظار أحدهم كي يجيبه من بداخل المنزل .. لتتحرك مي وهي تعقد حاجبيها بتساؤل عن هوية الطارق ..
قامت بفتح الباب ليتبين لها شخص لم يسبق لها أن رأته قبلًا .. وقبل أن تسأل عما يريد قام بتقديم ورقة ما لها وهو يتمتم بهدوء وروتينيه : الورقة دي من دكتور قاسم لحضرتك .
أنت تقرأ
طرف تالت
General Fiction#مقدمة : انتقال الفتاة من بيت والدها إلى بيت زوجها المكون من عدة غرف هي المسؤلة عن نظافتهم وتجميلهم أمر صعب ، أن تترك دلال والدها وحنان والدتها وتصبح في كنف رجل آخر شيء ليس بهين ، أن تصبح هي العمود الفقري لذاك المنزل والنصف الآخر لصاحبه أمر يتطلب ال...