عشت في مكان يغلبه الطابع الديني وقد لبست العباءة منذ نعومة أظفاري ولم احس بشي من الاجبار او الفرض من قبل اهلي لأني تعلمت أخذ العبر من والدتي واسير على دربها طالما كانت تتمسك بلبس العباءة الزينبية وتفعل امور لتلفت انظارنا انا واخوتي وتحفزنا هي وابي على الأمور الدينية مثل الصلاة والصيام حيث كانا يصومان اشهرا متتالية ويصليان الصلاة بوقتها ويجعلان لنا هدايا للصيام والصلاة وأيضا قراءة القران والادعية والأعمال المخصصة لكل يوم او مناسبة، وحضور دعاء الندبة وكميل والتوسل في أماكن مقدسة لنأخذ عبق عطر المكان ونتهية روحية لترويض أنفسنا من شوائب الأيام فكنت قد نشأت وأنا على هذه الحالة لم أر شيء يقيدني وإنما اعتبرتها روتين
حياتي و كبرت على هذه العادات حتى أتممت المرحلة الإعدادية وظهر قبولي في الصنف الطبي كانت لي أيام فقط عند انتقالنا للمكان المخصص فيه الكلية... قبل يومين من بدأ العام الدراسي الجديد عندها جاء أبي وقال لي ابنتي إن المكان الجديد وكذلك الجامعة لايلبسن النساء فيها العباءة مثلما تلبسينها؟ تستطيعين لبس الجبة العريضة .
تساءلت مع نفسي عدة مرات هل يمكنني أن اخلعها بعد أن أصبحت جزءا
أعاد ابي السؤال هل بإستطاعتك أن تخلعي العباءة وأنا لا اقيدك بذلك .. هل تفعلين ؟؟قلت له لا سوف أذهب للكلية وعندما أرجع من اليوم الاول سوف أخبرك برأيي، فعلا بدأ الدوام وذهبت في الصباح الباكر للكلية فتفاجئت كثيرا إذ لم أر أي فتاة تلبس العباءة في قسمي الذي أدرس فيه ! بل رأيت طالبتين أو ثلاث في بقية الاقسام و كنا فئة محدودة جدا في الجامعة عندها لزمت عباءتي بقوة ولم أظهر أي شيء مما تحتها وإنما انتابني شعور محزن في داخلي لهذا الوضع في الجامعة! رجعت للبيت ورأيت أبي الذي قال لي ما إن رآني
: ماهو قرارك ؟قلت له لن اخلعها.. تفاجأ أبي وقال لي
: هل هناك الكثير من الفتيات يلبسن العباءة؟قلت لا.
قال لي : وكيف يمكنك أن تقاومي الكلام التي تسمعينه؟
قلت له : أنا مصرة على رأيي.فرح أبي ورأيت في عينيه نظرة تفاخر فقال لي : كنت متأكد من قرارك لكن أحببت أن أسمعه من ذاتك. والحمد لله تمت أيام الجامعة للدراسة الأولية واكملتها وأنا من المتفوقين فيها والحمد لله، الآن أنا في مرحلة الدراسات العليا وباقية على نهجي .. لم تخلو أيامي من بعض الانتقادات لكن كنت آخذها بروح رياضية وأشعر بفخر وهيبة حتى كاد الكل ينعجب من اسلوبي وكنت احضى بمدح الكثير من الناس ومنهم رئيس قسمي واساتذتي ولله الحمد والمنة على نعمه ونسأل الله الثبات على نهج آل محمد وأسألكم الدعاء لي.
| عباءتي .. حفظتها مرة فحفظتني مرات
نور الزهراء أسدي