الفصل السادس عشر

4.7K 151 16
                                    


تقف مطرقة بهم ثقل الجبال وعقل لا يتوقف عن ترديد جملة واحدة، "جد سالم هو السبب".

لا أحد سواه، فعل هذا ليبعدها عن سالم. وهذه الفكرة تزيدها ألمًا، أن تكون هي السبب في أذية أبيها، ماذا تفعل؟

والأشد ألمًا أنّه يرفض رؤيتها، رفض تمامًا أن يراها هي أو أمها.

"آنسة رواء"

انتبهت على النداء ورفعت رأسها مجفلة لتراه أمامها، ذلك الشاب زميل أبيها والذي لم يفارق القسم منذ رأته أمس مع المحامي، وكان هو من تولى طمأنة أمها الملتاعة.

"اعذريني يا آنسة، لكن لا داعي لانتظارك أنت والوالدة هنا"

طرفت ببصرها إلى أمها المتهالكة بحزن بينما يتابع بنبرة غلفها الحنان وعقلها المشتت في ألف اتجاه لم يقف ليحلل الأمر أكثر.

"إنّها مرهقة جدًا، لماذا لا تأخذيها لترتاح وأنا سأبلغكم بالتطورات، وإن شاء الله سيطمئننا المحامي"

استمرت في النظر لأمها والندم ينهش قلبها بشراسة.
"آنسة رواء"

نهضت مرددة بضيق

"شكرًا لحضرتك، أفضل الانتظار لأطمئن بنفسي"

اقترب منها أحد زملاء أبيها المقربين يخبرها مترفقًا
"رواء يا ابنتي، أبوك طلب أن تعودا للبيت، لا يريد بقاءكما هنا"
"لا يمكنني تركه هنا يا عمي"
رددت بصوت باك فهز رأسه بأسف
"سيكون بخير لا تخافي عليه. بدر إنسان طيب وأمين، لن يخذله الله أبدًا وستظهر براءته قريبًا"
"آمين يا رب"
منحها ابتسامة حانية

"هيا من أجل خاطر أبيكِ .. خذي أمكِ وعودا للبيت"
أومأت باستسلام وقد أهلكها السهر والتفكير والجلوس هكذا لساعات، واتجهت نحو أمها
"أبي طلب منا العودة للبيت يا أمي"
"لن أذهب قبل أن أراه"

تنهدت رواء ونزلت على إحدى ركبتيها أمامها، تمسك كفيها
"لا فائدة من بقائنا هنا، أساسًا لن يسمحوا لنا بالزيارة وأبي نفسه رافض أن نراه. أرجوكِ ، حتى لا يغضب"
أشاحت وجهها برفض فمالت رواء تقبل كفها وبللته بدموعها
"أمي، لا بد أن سمراء وطيف قلقتين وحدهما. دعينا نذهب إليهما لنطمئنهما وإن شاء الله عمي شكري سيطمئننا، هيا"
هزت رأسها رفضًا وعادت تغمغم باكية

"حسبي الله ونعم الوكيل فيمن كان السبب"

انقبض قلب رواء مع كلماتها، ومن سواها السبب.

قاومت دموعها بقوة بينما رفعت أمها رأسها تخبرها بحزم
"اذهبي أنتِ ، عودي للبيت وارتاحي أنا لن أذهب قبل أن يخرج والدك بالسلامة... هيا لتطمئني على شقيقتيك"

نهضت بعد ثوان باستسلام

"تمام، سأذهب لأطمئن عليهما ثم أعود"

قلوبٌ عصيّة (سلسلة حكايات الحب والقدر ج٣)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن