الفصل الأول

9.8K 214 47
                                    


أطلق صفيرًا منغومًا وهو يغادر سيارته، ليسرع إلى داخل الشركة صاعدًا السلالم بقفزات سريعة، أشار بتحية مرحة لموظفة الاستقبال التي ابتسمت بخجل، ومالت تهمس لرفيقتها بينما تتابعانه وهو في طريقه نحو المصعد.

توقف فجأة حين لمح خيالًا رشيقًا يتجاوزه بسرعة وصاحبته تتجه إلى السلالم. لم يكن جسدها ما لفت نظره ولم يكن ليمانع الاعتراف برشاقتها في ذلك البنطال الجينز الذي توقف قبل كاحلها سامحًا لخلخال فضي أنيق باللمعان على بشرتها.

أسرع يرفع عينيه إلى ما لفت نظره في المقام الأول، شلال من الشعر الأسود مقيد في ذيل فرس طويل، انحبست أنفاسه وهو يتتبع طوله الواصل إلى منتصف ساقيها.

كيف تتركه حرًا هكذا؟ ألا تملك رأفة بالقلوب حولها؟ لم يشعر بنفسه وهو يسرع ليقفز السلالم لاحقًا بها، حورية في شركة المنصوري؟! منذ متى؟

توقف فجأة مع توقفها وراقبها تتلفت حولها حائرة بحثًا عن شيء... أو ربما شخص.

قطب للفكرة وأسرع يطردها بعيدًا ويستعيد واجهته العابثة ويتحرك نحوها، عيناه على يدها التي تحركها مشيرة بسبابتها نحو المكاتب كأنما تحسب اتجاهها أو خطواتها وشفتها تتحركان بهمسات لا تصله.

خفقات قلبه المترقبة تضطرب بطريقة غريبة تجذبه نحوها، ما أن توقف خلفها حتى وجد نفسه يردد بعبث
"مرحبًا، هل تبحثين عن أحد يا..."

انقطع سؤاله مع التفاتتها المتفاجئة، دورانها السريع على كعبيها جعلها تتعثر وبتلقائية كان يندفع ليمنع سقوطها، عندها فقط توقف قلبه وعيناه تقعان على وجهها.

التقت عيناه بعينيها فتضاعفت نبضاته، عسليتان مكحلتان برقة ورموش طويلة ساحرة، تركهما بصعوبة لينزل إلى أنفها ثم شفتيها تتحركان بكلمات لم يسمعها بينما قبضتاها تضربان صدره ووصله صوتها ناعمًا

"لو سمحت، دعني... ماذا تفعل؟"

بشرتها البيضاء فضحت احمرار خديها فتعلقت نظراته بهما بافتتان، قبل أن ينتبه لتقطيبتها بينما تهتف

"يا أستاذ، لو سمحت"

أسرع يفك ذراعيه عن خصرها وابتعد لتقفز هي للخلف هامسة بتمتمات حانقة وترمقه بحنق ووجهها يحتقن أكثر، ولم يستطع مقاومة تلك الرغبة في مشاكستها
"هل أنتِ تائهة في شركتنا يا حورية؟"

وهديته لم تتأخر... نظرة عابسة من عينيها وحمرة أكثر عمقًا قبل أن تتركه وتبتعد بخطوات سريعة وشلالها الأسود يتقافز خلفها. نظر لكفيه بافتنان يتذكر ملمس خصلاتها على كفيه وهمس
"حورية"

**********

صوت بوق سيارة تردد منتزعًا إياه من ذكرياته، فقطب ناظرًا في المرآة للسيارة خلفه وانتبه لحظتها لتبدل إشارة المرور وهو شارد. تنهد بحرارة وانطلق بسيارته مجددًا

قلوبٌ عصيّة (سلسلة حكايات الحب والقدر ج٣)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن