الفصل السابع

4.1K 159 42
                                    


تنهدت رواء بأسى وهي تضع بعض ثياب سمراء في الحقيبة لتأخذها لها، ما زالت تشعر بالقلق وتخشى أن يكون الضرر أكبر ولا تفلح العملية في إصلاحه. قال الطبيب أنّها ربما تحتاج لعملية أخرى بعد أشهر.

"لا اعتراض على حكمك يا الله"

همست ويدها تلامس وسادة سمراء قبل أن تمدها لتلتقط كتابًا قرب الفراش، كان آخر ما قرأته سمراء قبل الحادث، وقد طلبت منها إحضاره لتكمله.

اختنقت بعبراتها بينما تفتحه على الصفحة التي توقفت عندها، هل ستستطيع إكماله بنفسها يومًا؟

نهضت لتضعه في الحقيبة ونظرت لمكتبتها الصغيرة قبل أن تقرر اختيار بعض الكتب لتقرأها لها. اختارت بعضها قبل أن تصطدم يدها بأحد الكتب فسقط أرضًا.

انحنت لتلتقطه، وتجمدت حين لمحت طرف صورة يخرج من بين أوراقه، أخرجت الصور بيد انتقلت رجفتها لسائر جسدها بينما تحدق فيها باختناق.

كيف ما زالت هذه الصورة هنا؟ لقد مزقت كل صورهما وأحرقتها، وكل صورها القديمة، دمرت رواء القديمة تمامًا فكيف بقيت هذه؟

توقفت غصة رهيبة وهي تنظر لابتسامتها الحمقاء بينما تضم الجرو الصغير الذي أحضره لها ذلك اليوم.

ارتجفت أكثر والصورة تنبض عائدة إلى الحياة حتى خُيل إليها أنّها تشعر بالنسيم الذي لامسها بينما تجلس أسفل شجرة معزولة في حديقة النادي وسالم يلتقط لها تلك الصورة.

كان يوم ميلادها حين فاجأها بالاحتفال والخاتم، ليأخذها بعدها إلى الحديقة، ليفاجئها بهدية عيد ميلادها الباقية، جرو صغير أبيض بفراء منفوش.

أخبرته مرة عابرة أنّها تحب الجراء الصغيرة ولم تعرف أنّه سيتذكر هذا، بل ويحضر لها واحدًا.

*****

يومها طلب منها أن تغمض عينيها وانتظرت حتى أخبرها أن تفتحهما لتشهق بسعادة حين رأته بين يديه واقترب يقدمه لها
"أعرف كم تحبين الجراء، ولهذا لم يخطر ببالي هدية أفضل"
لدهشتها استكان الجرو في حضنها كأنّه يعرفها مسبقاً وابتسمت له بحب قبل أن تنظر لسالم
"إنّه رائع، انظر إليه كم هو صغيرٌ ولطيف"

ورفعت عينيها له فوجدته ينظر لها مبتسمًا، بادلته ابتسامته هامسة

"أحببته كثيرًا، لا أعرف كيف أشكرك"

مد يده يداعب الجرو فتلامست أيديهما، أسرعت تسحب يدها وعقلها يطل من جديد وسط غيامتها الوردية.

لم يبد عليه أن انتبه ولو فعل فلم يبد اعتراضًا، بل نهض ضاحكًا

"والآن قبل أن أنسى يجب أن أخلد هذه اللحظة"
ورفع أمامها كاميرا صغيرة قائلًا
"ابتسمي حبيبتي"

لم تقاوم الابتسام محتضنة الجرو، ليلتقط بضع صور قبل أن يشير لأحد الأشخاص ويسأله

"هل يمكن أن تصورنا معًا؟"

قلوبٌ عصيّة (سلسلة حكايات الحب والقدر ج٣)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن