ابتسمت رواء وهي تنظر لانعكاسها في المرآة بعينين لامعتين بينما تداعب خصلاتها الطويلة برقة. احمر وجهها وهي تستعيد ما حدث حين ذهبت لوالدها في الشركة التي يعمل فيها. لم تكن أول مرة لكنّها المرة الأولى التي تقابل فيها ذلك الشاب الغريب.
تراقصت نبضاتها بينما تتذكر ما حدث وكيف هربت قبل أن يفضحها ارتباكها وأسرعت إلى مكتب أبيها بأنفاس هاربة. فاجأته بظهورها لكنّه كعادته استقبلها بابتسامته الحانية التي لم تتغير بينما يرد على مجاملات زملائه التي تمتدحها.
كانت تعرف أنّه يتضايق وحذرها مراراً من القدوم إليه ولفت الأنظار. زمت شفتيها وهي تنظر لشعرها في المرآة، تعرف أنّه لن يرضى حتى ترتدي الحجاب كما وعدته لكنّها ما زالت تماطل وتعلم أنّ هذا يحزنه لكنّها ممتنة لأنّه لم يجبرها.
ضحكت وهي تتذكر وعدها له أنّها لن تكرر الأمر وإن اضطرت لزيارته في مكتبه فستربط شعرها بإحكام حتى تداري جماله عن العيون.
تنهدت وهي تغمض عينيها لترتسم بمخيلتها من جديد عينان سرقتا نومها منذ التقت صاحبهما.
خانتها ابتسامتها الهائمة بينما تستعيد لحظة دخوله لمكتب والدها، وسرت قشعريرة بقلبها كما حدث وقت سمعته حين دخل مُلقيًا التحية على والدها وزملائه.
غادرتها سريعًا الدهشة التي انتابتها حين رأت الجميع يردون تحيته باحترام، وسمعت والدها يرحب به
"أهلًا يا سالم بك، أنرت مكتبنا"زمت شفتيها تلقائيًا، سالم! اسمه سالم؟! أليس قديمًاً بعض الشيء؟ احمر وجهها حين انتبهت لنظراته التي تركزت على شفتيها، تململت في وقفتها بينما أشاح هو بوجهه سريعاً محدثاً والدها
"من الآنسة؟ هل هي موظفة جديدة معنا؟"ضحك والدها وهو يشدها جانبه
"لا، إنّها ابنتي"حرك شفتيه بكلمات لم تلتقطها قبل أن يبتسم مرددًا
"ابنتك؟ اعتذر إذن عن الخطأ"
ومد يده نحوها مسببًا ارتباكًا أكبر لقلبها وهو يضيف
"الشركة أنارت، تشرفنا آنسة يا"اختلست النظر بتردد لوجه والدها المقطب بغير رضا، وجدت نفسها تمد كفها بلا وعي لتصافحه هامسة بتوتر
"رواء"
سحبت يدها بسرعة من كفه بينما اتسعت ابتسامته وتراجع مرددًا اسمها كأنما يتذوق أحرفه
"روا"انتفض قلبها مع الطريقة التي نطقه بها وارتعدت بنذير خطر، وقبل أن تنفذ رغبتها في الهرب، التفت هو لوالدها وقال بجدية
"سأمر في وقت لاحق لأناقش معك بعض الأمور المتعلقة بالعمل"
أومأ والدها مقطباً بحيرة بينما اتسعت ابتسامة سالم وهو يلتفت لبقية زملاء والدها"عملا موفقا أيها السادة"
وعاد هو يلتفت نحوها بابتسامته التي تربك نبضها تلك
"تشرفنا مرة أخرى يا آنسة رواء .. يوما سعيدا"
أنت تقرأ
قلوبٌ عصيّة (سلسلة حكايات الحب والقدر ج٣)
Romansaقلوبٌ عصيّة هي ... قلوبٌ رفعت رايةَ العصيانٍ عاليةً، واحتمت خلف آلافِ المتاريس، عصيّةٌ على الفتحِ كقلعةٍ أثريةٍ شامخة، بروجُها المشيّدة تشق عنانَ السماء منذرةً، تحذر من يجرؤ على الاقتراب .. والفاتح الغازي .. خصمٌ .. قوي عنيدٌ .. قديمٌ قدم العالم...