"سيد بدر، هل يمكنني أن آخذ بضع دقائق من وقتك؟"
رفع بدر رأسه المنكب على الأوراق ناظرًا للشاب الواقف أمامه بارتباك. كان أحد المحاسبين الجدد التحق بالشركة قبل أشهر، رمقه بدهشة وقال وهو يضع القلم من يده
"بالطبع يا أستاذ كامل، تفضل"
تلفت حوله بحرج قبل أن يتنحنح ويميل هامسًا
"في الحقيقة، الموضوع الذي أريد حضرتك بشأنه لا يمكن الحديث فيه هنا"
وأردف بسرعة ردًا على دهشة بدر
"هل يمكن أن نتحدث في استراحة الغداء؟"
نظر بدر في ساعته ثم أومأ
"تمام، كما تريد"
شكره بحرارة وهز بدر رأسه دهشًا من رد فعله المنشرِح، عاد يتابع عمله حتى موعد الاستراحة ليغادر أخيرًا متجهًا إلى مطعم الشركة، لم يمض لحظات على جلوسه حتى اقترب كامل من مجلسه
"هل يمكنني الجلوس؟"
"تفضل"
أسرع بلهفة وجلس مترددًا
"ما الأمر؟ هل هناك ما يمكنني أن أساعدك فيه؟"
احمر وجهه في حرج زاد استغراب بدرحتى أجابه أخيرًا
"في الواقع، هناك موضوع شخصي ورجاء من حضرتك"
أومأ يستحثه
"إن كان في مقدوري بالطبع لن أتأخر"
انشرحت ملامحه وهو يعتدل قائلًا
"خيرًا إن شاء الله. في الحقيقة، لا أعرف كيف أبدأ. أنا جديد بالشركة وربما حضرتك لا تعرفني جيدًا لكن سأعرفك كل شيء عن نفسي"
كتم بدر أفكاره بينما عقله يستنتج ما يحدث
"أنا كامل عز الدين، محاسب، في السابعة والعشرين من عمري، ابن وحيد لوالديّ. أنا من قرية قريبة من العاصمة لكن أقيم هنا منذ الجامعة ولدي شقة ملك أنوي الزواج بها إن شاء الله"
هز رأسه وقد بدأ يتأكد من شكوكه
"جميل، بارك الله لك"
عاوده التوتر فاستحثه بدر
"إذن، هذه المقدمة من أجل؟"
تنفس بعمق ثم رد
"من أجل طلبي الذي أرجو أن ينال قبولك، في الواقع.... سألت عنك والجميع هنا يشهد لحضرتك بالكرم والأخلاق والاجتهاد، وأنا شهدت هذا بنفسي"
رد بدر بتواضع
"هذا من كرم أخلاقكم يا أستاذ كامل"
"بالعكس، أنت من أفضل الناس الذي قابلتهم، وهذا يشجعني لأتجرأ وأطلب منك الموافقة على زيارتي لكم أنا والوالد في اليوم الذي تحدده لأطلب يد كريمتك"
أنت تقرأ
قلوبٌ عصيّة (سلسلة حكايات الحب والقدر ج٣)
Romansaقلوبٌ عصيّة هي ... قلوبٌ رفعت رايةَ العصيانٍ عاليةً، واحتمت خلف آلافِ المتاريس، عصيّةٌ على الفتحِ كقلعةٍ أثريةٍ شامخة، بروجُها المشيّدة تشق عنانَ السماء منذرةً، تحذر من يجرؤ على الاقتراب .. والفاتح الغازي .. خصمٌ .. قوي عنيدٌ .. قديمٌ قدم العالم...