تتأرجح فوق أمواج هادئة، تطفو، تاركة نفسها للتيار يأخذها حيث يشاء بينما العتمة تحيطها من كل مكان.
هل هذا هو الموت؟
هل ماتت وانتهى كل الألم والمعاناة؟ هل ذهبت معها تلك المرأة؟
ربما... فلتستسلم إذن للظلام، يأخذ آخر ما تبقى منها.
تلك الأصوات التي تخترق محيطها مزعزعة ذلك السلام حولها منعتها من ذلك. حاولت تجاهلها لكنّها ازدادت، بعضها حزين والآخر غاضب كاره.
لماذا لا يتركونها ترحل بسلام؟ لماذا يجبرونها على العودة؟
"رواء، قومي يا ابنتي"
صوت أبيها تردد ينتزعها عنوة ويجبرها على فتح عينيها، آلمها الضوء فأغمضتهما. وصلتها تنهيدته الحارة ثم تعالت الأصوات الأخرى مرتفعة بعضها فوق الآخر.
هتاف غاضب أمرهم بالصمت فعاد الهدوء فجأة، كادت تغرق مجددًا في الظلام لولا أن انتبهت حواسها على صوت والدها من جديد يقول
"ﻻ أسمح لكم بكلمة واحدة، فهمتم؟ ﻻ أحد منكم يعرف ما حدث"
"لكن يا عمي..."
كان صوت كامل المتردد، قاطعه صوتٌ نسائي حانق
"وهل الأمر في حاجة للسؤال؟ كل شيء واضح. يا فضيحتك بين الخلائق يا كامل، يا فضيحتنا كلنا. قلت لك من البداية"
صاح والدها بحدة وغضب
"ست أم كامل، انتبهي لكلامكِ"
"وما به كلامي يا بدر أفندي؟ هل افتريت على ابنتك؟ الأمر واضح مثل الشمس. كان يجب أن أعرف، قلبي كان يشعر"
"أمي، أرجوكِ"
هتف كامل متوسلًا
"هل بقى فيه أمي؟ قلت لك، هذه العجلة على الزواج فيها إنّ.... وأنا أقول لماذا كانوا متسرعين على تزويجها، طبعًا ما صدقوا وجدوا أحمق يداري فضيحة ابنتهم"
"حاج عز الدين"
هتف موجهًا حديثه لوالد كامل
"أنا صامت فقط احترامًا لك، كلمة أخرى من زوجتك لن يحدث طيب"
سالت دموعها في صمت وحواسها تنتبه أكثر وأكثر
"وهل لك عين تتكلم بعد فضيحة ابنتك؟ بعد أن وضعت رأسك في الطين ولوثت سمعة ابني"
"كامل، ابعد والدتك من أمامي"
مصمصت شفتيها بينما كامل هتف برجاء
"أمي اهدأي، نحن في المشفى يكفي فضائح"
"الفضائح وقعت وانتهى الأمر. قلت لك... قلت يا ابن بطني ولم تصدقني"
ارتفع صوتٌ آخر
"الصوت لو سمحتم، أنتم في مشفى. المريضة تحتاج للراحة"
أنت تقرأ
قلوبٌ عصيّة (سلسلة حكايات الحب والقدر ج٣)
Romanceقلوبٌ عصيّة هي ... قلوبٌ رفعت رايةَ العصيانٍ عاليةً، واحتمت خلف آلافِ المتاريس، عصيّةٌ على الفتحِ كقلعةٍ أثريةٍ شامخة، بروجُها المشيّدة تشق عنانَ السماء منذرةً، تحذر من يجرؤ على الاقتراب .. والفاتح الغازي .. خصمٌ .. قوي عنيدٌ .. قديمٌ قدم العالم...