"ما كان هناك داع يا جدي، أنت متعب"
ردد سالم وهو يسند جده بينما يصعدان سلالم العمارة
"ﻻ مشكلة، أخبرتك أنّ الأمر ما عاد يحتمل الانتظار"
رمقه بتوتر امتزج بشفقة وكثير من التوجس، طوال الطريق وهو يفكر بقلق في سبب رغبة جده غير المتوقعة.
لا يمكن أن يتخيل أنه قرر فجأة تغيير رأيه وخطبة رواء له. كاد يضحك ساخرًا من تفكيره، لا يجب أن يجمح بآماله كثيرًا.
انتبه لتوقف جده ليلتقط أنفاسه
"أنت بخير يا جدي؟"
أومأ يخبره أنّه بخير لكن سالم أصر
"جدي، ربما من الأفضل لو"
قاطعه بإشارة من يده وهو يعاود التحرك
"ﻻ، دعنا ننتهي من هذا، ربما لا يسعفني الوقت لاحقًا"
انقبض قلبه لكلماته، رغم الشك الذي لا ينفك يراوده بشأن حالته، هل يمكن أن يُمثل إلى هذا الحد؟
قاوم أفكاره ليركز على اللحظة الحالية، وقلبه بدأ يتململ مع اقتراب رؤيته لها.
رمق جده بتوتر قبل أن يضغط الجرس، ولحظات مضت كاد قلبه يتوقف من شدة نبضه بينما يتوسل بحرارة أن تفتح هي الباب.
انفتح الباب فانتفض قلبه بسعادة وشوق ما أن أطلت من فرجة صغيرة
"نعم، من..."
انحبست كلماتها وتراجعت بصدمة
"مرحبًا يا رواء، كيف حالكِ؟"
ظلت مصدومة فناداها مبتسمًا، انتفضت بجزع ونظرت خلفها ثم عادت ببصرها إليه هاتفة بغضب
"أنت؟ ماذا تفعل هنا؟ كيف تجرؤ على"
قاطعها بابتسامة رقيقة
"هل يمكننا الدخول على الأقل؟ جدي متعب ولا يستطيع الوقوف هكذا طويلًا"
رمشت بغباء قبل أن تحيد بنظراتها جانبًا وتحدق في جده بصدمة أكبر
"ﻻ بد أنني أتخيل"
أسرعت تغلق الباب فوضع قدمه يمنعها
"مهلًا يا رواء، هل ستطرديننا من على الباب؟"
دفعت الباب بحنق
"اذهب من هنا، غير مرحبٌ بكما و"
"رواء"
التفتت بجزع على هتاف والدها لتجده خلفها مقطبًا
"ماذا هناك؟"
حاولت دفع الباب لتمنعه من رؤية سالم
"ﻻ شيء، إنّه الزَبّال أتى لـ"
ضحك سالم وقال بتسامح وأسف مفتعل
"الزَبّال؟! سامحكِ الله يا روا، مقبولة منكِ"

أنت تقرأ
قلوبٌ عصيّة (سلسلة حكايات الحب والقدر ج٣)
Romanceقلوبٌ عصيّة هي ... قلوبٌ رفعت رايةَ العصيانٍ عاليةً، واحتمت خلف آلافِ المتاريس، عصيّةٌ على الفتحِ كقلعةٍ أثريةٍ شامخة، بروجُها المشيّدة تشق عنانَ السماء منذرةً، تحذر من يجرؤ على الاقتراب .. والفاتح الغازي .. خصمٌ .. قوي عنيدٌ .. قديمٌ قدم العالم...