الفصل الثالث عشر

4.7K 140 17
                                    


دلفت رواء إلى البيت بجسدٍ مرتجف وقلب يرتعد بخوف تضاعف ما أن رأت سمراء شاحبة الوجه، رمقتها باستفهام متوسل أن تطمئنها، لكنّ سمراء هزت رأسها بأسى

"ماذا هناك؟ وجدت الكثير من الاتصالات و .."

انقطع سؤالها المرتجف بهتاف والدها الصارم يناديها
"رواء .. تعالي"
النظرة المشفقة في عينيّ سمراء جعلت حالها يزداد سوءًا، تجمدت دون حركة، لتنتفض مرة أخرى مع ندائه، تحركت نحو الغرفة بخطوات مرتعشة وطرقت الباب لتدخل، همست باضطراب

"نعم أبي .. هل أردتني؟"

نظرته أسقطت قلبها في أغوار سحيقة حين التفت إليها
"أين كنتِ؟"
ارتجف قلبها بعنف وخفضت عينيها
"كنت في الجامعة و..."
صمتت والدموع تغزو عينيها ليكرر بنبرة أشد حزمًا
"قلت أين كنتِ؟ أين ومع من كنتِ يا رواء؟"
رفعت عينيها له بفزع ورأت كل شيء في وجهه
"أبي... أنا"
خنقتها العبرات والكلمات ليهتف هو
"كنتِ مع حفيد المنصوري، صحيح؟"
حدقت فيه بصدمة وهلع أشد

"لماذا لا تردين؟ كنتِ معه؟"

"أبي"
همست باكية وهي تطرق بخجل، مضت لحظات من الصمت القاتل قبل أن يقول
"ما الذي بينكِ وبينه؟"
لم تستطع رفع رأسها ولم ترد فهتف فيها

"انطقي، ماذا بينكما؟"
"لا شيء"
هتفت باندفاع وهي ترفع رأسها لتقابلها عيناه المكذبتان
"لا شيء سيء يا أبي"
"لا شيء سيء"

حدجها لثوان طويلة وهي مطرقة بخجل ثم أمرها بصرامة
"ارفعي رأسكِ يا بنت العزايزي وواجهيني"
رفعت رأسها بصعوبة، نظرة الخذلان والألم في عينيه ذبحتها، وتمنت لو تنشق الأرض وتبتلعها وهي تسمعه يقول

"ما الذي أخطأت فيه معكِ ؟"
"أبي"
"هل أخطأت عندما منحتكِ ثقتي الكاملة؟ ثقتي العمياء. هل اغتررت بتربيتي لكِ ؟"

"أبي أرجوك"
رفع كفه يمنعها الحديث فعضت شفتها وأطرقت باكية
"في أي يوم وأي جزء من تربيتي أخطأت معكِ ؟ هل أجبرتكِ يومًا على شيء لا تريدينه؟"
لم تنطق فهتف بغضب مكتوم
"ارفعي رأسكِ وأجيبي"

همست وهي تنظر له
"لا يا أبي، لم تفعل"
هز رأسه مرددًا
"لم أحزن لحظة عندما ولدتِ ،كنتِ نعمة الله علينا، عاهدته أن أحسن تربيتكِ وألا أجبركِ على شيء، أن أنشئكِ فتاة صالحة. عاهدت الله أن أحبكِ وأرعاكِ، وأقوم بواجبي نحوكِ على أكمل وجه... أين أخطأت معكِ يا رواء؟"
"أنت لم تخطئ قط يا أبي، أنا"
تابع كأنّه لم يسمعها
"منحتكِ ثقتي الكاملة ووثقت بأخلاقكِ وعقلكِ . لم أجبركِ حتى على الحجاب، تركتكِ تأخذين قراركِ بنفسكِ . وثقت بعقلكِ، وثقت أنّكِ ستأتين لي إن واجهتكِ أي مشكلة. لن ترتكبي خطاً يضع رأسي في التراب يا بنت العزايزي"
هتفت بحرقة

"لم أفعل، لم أرتكب شيئًا يضع رأسك في التراب"
نظر لها بألم مرير
"حقًا لم تفعلي؟ لم تفعلي شيئًا تخجلين منه لدرجة ألا تأتي وتواجهيني به؟"
أطرقت ودموعها تسيل بحرقة قبل أن ترفعه بجزع عندما سمعته يقول
"كسرتِني يا رواء،كسرتِ قلبي وغروري"

قلوبٌ عصيّة (سلسلة حكايات الحب والقدر ج٣)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن