ألتفت بسرعة وكان بيطلع من الغرفة ويهاوش من كُل قلبه ولكنه وقف بمكانه للحظة .. وهو يُلقي نظرات سرِيعة على غرفة كايّد .. تأمل ذوقه الهااادي والأهم لفت إنتباهه الصُور الي معلقة على الجدار بكثثثثرة .. بالأمس ماتجرأ يتقدم لها لأنه أنحرج من كايّد ولكن هالمرة قرب وهو يتأمل أصحاب الصُور .. كان متفاجأ إن أغلب الصُور معه لشخص واحد " وهّاج " والبقيّة مع غيره .. أستوقفه هالموضوع وبقي محتار للحظة .. وش هالحب العظيم الي يحمله بصدره لأخ تركهم بأسوء لياليهم ؟؟ ولأخ بقى بعيد عنهم خمّس سنين كاملة بدون يسأل عليهم ؟ ليه يحمل بداخله كل هالحنيّة ؟ تذكر ضرار لما حكى له بإختصار عن عائلة خالته ومن ضمن الكلام إبتّعاد وهاج عنهم
تنهد وهو كل ماله يغوص بشخصيّة كايد الحنونة بشكل كارِثي .. لا ينكر بأنه من تعرف عليه بالمدرسة وهو موقن إنه شخص على نيّاته وفيه من الطِيبة والرأفة الشيء الكثير .. ولا ينكر إنه لما عرف إنه ولد خالته حليّمة فرح من كُل قلبه وأول شخص خطر بباله عشان يعلمه هالشيء هو" كايّد "
كل ماله يهتم لهالشخص أكثر وأكثر .. وكأنه لقى فيه جوهرة ثميّنة تشع بشكل كارِثي ومُذهل
ألتفت بصدمة لما سِمع الباب ينفتح بقوة .. وأنكمّش على نفسه بإحراج وهو يسمع ضحكة ضِرار : آخيراً صحى خصيّم الشّمال
تنحنح لافي وتبّع ضرِار للحُوش الي كانو جالسين فيه .. وقال بكبريـاء : من الوحش الي تجرأ ولمسني ؟ وخذاني من ساحة المعركة ؟ الشـرهة مو علـي ترى ! أنـا شخص كـنت قد حربـي .. ولكن الي خذاني من هالحوش هو اللي أنهاني .. أنتو علموني بس من هو ؟
كايّد ضحك وهو يترك إبّريق الشاي جنب وهّاج وناظره : بعد صلاة الفجر كنت منكمش على نفسك بشكل يحزِن .. وأمي لما شافتك قالت لوهّاج يدخلك للغرفة بما إنك رفضت تصحى
رفع حاجبه بإشمئزاز وأشر على وهاج وهو يقول : هذا الشخص لمسنّي ؟
وهَاج الي كان يصُب الشايّ بالكأسات .. رفع عيُونه وناظره بطرف عينه وهو يقول : أنت من لأجل تكون عندك الجراءة عشان تتحدى شمّالنا ؟ ماتدري عن قُوتها ؟ والله لو علي كان تركت تمُوت من البرد ولا ألتفت لك وأنت تِرتجف .. بس عاد حنيّة حليَمة الغريبة أجبرتني أشيل هالجسد المرهل
ميّل شفايفه وهو يجلس جنب ضرار ويقول بضيقة مُصطنعة : تسمع وش يقُول يا ولد أمي ؟ وأنت ساكت وتخليه يهاوشني ؟
ضِرار ألتفت لهم وناظره للحظات ولكن أبتسم بضحكة وهو يقول : أعتذر يا ولد أمي .. وهّاج الي مسوي لنا الفطُور .. لو فكرتضرب كتفه بقوة وهو يقول : بطنك أهم من أخوك ؟ عيب عليك التسـعة أشهر الـ...
سكت بصدمة بسبب الُلقمة الي داهمه بها كايّد ودخلها بفمه بسرعة وهو يضحك : تكفى أسكت وأفطر وأنت تحمد ربك .. تدري وش معنى إن وهّاج يسوي لك فطور ؟
لافي قبل ما يبّلع اللُقمة قال بعصبية : وهّاج ووهّاج .. ترى أذيتونا بالآدمي هذا .. حتى الشـ....
وبعدما بلع اللُقمة أبتسم وهو يغمض عيُونه بهيّام ثم رفعها وهو يناظر لوهّاج : ياشيخ حتى الأذى بنحبه لاصار منك
لحظات معدُودة .. وهجم لافِي على الصحن وكلهم أنفجرو ضحِك عليه .. وخصوصاً غُصن الي كانت بحضن وهّاج
وهَاج كان بعيد تماماً عنهم .. وعن تصرفات لافي الي يشوفها طفُولية .. كان عايش تماماً بضحكة الطفلة الي مُستقرة بحضنه .. يناظر لتقاسِيم وجهها كيف تِتنحى للخلف وهي تضحك .. لغمازتها الخفِيفة الي تظهر على جانب وجهها الأيسّر .. كان مصدُوم من الحنيّة الأبوية الي يحس إنها تدفق بشكل غزِير بجميع أطراف رُوحه .. لدرجة أنه لوهلة تمنى لو أن هذه الغمّازة التي تُشبه التلاِشي بيّته
ومسكنه ودارُه .. لو أنها مقامُه ومقرُه لبقى دُون حزن بقيّة حياته .. فالأحزان بنِظره مارح تتجرأ تسكُن في غمازِة غصُن خالها !
إرتفع بصره بشكل سرِيع وهو يتأمل لافِي الي وقف بسرعة وهو يقول : والله لأبُوس رأسك .. هذا فطُور هذا ؟ ولا طريقة مواساة صباحيّة
دفه عنه بيده وهو يقول : فارِق عني قبل أخلي جلدك فروة لنا
بعد عنه لافي وهو يعدل ثوبه وهو يدعيّ المُبالاة وقال بهدُوء : والله يا وهّاج رأسك مو الحجر الأسود لأجل يضيق صدري إذا ماخليتني أحبّه
ناظره بطرف عينه وكايّد ضحك .. بينما ضِرار كان ملتزم الصمت وما يشارك معهم بالكلام .. كونه ما يبي وهّاج يدقق بوجوُده ويرجع لسابِق عهده معه
يكفي إنه تاركه يكُون على نفس السُفرة معهم
لافِي قال وهو يناظر للصُحون الي صارت فاضية تماماً من الأكل : علمني .. من وين لك هالفن كُله ؟ من علمك ؟
وهّاج مارد عليه ولافي كشّر بوجهه وهو يجلس جنب كايّد الي ربت على فخذه وهو يقول : لازم تتأقلم معه ولا بتنهار
أبتسم لافِي وهو يقول : معليّك .. أنا شخص ما ينخاف عليه .. أنا مو صحن كل من جاءني قدرني يكسرني ؟ أنا مثل الضغط .. النار من تحت
والغليّان في داخلي .. وأنا مستمتع وأصفّر
ألتفت بصدمة للمركى الي عفس وجهه والي رمااه به ضرار الي وقف وهو يقول : الشرهـة مو عليك
الشرهة علينا حنا جالسين مع سخافتك
ضحك وهو يهز رأسه بضيق : أفا .. كذا يعني رايح وتارك إخوانك مع الوحش ؟ أهاوشه بداوم وأنا جوعان
ضِرار الي سكت وهو يتذكر كلام خالته لوهّاج الصبًاح " أنا رايـحة لجارتنا .. ماعندي طاقة التحمل الكافية الي بتخليني أتحملهم لين تصحى مجنونتهم " كان متضايق مع ذلك ماوضح إنه سمع وماعلق وبنفس الوقت كان مرتاح إنه لافي بيبقى هنا معهم : عندي مناوبة .. لازم أروح لها
كايّد قال : مناوبة بيوم الجمعة ؟ وش هالحظ معك
رفع كتُوفه بهدوء وهو يقول : ماعندنا حظوظ العاطلين مثلكم
لافي قال بسخُرية : أي عاطلين وحنا نهاية ثانوي ؟ والأدهى والأمر أخوك المتخلف معلمنا
أقص يدي من فوق لو ماكان معلم بالواسطة .. ولا واحد مثله يكون معلم ؟ عيب ف حق هالمصطلح
رفع ضرار حاجبه بعدم إعجاب ولافي هز رأسه بضيق وهو يقول : دائماً توقف بصف الي أسبهم وتتركني على الطريق وحيّد .. خابت الهقاوِي فيك كثير ياضرار
أبتسم له بهدوء وقرب وهو يحبّ رأسه وبعدها مشى وهو يطلع من البيت .. وسط صدمة لافي الي باقي ثابّت مكانه .. كانت حركة ضِرار كـ معنى للإعتذار أو تطيّب خاطر بينما عند لافي شيء كبير جداً جداً !
بعدما مرت ساعات هاديّة ووهّاج أغلب الوقت ملتزم الصمت فيها .. أو يسولف مع غصُن الي كانت جنبه طول الوقت .. وكايّد ولافي في نقاشات طويلة .. تخللها دخول لافي لغرفة دُجى ومراقبته لها
كان يحمد ربه من كل حواسه إن ولا أحد فكر يسأل عن سبب الي صار معها .. ولا أحد فكر يحشر نفسه بخصوصيتها من ناحية هالموضوع .. ضِرار وفهد باغتتهم فكرة إنها أنهارت بسبب تعبها وحزنها الي راكمته فترة طويلة والي بسببه جسدها تهاوى من التعب .. وهذا كان العذُر الي أستنجتوه لحالتها .. والي أقنعهم زيادة لافِي الي قال بعد فترة من الراحة بتسعيد وعيّها وما يحتاج دكتور لأن هالحالة مرت فيها من قبل .. كان يدخل الغرفة ويجلس جنبّ رأسها وهو يتأملها بقهر كبير .. وقلبه كل ماله يضيق أكثر وأكثر بسبب حالتها .. قرر هالمرة ما يسمع لها ويبدأ يستفسر عن أفضل دكتور يعالج حالتها .. لأن ماعنده القدرة المطُلقة على البقاء جنب رأسها وهو مايدري متى بتصحى .. يوم ، يومين ؟ عشرة أيام ؟ مايقدر يبقى كل هالفترة وهو باقي صاحي .. كان متأكد إنه بينجن لو بقى كذا !
وكذا مرت ساعات الصبُح الأخيرة .. وبدأت مآذان الحيّ تصدع بصوت النِداء لصلاة الجمعة .. إنتهت مراسم الإستعداد للصلاة .. وغصُن الي تركوها ببيت جارتهُم وعند جدتها حليّمة .. إتجهو الثلاثة للمسجد .. ولا واحد منهم مالاحظ كميّة الإستغراب الكثيف بحضُور وهّاج هالخطبة معهم .. ولأنه كان محط كلامهم الفترة السابِقة وموضوع كل مجلس بالحيي
لافي ما أعجبه الوضع فحاول يصد نظراته عنهم ويوقف بحيث مايقدرون يناظرونه .. وكايّد فهم حركته وسوى مثله وسط إبتسامة وهاج الساخِرة .. تخبُطاتهم عشانه ماهي عاجبته مع ذلك مرر الموضوع .. لأنه أساساً ماكان مهتم بمقدار ذرة بنظراتهم ولا بهمساتهم ولا حتى محتوى كلامهم .. كان مُصر على التغييّر .. وهو حلف ما يلتفت أبداًً لتوافه الأمور
-
-
هلوسّات عميقة .. تكرُر فضِيع لآخر ليلة قضتها بحضن أمها .. بدأت تِتعرق وتحس بالضِيقة تنتشر بجميع أجزاء جسدها
رفعت رأسها بكل قوتها من على السرير وهي تحس بالضيق ينـخر قلبها .. رفعت كفها وهي تمسح به على صدرها لعلها روحها تهدأ ! بدأت تُلقي نظرات سرِيعة للمكان وهي عاقدة حواجبّها .. شهقت بخوف وهي تستوعب الموقف الي أنحطّت فيه
حسّت بالرجفة تسري بجميع جسدها .. شعُور الخوف الي باغتها ماكان بالشيء القِليل .. ورجعت تنحط بنفس الموقف ولكن أسوء وأسوء
رجعت تعيش شعور الرهبّة الي عاشته لما أكتشفت إنها فقدت وعيّها يوم كامل في مبّنى شخص ما تعرف عنه أي شيء .. لولا لُطف الله في ذيّك الليلة .. بأي حالة كانت بتكون الحين ؟؟؟ حسّت بالدموع تحرق عيُونها من شعُور الخوف الي تمكّن منها .. تحس بإهانة عظيمة بحق ذاتها .. كيف تنهان ببيت وتنطرِد منه وبالنهايّة ينتهي بها الحال نايمّة بصدره ؟ فزت من مكانه برعب وهي تتذكر أهلها .. كيف بيكون موقفهم من إختفائها ! المرة السابِقة لافي لملم شتّات الموضوع .. ولكن الحين ؟ وش القطعة الصحيحة الي بترضى تسكتُهم عن حالاتها الغريبة ؟
وقفت من مكانها وهي تِدور على أغراضها لمتّها بسرعة وهي تمشي بإتجاه الباب . . ولكنها وقفت بمكانها وهي عاقدة حواجبها لما سمعت صُوت ضحكات عالية تختِرق سكُون المكان .. هذي ضحكة مو غريبة عليّها .. هذي ضحكة لُوز الخاص فِيها !
مشت بخُطوات هاديّة بإتجاه الشباك .. وهي تِفتح الستارة بخفة شدِيدة .. عقدت حواجبها بإستنكار شديد للأشخاص الي مُلتفين حول بعض وجلسة رايقة تجمعهم سوى .. ضِرار ، لافِي ، ولد خالتها الصِغير كايّد ، غُصنهم .. والأهم الشخص الي كان من ضمن المُستحيلات إنه يبقى بجلسّة يتخللها هالضحكات العالِية !
ركزت بعيُونها عليّهم وكلها تساؤلات .. هالأُلفة متى أحاطت فيهم ؟ ومتى صارُو بالقرب هذي لدرجة يتبادُلون الضحكات العفويّة بجلسة دافئة ؟
ألقت نظرات سرِيعة لجميع من بالجلسّة ولكنها أزاحت عيُونها للشخص الي تملئها التساؤلات بشأنه .. تحيط بها الإستفهامات لاحصر لها بمجرد النظر لتقاسّيم وجهه الغرِيبة
تأملته للحظات وهي تكتف يدِينها .. بينما ثغر الكل مليء بالضحكات .. كان هاديء وساكِن بشكل مُريب .. ساكِن بشكل يدعو للتساؤل " هل يظن إن فيه ضريبّة للضحكة ؟ أو إنه لاضحك بتسّود باقي لياليه ؟" إكتشفت إن مُعاناته كانت ضعف مُعاناة الفقد ..
مثلما هي فقدت الشخص الي كان يوجه حيّاتها ويختار لها .. ومن بعد فقده بدأت تتخبّط بحياتها لأنها إعتادت المشي على درب أُختير لها .. وسلوك قد رُسم لها !
هو فِقد الشخص يعتبِره رئته .. لدرجة إنه التنُفس صار يصعب وحيل عنده بدُونه !
من أول لقاء لهم وهي تحس بأن آثاره باقِية عليّها .. وكأنه شخص يتُرك أثر عميق بالمكان الي يخطو خطوة فِيه .. شخص يثبت وجُوده فعلاً
سرت قشعرِيرة عميقة بجميع أنحاء جسدها وهي تغمض عيُونها بكل طاقتها لما تذكرت آخر موقف حصل لهُم سوى .. أزاحت جُفونها عن عيناها بعجلة شدِيدة وهي تنزلها بسرعة لكفها .. ومن لمحت غُترته الي تِلطخت بدمها عضت على شفايفها بضيق .. تنهدت للحظات وهي تحاول تفهم المتاهة الي صارت داخلها .. هالنار الي تلعب بقلبها وش سببّها ؟
وهالأفكار الي أبت أن تُزاح عن عقلها وش المُبرر لها ؟؟؟ ليه بدأت مُعاناة هالوهّاج تشغلها بشكل مخيف ؟ ليه بدأ وقتها يُكرس فقط للتفكير بحياته المُعتمة ؟
أرخت عينها وهي تثُبتها على البقعة التي تحتوي جسّد وهّاج .. وهي ترتقب بشدة حركته القادمة
دخلت بنزال طفوُلي مع ذاتها .. إن كان بيبعد عينيه عن من حوله .. وبيرفع عينيّه بمستواها
وما إن شبّكت أصابع بعضها ببعض وهي تُركز عينيها بشدة على وجهه .. كتمت نفسها بكل قُوة وهي تناظـر بـتوتر وإرتبـاك لــه
الجلسّة تضغط عليه من كُل النواحي .. فليس بمعتاد على أصوات الضحكات العالِية .. ولا المحادثات الدافئة .. ولا حتى بإخوة يشاركُوه هذه الجلسّة العليلة .. سنوات مدِيدة كانت بمثابة أفكار صامِتة .. ووحدة قاتِمة .. لذلك هذا التغير المُفاجىء يضغط على روحه بشكل كثِيف .. فلولا أصابع هذه الصغِيرة الناعمة المُتشابِكة بأصابِع يديّه الخشنة الصلبة .. لهرب من هذه الجلسّة
إلتفت برأسه بإتجاه لافِي الذي إلتف حول الحطب وهو يقول : وقسم بالذي خلق البرد .. الي يتحدى الشمال إنه متخلف ولا يملك ذرة عقل .. يارجل وش هذا ؟
ضحك كايّد بخفوت : بلاك ماشفت شيء .. تونا ببداية الشتاء .. وبعدين لازم تتعود .. ترى وجبَ علينا نطّلع كشتة لقرية الثلج
عقد حواجبه وقال : وبعد ؟؟؟ تبيّنا نطلع لقرية كلها ثلج ؟ إسمعني زين ياحبيبي أنا إنسان ما أبغى أعيش جو الغرب .. لذلك خلني بوسط هالبيوت أبرك .. قال ثلج قال
أبتسم ضرار بضحكة وقال : نسينا هياطنا أمس ؟
ضربه على كتفه بقهر : تكفى إنطم .. أنت الله مرسلك لي ضرة وعدو مو أخ
إزدادت ضحكة ضِرار بسبب كلامه ولافي كشّر بوجهه ثم سكت للحظات وهو يقول : تصدق .. ولامرة قد كرهت حياتي مثل هالمرة ! والسبب إني مقابل وجيّهكم من أمس
وهّاج قطع الصمت وهو يقول : قم فارق أجل .. أنت منت بثور رابطيّن اللجام حقه لأجل لا يهرب
مسّك لافي جبهته بصدمة وكايّد أنفجر ضحك وهو يصفق : تستاهل .. مسوي نفسك آخر حبة
ناظرهم بطرف عينه وهو يعدل جلسته وقال بقهر : والله لولا دُجى الي بصدر بيتكم .. كان شفتو شيء عمركم ماشفتوه .. احمدو ربكم بس
تنهد لافي بخفوت وهو يشد قبّضة يده .. وهذي هي عدت ٢٤ ساعة بدون ما تصحى .. والهم والقلق يكبر أكثر وأكثر .. فهد من أمس يتصل وحتى بصلاة الجمعة سأل عن توافه الأمور .. وعماته ما تركوه بحاله وكل دقيقة يرسلون يتطمنون عليّها .. وكل الي بيده يصرفهم .. ويترك أسئلتهم بدون أجوبة صادِقة .. لاينكر إن الخوف مستحل قلبه .. وخصُوصاً موضوع ترقبه الي مارح ينتهي .. ولكن وش بيتسفيد لو خذاها للمستشفى ؟ رح يكمل الترقُب والإنتظار ولكن رح تخلف هالروحة كارِثة كبيرة من دُجى لاصحت !
لذلك كله أمل .. إنها هالليلة بتنتهي رحلتها بالنوم القهري .. وبترجع لحالتها الطبيعيّة !
رفع رأسه وقال بإبتسامة : ياحياتي على هالبنت المسكينة .. من عصر وهي بحضن هالوحش وبس تناظرنا ببلاههة
رفع وهّاج نظره له بعدم إعجاب .. وغُصن ميَلت شفايفها وهي تقول : أنت الوحش
لحظات بسيطة .. قبل أن يمتلأ المكان ضحكات عاليّة على ملامح لافي المدهوشة .. وإبتسامة وهَاج الهادي
رفع يده وهو يتحسس تقاسّيم وجهه واللي بسبب إبتسامته العريضة أوجعه فكه .. حاوط غصُن بحنيّة .. ولافي أردف وقال : ماعلينا من هالحكي .. يالله نلعب وقسم بالله شوي وأنفجر من سواليفكم المكروهه هذي
كايّد عدل جلسته وقال وهو يضرب فخذه : ولا يضيق لك خاطر .. يالله وش تبي نلعب !
فتح كفوفه وهويثبّتها على كف كايّد وقال : ضربّة حارة .. والي نسمع صوت آهاته من الوجع ينقلع برى اللعبة
كايّد أبتسم بهدوء وقال : ولكنك تسبّح في الموية العكرة يا ولد الخالة
ناظره بطرف عينه وقال : ورننا قُدراتكم .. والي يفوز له الي يبي
ضِرار الي عدل جلسته مثلهم .. وفرد كفُوفه بحماس .. ثم ألتفت لوهّاج الي منفرد بظهره على الشجرة ولاكان مهتم أبداً بمحتوى كلامهم .. ولما أصر عليه لافِي أشر له بمعنى لا .. لولا يدين غُصن المتحمسة والي عدلت جلستها .. وهي تجلس جنب ضِرار وبيدها الثانية سحبت كف وهّاج وقالت بحماس : يالله نلعب معهم
الرفض ماكان بقامُوسه باللحظة ذي .. وضحكة لافِي العالية والصاخبِة واللي كانت بسبب تعديل وهّاج لجلسته وجلوسه جنب غُصن بكل إنصيّاع وهو يقول : لعبت بقلبه بنت الخمّس سنين .. ماخبّرنا طفلة البيّت تقدر على الجمُوح الي بقلب وهّاج
صبّ جُجل إهتمامه لكلام لافِي .. فهذه المرة الكلام لعب على الوتر الحسّاس بقلبه .. فعلاً هذا الي صار ؟
من كان يظن إن وهّاج .. بعد سنين طويلة من التعب بيقدر يستريح في إبتسامة وضحكة طفلة ماتعدت الخمسّ سنين !
تنحنح وهو يحط كفه فوق كفها وهي ضحكت بطفوُلية وحماس وسط نظراتهم الهاديّة
هز رأسه كايد وهو يبتسم بخُفوت .. وألتفت بسرعة وهو يضرب لافِي على يده بكل قوته.. لدرجة إنه فز من مكانه بصدمة ووجع : الله يكسّر يدينك يا متخلف
كايّد ناظره ببراءة : والله هذي لعبتك الي طلبّتها .. تحمل ماجاءك !
ناظره بحدة وهو يعض على شفايفه بقهر : إحمد ربك إنك مو الي بضربه .. والله بتتمنى الموت
هز رأسه بضحكة وضِرار يناظره بترقب شديد .. بينما لافي أستقام على رُكبته وهو يحمي يدينه .. ويستعرض قُدرته ولما كان بيضرب كف ضِرار إختل توازن يده وضربه بخفة .. وسط ضحكتهم على القوة الي تبخرت
أنحرج لافي وجلس وهو صامِت .. بينما ضرار أكمل اللعب وهو يضرب يدين غُصن بخفة الي بدورها أبتسمت بشجاعة وهي تقول : ما توجعني لأني قوية
ضحك لها ضِرار .. وهي ألتفت لوهّاج الي صار دوره تضربه .. أبتسمت وهي تدعيّ الشجاعة .. ووهاج لأجل يخليها تعيش الدُور .. غمض عيونه وهو يدعيّ الخوف منه .. ولكن بحركة غير إعتيّادية وغير مُتوقعة وبينما كان يترقبها تضرب يدينه بكل قوتهاة
إستشعر ملمس لطيّف على كفه .. وصُوت قبلة طفولية تسللت لمسامعه .. سرت بجسده قشعريرة مُخيفة .. وكفه بدأت حرارتها تزيد بشكل كارِثي .. تسلل الخوف لعيونه لدرجة إنه عجز عن فتحها .. ولكنه أجبّر نفسه .. فتحها وهو يناظر لغُصن الي منحنيّة وهي تقبّل كف يده بعدما عجزت عن ضربّها ومن رفعت رأسها هزته بالنِفي وهي تناظره ببراءة : لا تتِوجع أنا معك
الحرارة العميقة الي تسللت لجسده .. تدفقت بشكل كثيف وكبيّر لعيونه .. ولأول مرة من سنين عِجاف طويلة عاش فيها مع الجفَاف .. لأول مرة يحس بالِرواء في عيُونه بعدما عاشت في صحراء قاحِلة بسببَ بؤسها وجفافها .. وكأن حنيَة العالمين باللحظة هذي تفجرت من عيُونه .. عاجِز تماما عن الرمش .. أو عن التحرك خطُوات بسيطة عن المكان .. أو عن الهرب !
ففي كل مرة يشعر بالمشاعر العذبة هذه .. يلجأ للهرب بكل قوته .. هالمشاعر قوُية وهو ضعِيف ناحيّتها .. وحيل ضعيف !
ولكن هالمرة نظرات غُصن .. إبتسامتها الطفُولية الهادية .. يدينها الي ما زالت على كفه .. كانت كـ قُيود أجبرته على البقاء في مكانه .. وكـ شخص حُر كان يكره القيُود طّيلة حياته .. هذه المرة تمنى لو يبقى مُقيد لنهاية عمره !
لأن هذا الشعور أجبّر قلبه على الإرتجاف .. ومثلما تجمعت كل المشاعر ف عيُونه .. إنبثّق الغيّث العميق .. والذي بقي رهينة حُزنه خلال سنواته الماضية .. الحرارة التي كانت تسري في عيُونه .. كانت بفعل الدموع التي تجمعت بمحجر عيُونه .. فلا ذكرى حزينة لأخته كانت قادرة على إنزالها .. ولا كلمة حادة كحدة الرصاص من ثغر والدتها إستّطاعت .. ولا فعل أو نظرة أو حتى موقف عصِيب كان أو حزين أو مُخيف من شدة الكئابة أستطاع إزاحة السِتار عن هذه العيُون .. إنما موقف يشع من شدة النور .. موقف تنبّثق الحنيّة .. البراءة .. الطفُولة من جميع أجزاءه .. إستطاعت بُقبلة بريئة أن تخلص الجامِح من ثيران الغضّب .. ومن حزن مُعتم شهدت عليه روحه سنين طويلة !
بلع رِيقه بصعوبة .. ماكان شيء بسّيط كثر إنما كانت تُحسب من ضِمن المعجزات .. فالليالي الطويلة التي كانت يتوسّل فيها للبكاء لم تُمحى من ذاكرته بهذه السهولة ! مازال يذكر كيف كان يئن من شدة وجعه وهو يتمنى لو يُزاح الغطاء عن عينيه ويذرف الدمع لعل قلبه يُطهر من هذا التعب ! ولكن لا التعب رحمّه ولا الليالي الطويلة وقفت في صِفه ! ولكن هذا الحدث كان أشبّه بالمستحيل ! فكيف بمواقف تقشعر لها الأبدان تكون عاجزة عن تخليّص الجفاف عن عينيه ! بينما موقف غُصن الحنون .. فجر جمِيع محاجر الدمع من عينيه !
-تحسسّ الدمع بكفيه قبل أن يرفع رأسه .. ومسحها بعجلة شديدة وهو مرتبك وبقوة ! ولكنها أبت أن تنتهي .. إستمر بمسحها مراراً وتكراراً ولكنها مُستمرة بالإنهمار .. أيقن أن دموع الليالي المُوجعة بدأت تنهال جميعها بهذه اللحظة .. لم يرفع رأسه بمقدار سم واحد .. مُنحني به للأمام وهو صاد به عنهم ! لعل نظراتهم ترحمه باللحظة هذه ! تزايدت دقات قلبه بشكل مُهيب .. وأرتجفت كفوفه وهو مازال مُستمر بمسح دمعه الذي أربك جميع أجزاءه برهبّة شديدة .. ولكن عندما ملّت كفوفه من إزاحة الدمع عن خده .. وعندما حسّ بثقل عينيه من شِدة الدمع رفعها للأعلى لعلها تبقى ذخِيرة للأيام القادمة .. فالآن لايحتاج إليّها لتأتي بهذه الكثرة .. ولكن في هذه اللحظة .. إستقرت عيُونه بعيون دُجى التي تراقُبه من خلف النافذة !
عيُونه التي تفِيض بدموع هائلة من شدة هجُوم السرور على قلبه .. إحتضنت عيّناها المدُهوشة من هذه الدموع
بقيّت للحظة وهي تتأمله بذهُول .. ولكنها بسرعة إنحنت وهي تسحب السِتارة على الشبّاك
جلست على الأرض بخوف وهي تحاوط بذراعيّنها على جسدها .. وبدأت تنتفس بصوت مسمُوع .. وأفكار هائلة تنهال على عقلها .. ومشاعِر مُخيفة وكثيرة وعميّقة تسلطت على قلبّها !
-
أما عن وهّاجنا .. رفع يده بحرص شدِيد بعدما صد بوجهه عنهم على عجل شدِيد وهو يمسح الدمُوع الي فعلاً إتخذت مُنحنى جديد بعيّنيه .. !
ولكن هذه المرة من لامست دمُوعه الطريّة أصابع كفيه .. حتى إرتسمت إبتسامة هادية على وجهه .. عقِب الإبتسامة ضحكة خافتة وفرحة غامِرة .. وكأن الرداء الذي تمكّن منه منذُ الأزل .. خُلع بكل قوة عن جسّده
رجع يلتفت لهم .. ويوزع نظراته الهادية على وجُوههم المصدومة .. عقد حواجبه بإستنكار
بينما هم ماكانو مصعوقِين من غصُن .. كثر ماكانو مصعوقِين من موقف وهّاج وضحكته الي أوردت علامة إستفهام كبيرة في عقُولهم .. كانو فعلاً صاديّن عنه .. وتاركين له مساحة كبيرة بعيداً عن نظراتهم .. لذلك هو قدر يأخذ راحته وما يتضايّق لأنهم لمحو كل دمعه
أما عن كايّد فهبّطت راحة عميقة على قلبه .. وإبتسامته لم تغِب من بداية الموقف .. لافِي الي حسّ بشعور غريب من الموقف .. وآثر فيه بشكل كبِير لدرجة فعلاً كان بينهار مع وهّاج ولكنه إستطاع أن يعود لروحه المرِحة وهو يقول : لالا .. هذا يعتبر غُش وقلة مسؤولية .. ليه هو ما ينضرب حالة حالنا
وهّاج الي ناظره بإبتسامة فيها من التعالِي الشيء الكبيّر .. وقبل ما يقول إن اللعبة أنتهت لأنه مل
أشر لافي بقهر على كايّد : والله ما تنتهي اللعبة إلا بعدما ينتهي دُور كايّد !
-ضحك كايد وهو يهز رأسه .. ووهّاج أنبسط على حرقة أعصاب لافِي .. فأقترب وهو يبُوس رأس كايد
ورجع يجلس مكانه وهو يأخذ غُصن بحضنه ويحاوطها بذراعينها وعلى ثُغره إبتسامة هاديّة ..
كايّد كان مذهول .. والدهشّة تُحيط بكل أجزاءه
وكله تساؤُل .. هل الحنيّة طاغية عليه باللحظة هذي لدرجة مايقدر يسيّطر على تصرفاته !
ولكن لافي كان أشد منه صدمة .. والي وقف وناظر لضرار وهو يقول : هذولا عيال خالة ؟ هذولا فيّلم درامي مقبتس من قصة حقيقة .. حسبي الله لازم أجيهم ومناديلي في جيبي
ولا هذا - أشر على وهّاج - هذا الي ما يعرف للمشاعِر درب .. بدال ما يضرب أخوه يبوس رأسه
وين زر التشغيل حق الكرة الأرضية .. خلونا نشغله ونطفيّه عشان ترجع تشتغل بالشكل الصحيّح .. ولا شكل يبيّنا نهزها
كلامه كان يدور بمسامعهم وهم كاتمين ضحِكاتهم على شكل المفجُوع فعلاً !
وبعدما أنتهى من كلامه قالت غُصن بعدما زمّت شفايفها بخُفوت : الأميرة النائمة متى بتصحى؟
ألتفتو كلهم لها بإستغراب وهي أبتسمت ورمشت بهدوء وهي تأشر على كايّد : خال كايّد يقول إن أختكم الأميرة النائمة
ألتفت ضِرار وهو يناظره بطرف عينه .. ولافي ضرب كتفه بعصبية : نعم يالطيّب ؟ مبيّت النية ؟
ضحك كايد بفجعة من ردة فعلهم ووهّاج أبتسم من ضحكته .. بينما كايّد رجع يتنحنح ويقول للافِي : ياغبي إفهمها بالشكل المطُلوب .. لو كانت هي أميرة فأنت أخوها .. يعني الأمير المُستيقظ
سكت لافِي للحظات وهو يفكر .. بعدين ضحك وهو يهز رأسه : كفو والله . . قدرت تصرف الموضوع بطريقة إحترافية !
كايّد ضرب على صدره وهو يقول : أفا عليّك بس
ولافي أبتسم له .. وفعلاً مشى عنهم وهو يتجه للغرفة بينما ضرار كان صامت طول الوقت .. ولكن صمته كان لصوته بس .. إنما جميع مشاعره تتحدث !
-
-
فهد تأفف وهو يمسّح على وجهه بضيق .. وألتفت وهو يناظر لمعاني بقلق كبِير .. والي نطقت بهُدوء وهي تحمل بنبّرتها الصوتية الكثِير من الراحة لعلها تغزو فُؤاد هذا الأب : فهد ياعيوني .. إنهيّارهاا حق من حقوق التعب .. أنت غافِل إنها يُوميـن واقفة على رجـولها ؟ ما تـعترف بالليل ولا بنهار .. يومين بدون أكل صح .. بدون ما تغفى جفُونها أو تفكر تريّح جسدها .. يومين تشتغل بدون كلل أو ملل أو حتى راحة .. هذا غِير إنها ما تهتم بنفسها من قبل .. طبيعي يهجم عليها الإنهيّار هذا
رمش بضيق وهو يقول بخوف : بس الي تقولينه يامعاني ما يبرر إنها تبقى نايمة هالوقت كُله ! بدون ما تحس بنفسها أو بالمكان الي هي فيه ! هذا غِير لافي الي كلما أتصلت أتطمن يصرفني .. أو يقول مشغول يبه
علميني لي قلب يتحمل هالخوف ! أنا وأنتي نعرف من هي دُجى .. وكيف كانت هشّة وخفيفة حيل يا معاني .. ولو إن موت أمواج قلب شخصيّتها رأساً على عقب وصارت لنا دُجى جديدة .. ولكني موقن إن روحها ما زالت رقيقة .. وصعب عليها تحمل كل هالتعب !
وقبلما تتكلم معاني قالت خيّال بإستهزاء : وهذولا عيال خالتهم .. مايعترفون بشيء إسمه مستشفى ؟؟ البنت منهارة قدام عيونهم وساحبيّنها للغرفة ؟؟ ليكون بيعالجونها بالإسقاط النجمي
ناظرتها معاني بطرف عيّنها .. وفهد تنهد وهو يتذكر إنه سمع لافِي يقول لِضرار وهو يركض " لا يأخذونها المستشفى "
وهذا الي دبّل الخوف عنده لضعفين ..ليه نهاهم عن هالشيء ؟
وقف بعدما أنتهى صبره وقال : ماعاد عندي طاقة تحمل أكثر .. بروح أخذها وعسَاني أحملها بحضن بوسط الشارع .. اللمهم تكون تحت عيوني !
تنهدت معاني وفهد مشى وهو يعدل غُترته .. بينما خيال ميلت شفايفها بهُدوء .. بعد لحظات من خروج فهد وقفت وهي تِتجه لغرفة دُجى وتأفتت وهي تشوف الباب مفتوح : نسيت أقفل الباب بعدما أعطيتها الماء
دخلت الغرفة وهي تدُور على كانِدي بعيونها .. وعقدت حواجبها بعدما فقدِتها .. بدأت تدور عليها بأطراف الغُرفة ثم خرجت للصالة وللحوش ولكن مالقتها.. شهقت وهي تمشي لمعاني : معاني .. كاندي أختفت
وقفت معاني بخوف وهي تقول : لا يكُون خرجت ورى فهد ؟
تأفتت خيال بضيق وهي تقول : الحين تجي سيّارة تهرسها تحت عجلاتها
مشت معاني وهي تتجه لغرفتها : لو ترجع دُجى وما تِلقاها رح تنهار زود عن تعبّها ياخيال
خيال سكتت للحظات ثم قالت بخوف : وكُلنا ندري كمية حب دُجى لكاندي .. تحبها أكثر مني ومنك
فزت وهي تربت على كف معاني وقالت : بروح أدور عليّها أنا .. توه فهد طلع مستحيل تكون أبتعدت كثير
هزت رأسها معاني وخيال لبست عبايتها وطلعت على طول وهي تدور على كانِدي جنب الباب .. وهي تدعي ماتكون أبّتعدت !
-
بينما لاِفي الي من دخل الغرفة .. وشافها واقفة بنصها وهي تناظره بهُدوء .. أخذ نفس عميق وزفره بكل قُوته وهو يقترب بسّرعة ويضمها له بكل طاقته وهي ضحكت
أبتعد عنها وهو يناظرها بحدة : الموضوع ما يضحك .. بكل مرة بقعد أصارع الموت فيها ؟؟
ناظرته بطرف عينها وهي تقول : من الي يلعب من لحظات !
تنحنح وهو يقول : وتبغيني أوضح خوفي من مرضك قدام الكل ؟
تنهدت بضيق بيّنما هو قال : بكرة يُوم .. التلكؤ الي عشناه الفترة السابقة إنسيّه
كانت بتبدأ إسطوانتها العصبية ولكن عيون لافِي الي كانت مُتلبسة الخوف أخرستها
لافي أردف وقال : المرة الأولى سكت إبوي .. وهالمرة وجودك ببيت خالتي حليمة أجبره يبّتعد ولكن المرة الثالثة لا أنا ولا أنتي بنعرف وش يصير !
هزت رأسها بإِيجاب وسكتت بينما لافِي غمض عيونه بضيق شدِيد .. يوم كامل وداخل رُوحه خوف عمِيق .. ولا مو كل مرة رح يقدر يعيشه !
أشر لها تجهز نفسها وقال : إلبسي خليّنا نرجع بيتنا .. خالتك حليمة من الصبّاح هاربة من البيت عشان ما تشوفنا .. طقت روحي وأنا في هالفيلم الدرامي
تنهدت بضيّق من تصُرف حليّمة .. ولكنها ما شرهت
لذلك تجهزت بسرعة .. وهو مشى .. وعلى طول مشت وراه
ولما خرج من الغرفة ، وقف ضرار براحة وهو يشوفها تمشي معه ؛ وكله تساؤل عن سبب هالتعب الي ضل لافِي يرقعه طول اليوم السابِق !
بوقوف ضِرار أضطر كايّد يوقف ولكنه صاد .. بينما وهّاج ما أعطى إهتمام وهو مشغول بغُصن الي بحضنه
مشى ضرار وهو يستأذن منهم .. ويشكرهم على ضيّافتهم وخرج على طول .. وبعد لحظات فتّح كايّد للباب عقد حواجبه وعيونه على القطة الي بيدين فهد وقال : إستاذ فهد
فهد أبتسم بإحراج .. وبيدينه كانِدي الي من خرجت وراه على طول أنتبه لها وأخذها معه
واللي على طُول من حست بوُجود دُجى نطت من حضن فهد وتسللت من بين الوُقوف وهي توقف قدام دُجى وتبدأ تصدر صوتها بشوق شديد
والي أنحنت لها دُجى بلهفة وهي تبتسّم وتأخذه بحضنها
وهّاج الي من سمع إسم فهد .. وقف بعجلة شديد وهو يعدل ثوبه ويمسّك غُصن بكفه ويمشي على طول بإتجاه الباب
وقف قدام فهد وهو يبتسّم بحفاوة : حيّا الله الإستاذ فهد .. يعني لولا القرابة الي صارت بيننا ماشفناك قدام بيتنا .. عيب والله
فهد رمش بعدم إستيّعاب وهو يناظر لأسلوب وهَاج .. ولا كانت صدمته للإسلوب كثر صدمته ب كلمة " إستاذ " الي تسبق إسمه
تنحنح وهو يبادله السلام وقال : ولا يزعل لك خاطِر يا وهّاج .. ولكنك تعرف الظروف
أبتسم له وهّاج .. ولكنهم ألتفتو للافي الي قال : ضِرار وينه أختفى بسم الله !
كايّد أشر على الجهة القريبة منهم وقال : أحد أتصل فيه وراح له
عقد حواجبه لافِي بإستنكار وهو يمشي للجهة الي أشر لها كايّد .. ولكنه سُرعان ما آرتخى حاجبه بصدمة .. وهو يرمي غترته من كفه ويركض لجهة ضِرار .. وهالموقف كان قدام عيُون فهد والبقية والي من الخوف ركضُو بسرعة وراهم .. بينما وهّاج الي كانت غُصن متشابّكة بكفه .. ألتفت لدُجى وقال بعجلة : إنـتبهي على بنتي
قال لها هالكلمة بدون وعي منه .. ومشى على طول وهو يلحقهم
-
-
دُجى ناظرته للحظات ثم أنحنت وهي تأخذ غُصن الخائفة بحضنها وهي تطمنها .. الفضُول أعمى عيّنها
وأجتاحتها الرغبة بمعرفة سبب هالخوف كله .. لذلك شدت على غصن الي متمسكة بكتفها اليمين .. وعلى كانِدي الي بيده الييسار .. ومشت بخطوات حذِرة وهي تقترب من المكان الي تجمعو فيِه .. وقفت على بُعد خطوات طويلة عنهم .. ولكن المشهد كان حاِضرها كله .. لدرجة أنها وسّعت حدقات عيُونه بصدمة شدِيدة .. وشدت بذراعها على جسّد غُصن بكل رهبَة وخوف !
-
-
ضِرار وصلته رِسالة بوقت جلُوسه من وقاص .. يسأله عن مكان تواجده .. فرد عليه بأنه ببيت عمه سُلطان !
وبوقت خروج لافِي ودُجى من الغرفة وصلته الرسالة الثانية بأنه ينتظره جنب الباب !
لذلك إستأذن على عجل وخرج بخوف من إنه صارت مُصيبة بسبب إسلوب وقاص بالرسائل !
ومن إستقام قدام وقاص حتى قال بقلق : وش صايّر ؟ وش هالموضوع الي ما رضى ينتظر لوقت رجوعي !
ناظره بسخرية وقال : لي يوميّن أنتظرك وأنت بكنف البيت الي راحت حياتنا بسببّه .. عساك مرتاح بس ؟
ميّل شفايفه بعدم إعجاب للطاري الي حضر من جديد وقال بتهديد : لا تجيب طاري هالشيء من جديد يا وقاص .. ولاتنسى إن هالبيت لي خالة فيه !
وقاص سكت لأنه مو هالموضوع الي قطع الوقت عشانه .. وقال بصوت كُله سخرية وإستهزاء .. ونبرة الغضب تعتريه : إسمعني زين يا ضِرار .. أنا رجال أهم ماعليه سمعته .. وسالفة القتل الي خذت مننا أربع سنين حتى تنتسى مارح تتكرر
عقد حواجبه بإستغراب ووقاص أردف : والله ما أسمح لأحد يمس إسم آل سهيّل بسبب أختك الغريبة الي جاية وتبي تشتغل كوافيرة ف نص حيّنا .. هذي المفروض من عرفت إنها مرتبطة بإسم مثل إسمنا تنهى نفسها عن الخضوع بالمجال الي بنستصغر فيه !
قبل ما يكمل وقاص كلامه .. ضِرار لمح وصول فهد لذلك سحب وقاص بقوة من يده وهو يمشي مبتعد عن البيّت .. ووقاص أشتحن غضب وهو يحاول يفلت منه بس ماقدر .. ومن وقف ضِرار نفض يدينه بقوة وهو يناظره بحدة وقال بنبرة كلها تهديّد : والله لو تجيب طاري أختي على لسانك لأقصه لك قص .. تفهم ولا لا ؟
وقاص قال بتشديّد : أنا ماعلي لا منك ولا منها وعساكم بحريقة .. ولكن إنكم تقدمون على شيء يمس إسم آل سهيل والله لأحرقكم أنا بسببه
آخر عمري يقولون أخت ضرار آل سهيل كوافيرة ؟؟ هذا الي تطمح توصل له يوم إنك دليّت زوج أمك الناقص لديرتنا ؟ دامه بيجيَب هالفضيحة لأجل تنشر هالنقص عندنا ليه تدله على ديرتنا يا ضرار ؟؟؟
كان بيلتزم بهُدوءه الي أعتاد عليه .. وبتجاهله للأمور الي تغيظه وبتعامله معها بترويّ وهدُوء .. ولكن هالمرة كان عاجز تماماً .. تطرق وقاص للموضوع وكأن أخته فعلت رذيلة .. موضوع شبّ النار بصدره .. وخصوصا طريقة كلامه الي أستفزت ضِرار بكل قوة .. لدرجة إنه نزع عن شخصيته رِداء الحُلم .. وإستقر كفه على ياقة ثوب وقاص الي أنصدم وتراجع خطوات لورى
ضِرار قال بعصبية : أخوي على عيني ورأسي .. ولكن تتكلم بالطريقة ذي عن دُجى والله لأنسى إنك أخوي .. لا أنت ولا غيرك تتدخل فيها أو في خياراتها .. وعسّاها صارت كوافيرة بنص الحي أنت وش دخلك ؟ أنت من لأجل يكون عليك سلطة عليها؟ أنت من لأجل تتدخل بوظيفتها ؟؟
وقاص ما خضع لِضرار أو لهجومه عليه .. لذلك رد الهجوم وهو يشد بقبضته على عنق ضِرار والعصبية شُحنت بها كل جزء من جسده .. فخلال مروره بقهوة الحي اليوم .. تسلل لمسامعه ضحكات الشبّاب على ضرار آل سهيّل الي وافق تصير أخته كوافيرة .. ولأن ناس مثلهم ضعيفين إرادة .. مُتعالين بسبب قلة عقلهم وكثرة أموالهم .. يعتبرون مثل هذه المهن مذّلة !
وهذا الشيء سارِي مفعوله عند وقاص الي بدأ يضغط على عُنق ضرار وهو معصب ويسبّ ويشتم بكل طاقته عل ضِرار وأخته وكل من يوصل إسمه للسان وقاص .. وسط مقاومة ضِرار وذهُوله بأن وقاص ناوي الليلة ينهي عمر أنفاسه ! وبأنه فعلاً بيقتُله هاللليّلة !
-
-
بهالأثناء توسط جسد لافِي الشارع والي بدوره ركض بكل طاقته وهو يدف وقاص بكل طاقته من كتفه والي أختل توازنه وتلاصق جسده بالأرض بسبب إنزلاق رجله !
ضِرار بدأ يسعل وبشدة بسبب شدة ضغط وقاص على عُنقه
ووقاص رفع عيونه بحدة وهو يناظر للافي : تعتدي على معلمك يالخسيّس ؟
لافي الي مازال مفجوع بسبب نظرات وقاص الي قرأ بها نيّة موت ضِرار .. مع ذلك تخلى عن الفجعة والخوف .. وقال : معلمي تحت أسوار المدرسة .. وبرى أنت واحد من الملة .. وباللحظة ذي أنت الخسيس الي تحاول تعتدي على أخوي .. لذلك فارق من هالمكان قبل يصير شيء ما يسّرك
وقاص رمش بصدمة أعتلت كل جسده .. ولأول مرة بعد وهّاج طالب من طُلابه يتكلم معه بالطريقة المُستصغرة هذه !
-
رغم إنه ماصار له بالدائرة التعليمية سوى سنة إلا إنه معروف بصرامته لدرجة إن الطلاب يخافون منه حتى برى المدرسة !
قبل ما يوقف وقاص من مكانه إقتربُو كايّد وفهد بخوف ولكن سُرعان ما ألتفت كايّد برهبة لضرار الي مازال يحاول يلتقط أنفاسه .. وأقترب بعجلة وهو يحاول يساعده يتخطى هالأزمة التنفُسية خصوصاً بأن الربُو ملازمه وبشدة في هذه الفترة !
لذلك بدون ما يسأل ضِرار بدأ يبحث عن جهاز الربُو والي لقاه بجيبه الأمامي وعلى طول ناوله بيدينه وهو يحاول يساعده بينّما ضرار على طول أستجاب له .. بهالأثناء وقف وقاص بعجل وهو يُنفض التراب عن ثوبه .. وقال بنبرة تهديد .. مُتجاهل مكانة فهد الي واقف قدامه : إسمعوني زين يالعمّار .. بعد هالزمن كله مارح أرضى ولا أحد من آل سهيَل يرضى بأن إسم بنتكم الكوافيرة بيرتبط فينا .. لذلك خيار واحد لاثاني له .. تشدُون اللِجام على بنتكم وتمسكون جمُوحها وتخلونها تقضب أرضها .. وإن تبي تتوظف .. فتتوظف ببيت زوجها تطبخ وتنظف له !
تصاعد الغضب بكل من سمع كلام وقاص .. وخصوصاً بأنه لمس الوتر الحسّاس لهم .. أخت لافِي الوحيدة .. وبنت فهد البِكر ! كلمة وحدة سيئة بحقها كانت تكفيهم عشان يحرقون وقاص .. فكيّف بهالكم الهائل من التقليل ؟؟
قبل ما يخطي فهد خطُوة وحدة بإتجاه وقاص .. تسلل لمسامعه صُوت وهّاج الساخِر .. والي ضحكته الي كُلها إستهزاء يُسمع صوت صداها بالمكان : إرتبّط بإسم آل سهيل كلب الفلوس أبوك السفّاح القاتِل .. وصار هالإسم في القاع بسببّه .. ليه جاي تتفاخر بنسبك وتدافع عنه وأنت بأسفل السافلين ؟
بدأ الغضب يزيد بصدر وقاص خصُوصاً بأنه ما توقع وهّاج يجي .. ولاتوقع بأنهم بيجتمعون كلهم عليه بنفس المكان . . مع ذلك ماكان مهتم لهم كثر إهتمامه إنه ينتهي عهد دُجى مع مشغلها الي من شاف لُوحته وعقله ضربت فيُوزاته .. وبنفس الوقت ما يبي يسحب الموضوع لطاري أبوه لأن النظر للموضوع من هالناحية ما يخدمه ولا هو بصالحه لذلك قال : بسبب اللي تقوله بقينا نصارع القاع سنين طويلة.. لذلك ما برضى وحدة ناقصة ترجعنا للمكان الدنىء هذا !
إسمعوني زيّن .. إسمنا يلوح بين البراقي والرعادي .. ووظيفة مثل هالوظيفة بتساوي كرامة هالإسم بالأرض .. وجب عليكم من إرتبطو بشخص كان عائد لـ آل سهيّل وملك من أملاكه تحترمو هالإسم ولا تحاولون تنزلونه للقاع بسبب تفاهة عقولكم .. صح ولا لا يا إستاذ فهد ؟
وش بيحكون الناس عنك ؟ يا أبو الكوافيـ......
ألتزم الصمت بذُهول بِسبب !
-لافِي الي أشتحن الغضب بكل خلايّاه .. كان بيتقدم خطُوة بإتجاه وقاص.. وينسى بهالخطوة علاقة المُعلم والطالِب الي بينهم ! ولكن قبل أن يتهور
سكن بِمكانه بسبب قبضة ضِرار الي شوهت معالم وجه وقاص .. واللي تراجعت خُطواته لورى بذهول وصدمة أعترت كل أجزاءه .. ضِرار ولا مرة بحياته فكر يضربهم أو يمد يد عليهم .. ولكن هالمرة إختلت المعادلة !
كان يحاول يلتقط أنفاسه بشدة .. ويحاول يوازنها بكل طاقته .. ولكن إكمال وقاص للكلام أشعل النار بصدره .. يكفي يا المغضُوب .. يكفي الي تحملته هالدُجى من عذاب .. من أنت عشان توقف في طريق حلمها ؟ ومن هم الناس وكلامهم عشان يكونوا عثرة في دربها ؟
أنزل الجهاز من على فمه وهو يناظر بحدة وينطق بوعيّد : والله لو تفكر تتكلم عن دُجى بالطريقة ذي مرة ثانية .. لينتهي عهد الأخوة اللي بينّنا يا وقاص .. أنت وآل سهيّل بكبرهم في قعر من نار لو فكرتو بس تضروها أو توقفو شوكة في طريقها
هي بتكمل خطواتها .. وأنت و غيرك بتوقفون متفرِجين وأنتو تشوفوها تكمل الخطوة ..
وقاص كان بيتكلم .. ولكن ضِرار قال : كلمة زايدة تنطقها هاللحظة رح تشوف علم ثاني يا وقاص .. لذلك إقصر شرك وفارق من قدامي هاللحظة
وقاص نزل يده من على خشمه الي الألم مسّتقر بأنحَاءه ، وأشر بيّده بتهديد وهو يبتعد عن المكان
وضرار تنّهد بضيق بينما الكل ساكتِين ويناظرون لِضرار بذهول .. متى طلع من إطار الهدوء ؟
فهد كان ملتزم الصمّت .. لأن هالمرة لها إخوان يقفلون كل فم يحاول يتكلم عليّها .. كان يشهد على دفاعهم عنها ويحس إن راحة العالمين أستقرت بين ثنايا رُوحه !
-
بينما دُجى كانت شادّة بكل قُوتها على كانِدي وعيُونها مستقر بوسط المكان الي يجمعهم .. الذهُول يعترِيها .. والخوف سكن داخِلها لوهلة بسبب كلام وقاص .. "هذا من لأجل ينطق بالحكي اللئيم ؟" ولكن تِلاشى الخُوف بسبب الموقف الي دار تحت مرأ عيونها .. تناقُض الشخصيات الي حضر قدامها ترك علامات إستفهام كثيفة برأسها
إبتسّامة ساخِرة وكلام هادي من ثُغر وهاج الي معروف بتهوره !
سكُون وثبّات من فهد الي عُرف بحرصه على عياله !
غضب وتهور من لافِي الي المرح مستقر بروحه !
والأهم ضِرار الساكِن الرايق .. والي حتى صُوته ما ينرفع بمجلس هالمرة كان غير تماماً .. هالمرة وكأنه نمر يقنُص بكل شراسّة .. تخلى عن مبادئه وهدُوءه ولبس ثوب الغضب وهو مو ثوبه .. بس عشان يدافع عن دُجى وحلمها .. دُجى الي بكل مرة تحاول تكسّر مجاديفه بسبب ظنونها بأنه السبّب بحزن أُمها الي أدى لموتها
-هالمرة مشاعر كثيفة تمكنت من صدرها .. مشاعر دافئة وعمِيقة بعُمق روحها .. لأنها هالمرة تعرفت على جوانب مُختلفة من شخصيات تبي تتّعمق فيها !
إنتهى اليُوم بعدما تفرقو كُلهم .. وهّاج الي نزلت غُصن من حضن دُجى وراحت له .. وكايّد الي رجع البيت .. ضِرار الي توجه لُوجهته .. وفهد الي تكاتف مع لافِي وبيده الثانية يدين دُجى الي تنافس الغيّم من راحتها
-
وبينّما مشاعر لطِيفة تتنافس بحماس في رُوح دُجى .. كان الخوف الشعور الوحيِد الي بقلب خيّال
الي وقفت بمكانها وهي تناظر برهبّة : أنا متى أبتعدت عن البيت هالكثر ؟
بدأت توزع نظراتها على المكان وهي تِتنفس بسُرعة شدِيدة ! كانت تبّحث عن كانِدي بكل طاقتها .. وتناظر لكل بُقعة ممكن إن كاندي تتخبى فيها .. لدرجة إنها أبّتعدت إبتِعاد كُلي عن البيت بدون ما تحس بنفسها .. بلعت رِيقها بصعوبة وهي تحاول تِستذكر الطريق الي جاءت منه ولكن القلق مسَيطر على أجزاءها لدرجة عجزت تتذكره !
رفعت كفوفها وهي تحطها على صدرها وغمضت عيُونها وهي تحاول تِجمع كل الطاقة المتبقِية بروحها .. وبهَاللحظات .. لاح بذاكِرتها الرُواية الي قرأتها قبل مدة ليّست بالطويلة .. والي ذُكر لأحد صفحاتها حدث البطلة اللِي روح المغامرة متمكنة مِنها .. الحدث الي ضاعِت فيه بأحد الغابات ولكن كانت الرغبة بإستكشاف المكان والحصول على مغامرة جديدة تغلب شعُورها بالخوف .. لذلك دارت بأطراف الغابة وهي تتعرف على أركانها بالتالي عرفت طرِيق الخروج
لذلك نزلت يدينها خيّال بشجاعة عن صدرها وهي تأخذ نفس بكل قوة وتزفره بثبّات وقال : الحين وقت الإستفادة من قراءتي الكثيفة للروايات .. لا للخوف .. ونعم لحس المُغامرة !
وهذي كانت الطريقة الوحيدة عشان تقدر تتحرك خطوة وحدة من مكانها .. لأن شخصية رقيقة مثل شخصيّة خيال لو بقت بالمكان هذا مع شعُور الخوف رح تِتلاشى روحها !
بدأت تحرك خطواتها بأحد الإتجاهات وهي تسترق النظر لمعالم هذا الشاِرع .. وعندما إبتّعدت بخطوات كافِية توقفت بمكانها بإستنكار شديد لأحد البيُوت المطفأة أنواره .. والي الرهبّة تحوف أرجاءه ك بيت مُسكون بأحد أفلام الرُعب المُميتة .. توقفت لوهلة وهي توزع نظرات خائفة للمكان وذراعيها تُحاوِط صدرها وكأنها تحاول أن تُبقى قلبها داخله حتى لا يخرُج راكضاً من شدة الخوف .. ولكن هذا الرعب لم يدُم طويلاً .. فمازالت رواية البطلة المُغامرة تستقر بعقلها ..
إقتربت بخطوات مُتثاقلة وهي تستجمع شجاعتها .. عندما ركزت بالنظر على أطراف البيّت المُهترئة أيقنت أشد اليقين أنه فارغ من الأجساد البشرِية .. فلن يقبل أحد أن يسكن بهذه " الخرابّة " .. وقفت أمام الباب
وروحها التي يسكُنها القلق والرعب .. تتقاتل وبشدة مع الروُح التي ملئت طاقة بسبب الرواية .. وكعادة خيال دائماً كفة الروايات التي تتفوق لذلك دفعت الباب بيدها واللي على طول إنفّتح وناظرت للمكان المُظلم بحماس شدِيد .. ورغم إن الخوف طاغي ولكن الرغبة في الإستشكاف كثِيفة .. تقدمت بخُطوات مرتجفة لِلمكان وهي تلقي نظرات سريعة .. خطوة للأمام وخطوتين للخلف من الرعب .. ولكنها مازالت مُصرة في إستراق النظر لهذا البيت الي أثار الحماسة بداخلها .. ولكن توقفت قدامها عن التحرك .. حتى ظنت أنها لن تتحرك مرة أخرى وستبقى عاجزة عن الحركة طيّلة حياتها .. لم يكن قدامها الوحيّدة العاجزة عن الحركة حتى قلبها .. بينما بقية أطراف جسدها ترتجف وبشدة لدرجة أن عيناها أصبحت ترتعش بسبب الصوت القوي اللي داهم مسامِعها ..
بدأت ترتِعش لدرجة أنها أصبحت تصدر أصوات خارِجة عن إرادتها .. وتهلوس بهلوسات لا أساس لها وهي ترتجف بخوف .. وكل خلاياها تُلقي اللوم على عقلها الي فكر يدخل بمغامرة وهي يعلم أن قلبها رقيق يخاف الفراش فكيف بجن ؟
غمضت عيونها وهي تحاول تتِذكر آيات من القرآن لتقف حصن بينها وبين كل شيء يحاول أن يؤذيها ولكن حتى ذاكرتها خانتها بهذه اللحظة .. وعجزت عن تذكر آية واحدة !
-
بهذه الأثنَاء كان يقف خلف باب الصالة الرئيسة لهذا البيت .. وهو مذهول .. أو بالأحرى مفجوع !
فعندما أسقط الولاعة من يدِه لم يعلم أنه سيِوقِظ أحد بهذا البيّت .. الهلوسات التي تسللت لمسامعه تركت الخوف يستقر بقلبه .. لأن هذه المرة الأولى التي يسمع فيها صوت غير صوت خطُواته في هذا البيت !
بدأ يتلو الآيات وهو يقول بصوت جهُور : إن كنت عبداً لله وتؤمن به وبرسوله فأهرب .. وإن كنت من إخواننا الجن فأهرب
كان يكرر هذا الكلام من خوفه وبدون ما ينتظر ردة الفعل
ولكن خيال فتحت عيونها الباكية بدهشة من الصوت البشِري الي تسلل لمسامعها.. والأهم للكلام الي يقوله " إخواننا الجن " يعني هو بني آدم؟
أنزلت يدها من على صدرها وهي تتنفس براحة مؤقتة .. فعلى الأقل خصمها ليس بجني !
قلبها مازال يرتِجف وأصوات خطواته بإتجاهها زاد خوفها خوف .. لذلك بكت بصوت عالي وهي تحاول تلقى مكان الخروج ولكن الظلام الي يحيَط فيها ربط يدينها لدرجة إنها صارت تضرب الجدار وهي تتحسس مكان الخرُوج
أما هو كان مرتبّك .. فصوت بكاها دمر قلبه من النحيّب اللي يتخلله ، ماكان يعرف وش يسوي .. يخاف ويرتبّك ؟ ولا يحاول يقترب منها ويساعدها .. جواله طاح من يده والولاعة تلاشت بالظلام وما بيده إلا شمعة بدون نار
غمض عيونه بقهر وكله غيّظ لهالإنسانة الي تلبسّتها روح المغامرة وقررت تدخل بيت خالي من الروح بس عشان تدعم حس مغامرتها قال بإرتباك : إهديي صلي على النبيي .. وعلميني وش تسوين هنا
خيال زادت عصبيتها وبكاءها .. وكأنه وقت يسأل هالسؤال .. بكت بخوف أكثر وهي تلوم رواياتها الي تركت له الجراءة عشان تقدم على هالخطوة .. فقالت بتوتر وبصوت كله نحيّب : تكفى لا تأذيني
والله جيت بسبب تهوري .. شغل الكهرباء أبي أطلع
توتر أكثر .. فالكهرباء بالمكان هذا له سنين ما تسدد وله سنين ما أشتغل لذلك قال بضيق : مالي قدرة على تشغيّلها .. لأن هالمكان مهجور من سنين طويلة
خيال كانت بتنهار من شدة خوفها .. خصوصاً إنها بمكان خالي من الضوء .. ومع رجل ما تعرف أساسه
وكله بسبب تهورها وخطوتها الغبية .. وهي أصلاً حساسة وخوافة .. فكيّف بدخولها للمكان هذا؟؟
إلتزمت الصمت وهي تدور لباب الخروج .. بيّنما هو رجع للصالة وهو ينحني ويجلس على ركبه يدور للولاعة .. وبهالوقت كان صوتها منقطع فخاف كثير يكون صار فيها شيء وتبقى بذمته .. لذلك قرر يتكلم لعله يوصل لها صوته وتطمئن بهالعتمة .. وكل كلامه بهاللحظة ذي كان عفوي جداً .. ومافكر فيّه أبداً كان ينطقه على طول بدون ما يتأمله : أنا هنا كلما ضاقت الدنيّا علي .. لأني بمكان كله ظلام
فأعتقد إني بصيّرتي بتكون معميّة عن حزني .. وأظن إني قدرتي بتتبخر عن الرؤية .. لذلك هالبيّت ملفاااي من حزني .. لأني أبقى فيه وحيّد بعيد عن كل العيون .. وبوسط وحدتي بدون ضجيج الي حولي
عض على شفايفه بقهر لما أستوعب إنها تعدت على وحدته .. وبنفس الوقت لقى الولاعة ففز من مكانه بسرعة .. وهو يشغل فيها الشمعة ويدعي إنها فعلاً ماصار فيها شيء من شدة خوفها .. خصوصاً بأن صوتها أنقطع من لما بدأ يتكلم !
ومن خرج من الصالة .. للمدخل الرئيسي للبيت المهجُور لقى ظلها وهي تدور بالمكان لذلك وقف مكانه .. وترك الشمعة على الأرض وقال بصوت خافِت : هذا النور .. خذيّه وإطلعي من هنا .. وإنتبهي لخطواتك وين توديّك المرات الجايّة .. لأن ما بيكُون فيه نور من جديد
رجع للصالة وهي أتجهت بسرعة وأخذت الشمعة منن على الأرض وهي تنور لها المكان
ثم ركضت بكل طاقتها برى البيت وهي توقف بمكان مضيء كلياً وهي تتنفس بكل خوف .. وكأن القوة والشجاعة التي تحلت بها قبل دخولها للبيت تلاشت ..-
أما هو كان مرتبّك .. فصوت بكاها دمر قلبه من النحيّب اللي يتخلله ، ماكان يعرف وش يسوي .. يخاف ويرتبّك ؟ ولا يحاول يقترب منها ويساعدها .. جواله طاح من يده والولاعة تلاشت بالظلام وما بيده إلا شمعة بدون نار
غمض عيونه بقهر وكله غيّظ لهالإنسانة الي تلبسّتها روح المغامرة وقررت تدخل بيت خالي من الروح بس عشان تدعم حس مغامرتها قال بإرتباك : إهديي صلي على النبيي .. وعلميني وش تسوين هنا
خيال زادت عصبيتها وبكاءها .. وكأنه وقت يسأل هالسؤال .. بكت بخوف أكثر وهي تلوم رواياتها الي تركت له الجراءة عشان تقدم على هالخطوة .. فقالت بتوتر وبصوت كله نحيّب : تكفى لا تأذيني
والله جيت بسبب تهوري .. شغل الكهرباء أبي أطلع
توتر أكثر .. فالكهرباء بالمكان هذا له سنين ما تسدد وله سنين ما أشتغل لذلك قال بضيق : مالي قدرة على تشغيّلها .. لأن هالمكان مهجور من سنين طويلة
خيال كانت بتنهار من شدة خوفها .. خصوصاً إنها بمكان خالي من الضوء .. ومع رجل ما تعرف أساسه
وكله بسبب تهورها وخطوتها الغبية .. وهي أصلاً حساسة وخوافة .. فكيّف بدخولها للمكان هذا؟؟
إلتزمت الصمت وهي تدور لباب الخروج .. بيّنما هو رجع للصالة وهو ينحني ويجلس على ركبه يدور للولاعة .. وبهالوقت كان صوتها منقطع فخاف كثير يكون صار فيها شيء وتبقى بذمته .. لذلك قرر يتكلم لعله يوصل لها صوته وتطمئن بهالعتمة .. وكل كلامه بهاللحظة ذي كان عفوي جداً .. ومافكر فيّه أبداً كان ينطقه على طول بدون ما يتأمله : أنا هنا كلما ضاقت الدنيّا علي .. لأني بمكان كله ظلام
فأعتقد إني بصيّرتي بتكون معميّة عن حزني .. وأظن إني قدرتي بتتبخر عن الرؤية .. لذلك هالبيّت ملفاااي من حزني .. لأني أبقى فيه وحيّد بعيد عن كل العيون .. وبوسط وحدتي بدون ضجيج الي حولي
عض على شفايفه بقهر لما أستوعب إنها تعدت على وحدته .. وبنفس الوقت لقى الولاعة ففز من مكانه بسرعة .. وهو يشغل فيها الشمعة ويدعي إنها فعلاً ماصار فيها شيء من شدة خوفها .. خصوصاً بأن صوتها أنقطع من لما بدأ يتكلم !
ومن خرج من الصالة .. للمدخل الرئيسي للبيت المهجُور لقى ظلها وهي تدور بالمكان لذلك وقف مكانه .. وترك الشمعة على الأرض وقال بصوت خافِت : هذا النور .. خذيّه وإطلعي من هنا .. وإنتبهي لخطواتك وين توديّك المرات الجايّة .. لأن ما بيكُون فيه نور من جديد
رجع للصالة وهي أتجهت بسرعة وأخذت الشمعة منن على الأرض وهي تنور لها المكان
ثم ركضت بكل طاقتها برى البيت وهي توقف بمكان مضيء كلياً وهي تتنفس بكل خوف .. وكأن القوة والشجاعة التي تحلت بها قبل دخولها للبيت تلاشت ..
بدأت تستوقف نفسّها وهي تحاول أن تنفي أفعالها .. دخُولها لبيت يحفه الرعب ! محاولتها في البقاء فيه ! ثبَاتها للحظة قدام صوت الغريَب ! بكاءها ومواساته لها لأجل ما تنهار .. كلامه والشمعة الي على الأرض بكت بخوف وهي تحاول تستعيّد تنفسها الطبيعي .. وبعدما هدأت للحظات مسحت دموعها بعجلة ووقفت بمكانها وهي تتأمل الموقف اللي عاشته قبّل لحظات .. ناسيّة تماماً الخوف والبكاء الي تخلله: هل أنا عشت بأحد الكتب اللي بمكتبتي ؟ وهل هو كاتِب مشهور الي كتب هالحدث لأجل أعيشه ؟ ليه أحس إني كنت برواية وأنا بطلتها !!
رفعت يدها وهي تمسح دموع الرهبّة من جديد ببراءة .. ووكأنها نست الخوف الي عاشته قبل لحظات والي كانت بتموت بسببه .. ثم أبّتسمت ببِلاهة وهي تمشي بخطوات كلها خفة وهي عاجزة تماماً عن إستيعاب الموقف الحاصل قبل دقائق معدودة .. في هذه الأثناء إلتفت بكل صدمة وهي تشوف فهد يمشي وبمحاذاته دُجى ولافِي .. ناظرت للشارع الخالي من حسّ أحد ثم ركضت بكل طاقتها لهم وهي توقف وتِنحني عندهم وهي تلتقط أنفاسها
بينما هم مصدومين بوضعها ويناظروها بخوف
وقبل ما ينطق فهد إرتفعت عن المكان وهي تناظر لكاندي بذهول : حرام عليك يا فهد .. ليش ماقلت إنك خذيت كاندي معك ؟
فهد ناظرها بإستغراب وقال : خرجت وراي .. وخذيتها معي
تنهدت بضيق وهي تقول بعتب :لي ساعة أدور عليها بالشوارع بكل خوف .. وأزيدك من الشعر بيت ضيعت الطريق وكنت بموت من الخوف .. كنت خايفة تكون ضيعت طريقها وضاعت عن البيت .. كنت خايفة تزعل دُجى
دُجى رمشت بعدم إستيعاب وهي تناظرهم بصدمة .. وكلها تساؤل " مابال الأمة اليوم إتفقت على إدهاشها " إلتزمت الصمت على مضض بينما لافِي إبتعد عن فهد وهو يحتضن ذراعها بحنيّة : كلنا شكر لمقام حضرتك ياعمة .. كفيتي ووفيتي ونعتذر إن مقام السيّد الوالد ماعطاك خبر إن خذاها معه .. لايكون شلتي بخاطرك مننا بس ؟
أبتسمت بخُفوت وهي تهز رأسها بنفي .. بينما لافي بادلها الإبتسامة ومشى خلف فهد ودُجى الي سبقوهم .. خيّال مازالت خطواتها متثاقلة وكلها حيرة ودهشة .. والذهول مازال مُحيّط فيها .. فموقفها قبل لحظات يستحيل يعدي بسهولة .. بتبدأ تعيشه بذاكرتها مراراً وتكراراً ! وبتبدأ تعيش المشاعر الي سيطرت عليها المغامرة قبل لحظات !
تنهد كايّد بضيق .. بينما وهاج الي كان منشغل من غُصن ودميتها قال بهُدوء : مهب معقول إن الحقد الي بقلبّك عليهم بسبب سفر خالتي أمواج لبرى ونسيانها لك .. فيه شيء غيره يايمة ولا ؟؟
إلتفت بعصبية وهي تناظره وقالت : نسيّانها لي سبب كافي ووافي لأجل أكرهها وأكره كل سلالتها .. تركها لولدها وراها بدون ماتسأل عن حاله .. أو تتواصل معه .. ورميّه على أعتاب البيت بدون ما تلتفت سبب يخليني أدعي عليها طول حياتي .. وهذا ما يكفي .. أمواج السبب الرئيسي بحياة الشقى الي عشتها طول حياتي
عقد حواجبه وهّاج بسبب إندِفاعها الكبير ووقف وهو يناظرها بإستغراب : وش سوت لأجل تعيشين الشقى بسببّها ؟
أبتسمت بسخرُية وهي تِتذكر إن أمواج الشخص الي أصر عليّها عشان تتزوج سلطان بسبب مكانة أهله .. ولأنها ماكانت تدري أصلاً بشخصيته !
مالامتها لهالشيء .. كثر مالمتها بأول شهور زواجهم .. لما مد يده سلطان عليها لأول مرة .. ولما ركضت بكل طاقتها لبيت أمواج وهي تشتكي لها وتبكي عندها .. تذكرت كيف صبَرتها أمواج وألزمتها بالتحمل .. بالنهاية هذا زوجها ولازم تصبر عليه .. ولازم تختل أعصابه بوقت غضبه فلازم تسكت وتتحمل وأكيد مارح يكررها
وفعلاً سمعت حليّمة كلام أختها .. بالنهاية هي مثل إسمها عِرفت بالحُلم والصبر .. ورجعت البيت على مضض .. ولكن ياللأسف تكررت الضربة بضربتين
وهالمرة فعلاً لجئت لأختها وهي تشتكي من جديد .. نهرِتها أمواج وعلمتها تِصبر وتتحمل .. مارح ترضى يلحق إسم أختها لقب"مُطلقة" بسبب كم ضربة شوهت جسّدها ! وهكذا رجعت لحياتها حليمة .. وبدال الضربة مية ضربة .. وطاقة التحمل تزيد أكثر وأكثر لدرجة إنها صارت مرِنة للضرب .. لدرجة إنها صارت ضعيفة تُضرب فتذهب للنوم .. ووجب عليها تستقيظ ف صباح اليوم التاِلي بدون ما تزعل أو يوضح على وجهها العتب .. لأجل ما يتضايق سُلطان .. وكذا عاشت أول سنة من زواجها .. وبيوم من الأيام رجعت لبيت أبوها لما سمعت إن أمواج فيه.. جلست بإستغراب لما لقتها تبكي عند أبوها وهي تقول له " يايبة ضربني وأهانني بالضرب .. ومن متى رجل يتعدى على بنت من بناتك ؟ إنتصف لي منه يبة .. خذ طلاقي بيدك والله ما أبقى عنده دقيقة وحدة .. يبة دامه مد يده علي أول مرة يعني بيمدها ثاني وثالث مرة .. يبة ماقدر أبقى عنده "
بقت ملتزمة الصمت بصدمة أجتاحت أركانها .. أُختها الي أجبرتها على التحمل لأنه زوجها .. الآن تطلب الطلاق لنفس السبب ! ماقدرت تنطق بحرف واحد .. لا باللحظة الي سمعت فيها الكلام ولا بعدها !
ظلت ملتزمة الصمت طوال الأشهر الخمسة الي بقت فيها مع أختها بخصام ومعارك ومشادّات كلامية بسبب ضرار وإهمال أمواج له .. وحتى بزواج أختها من فهد .. الي أشتطرت عليه يأخذها لبرى الشمال ظلت ملتزمة الصمت .. وبعد ليلة زواجها إنقطعت جميع السُبل بينهم .. حتى الإتصالات قُطعت وأخبارهم لم تعرف للأخرى .. توفي أبيهم وقلبه كله حسرة من شدة شوقه لأمواج الي نست أبوها .. وبكذا تضاعف الكُره بقلبها على أختها .. لنسيانها لهم ولإبنها .. ضِرار الي صار بمثابة إبن لحليمة .. وفضّلته على كُل عيالها .. وحبها وحنانها الي المُفترض يقسم على الجميع .. كان فقط لضِرار .. لأنه بنظرها هو الوحيد الي يستحقه
عادت للواقع .. وهي تناظره بهدوء لوهّاج : لا تتدخل بيني وبين طيف أمواج .. لي الحق بكرهها وكره كل الي من صلبها .. خلك بهمك وظلامك أنت .. خلك بعيالها الي توسطو قلبك .. ويارب إن نية توسطُهم غير يا وهّاج لأجل ما أصيبك بالهم !
سكت وهاج بصدمة بسبب كلامها ومازال صدى جملة " أصيبك بالهم" ترن بمسامعه .. فيه أم تحاول تصيب ولدها بالهم ؟ يالله وقع الكلمات كان عمِيق عليه .. بالنهاية الشخص الي يرمي كلمة دون ما يحسب حسابها .. هي الي بتبقى أذى بقلب مُتلقيها وبيتضايق بسببها طول وقته !
أزاح غُصن عنه وهو يناظرها بهُدوء .. ثم أبتسم بحنيّة وهو يمسح على شعرها ويقول : روحي لخال كايّد .. وأنا بروح وأرجع طيّب ؟
هزت رأسها بالنفي وقالت : إوعدني إنك بترجع ؟
إشتدت إبتسامته بضيق وقال : والله إني برجع .. يالله روحي
مشت لكايّد بإنقياد .. وهو على طول خلى جسده من أركان البيّت الي ضغطت على روحه بسبب حكي أمه .. وقرر يغيّر الوجهة لأجل ينسى هالحكي ! لذلك فتح باب سيّارته وأنطلق بطريقه .. وبعد دقايّق
إستقر بوقوفه أمام " مقهى بنيّان " ونزل بخفُوت ويدينه تحتِضن الكتاب اللي آسره .. يحلف إنه ألهمه تصرفات عمِيقة .. وبأنه أضاف النُور لحياته .. فالكلمات التي كُتبت لم تكن عابِرة قدر ماكانت ثمينة ! توقف بمكانه وكعادة بنيّان في تمام الساعة التاسِعة .. يجلس بمكانه المُفضل بمقهاه .. والشاي على الطاولة بجانبه كعكته المفُضلة ! وبجانبها الراديِو .. الي يصدع بالأرجاء صُوت المذيع " بُرهان الصعب " فيه !
إرتفعت عيناه على مستوى وُقوف وهّاج ثم أبّتسم بوقار وهو يلمح الكتاب بين كفيه .. أشر له على عجل وهو يقول : تعال .. بُرهان بدأ ينطق بكلامه الي من ذهب .. ووجبّ عليك تسمعه دامك وصلت لأعتاب مقهايّ !
هز رأسه وهّاج بقبول .. وأتجه على طول للطاولة وهو يجلس جنّب بنيان الي بدؤ يستمعون بخُفوت لكلام المُذيع بُرهان
" طالما كنت تفترش الأرض وتلتحف السماء،
فأنت على قيد الحياة، على قيد الأمل، على قيد التطلعات...
ولطالما كنت كذلك، فعليك أن تبني سُلماً للسماء، لا أن تحفر قبرك بيديك.
وهل تعرف ما معنى أن يعيش الإنسان ؟
معناه أن يشمّر عن ساعديه ويبحث عن المتاعب...
لا مفر
لطالما اعتقدت أن الموت نهاية سعيدة للهروب من هذه الحياة...
ولكنني اكتشفت مؤخراً أن الموت ليس خياراً جيداً للتخلص من الحياة...
يقول نجيب محفوظ: هذه هي الحياة أنك تتنازل عن متعك الواحدة بعد الأخرى حتى لا يبقي منها شيء وعندئذ تعلم أنه قد حان وقت الرحيل...
وهل يحين الرحيل قبل أن نبدأ ؟"م"
تراكمت إبتسامات خافِتة على ثُغر وهّاج جراء كلام بُرهان الي لمّس أقصى جرح بقلبه .. وعندما إنتهى البرنامج الإذاعي .. قال بنيّان بهُدوء وإتزان إعتاد عليه : إعتزل الي يوجعك يا وهّاج .. إعتزله لأجل يكمل النُور الي يحمله إسمك !
خُفتِت إبتسامته وتلاشت شيئاً فشيئاً وهو يمُيل رأسه من شدة ثُقله : أنا مُوجعني وأنا أذى نفسي ومؤذيني .. يا كيّف أعتزلني يالجنوبي ؟
إستقرت تنهيدة عمِيقة بروح بنيّان .. ولكن قال بخفوت مُحاولاً منه يغير الموضوع بمرح : ولكنك غير عن قبل
ناظره وهّاج بتساؤل وبنيان إشتدت إبتسامته وقال : النُور بوجهك .. والوهّج بروحك ماهو بإسمك وبس ! الواضح إن التغييّر للأفضل حصل
أبتسّم وهاج .. وقال بلا وعي وكأن وده أحد يشاركه قلبه : تخيّل .. اليوم رأفت بي عيني .. وإنفتح درب الجفاف اللي أستمر لخمس سنين .. تخيّل ؟ أسبابي العظيمة الي وجبّ علي أنوح وأبكي فيها ظلمتني عيُوني ورفضِت يسيّل الدمع منها .. وقبُلة بريئة على كفي من ثُغر بنت الخمسّ سنين .. فتحت درب لا ينقطع من الدمع .. الموضوع معجزة لي .. الموضوع أربكني لدرجة فكرة الهروب أول فكرة خطرت ببالي لما زارنِي الدمع !
بنيان قال بهدوء : ليه تهرب بكل مرة تزورك مشاعر جديدة عليّك ؟ ليه تلجأ للهروب دائماً !
رفع كتوفه بعدم معرفة وقال بخفوت : ما أدري .. بكل مرة أقول أترك الشخص الي قبالي لأجل ينسى .. أو يهدأ
تنهد بنيّان وهو يستذكر كلام قرأه بأحد الصفحات : لو خايف على البيت لا تأكله النار لازم تطفيّها وهي مولعة .. لا تنتظرها تهدأ لوحدها .. لو هدأت لوحدها يا وهّاج رح تكون أكلت كل حاجة !
هروبك لأجل يهدأ الموضوع .. ماكان إلا القشّة الي قصمت ظهر البعيّر .. والنار الي تركت البيّت يشتعل .. أنت عيّبك إنك ماتقدر تواجه ! بالعكس واجه كل مشاكلك .. وقف بوجه كل متاعبك وإسعي بسبيل التخلص منها .. كذا بتحِس إنك على قيّد الحياة !
" طالما كنت تفترش الأرض وتلتحف السماء،
فأنت على قيد الحياة، على قيد الأمل، على قيد التطلعات...
ولطالما كنت كذلك، فعليك أن تبني سُلماً للسماء، لا أن تحفر قبرك بيديك.
وهل تعرف ما معنى أن يعيش الإنسان ؟
معناه أن يشمّر عن ساعديه ويبحث عن المتاعب...
لا مفر
لطالما اعتقدت أن الموت نهاية سعيدة للهروب من هذه الحياة...
ولكنني اكتشفت مؤخراً أن الموت ليس خياراً جيداً للتخلص من الحياة...
يقول نجيب محفوظ: هذه هي الحياة أنك تتنازل عن متعك الواحدة بعد الأخرى حتى لا يبقي منها شيء وعندئذ تعلم أنه قد حان وقت الرحيل...
وهل يحين الرحيل قبل أن نبدأ ؟"م"
تراكمت إبتسامات خافِتة على ثُغر وهّاج جراء كلام بُرهان الي لمّس أقصى جرح بقلبه .. وعندما إنتهى البرنامج الإذاعي .. قال بنيّان بهُدوء وإتزان إعتاد عليه : إعتزل الي يوجعك يا وهّاج .. إعتزله لأجل يكمل النُور الي يحمله إسمك !
خُفتِت إبتسامته وتلاشت شيئاً فشيئاً وهو يمُيل رأسه من شدة ثُقله : أنا مُوجعني وأنا أذى نفسي ومؤذيني .. يا كيّف أعتزلني يالجنوبي ؟
إستقرت تنهيدة عمِيقة بروح بنيّان .. ولكن قال بخفوت مُحاولاً منه يغير الموضوع بمرح : ولكنك غير عن قبل
ناظره وهّاج بتساؤل وبنيان إشتدت إبتسامته وقال : النُور بوجهك .. والوهّج بروحك ماهو بإسمك وبس ! الواضح إن التغييّر للأفضل حصل
أبتسّم وهاج .. وقال بلا وعي وكأن وده أحد يشاركه قلبه : تخيّل .. اليوم رأفت بي عيني .. وإنفتح درب الجفاف اللي أستمر لخمس سنين .. تخيّل ؟ أسبابي العظيمة الي وجبّ علي أنوح وأبكي فيها ظلمتني عيُوني ورفضِت يسيّل الدمع منها .. وقبُلة بريئة على كفي من ثُغر بنت الخمسّ سنين .. فتحت درب لا ينقطع من الدمع .. الموضوع معجزة لي .. الموضوع أربكني لدرجة فكرة الهروب أول فكرة خطرت ببالي لما زارنِي الدمع !
بنيان قال بهدوء : ليه تهرب بكل مرة تزورك مشاعر جديدة عليّك ؟ ليه تلجأ للهروب دائماً !
رفع كتوفه بعدم معرفة وقال بخفوت : ما أدري .. بكل مرة أقول أترك الشخص الي قبالي لأجل ينسى .. أو يهدأ
تنهد بنيّان وهو يستذكر كلام قرأه بأحد الصفحات : لو خايف على البيت لا تأكله النار لازم تطفيّها وهي مولعة .. لا تنتظرها تهدأ لوحدها .. لو هدأت لوحدها يا وهّاج رح تكون أكلت كل حاجة !
هروبك لأجل يهدأ الموضوع .. ماكان إلا القشّة الي قصمت ظهر البعيّر .. والنار الي تركت البيّت يشتعل .. أنت عيّبك إنك ماتقدر تواجه ! بالعكس واجه كل مشاكلك .. وقف بوجه كل متاعبك وإسعي بسبيل التخلص منها .. كذا بتحِس إنك على قيّد الحياة !
__-
-تنهد وهَاج وهو موقن إن مصير هالتنهيدة كسابق التنهيدات .. تستقر بمجرى تنُفسه مثل الشوك .. ولكن لسبب ما قدر يتخلص منها ويزفرها بكل راحة .. وهذا الشيء الي أربكه أكثر .. لأنه تخلص من كُل القيود الي تُؤذيه !
ولكنه قال بضيق لما إستوعب إنه فضح كل الي بصدره .. وهو الي أعتاد إنه يبقى همه له لوحده : إنسى اللي أنقال يالجنوبي .. همُومي كانت لي لحالي دون شريّك لسنين طويلة .. ماظنتي بتقبل أشاركها مع غيري !
أبتسم بنيّان وهو يربت على كتفه : تشاركنا كتابي يا وهّاج .. عيب عليك ما تِشاركني همومك !
ولو متضايق إني الوحيّد الي إطلعت على همك .. فخذ همي البسّيط الي على قديّ .. هربت من الجنوب لأجل أصير طبّاخ
أبتسم وهَاج بضحكة غصب عنه وقال : الجنوبين حاديّن السكين على رقبتك لأجل الطبخ ؟
هز رأسه بضحكة وقال : والله درسوني برى .. وخلوني أتخصص بمجال بعيد تماماً عن الطبخ لأجل أنساه .. تعبو كثير وهم يفهموني إن الطبّخ للحريم .. وتعبت كثير وأنا أفهمهم إنه أعتبره مجرد هواية ويخلوني على راحتي .. ولما ضغطو عليّ تركت لهم الجنوب وجيّت لأهل القلوب الوسيعة
وهاج ناظره بطرف عينه وقال : ما تعتبر هذا هروب ؟
هز رأسه بالنفي وقال : ما سبّبت الضيق لأحد .. ولا تركت يد أحد بوسط الطريق .. مافي بيت يشتعل لأجل أهديّه ولا بعير ينقصم ظهره بسببي بس كان فيه مُتعة أجبرتني أتركهم لأجل أستمتع فيها
أبتسم وهّاج بخفوت وقال : وكيف الكبّسة معك ؟ تراها لعبتي
أبتسم بنيّان بحماس لأسلوب وهاج المتغير وقال : الكبسّة هذي بعيدة عن إهتماماتي .. أنا فتحت مقهى لأجل أشارككم بالحلى !
سكت وهّاج وعيونه على قطعة الكيك الي سحبّها بسرعة من تحت بنيّان وعلى طول قطع قطعة صغيرة وأكلها ثم أبتسم ورفع كفه وهو يأشر لبنيّان بإيجاب : يجي منك والله يالجنوبي .. الطعم ولا في الخيّال
أبتسم بنيّان وقال : دامك شاركتني في كتابي .. وهمي وقطعة كيكتي .. وجبّ عليك تشاركني بكبستك .. وشغلك .. وضيقك
سكت وهّاج وهو يناظر لبنيّان بخفوت .. وكله تساؤل " ليه بنيّان يبي يتعمق بشخصيته ؟ للدرجة هذي وهّاج عمِيق ؟" جاهل تماماً إنه أصعب شخصية ممكن الشخص يواجهها .. وأصعب شخصية ممكن أي كاتب يكتبها .. أو يحاول يتعمق بها .. ولو قدر كاتِب يظهرها بهالكم الهائل من العُمق فيها .. فهذا كاتب مُبهر ومُلهم بشكل كبير
-
-
بوسط المركز .. إلتفت ضِرار لصاحبه المُلازم والي قال : حيَا الله ضِرار .. ودامني كملت المناوبة عنك وجبّ عليك تناوب مع محمد بالمستشفى لوحدك
-تناوب مع محمد بالمستشفى لوحدك
-
ضرار الي طلب من صاحبه يناوب بداله لأجل يقدر يجلس مع عيال خالته أكثر وما تفُوته حلاوة الجلسة .. ولكن بشرط يناوب بدونه في الليّل .. ولكن الي ماحسب حسابه إن أحد المساجين يتعب .. قال بخوف : محمد .. عسى ماشر وش فيه ؟
تنهد بضيق خاطر وقال : تمشكل مع واحد من المساجين .. والله لا يوريك هوشة لها أول مالها آخر .. بالنهايّة ضربوه بموس الحلاقة ببطنه
إشتدت ملامح ضِرار بحنكة وقال : المراقبين وينهم لأجل يصير ذا كله ؟
هز رأسه بيأس وقال : هذا الي صار .. الحين هم مأخذين محمد بإسعاف السجن للمستشفى من البوابة (٥) إستعجل لأجل تلحق عليهم !
تنهد بضيق .. ومشى وهو يسارع خُطواته لأجل يلحق عليهُم .. وفعلاً دخل للسيارة وناظر لمحمد .. السجِين الي على وفاق كبير معه .. ويعتبره صاحب له : ما سلمت من الهم يا محمد ؟
أبتسم بتعب ويدينه تحت رأسه وهو مغمض بإنهاك شديد وقال بخفُوت : كذا الوضع .. تُبتر يد السارق يا ضِرار .. وينقطع كرته من الحيَاة
ميل شفايفه بضيق وهو يربت على كتفه .. وأكملو طريقهم للمستشفى .. ومن وصلو على طُول أرسلو طلب نقالة .. والي حضر بها المُمرض وتكفل بمساعدتهم على نقل محمد السجين لُغرفة الطوارىء .. ولأنه سجين رفض ضِرار يبقى مع العامة بنفس الغرفة .. لأجل ما ينكسر له خاطر بسبب الكلبشّات الي على يدينه
لذلك طلب غرفة خاصة .. وبهالأثنّاء كشف عليه الدكتُور .. وكملو إجراءات الدخول وتقطّيب الجرح .. وكتبُو له تنويم لمدة (٢٤) ساعة !
بهالوقت وصل خبر لأهل محمد عن الي صار .. والي كانت أمه ميّتة .. وماقدر يحضر أبوه بسبب عجزه عن الحركة لذلك أخته الوحيدة الي حضرت عشانه !
ضِرار الي كان جالس جنب محمد .. ويقدم له الموية بتأني وهو يشدد عليه يبتعد عن المشاكل : تكفى يا محمد وأنا أخوك إبتعد عن أصحاب المشاكل .. لا جاءو يمين رح شمال ما ودي أشوف الهم يتراكم عليَك
محمد هز رأسه بإيجاب وبهالأثناء إندق الباب وكان الطارِق أخته .. لذلك وقف ضِرار على عجل ولكن يد محمد الي الكلبشات فيِها مسكت طرف بدلته .. رفع عيونه وناظر لعيون محمد الي كُلها رجاء .. وتنهد بضيق على حاله .. لِذلك أنحنى وهو يفكها ومشى على طول من الغرفة .. بينما محمد أبتسم براحة
دخلت أخته وسلمت عليه .. ووجبّ يكون الباب مفتوح لأجل يراقبه !
ولكن ضِرار ما طوعت له نفسه يسترق السمع أو النظر لخصوصيات وأهل صاحبه .. لذلك قفل البّاب وأبتعدت خطوات كافية وهو يجلس على الككُرسي ..
مرت نص ساعة .. وبعدها أكتفى لذلك وقف على عجل وهو يتقدم للغرفة عشان يعطيهم خبر إن الـزيارة أنتهت .. وإنه أصلاً توسّط من الدكتُور لأجل يخليها تدخل بسبب إنتهاء وقت الزيّارة الرسـمي ! دق الباب مرة ومرتِـين .. وبعدها دخل وهو صاد عنهم وقال بهدوء : إنـتهت الزيّارة يا محمد !
أبتعد عن المكان لما لاح له طيّف باللون الأسود وخرجت أخت محمد عن المكان.. وهو على طول دخل للغرفة ولكنه عقد حواجبه بصدمة وهو يناظر لأطـرافها الخالية من السجيّن محمد ولـ الشبّاك الي ما زال مفتُوح على وُسعه والهواء الخالِي من طاري محمد يلُوح بأرجاء الغرفة .. همّس بصدمة وبيأس تمكن من كل خلاياه : تكفّـى يا محمد لا تقُول إنك خـنت العهد وخـنتني !
-
-
لما أنتهى وهّاج من أكل الكعكة قال بسخرية لبنيَان : آخر وعودك إني لا أقبلت عليك .. بتسوي لي بقلاوتك الي مافيه مثلها بالجنوب .. وين وعدك ؟ ماهقيتك بتنسى
أبتسم بضحكة بنيّان لكلامه الي ما نساه وهّاج وقال : وأنا عند وعدي .. ولكنك أقبلت علي وعيونك تضحك من شدة الفرح يا وهّاج .. وأنا وعدي كان إن بقلاوتي تحلي مُرك .. ميّر مامن مُر الليلة بعيونك
سكت وهّاج وعلى ثغره إبتسامة خافتة .. كم جلسة مع بنيّان كانت قادرة تخليه يُوقن إنه ما يقدر يكاسره بالحكي أبداً !
لحظات بسيطة وهادئة كانت فارِقة بينهم وبين الإتصال الي صدع صوت نغمته بالأرجاء
ميّل شفايفه وهّاج بعدم إعجاب للرقم الغريب الي يتصل عليه هالوقت .. وقفل بوجهه بدون ما يكُون عنده فضول يعرف هوية المتصل
ولكن إلحاح المُتصل أجبّرت وهاج يرد بعصبية : خير يالطيّب ؟ مضيع أهلك ؟
وصله صوت ضِرار المفجُوع الي نبرته ترتجف من شدة الصدمة : ضيّعت السجين يا ولد خالـتي
سكت وهّاج وهو يعقد حواجبه بإستنكار بينما ضرار الي واقف عند باب المستشفى ويدينه على رأسه بفجعة بسبب محمد .. الي فعلاً خان العهد
وتسلّل من شباك المستشفى بمساعدة أخته وهرب قبل يكشفه ضِرار .. صار له ساعة كاملة يدور حول المستشفى ويحاول يلقى أثر له .. ولكن هيّهات !
لذلك وقف عند باب المستشفى والهم يضرب على أوتار قلبه بعنفوان شديد .. حياته أنتهت لو ما لقاه .. وسمعته رح تتبّخر مثلما يتبخر الماء المغلي !
كان بيبلغ .. ولكن ماقدر ، بلاغه عن الهرب يعني بلاغه عن إنـتهاء حياته .. فمن الي بيصدق إن ضرار ما أشترك معه في خطته بالهرب ؟ كون ضرار الحارس الوحيّد اللي توجه معه للمستشفى
أتصل على لافِي وجواله مغُلق .. وكايّد ما يرد على إتصالاته .. تجادل مع وقاص قبل لحظات ومستحيل يطلب الفزعة هذي من فهد
ماكان بين يدينه إلا وهّاج .. يعرف إنه مستحيل يترك أحد بوسط الطِريق !
أردف برجفة : السجيّن الي كنت مأمور بأني أكون حارسه هرب قبل لحظات من المستشفى.. ومسألة إبلاغي عن هروبه صعبة هاللحظة .. فزعتك يا ولد خالتي .. فزعتك نخيتك
عض على شفايفه بقهر .. وهو يميّز صوت ضِرار .. وشد على قبضة يده بضيق .. ليه يتركه بمعركة صعبة مثل هذي ؟ ليه يلجأ له من بين كل الناس ؟ ليه يحب يوجعه بالشكل هذا ؟
تنهد وهو يغمض عيونه .. لو فكر يتركه بمصيبته هذي رح يطيّح وهاج من عيون نفسه .. ورغم إن الهم يساوره لاقرب ناحيّة ضرار بسبب أيامهم السابقة سوى .. إلا إن هاللحظة مو لحظة قهر وإنتقام وشماتة .. هاللحظة لحظة نخوة وتقدير وأخوة
بعد إلتزامه الصمت للحظات قال : أبشر بالسعّد .. جايّك مع الجنُوبي وياويله هالسجيّن مننا
أرتاح خاطر ضِرار من إن أحد بيشاركه بالبحث وما دققّ على باقي كلام وهّاج وقال بإمتنان : بنتظرك يا وهّاج
قفل الإتصال .. وناظر لبنيّان وهو يقول : ولد العم محتاج فزعتنا يالجنوبيّ .. وش تقول ؟
وقف بنيّان وهو يدق الصدر : أفا عليّك والله .. تحزم بي
أنا صدري مليّان حميّة لخويّنا وهّاج وكل من يقرب له
أبتسم وهّاج بخفوت .. براحة من كلام بنيّان .. "هو فعلاً صار له خوي يتركه على يمينه ولا يهاب ؟".. وفعلاً تركو المقهى وهم يتجهون للمستشفى
إنتهت خُطوات وهّاج أمام مبنى المستشفى .. وصارت عيونه تدُور على ضِرار .. شدّه جلوس شخص جنب باب المستشفى ويدينه على رأسه وواضح الإنهيّار والخوف إتخذ منحنى كبير بصدره .. أيقن إنه ضرار .. لذلك توجه له بخطُوات مليئة بقهر عاِرم .. بغضب شديد البأس .. كان متأكد بكثافة لو أن هذا السجين بيديه هذه اللحظة لأقتلع رأسه من شدة قهره .. لا يخفي على نفسه شدّة رحمته لضرار هاللحظة .. ولكن هالشيء بّرره بأنه بوقت صعب .. ولو كان شخص بمكانه كان كنّ له نفس المشاعر .. ضرار ماكان له وضع تخصِيص
وقف قدامه وهو يناديّه .. ولكن من شدة ضيّق ضرار كان غافل عن العالم الخارجي تماماً .. يفكر في طريقة يطلع من هالمصيبة بدون ما يتضرر ولكن لا فائدة
إنحنى جنبه وهّاج .. وهو يضرب كتفه بخفة
وضرار رفع رأسه على طول ومن لمح وهّاج فز بفرحة من مكانه وهو يناظره برجاء : هلا ياولد الخالة
وهَاج قال بقهر : كيّف فلت منك ؟ ووين أختفى بالضبّط
ضرار بدأ يحكي له اللي صار بالتفصيل .. ومن إنتهى ضرب بنيّان كفه بالجدار بقهر : هذا شبيّة رجال وغدار .. عليّم الله لو ألمحه ليشوف الويّل مني
ألتفت له ضرار .. ووهّاج على طول قال : بنيَان .. خويّنا الجنوبي
ضرار هز رأسه بإمتنان وبعدها سكت للحظات .. ثم بدأ يشرح لهم الأماكن الي ممكن يروح لها .. والطرق الي بيتّجه لها بحسب معرفته القليّلة فيه .. وفعلاً كل شخص منهم توجه للمكان الي دلّه عليه ضرار .. وهّاج كان يناظر للصورة الي بجواله
ويحس إنه صدره الضيّق .. ضاق أكثر عليه لدرجة ماعاد يقدر يتسع للنفس .. صورة محمد الي واقف ويضحك وضِرار واقف جنبه ومتكاتف معه وإبتسامة عميقة على ثغره .. صورة أجبرت القهر يستقر بصدره .. وكله تساؤل شخص أعطى كل هالصدق والحنيّة والأخوة .. ليه يتجازى بالخيّانة ؟
تنهد وهو يمسّح على وجهه .. مشاعره اليوم مُضطرربة لدرجة كان عاجز يحدد موقفه إتِجاه ضرار
-
صبَاح يوم جديد .. وعلى أعتاب مشغل عبّق للسيّدات
وقفت قدام الباب وعلى مُحيّاها إبتسامة .. فخر ، قُوة ، زهُو ، تباهيّ .. إبتسامة يّشع النور من بهاها
كثر ماكانت بسبب الراحة العميقة الي تِسللت لصدرها .. أتبّع الإبتسامة تنهيدة عمييييقة
كانت بسبب تحقيقها للحلم .. الي وأخييييراً
فتحت الباب بكفها الباِرد المُرتعش .. وهي تُلقي نظرات مُكافحة بإتجاه المكان .. وصدى صوت سُخريتهم من حلمها مازال عالق بإذنها .. كان يتردد كلامهم بمسامعها وهي تتفحص المكان .. كانت الأسطُوانة تعاد بشكل مُتكرر .. سُخريتهم من طمُوحها .. إستخفافهم بمهنة ترى فيها راحتها .. محاولتهم سلبّها منها لأنها ما ترقى لمُستواهم ..
كانت ستقتلها من شدة الهم .. ولكن كِفاحها كان كبير .. كان عميق
لا تُخفي أن طرقها جريئة ومُهلكة .. ولكن كل الذي كان نصب عيّنيها كان هذا الحُلم والذي عاهدت نفسّها أنها ستُحققه مهما كان للصعاب منحنى بطريقها .. وهذا العهد قد وفى .. والحُلم قد ظفر
أبتسمت للمرة الثانية لما تِسللت دمعة دافئة على خدها الباهيّ .. لأول مرة تبكي من شدة الفرح من فترة طويلة .. لذة الإنجاز كانت ممتعة.. لذة الفوز بعد السعي الطويّل كانت تكفي لنسيّان مامضى
شمّرت عن ساعديها .. وبدأت تُنجز أعمالها لليوم الأول بشغلها ..
-
ساعات طوِيلة حالت بين ضِرار والسجيّن محمد !
وباللحظة الي وقف فيها بنيّان مع وهّاج قدام ضِرار وهم خالييّن الوفاض من أي خبر .. زفّر ضرار بتعب شديد وهو يمسح على وجهه بإِنهاك .. ومسح على صدره وهو يحس إنه تِقلص .. كان يتمنى يلاقي محمد قبل تشرق الشمس .. ولكنها شرقت وإنتصفت بالسمّاء .. ومحمد غائب عن عيُونه
تمنى إن الموضوع يعدي وينتهي على خير .. وطّيبة قلبه ونيته الحسّنة ترد له الجميل .. ولكن !
رفع رأسه وناظرهم بإمتنان .. ولكن النظرة ماكانت تكفي ضِرار .. تمنّى لو له القُدرة على على معانقة وهّاج حتى يوضح له كميّة شكره له .. ولكن ماقدر
قال بخفوت : الواضح إن مقدرتنا على الموضوع إنتهت عند هالنقطة .. ووجبّ أتقبل الموضوع وأبّلغ عنه
بنيّان قال بقهر : اليوم باقي ما أنتهى .. خلنا ندور لعلنا نلقاه
هز رأسه بضيق : ما ظنتي لنا حظ كبير عشان نلقاه .. ولازم أتدارك الوضع وأقدم البلاغ قبل يطلع من حدود المنطقة
وهّاج الي كان ملتزم الصمت ومقهور على حال ضِرار نطق بخُفوت : بس العـقاب مارح يكون هيّن يا ضِرار
أبّتسم لموقف وهّاج .. لدرجة للحظة كان بيكون ممنون لمحمد .. إنه قدر يليّن قلب هالوهّاج عليه وقال : أستّاهل .. طيّب النية دايم هقاويه خايبة
لازم يكون لي درس .. إني ما أصب ( أسكب ) كل ثقتي بكأس شخص ما يستاهل
هز رأسه بتأأيد وبنيّان مسح على كتفه وهو يقول : أجل توكل على الله لا يتعدى الحدود أكثر .. وحنا بإنتظارك
أبتسم ضرار وفعلاً غادر المكان بسيّارته .. ووهّاج تنِهد بينما بنيّان قال : عزتي لكم من هالهموم الي مالقت لها مستقر إلا على ظهُوركم
أبتسم بقهر وقال : هذا القهر يا الجنوبي .. سرق ليّل القلق والهمّ ثلثين من عمرنا .. وذا باقيه
بنيّان شد على كتف وهّاج وقال بخفوت لعله يغيّر الجو : هذا الليّل مد الجنوبي لك .. ما يزهى ولو قليل ؟
ألتفت له وهّاج وهو يدري بنيّة بنيّان .. وكل الي كان بيده .. يبّتسم ، لأن هذا الليّل الي كله قلق زهّى فعلاً ببنيّان الي كان سببّ من إسبّاب إنبّلاج الوهج عن حيّاته .. أتبعت إبتسامته جملة كثر ماكانت قصيرة .. كثر ماكان فيها من الحنيّة الشيء الكثير : من ليّلي الأسود ضلع يرحبّ بك يا الجنوبي .. وضلع يهليّ !
بادله بنيّان الإبتسامة بإمتنان .. وأيقن هاللحظة إن وهّاج صار كتفه اليمين !
بينما ضرار وصل للمركز وهو خالي الوِفاض من محمد .. وهذا الي جنّن عقل الملازم الي كان من المُفترض يحرس معه
كان بينهاه عن البلاغ عشان ما ينتهي بهم الحال بالعقاب الشّديد ولكن ضرار حلف ليشيل الهم وحده .. وفعلاً تم البلاغ للرائد الي جن جنونه
بدأ المركز كله يستنفر ويوقف على رؤوس أصابعه من شدة كثرة الضُباط الي أجتمعو بأركانه وهم يستمعون لخطة البّحث .. بينما ضِرار كان يدري إنهم مارح يلتفتون له باللحظة هذي
-
-
وبوسط سكُون دُجى بحلمها الخاص .. باغتّتها صوت طرق الباب القوي الي أقلق سكُونها وأربكّها والي أقتربت بسببه للباب بتوتر وتردد كبير .. ولكن صوت لافِي الصاخب الي على بالمكان تركها تتنهد بقهر : صبّحكم بالخير ياعمال العماليّة
فتحت الباب بعصبية وهي تناظره : ياليت من صبّحك بالعصا على ظهرك
ضحك وهو يقول : أفا .. هذا وأنا فتحت عيوني ومالقيتك .. وعلى طول جرتني خطواتي لك
هذا جزى الشوق ؟
تنهدت وهي تهز رأسها بيأس .. ومن أقترب لفت يدينها على رقبته وهي تسحبّها للأرض بعصبية مُصطنعة : ثاني مرة لا تدق الباب بالطريقة ذي
زادت ضحكة لافِي وهو يحاول يفك نفسه منها وعلى طول لف يدينه على ذراعها وهو يعصرها بقوة : أشوفك صرتي تسوين نفسك قوية من ورانا
دُجى قالت بوجع : يا مفترس .. هالحركات تسويها مع أخويّاك مو معي .. إتركني ترى عظامي عظام بنت مو رجال
فكها من يده وهو يبتسم بسخرية عليها : ثاني مرة لا تهايطين
ناظرته بطرف عينها ثم مشت عنه .. بيّنما هو تنهد بخفوت .. يحلف إنه من درى إنها طلعت لمشغلها وكل قلق الكُون أستقر بصدره .. كيف لا وكلام وقاص مازال يتردد بإذنه ؟
وبعد صمت طويّل قال بإبتسامة : وحيّا الله الأرتست دُجى
ألتفت بضحكة وهي تقول : ماعاد صرت كوفيرة؟
هز كتوفه وقال : كلاهما يصلان لنفس المكان .. ولكن كلمتي لابسّة بشت وطالعة فخمة
أبتسمت بسخرية وبضحكة على كلامه وهزت رأسها بينما هو لمح عبايتها .. وسحبها بسرعة وهو يقترب ويحطها على كتف دُجى : وهذي الأرتست دُجى توشحت ببشتّها .. وحالياً رح تتوجه معي للمستشفى بكل سلاسة وهدوء
ألتفت له وكانت بتتكلم بس أشر لها تسكت وهو يتنهد : طالبك يا دُجى .. ترى ثوب القلق أكل مابقى مني من لحم .. ماعاد بي طاقة للتفكير
ألتزمت الصمت بخفوت وونظراته كانت تكفي تخليّها تنصاع لكلامه .. وفعلاً لبسّت عبايتها بإنقيّاد وتوجهت معه للمستشفى .. ومثل ماقال الدكُتور من قبّل حل مشكلتها بيدها ولكنها ماكانت قادرة تسيطّر على نفسها ..
بينما هالمرة لافِي كان معها .. لذلك الرفض مااكان له مجال .. ومثل ما توقعت ومثل ما قرأت لليالي طويلة عن أعراضها ومثل ماكانت تدري .. مرضها كان متحور على " النوم القهري "
وفعلاً الأعراض اللي ذكرها الدكتور كانت مُحاطة فيها .. من الإكتئاب الي يزورها مرات عدِيدة ..
"الصداع الكثيّف والي ما يفارقها .. الشلل المُفاجى المُؤقت الي يصيب أطرافها .. والأهم الهلوسّة الي تصيبها قبل النوم العميق .. والأوقات الي كانت تتحدث فيها بكلام غير مفهوم وبنبرة صوت منخفضة .. وفي حالة مقاومتها للنعاس الشديد تتصرف تصرفات لا إرادية وتلقائية وغير مفهومة والي أحياناً تنساها بعدما تصحى من السُبات العميق .. نومها المُفاجىء يأخذ منها ساعات من عمرها بدون ما تحصي عددها وبدون ما تعرف كم من الوقت ممكن تغيب عن وعيّها .. وهالشيء لو كان عاجبّها إلا إنها تصيب كل من حولها بالهم
لذلك المُضادات اللي وصفها لها الدكتور .. والعقاقير المهدئة والمُنبهة كانت كافيّة بالنسبة لها .. وكافيّة بأنها تحول بينها وبين مرض التغفيق! "
وفعلاً إنتهى يوُمهم الطويّل بالمستشفى ورجعو للبيت بتعب شديّد
-
-
إشتّدت ظُلمة الليّل .. وبان القمر بوُضوح بوسط السمّاء المُظلِمة .. وأعلنت الساعة إنتصاف الليّل
وفايّزة ماغفى لها جِفن .. تُصارع أفكار مُميتة من لما عرفت بُوجود عائلة أمواج بأركان هذا الحيّ ..
يدينها على قلبها .. وعيُونها موجهة نحو السماء وهي تنطق بتساؤل : وجبّ على أهلها يكرهُون هالحي .. لا لا مو الحي وبس .. وجبّ عليهم يكرهون المنطقة كلها
ليّه رجعو ؟ ليه قررو يعيشو هنا ..
أخذت نفس وهي تمسح وجهها بعصبية : سنيّن طويلة مرت وأنا مرتاحة من حسّها .. ولما ماتت أرسلت عليّنا باقي خليفتها ؟ لا تخسيّن يا أمواج
خذيت منك السعادة وأنتي هنا .. مستحيل أسمح لك تسترجعينها مني مستحيّل
غمضت عيونها للحظات وهي تفكر في وجودهم .. وكيف ممكن يضُرها .. والأهم تفكر في عصبية وقاص لما رجع أمس الليّل بسببُهم وكيف صد عنها على طول ودخل غرفته بدون مايُرد عليها .. كان يكفيّ إنهم عيال أمواج لأجل تكرههم وتحقد عليهم حد الممات .. ولكن زاد الوضع عصبيّة وقاص منهم
فتحت عيُونها وهي تقول بإستنكار : ضِرار .. معقولة إنهم تقبلوه بكل سهولة ؟ أمه كانت تكرهه لدرجة إنها تركته وحيد .. معقولة إخوانه حبُوه ؟
ضربت كفُوفها ببعض وهي توقف وتدور بالمكان : مُستحيل .. مُستحيل ، أنا متأكدة إنهم بيبقون يكرهونه طول حياته مثل ما كرهته أمه
طرى بباله حليّمة وعيالها وزاد غيظها الضعف : ويستحيل تليّن العلاقة مع حليّمة .. مثل ما كرهت أمواج فيهم طول حياتها .. وجبّ على خليفتها يكرهونها
وبكذا قضت الليّل كله وهي بين هلوساتها الفضيعة .. وسوء نيتّها المُقيتة بسبب كُرهها لأمواج وحليّمة .. والي أنتقل هالكرهه لكل شخص يرتبط فيهم
-وارى القُمر الوضّاح عن النظر .. وأشرِقت الشمس .. مُعلنة بدء يوم جديد
وهّاج الي كان صُوت ضِحكته النابِعة من أقصى صدره يرِن بالحوش .. بسبب غُصن " ولا تظهر ضحكته هالكِثر إلا بسببّها .. ولا يلِين قلبه وتزهر رُوحه إلا لاصارت قُربه " غصن الي توزع قُبلاتها على وجهه بعشوائية وببراءة .. وهو مستمتع ويضحك
بينما كايّد زم شفايفه بقهر وأقترب وهو يسحبّها من قدام وهّاج ويأخذها لحُضنه : عيّب عليك يا غُصن .. أنا أحبك أكثر منه وأنتي تحبينه أكثر مني
ميّلت شفايفها بعصبية لما سحبها وكايّد أبتسم وهو يقول : يلا وأنا بوسيني مثله
رمشت وهي تبتسم وتلاشت عصبيَتها .. وقبل ما تقترب من خده وقف وهّاج بعصبية وهو يقول : قدّها ؟
كايّد ناظره بتحدي وهو يتخصر بيده الثانية وقبل ما يتكلم مشى وهّاج خطوة بإتجاهه .. وكايّد ضحك وحاول يركض وهي بحضنه
بينّما وهّاج أبتسم بضحكة لما سمع صوت ضحكة كايّد يختلط بصوت ضحكة غُصن الي أعجبها مُقاتِلتهم عليّها وبكذا عدت ساعة كاملة وهم يلعبُون معها .. ولكن صُوت حليّمة المفجوع وهي تقولهم : الساعة سبّعة ونص
ألتفتو كلهم بصدمة بسبب صراخها .. وكايّد نزل غصُن من حضنه وهو يقول : ياسلام على بداية اليوم وعلى التأخير من أول حصة .. بسرعة يا وهَاج مافيني أوقف حصة كاملة بسبب التأخير
وهَاج أنحنى بسرعة وهو يبُوس رأس غصن بإبتسامة وهي ناظرته وأشرت له يقرب إذنه .. وهو على طول أستجاب لها .. ومن أنحنى وصارت إذنه مُقاربة لفمها همست بطفُولية : أنا أحبك أكثر من كل أحد بالدنيا
بقى بمكانه للحظات .. وكله تساؤل من سكب حُب وهّاج بقلب هالطفلة رغم معرفتها القليّلة فيه ؟
ولكن أيقن إنها مثل غيم محملة بغيّث .. والنُور الي بنهاية الدرب .. لذلك كانت بالنسبّة له العوض
أبتسم بتنهيدة وهو يبتعد عنها وقال بصوت مُنخفض : وأنتي أكثر بنت أحبّها بالدنيا
أبتسمت بفرحة وهي تناظره وهو بادلها ولولا صراخ كايّد اللي يستعجله ماكان قدِر يبتعد عن هالطفلة متر واحد
-
-
إنتهت الحِصة الأولى .. وبدأ جرس الحصة الثانِية يرن بأنحاء المدرسة .. وهَاج تأفف وهو يقول : تعهد تأخير وكتبناه .. ليه نجلس واقفين حصة كاملة
كايّد سحب ثوب وهَاج وهو يناظره بطرف عينه عشان يسكت .. وهو تأفف زيادة حتى قال المعلم المُناوب وهو يناظر لساعته : الي خلصكم إن عندي حصة ولا كان بقيتو للفسحة واقفين
مشى وهّاج قبل ما ينتهي من كلامه وكايّد لحقه بفشلة .. ومن إقتربُو من الفصل ناظرو للِافي الي واقف عند الباب وتكتف وهو يناظرهم بعصبية
وهَاج ناظره بطرف عينه .. بينما لافي قال : أشوفكم من عرفتو إنكم تقربون لي وأنتم صايرين تتأخرون عن الحصص .. تحسبون إني بكون حصانة لكم؟
وهّاج عقد حواجبه بسُخرية وقال : ومن أنت أصلاً ؟
نزل يدينه بفشلة وهو يحطها على جبهته بقهر من رد وهَاج اللي ساوى كبريائه بالأرض : حسبي الله عليك يالوحش
دخل وهَاج بدون ما يعطيه إهتمام بينما كايّد ضحك وهو يتكاتف معه : لا تهايط وأنت تدري إنه وهّاج
لافي هز رأسه وهو يقول : إي والله .. وحش بيأكلني نيء
ألتفت كايّد وهو يناظر لخالد الي يقترب منه .. وعلى غيّر عادة كان واقف بمكانه بثبّات .. وعلى مُحياه الإبتسامة ما تِلاشت .. بينما خالِد عاقد حواجبه بعصبية وهو يحس إن النار تشتعل بصدره .. فكل مرة كان يمر بس من جنب كايّد .. يلاقيه يناظر للأرض بخوف .. أو يمشي بسرعة عشان يتخطاه .. أو حتى يشغل نفسه بأي شيء بس عشان ما يناظر له .. بينما هالمرة كان غير تماماً
واقف بكل ثبّات العالمين .. والقُوة الي غابت عنه طوال السنتين الماضيّة .. هالمرة تِشع من عيونه
ما دمر كيّان خالد نظرات كايّد ولا وقفته الصامِدة .. كثر ما دمره إبتسامته الساخرة .. والي تركته يشد على قبّضة يده بعصبية مُميتة .. كان بيقترب من كايّد لولا لافِي الي وقف قدام كايّد بعشوائية وهو يأشر على الكُرسي : تفضل يا شيّخ كايَد
ضحك كايّد لما فهم قصد لافِي ومشى وهو يجلس مكانه .. بينما لافي تبّعه بدون ما يعطي إهتمام لـ خالد الي يحترق وراه
بالتالي جلس لافِي جنب وهّاج وألتفت له وهو يقول : ياويلك تفجر فيني مرة ثانية
وهَاج ضرب جبهة لافِي بخفة وهو يقول : خلك في حالك أجل
مسك لافي جبهته وهو يصرخ بصوت عالي : والله لأعلم أبوي
أبتسم بسخرية وهّاج وهو يناظر لخالد : هذي تشبّه حركات واحد نعرفه صح
لافي أنفجر ضحك لما فهم وهّاج مقصده وقال : والله وصرت تفهم علي يا ولد الخالة
وقبل ما يُرد وهَاج ألتفتو لدخول وقاص .. والي جلس بمكانه وهو يترك كُوب القهوة على الطاولة ويجلس وهو يقول : إفتحو على صفحة خمسة وستين وإقروها
لافي رد على طُول : إستاذ وقاص .. صار لنا نقرأ هالصفحة ثلاثة أيام .. والله لو إنه كلام من ذهب
تبغانا ننحتها بعقولنا
ناظره وقاص وهو يرفع حاجبه : عسّاك قريتها شهرين مُتتابعة .. لما أقول شيء تنفذه وأنت ساكت
تأفف لافِي بصوت مسمُوع وهمس لوهّاج : ودي أتفاهم مع اللي أعطاه التعييّن .. بس دخلني بحلبة مصارعة معه والله لأكسره تكسيّر
وهّاج أبتسم بضحكة وألتفت لصُوت كايّد الي قال من وراه : وهَاج إفتح الكتاب وإقرأ .. لا تعطي وقاص ثغرة لك
-ناظره وهّاج وهو يقول : ثغراته كثيّر وأنا أخوك .. ماظنتي له قوة يدور على ثغرات غيره
وقبل ما ينتهي وهّاج من كلامه قال لافي بضحكة وهو يشوف وقاص يوقف وتعابير وجهه تمِيل للغضب : ماعنده قوة .. بس صدقني بجيح ماء وجهه متمردغ بالقاع
أستغرب كلامه وهّاج ولكن من ألتفت ولقى وقاص يتقدم إتجاهه فهم مقصد لافي
-
قد يظُن البعض ؛ أنه من سُوء حظ وهّاج كون وقاص مُعلمه .. ولكن الوضع العكس تماماً !
فكون هُناك طالب لا يهابُه في الفصل .. فهذه نقطة سيئة تحسب ضده !
لذلك مواقف وهّاج معه في الفصل كانت دائماً تنتهي بإحراجه .. عدى هالمرة الي قرر فِيها يفرض هيبته على الكُل .. لذلك وقف وهو يرمي كأس قهوته بالزبالة .. وبعدها ألتفت وهو يوزع نظره على الطُلاب .. لحظات معدودة كانت فاصلة بينه وبين وهّاج الي مقفل الكِتاب وبيدينه قلم .. يكتُب بعشوائِية على الدفتر الي قدامه .. وقف وقّاص جنبه وهو يسحب القلم بعصبية ويرميه بكل قوته على الأرض .. وهذي الحركة أجبّرت كل من بالفصل يلتفت لهم
وقاص نطق بعصبية وهو يناظره بحدة : أنا ماقلت إفتح على الصفحة وإقرأ ؟
ميّل شفايفه وهّاج بإستنكار وهو يرمُقه بنظرات كلها سخرية وإستهزاء .. كونه يدري بنية وقاص بفرض هيّبته .. مع ذلك قال ببُرود : ماني بمجبور أقرأ
عقد حواجبه وقاص وهو يتكتف بضحكة : لا والله ؟
دامك ما تظن إن القراءة واجب عليّك .. أجل مكانك مو هنا .. مكانك الشارع
تنهد وهّاج ورفع عيونه له وهو يقول : وأنت دامك ما تظن إن الشرح واجب عليّك .. فمكانك مهب هنا .. مكانك برى أسوار هالمدرسة
ألتزم وقاص الصمت بصدمة من ردّه .. وبسبب نظرات الطُلاب الي كُلها تأأيد .. والي بعدها قال خالد : إستاذ وقاص طلعه برى هالنكرة .. تعدى حدوده معك
وقاص شد على قبّضة يده بعصبية وهو يناظر لخالد بحدة بمعنى إنكتم وبعدها ألتفت لوهّاج وهو يقول : لا تظن إن حملك لنفس لقب عائلتي يعني هذا بيكون حصن لك .. ترى مصيرك للهلاك لو ما تعدلت !
أبتسم بضحكة ساخِرة وهو يتأفف : يهالأنساب الي حملوتني همها
قال بنبّرة مُنخفضة وهو يناظر وقاص بإستنقاص : كون إسمي ينتهي بنفس اللقلب الي تحمله ماهو مُدعاة للفخر بالنسبة لي .. لاوالله إلا بصمة عار في تاريخي .. فكونك إبن قاتل فضيحة بحد ذاتها يا معلم الفلس .. أقص يدي لو ماكان دخولك لهنا بواسطة أشبّاه رجال مثلك
إجتمعت جنُون الأرض برأس وقّاص .. هذا الرجل جاء للمدرسة هذي عشان يجننه وما يترك فيه عرق صاحي ؟ أو جاء لأجل يهين مابقي من كرامته ؟ أو نيته ينهي هيبّة وقاص قدام الكُل ويشيّع فضيحة أبوه من جديد ؟؟ -
-
ضحكة لافِي المكتومة على ملامح وقاص زادت الطيّن بلة .. وتركت النار تشتعل بصدر وقّاص.. اللي فرد أصابع يده وكانت نيتِه واضحة للكُل ولوهّاج الي ينتظره حركته بترقُب لأجل يلوي ذراعَه
ولكن صُوت المدير فهد .. والي على بأطراف المدرسة ترك وقاص عاجز عن الحركة .. والي صدى صوته يردد " أرجو من معلمي كل الفصول السمّاح للطلاب بالإجتماع في ساحة المدرسة خلال خمس دقائق "
وبكذا زفر وقاص بعصبية وهو ينزل يده .. ووهّاج أبتسم بسخرية وهو يوقف .. ولكن قبل يخطي خطُوة وحدة قال وقاص بخفوت : وتظن دخولك لأسوار هالمدرسة حق من حقوقك ؟ وتظنك مختلف عني ؟
عقد وهّاج حاجبه ووقاص أبتسم بضحكة ساخِرة : واسطة خالتك أمواج مو هيّنة يا سود الليالي
عض على شفايفه ببققهر للقلب الي نطقه وقاص .. والي صار يضرب على أوتّاره الحسّاسة ولا يمر مرور الكرام أبداً .. ولولا يد كايّد الي شابكت يده كان الوضع بينتهي بشكل سيء !
ألتفت له وهّاج وكايّد أبتسم بخفوت وهو يهمس له : أنت وهّاجنا
آرتخى حاجب وهَاج تدريجياً بسبب جُملته وبلع ريقه بهدوء وهو يصد عن وقاص ويتعداه
أرتاح خاطر لافِي وأبتسم لردة فعلهم .. ولحقهم وهو يتخطى وقاص الي زادد غيظه أكثر
وقف وهّاج وهو يلتفت لكايّد وقال : بروح للمدير .. تخطاني أنت
كان بيتكلم كايّد ولكن إبتّعاد وهاج حال بينهم ويد لافِي الي تكاتفت معه أجبّرته يلتفت : مشيّنا !
أبتسم كايّد بخفوت وهو يهز رأسه .. ومشى معه وهو مُطمئن وبشّدة .. كونه مابقى وحيّد !
-
-
وصل وهّاج على أعتاب المسرح المدرسِي وهو يترقب فهد .. ومن لمحه يخرج من مكتبه إتجه له على عجل وهو يوقف قدامه .. وأول ما أستقر قدامه قال بخفوت وبدُون مقدمات : أكيد أول ما وصل ملفي بيدك عرفت صلة قرابتي فيّك .. علمني هل معرفتك فيني سببّ لقبولك بي في هالمدرسة ؟
عقد حواجبه فهد بإستغراب ولكنه جاراه بالموضوع وقال : قصدك توسطّت لك ؟
هز رأسه بضيق من هالكلمة .. وفهد ألتزم الصمت للحظات وهو مستغرب تطرُق وهّاج للموضوع بدون سابق إنذار مع ذلك جاوبه بإبتسامة هاديّة : شغل الواسطة ما يمشي عند فهد يا وهّاج .. وقد قلت لك إكمالك للتعليم حق من حقُوقك .. ويشهد عليّ الله بنفس اليوم اللي تقدمت فيه أنت
إثنيّن معك .. واحد بعمر الواحد والعشريّن .. والثاني بقرب الثلاثين رجعو لمقاعد الدراسة .. وكلهم قبلتهم مثل ما قبّلتك .. الفرق إنك طلبّت إنتظام بينما هم فضّلو الإنتساب .. يعني وجودك هنا حق من حقوقك .. مهب موضوع واسطّة
من لاحظ إرتيّاح ملامح وهَاج حتى أبتسم :عسّاك أرتحت؟
قبّل ما يتكلم .. ألتفتو كلهم للصُوت الجهوري ..
-
ألتفتو كلهم للصُوت الجهوري .. الي تكسُوه الهيبّة الظاهِرة والي قال : إستّاذ فهد
ألتفت له فهد بإبتسامة : سمّ
تقدم له وهو يقول : كم باقي ونصعد على المسرح ؟
فهد ناظر ساعته وبعدها قال : خمس دقائق لوقت نزول الطُلاب
هز رأسه بإيجاب .. بيّنما وهّاج كان يتأمل الصُوت والصورة .. هالوجه مو غريب عليه أبداً .. لاح له بأوقات كثِيرة من حياته .. ولكن وين ؟
غِير كذا صُوته كان معروف ومُميز .. ويحلف إنه حضر لمسامعه قبل فترة مو طويلة .. بس وييين !!
ما أسعفته ذاكِرته .. ولا قدر يتذكره .. بينما هالرُجل يناظره بكل هُدوء وعلى مُحيّاه إبتسامة كلها رُقي بشكل مُريب .. وفعلاً وهّاج أرتاب في أمره وتقدم بإتجاه حتى يسأله .. ولكن إشّارة فهد له يصعد للمسرح .. حالت بيّن وهّاج وبينه !
تنِهد وهو يتِجه للمكان حتى يجلس ويستمع للي بيقوله .. بالعادة ما يحب الإستماع لشيء مو من جوه .. ولكن عادّة بنيّان في الإستماع للراديو والي أخذها منه أجبّرته يجلس جنب لافِي وكايّد الي بنهاية الساحة
بوسط الفوضى والفصُول الي تصطف للجلوس ..
ألتفت لافِي لكايّد وقال : شفت نظرات السايكو خالد ؟
كايّد مافهم كلمته وقال : وش سايكو؟
لافي : يعني متخلف عقلي و مريض نفسي
ضحك كايّد وقال : لا ما شفتها ؟
لافي تأفف وهو يهز رأسه ويقلد خالد وكايّد إشتدت ضحكته .. وأردف لافِي وهو يقول : ياخي من لما عتبّت لهالمدرسة وهالشخص ناشب ببعلومي .. ودي أحط قنبلة بجيبه ويتفجر وأرتاح
كايّد قال : وش مسوي لك ؟
ميّل شايفه بخفوت : ما عندي علم .. كل الي أعرفه إنه شخص من تناظر تعابير وجهه تكرهه
سكت للحظات وناظر لعلبة العصير الي معه ثم أبتسم بضحكة وهو يقول : مو شرط تكون القنبلة بجيبه .. نخليّها على رأسه
عقد حواجبه كايّد بينما لافي أنحنى وهو يغطي وجهه .. وناظر لمكان خالد بنُص عين وهو يدققّ بموقفه .. وبحركة سريعة رمى علبّة العصير على رأسه بكل قوة لدرجة إن خالد فز بعصبية من مكانه وهو يصرخ بقهر : كسّر الله يدين رامينها .. وين هو ؟ علموني من هو بس
إستنفرو الطلاب .. والمُعلمين عصبو وركضو لهم وهم يحاولون يهدُونهم وفعلاً هدؤو إلا خالد إللي عيونه تدور بالأرجاء .. ومن لمح لافِي يضحك بكل قوته وكايَد كاتم ضحكته بصعُوبة .. بينما وهّاج الي جالس على مقربة منهم مبتسّم بخفوت وهو مكتف يدينه .. شد على قبّضة يده بعصبية وهو يرجع يجلس مكانه وكله لوم وحِقد : لا تظن إنه صار لك عزوة وصرت قوي .. مصيري أكسر مجادِيفك من جديد يالأعرج
ولما على صُوت الضيّف بالأرجاء عم السُكون المكان من شِدة هيبته ..
أبتسم بخفوت بسبب صمتهم السرِيع بسبب صُوته .. لذلك أستّهل كلامه بالسلام ثم الحمّد وبدأ يعرف عن نفسه : معكم بُرهان .. مُذيع ومقدم برنامج برهان الإذاعي .. إستضافني المديّر فهد العمّار اليوم عُندكم لألقي بعض الكلمات .. لا تعتبروها مُحاضرة من شخص بعيّد عنكم .. إعتبُروها كلام من أخ لأخوه !
ألتزم الصمت للحظات وبدأ يتكلم بكل طلاقة .. وبكلمات مُؤثرة جداً عن الحيّاة .. كيف ممكن تتعدى الوجع بدون ما تكترث للندوب الي بتبقى بعده .. كيف ممكن تبدأ يوم جدِيد بدون ما تكون رغبتك ببدايته " متى ينتهي هاليوم ؟" والأهم تكلم عن " التنمر " وكيف مُمكن إنه يقضي على حياة شخص ويدمر نفسيته وحيّاته لو بقينا ساكتين عليه .. لو بقينا صامتين ونظن إن تحمل التنمر هو الحل يعني إحنا بالطريق الخطأ !
كعادة بُرهان .. كان كلامه بالوقت المُناسب .. وللأشخاص المُناسبين .. إستمر يُلقي كلامه لساعة كاملة .. دُون أن يشعر شخص واحد بالملل .. إلا من كان يظن أن الكلام يقصده .. وبعدها ختّم بُرهان كلماته .. وأنهى حدِيثه بنفس طيّبة وسط تصفيقهم وإمتنانهم العمِيق ..
وأثنّاء نزوله من المسرح لمح وقاص يقف في صف المعلمين فأبتسم بسُخرية وأكمل طريقه
ولما كان بيدخل لمكتب فهد .. لمح طيّف وهّاج فأستوقفه وهو يقول : وهّاج
عقد حواجبه وهَاج وألتفت بسرعة وهو يميّل شفايفه بإستنكار.. بدأ الفضول فعلاً يتسّرب بشكل كارثي .. كيف يعرفه هذا الشخص ؟
وقف بمكانه للحظات .. وبدأ دماغه يتذكر المكان اللي سمع فيه صوته .. وفعلاً .. كان " بمقهى بنيّان" وهذا المُذيع بُرهان الشخص المُلهم بالنسبّة لبنيّان .. هز رأسه وهو يتذكره .. ولكن الشيء الي أستنكره معرفته فيه ؟
إقترب منه بُرهان وهو مبتسم وقال : شكلنا غبنا عن ذاكرتك ؟ واضح ماكنت بالشخص المهم لك لأجل تتذكرني
وهّاج أنحرج وقال : أعذرني ..
هز رأسه بإبتسامة وقال بضحكة : ما تتذكر الحجر الي كسّر عمودك الفقري بآخر يوم لك لما كنت تدرس الثانوي من قبل ؟
عقد حواجبه للحظات وهو يعصف ذاكِرته .. آخر يوم له بالثانوي مستحيل ينساه .. لأنه اليوم الي تدمرت فيه حياته .. ولكن بُرهان كيف جاء طرف من أطرافها ؟؟؟
رفع رأسه بسرعة لما تذِكره بُرهان .. الشخص نفسه الي كان وقاص يتنمر عليه ! والشخص نفسه الي أوجع وهَاج وقاص عشانه !
أبّتسم بُرهان وهو يتأمل ملامح وهّاج براحة عمِيقة تسللت لكل أجزاءه ..
بينما وهّاج قطّب حواجبه وناظره بحدة مُصطنعة وهو يقول : ليه كسّرت ظهري بالحجر ؟
ضحك بُرهان : لا يكون وجعها للآن حاضر؟
رفع كتوفه بسخرية : لا ولكنك حطيت كل طاقتك بالرميّةً
بينما بُرهان أردف : بيني وبينك .. على قد خوفي عليك بذيك اللحظة .. على قد ما رميّتها بكل قوتي !
كانت نظراتك مُرعبة يا وهاج .. خفت تضيع حياتك بسبّب وقاص
أبَتسم وهّاج بسخرية وهو يأشر على نفسه : وهذي هي ضاعت .. شفني عند النقطة الي تركتني فيها
أبتسم بخفوت وهو يقول : أنت في توقيتك المناسب صدقني
عقد وهّاج حواجبه بينما بُرهان أردف وهو يقول : أحدهم يتخرج من الجامعة وعمره (٢١) وإنتظر (٥) سنوات عشان يتوظف .. والثاني تخرج بعمر (٣٠) وتوظف على طُول .. وغيره تزوج بعمر (٢٥) وما أنجب أطفال .. والثاني تزوج وعمره (٤٥) وأنجب أطفال .. لما تشوف اللي أصغر منك يخيّل لك إنهم متقدمين عليّك أو متأخرين عنك .. ولكنك غير تماماً
كل شخص يجري في سباقه الخاص .. وزمانه الخاص
أنت منت متأخر ولا متقدم .. أنت حقيقة في زمنك المناسب والخاص فيك .. أنت تعمل في توقيتك الي وقته الله لك"م"
نظرات وهّاج كلها إعجاب وذهُول .. وكل جوارحه تِستمع بلهفة لكلام بُرهان .. ففعلاً الكلام الي يحتاج يسمعه .. يلاقي أفضل الأشخاص يقولونه له .. وبعدما مرت دقائق صامتة قال بضحكة : لو يدري بنيّان إنك قبّالي ليجن جنونه
عقد حواجبه بُرهان ووهّاج أردف : صاحبي الجنُوبي بنيّان .. شخص لاصارت الساعة تسعة ينعزل عن العالم لأجل يسمع صُوتك
أبتسم بُرهان بإحراج .. ووهاج ضرب كتفه وهو يقول : تستاهل الطيّب يا بُرهان .. والحمد لله إنك تعديت كل العقبات الي قدامك .. وما سمحت لكلام أحد يأذيك
بُرهان بوقت كلام وهّاج إستقرت عيُونه على وقاص وأبتسم بسُخرية وبقهر : عزاي لكل شخص هذا معلمه
إلتفت وهاج بإستغراب ومن لمح وقاص ناظره بحدة وهو يتكتف .. بُرهان أزاح نظره عنه وقال بإبتسامة : أجل لقانا الجاي مع الجنُوبي لأجل أكون معه صوت وصورة
هز رأسه بضحكة وقال : بينهبل صدقني
أبتسم بُرهان بإمتنان .. وكمل سواليف عادية مع وهّاج وبعدها إستأذن وأتجه لمكتب فهد ..
وبعدما أنتهى اليُوم .. ناظر وهّاج لجواله بضيق وبقلق .. ليلة البارحة ماغفى له جفن والأرق كان صاحبِه .. ماقدر يتُرك ضرار لوحده لذلك طلع لحاله يدُور على السجين المعهُود ولكن مالقى له أثر .. ورجع الفجر البيت
والحين يده على خده والخوف متوشحّه فقرر ينزع عنه هالثُوب ويحارب ذاته ويتصل على ضِرار .. وفعلاً ثواني قليلة ووصله صوت ضِرار الذابِل .. والي قال فيه إن البحث مازال مستمر ومحمد غايب عن الأنظار تماماً .. بينما هو رح يرجع البيّت بعدما طلب منه المُلازم يحضر بكرة لأجل يتكلمون بعقابه !
إنتهت المُكالمة ووهّاج زاد ضيقه أكثر من الموضوع لأن مابيده شيء يسويه !
-
-
دخلت معاني الغُرفة على خيال الي غايب حسّها طول اليوم .. وعقدت حواجبها وهي تشوفها تدور بمكتبة كُتبها الكبيرة وهي تدُور على كتاب مُعين .. قال معاني بتساؤل : غايب حسّك عننا .. وش الي خذاك ؟
إلتفت خيال بسرعة وهي تناظرها وقالت وهي تبعد خُصلات شعرها عن وجهها : معاني خذيتي أي كتاب من كُتبي ؟
معاني ميّلت شفايفها بإستغراب وخييال أردفت : ضايع لي أحد كتب رواياتي .. معاني لازم ألقاه
أحس لي يومين تايهه ومضيعة وجهتي .. لازم ألقاه لأجل ألقى الوجهة الصحيحة
معاني الي فهمت كلامها وإقتربت بعصبية وهي تقول : خيال .. أنتي مو بطلة من أبطال الروايات الي تقرينها .. ياويلك تجبرين نفسك على عيش حياتهم .. والله لو ترجعين لهالموال لأحرق كتبك كلهم
تأفتت خيال وأستقرت قدام معاني وهي تقول : وين المشكلة ؟ بالنهاية مارح أرتكب جريمة .. رح أجرب طريقة عيشهم بالروايات
غمضت عيونها معاني وأخذت نفس وهي تزفره بهدوء ثم فتحتها وهي تبتسّم بحنية : خيال ياعيوني .. هذا واقع غير تماماً عن الكتب الي تقرينها .. أنتي عايشة تماماً بالخيال .. والبطلات الي بالروايات حياتهم مُقتصرة فقط على الخيال .. مستحيل تقدرين تعيشينها بالإطار المُحيطي الي أنتي فيه
خيال كانت تستمع لمعاني بإحترام ونظراتها للأرض .. ومن لمحت كُتب بالشنطّة المفتوحة على جنب .. واللي باقي ما رتبتها للآن .. قررت تنتهي من محادثتها مع معاني لأجل تنجز الي ببالها .. وهزت رأسها بإنقياد : لاتشيلين همي .. أنا عاقلة ومو طفلة الأمس .. أنا بس أحب أعيش الموضوع بعقلي بس
تنهدت معاني وهي تقترب وتحضُنها بحنية وقالت : وإن ماشلت همك .. أشيل هم من يا خيال ؟
لا تنسين إنك وحيدتي وبنتي وأختي
أبتسمت بضحكة كلها إمتنان وبادلتها الحُضن .. وبعدها إستأذنت معاني .. وخيال على طول جلست قدام الشنطة وهي تدور على الكتاب ومن لقته أبتسمت بحماس وهي تجلس بمكانها وتبدأ تقرأها من جديد !
يومين كاملة كانت فعلاً تايهة .. وكلها تساؤلات وإستفهامات وضيّاع .. لما عاشت دُور البطلة بالرواية وتقصمت شخصيّتها إستمتعت وجداً لدرجة نست شخصيتها الأساسية .. ومن لما رجعت البيت ماعاد عرفت ترجع لخيال نفسها .. تزعزعت الشخصيات داخلها وماقدرت ترجع لذاتها بقت أسيرة لشخصية البطلة الي بالرواية .. وهذا الي خلاها تِتُوه .. لذلك قررت ترجع تقرأ الرواية .. لعلها تلقى الحل .. وتعرف كيف تصرفت البطلة بعد موقفها عشان تقدر تتصرف نفسها .. وفعلاً وصلت عند الجزء المنشُود .. وبدأت تقرأه بتأني شديد
" لم تستطع ريانة الصمُود عن رغبتها في المغُامرة من جديد .. فالليّلة الي قضتها بالغابة كانت مليئة بالحماس الشديد .. لا تخفي على نفسها أنها خافت وبشدة.. ولكن حِس المغامرة فتك بقلبّها .. وجعلها تُعيد الكرة وتدخل الغابّة من جديد .. رغبةً منها في المُضي لمغامرة مُمتعة أكثر من المُغامرة السابقة "
بمجرد إنتهاءها من قراءة هذه الصفحة .. حتى إنتزعت جسدها من البُقعة التي تقف عليها .. وأخذت أغراضها وهي تُرسل رسالة سريعة لفهد .. مُحتواها أنها بتروح لجارتهم اللي جنب بيّتهم والللي تعرفت عليهم في قبل إسبوع .. واللي أساساً وعدتها ترجع تزورها باليوم الثاني .. وفعلاً تركت خبر عند معاني وأنطلقت في طريقها بكل سُرعة .. لعل الشعور الذي في روحها يتلاشى ويختفي تماماً .. وتعود لشخصيتها الرقِيقة مرة آخرى
-
-
كان مُستِلقي على الكنب الرث .. الغُبار يسكن أرجاء المكان.. لأن هالبيّت مهجُور منذ أكثر من عشريَن سنة ! لم تخطُو أقدام أحد غيره هذا المكان .. لذلك كان يعتبره مكانه السرِي الخاص .. كلما عصفت به الحياة وزادت جُرعة الحزن .. كلما لجأ لهذا المكان .. خشيّة أن يرى أحد جُرحه فيتلقى نظرات الشفقة اللي توجعه أكثر ..
أخذ الولاعة من جديد .. وهو يُشعل الشمعات المُتبقية في الغرفة .. ويديه تتحس الكمامة المُلتفة حول أنفه لأجل ما يتسلل الغُبار لصدره .. فيموت من شدة تعب رئتيه .. رفع رأسه وهو يُلقي نظرات كلها تساؤل .. فالمرة السابِقة تزلزل كيانه من شدة الخوف بسبب الفتاة التي تجرأت ودخلت لهاللبيَت
فكما هو معروف في هذا الحي.. أن هالبيَت مسكُون .. حتى المرور من جانبّه كان بحد ذاته جراءة .. فكيف بمن يدخل من بابه ؟
من بين تعبه وكثرة الهم الي بقلبه .. كان يتسائل فعلاً عن تلك الفتاة .. ف طُول حياته لم يُقابل أحد جريء لهذه الدرجة سوى أخته المُتهورة !
غمض عينيه وهو يتنهد .. ويحاول أن يكف عن التفكير لعل حواسه تهدأ !
-
بينما خيال إقتربت من المبنى .. وهي تحس أن الأرض تطُوى من بين قدميها .. وقفت بصدمة أمامه وهي كلها إستفهام كيف وصلت بهذه السرعة ؟
كعادة المببنى .. مُظلم من كُل إتجاه .. يحيط الرُعب كل أركانه .. ولكن لوهلة لم تكن تأبه ففي النهاية تريد التخلص من الحمل الثقيل الذي حمُله قلبها .. ما رح تقدر تتخلص من تقُمص شخصية البطلة اللي تُحبها إلا عندما تسلك نفس دربها .. لذلك أجُبرت على الحضُور هُنا حتى تنزع عنها رداء الجراءة هذا الذي لايليق بها .. إقتربت بكل خوف وهي تفتح الباب وتُلقي نظرات سرِيعة للمكان ..
-
أخرجت هاتفها وهي تُشغل الضوء منه .. وبدأت تخطو خطواتها بحذر .. تمنت لو أن أحداً معها هذه اللحظة .. لأنها ولوهلة تظن أنها ستموت من شدة رعبها وخوفها لدرجة إن صوت دقات قلبَها يُسمع بكل وضوح
تراجعت خُطوات مرتجفة للخلف وهي تتأمل الضوء الذي يحيط بالغرفة بسبب الشمع المُنتشر بأطرافها .. وعقدت حواجبها بخوف شديد .. ذاك الرجل موجود في المنزل المسكُون من جديد ؟؟
وش هالصدفة الغريبة ؟؟
لم تُلقي بالاً له .. فكلها حذر وكلها إنتظار لتلاشي الحمل عن قلبها .. ولكن صوت الدندنة المُنخفضة والتي تسللّت لمسامعها أربكتها .. لم يكُن بالصوت الرائع .. ولكنه صوت دافيء وحنون
كان يدندن من شدة ضيقته .. أي كلمات تزور عقله يقولها بكل سلاسة .. لعل هذه الجدارن تنعى وجعه معه .. وعندما أنتهى تنهد تنهيدة عميقة وهو يغلف رأسه بيديه ويضغط عليه بشدة : يارب عفوك .. مابقى هم ما تراكم على ظهري .. مابقى الا القليل وينكسر هالظهر .. يارب تكفى مِدني بالقوة الي مابعدها ضُعف .. ماعاد لعبدك حيل
وصلت لمسامعه أصوات خُطوات راكِضة .. وهذه المرة وقف على عجل وهو يخرج من الغرفة بكل سرعة بدُون يدوره الخوف السابِق لأنه يعرف هالشخص .. كان يتمنى الإمسّاك بها .. ومعرفة نيتها بالحضُور لهنا من جديد ؟ وش هالرغبة المُلحة في إستشكاف المكان .. ووش هالفضول العارم اللي يجبرها على دخُول بيت مهجور .. وعلى مُجابهة ومحاولة تخويف رجل لا تعرف من هو ؟
ما أهتم كثيراً فهمومه ماهي بقليَله لأجل يكون أكبرها هالمتطفلة !
إستراح بجسده المُهلك على الكنب وهو يغطي عينيه بيديه وكله ترقُب لليوم التالي !
-
.فتح عيُونه بوجع فالأرق المُصاحب له طوال اليوم .. ما زاره النوم لحظة واحدة
وقف وهو يحاول أن ينفض الخوف من بدلته كما ينُفض التراب ولكن هيّهات لامفر منه ..
ركب سيارته المركُونة على بعد أمتار عن البيت .. وإتجه بكل سُرعته للمركز
وقف على أعتابه وهو يأخذ نفس ويزفره بكل قوته .. أشارت عقارب الساعة .. إلى الساعة الثامنة مساءً
ودخل بخطُوات كلها ترقب للمركز .. كان عاقد حواجبه بسبب الكم الهائل من الضباط المُحيطين بالساحة وهنا أنتفض قلبه أكثر .. ومن أستقرت أنظاره على الرائِد والمدير العام للسجون الي الي بنص الساحة واللي أشر له يحضر .. بلع ريقه بصعوبة وتقدم وكل خُطوة يخطيها توضح الرعب الي يسكن أطرافه
-
ضرب التحيَة للرائد وهو يوقف قدامه ..
والرائد وقف قدامه مع المدير .. وبدأ صوت المُلازم ينتشر بأرجاء الساحة الكبيَرة : حضر الرائد سلمان منصور .. بقرار بتثبيت عقوبة عسكرية ١٣٤٠٠
بيوم الإثنين ٤/٢ أن مدير عام السجون .. وفق الصلاحيات الممنوحة له وبناء على الأوراق المنتهية في الإستنئناف العسكري قرر فصل الضابط ضرار سطّام آل سهيل لقاء تهريب السجين أثنّاء الحراسة الأمنية . . وصدر بحقه التأديب المشار إليه ..والذي يتضمن ؛ مجازاة الضابط بالطرد من الخدمة العسكرية .. وسحب المكافأة العسكرية والمعاش التقاعدي لعدم إستحقاقه .. ووجبّ تنفيذ ما كُتب من قبل مدير عام السجون
قُطع صوت المُلازم .. وتخلل هالمكان
لحظات كلها صمت .. كان مذهول ، مصعُوق
ماكان مصدق بأنها فعلاً .. وصلت المواصيل لهذا المكان !
القلق الي أحاط فيه قبل لحظات هالمرة لبسّه
والخوف والرُعب توسط صدره .. الخيبة تملأ ملامح وجهه .. وقهر الرجال يكسُو عينه لدرجة إنه شدّ على قبضة يده بكل حسّرة .. رغم ذلك كان رأسه عالي .. وظهره مستقيّم ما أنحنى ولا تخلى عن نظره الكبرياء .. ورغم إنه كله هم
وندم على طيّب نيته .. الي خذته بطريق أنتهى فيه ضرار
لحظات معدودة وتقدم الرائد مع مدير عام السجُون .. وهم ينتزعون رتُبته منه بكل وحشية .. وينزعون منه بدلته .. تاركينه بوسط الساحة .. خالي الوِفاض من الحلم والكرامة والأمل .. ممتلي جيبه بالهم والخيّبة والقهر !
مِحتار .. مذهول .. والأهم القهر مِمتلي بصدره
مثل ما يمتلي الكأس بالماء ويفيّض .. كانت عيُونه تنتقل بشكل تلقائي لجميع الضُباط الموجودين بالساحة .. نظرات السُخرية ، الشفقة ، الإستهزاء
نابعة من عيون كل شخص يناظر له
رفع يده وهو يمسح على لحيته بحِنكة وغضب العالمين لما إنتزعو سُترته من على جسده وبقى عارِي الحُلم والمنصب .. وزفر بتشديد وهو يبلع ريقه بصعوبة .. ماله حُجة ، ولا له دليل
حتى صاحبّه الي المُفترض يوقف معه ويقُول ضِرار مستحيل يهربه خانه .. ووقف ضِده
والأكيد
#إلتفت بجسده .. وهو يصد ظهره عنهم .. عن صِباه وحياته .. عن سنوات عمره الطويلة اللي قضاها بنفس المكان .. وبعدها تجازى بالخيّانة
يصد عن حنيته .. عن طيّبة قلبه الي دمرت حياته . .عن ثقته الي كانت بالمكان الخطأ .. للأشخاص الخطأ
وبدأ يمشي خُطواته المُتخاذلة .. وعينه تماماً للأرض .. فهو مُوقن أن ظهره إمتلأ بنظرات الشفقة .. فلا تستطيع عينه تحمل هذه النظرات أيضاً !
خرج من المركز .. بعدما جُرد من وظيفته ومن كرامته .. بسبّب قلبه وطيبته الغشيّمة!
وبقى يجُر خيبته طوال الليل .. في ليلة البرد الشاهد الوحيّد فيها
—
—
أخوه وقاص ماكان شعوره بعيّد بالشيء الكثير عن ضِرار .. إنما الإختلاف إن القهر على شيء ما يحق له ينقهر عليه .. كان بدوامة نقاش كبيّرة ومزعجة مع برِيق .. حول أشياء كثيرة .. منها الخِصام الي صار بيّنه وبين ضِرار بسبب دُجى .. تنهدت برِيق وهي تقُول : ياعيُوني يا وقاص .. طبيعي يوقف بصف أخته
قاطعها بعصبية : أنا من ؟ فهميني أنا من أجل ؟ ولد اليهود يعني عشان يمردغ وجهي بالتراب قدام كل خسيس ؟
تنهدت برِيق ثم وقفت وهي تجلس قدامه بنفس طريقة جلوسه وهي تبتّسم بعربجية : تبغاني أكسر وجهه عشانك ؟
ناظرها بطرف عينه ، وهي وقفت وشمرت أكمامها وهي تضحك : لا صدق شكلك تبغاني أدفنه الليلة
ماقدر ما يبّتسم .. بالنهاية هذي شخصيتها الغريبّة .. مرة من المرات تصير عربجية والمرة الثانيّة يغلبها السكُون .. ولكن كل الي يعرفه إنه يكرهها وكثير لاصارت هاديّة .. لأنها تصير منطقية
وإن صارت منطقية تصير ضده بكل شيء
إلتزمت الصمت للحظات .. ثم رجعت تجلس جنبه وهي تناظره بنظرات تفحُص : عيني بعينك يا وقّاص .. وش سبب هالهوشة ؟
تأفف وهو يرفع كفه وقال بعصبية سرِيعة : ما تفهمين ؟ كم مرة شرحت لك البنت تبي تفضحنا بوسط الحي .. صرت أمشي ورأسي بالأرض بسبب إرتباط إسم الكوافيرة فينا .. تفهمين وش يعني ؟
هزت رأسها بنفي وهي تقول : وين المشكلة لاصارت كوافيرة ؟ أشوف مافيها شيء .. وحتى بالعكس تشتغل على نفسها وما تحتاج أحد
عصب أكثر وقال : برِيق .. لا تخليني أجن زيادة
أقولك أمر من جنب الرجال .. يقولون أخت ضِرار آل سهيل كسّرت كرامتهم
ناظرته بتدقيق .. وإستنكار عظيم وهي تقول : طيب إسم ضرار الي أرتبط فيها .. أنت وش تبغى ؟
وقف بغضب كثّيف من مهاجمة برِيق له بكل فرصة .. وضرب الطاولة اللي قدامه برجله وهو يمشي بعصبية بالصالة ويناظرها بحدة .. بدون ما يتكلم .. وكأن بس نظراته الي تتكلم ! العصبية بلغت فيها أقصى مرحلة .. لأن حصنه المنيّع بدأ يت
برِيق أبتسمت إبتسامتها الشهيّرة والي من تعرف خفايا موضوع يحاول الشخص إنه يغطي عليّه .. تحاول بكل طاقتها تستدرجه عشان يعترف .. ويليّن الموضوع
وقفت وهي تسّتقيم على الكنبّ الأزرق المُخمل .. وتناظره وهي تتِخصر بإستنكار : لا تمشي وتسوي نفسك معصب .. أنا وأنت صرنا ندري ليّه كل هالقهر متملكك بسببّ مهنتها
قفزت بكل قوة من على الكنب .. وهي تستقر قدامه وقالت بإبتسامة عرِيضة وهي تقرب تهمس بإذنه : خايف يكبّر الهرج .. ويطول الحكي
وأنت تخاف كلام الناس .. خايف تصير أبعد من الجدي منك صح؟
كانت تراقب نظراته.. تصرفاته .. وكيف يحاول يصد عنها وما يوضح لها إن تفكيرها صح .. بس ضحكتها الصاخبة أجبرته يلتفت وهو عاقد حواجبه : سد الله حلقك .. وش هالصوت؟
كتمت ضحكتها بصعُوبة وهي تقول : أنا ماقدرت أروح لهم وأتعرف عليهم من قوة إحراجي .. ولأن أمي رافضة تماماً تروح معي .. ولكن أنت ؟
متى شفتها ؟ متى عرفت إسمها ؟ متى تعرفت عليها ؟ لأجل تصير متيّم بالهوى !
رمش بعدم إستيعاب من كلامها .. ورجع خطوتين لورى وهو يرفع إصبعها بتهديد : ياويلك لو ينسمع هالحكي بمكان ثاني .. أو لأحد غيري .. والله يا برِيق لأوريك يومك .. لا تحسبيني ضحكت معك يعني تتمردين
تلاشت إبتسامتها بقهر من إسلوبه .. بالنهاية هذا وقّاص .. لو دار الموضوع بدائرة ما تعجبه .. ينهي النقاش بكل غلاظته المعُروفة !
بهالأثناء دخلت فايّزة .. ووجهها مخطوف لوونه
وحالتها مقلوبة .. ولكن حاولت ما توضح أي شيء على ملامحها وقالت : وش صاير معك يا وقاص ؟ أشوف خلقك ضايّق ؟
وقاص تأفف وهو يجلس : وش بيصير يعني ؟ ضرار الكلب .. وولد عمه سُود الليالي .. بدؤ يضغطون على أعصابي
جلست جنّبه وهي تضرب على فخذه : لا تسكت لهم .. لو حاولو يضايقونك .. سود عليّهم عيشتهم
ناظرها بخفوت .. وهي ألتفت لودِيع الي دخل ورمى الشنطة على جنب وهو يجلس جنب بريق : وين كنت ضايع طول اليوم ؟
ودِيع التفت لبرِيق وهو يهمس لها : أحد معبي رأسها علي ؟ وش فيها هالفترة كارهتني
ضحكت بخفوت وهي تهز رأسها : كارهتنا كلنا .. من رجع ولد العم وهي مو طايقة أحد
ألتفت وديع بوجع بسبب كرتون الفايّن الي أنررمى على وجهه وقال بضيق : مافي ساعة خير تمر بالبيت ذا ؟
وقاص الي كتف يدينه وقال : أشوفك مستأنس وأنت تشوف ولد عمك يهين كرامتي بفصلي ؟
عقد حواجبه وديع .. بينما فايّزة قالت بصدمة : جعلك ما تربح يا ودِيع .. قايم مع سود الليالي على أخوك الي من صلبك؟
تنهد وهو يمسح على وجهه وقال بضيق : وش سويت ؟ ما شفتني منطم وساكت وعيوني على الأرض طول حصصك .. وش تبي مني أكثر ؟؟
-
#ساقط بكل قوة قدام ذكاء بريق !إنه أعترف إن ضرار السببّ بهروبه .. وكذا صارت كُل الدنيا ضِده !
-
وقاص وقف وهو يناظره بحدة : أبيك لا أخطأ علي أحد توقف له بالمرصاد .. تدافع عني ، لا تجلس مثل الهرة الي سكبو حليّبها بالأرض
ناظره ودِيع بسخرية وقال : هالدفاع ماعاد يشملك .. والحق هذا أنسحب منك يا وقاص
من لما كسرت عظامي عشان ما أدافع عن كايّد المسكين .. من لما أهنتتي عشان ما يرتفع صوتي إذا أحد أذاه
فايَزة وقفت بقهر : وديع وكسر .. هذا أخوك لا تساويه بالأعرج .. أخوك ما يستاهل أحد يهينه
بينما ولد حليّمة مالنا شغل فيه
زفر وهو يحاول يكتم عصبيته ووقف بضيق وقهر : هذا أخوي .. ولكن ذاك ولد عمي .. عمي الي أنـ.......
أنبّترت كلمته بلوم وعتب على أمه ووقاص الي رجعو هالذكرى لرأسه .. وأخذ شنطته وهو يلتفت لهم ويقول : إتركو بيّت وهّاج في نور .. إعتقوهم من هالكرهه الي بقلوبكم
مشى وهو يسمع كلام أمه وعصبيتها .. وشرهة وقاص عليهم ولكنه ما أهتم .. كل مرة نفس الموال
ومستحيل يبقى يسمع نفس الإسطوانة يومياً !
أما برِيق كانت ملتزمة الصمت .. مع ذلك وقفت وهي تِتسلل من الصالة بدون ما ينتهبون لها وينتقلون بعصبيتهم عليّها .. ومن دخلت غرفة ودِيع حتى لقته جالس على السرير وهو معصب مشت وهي توقف جنبه وتضرب رأسه من الخلف : أشوفك ضايق بسبب كلامهم .. ما تعودت
ألتفت لها وهو يناظرها بطرف عينه : أشوف يدك يبغى لها كسر
ضحكت وهي تخبيّها ورى ظهرها .. وقالت : خلك من يدي .. ترى بتنفعني عشان أكسّر رأسك باللعبة الجاية
ناظرها بنظرات هاديّة .. وكلها ثواني قليلة وقف وهو يقفز من على سريره بحماس وجلس قدام السوني وهو يناظرها بطرف عينه وعلى مُحياه ضحكة : تعالي .. نشوف آخر مهاراتك بالخسّارة
جلست جنبه وهي تضحك نفس ضحكته وقالت : لو عندك القوة .. حاول تهزمني
ضربها على كفها وقال : متى ودك تتعلمي تصرفات البنات أنتي ؟
مسحت على كفها وهي تضحك وتقول : متربيّة مع ثلاثة عيال .. وش منتظر مني ؟ ألعب بيت بيوت يعني ؟
هز رأسه وهو بضحك بآسى من طريقة كلامها وهي أبتسمت براحة من ضحكته .. وعدلت جلستها وهي تبدأ تلعب معه .. صحيح إن جسدها مع ودِيع
بينما جُل تفكيرها عند وقاص وعن نيته المخفِية ورى كل هالغضب على ضِرار كله !
-
-
هذا يوم كامل مر .. ما يدري هو مَر ولا مُر بالأحرى
كانت آخر ضياعاته بليلة إنتحار أبوه .. والآن ضاع بسبب الخُذلان
ليلة مُرة بكل ماتعني الكلمة .. ويوم أمّر ، ماكان حاس حتى بأشعة الشمَس الي تِخترق جسده .. كان فعلاً تايّة !
ولكن هالمرة يظن إن له وجهة .. وله عضيّد
يظن إنه بينخذل من كل جهة .. إلا الجهة الي جربت طعم الخذلان
-
-
وقاص وقف وهو يناظره بحدة : أبيك لا أخطأ علي أحد توقف له بالمرصاد .. تدافع عني ، لا تجلس مثل الهرة الي سكبو حليّبها بالأرض
ناظره ودِيع بسخرية وقال : هالدفاع ماعاد يشملك .. والحق هذا أنسحب منك يا وقاص
من لما كسرت عظامي عشان ما أدافع عن كايّد المسكين .. من لما أهنتتي عشان ما يرتفع صوتي إذا أحد أذاه
فايَزة وقفت بقهر : وديع وكسر .. هذا أخوك لا تساويه بالأعرج .. أخوك ما يستاهل أحد يهينه
بينما ولد حليّمة مالنا شغل فيه
زفر وهو يحاول يكتم عصبيته ووقف بضيق وقهر : هذا أخوي .. ولكن ذاك ولد عمي .. عمي الي أنـ.......
أنبّترت كلمته بلوم وعتب على أمه ووقاص الي رجعو هالذكرى لرأسه .. وأخذ شنطته وهو يلتفت لهم ويقول : إتركو بيّت وهّاج في نور .. إعتقوهم من هالكرهه الي بقلوبكم
مشى وهو يسمع كلام أمه وعصبيتها .. وشرهة وقاص عليهم ولكنه ما أهتم .. كل مرة نفس الموال
ومستحيل يبقى يسمع نفس الإسطوانة يومياً !
أما برِيق كانت ملتزمة الصمت .. مع ذلك وقفت وهي تِتسلل من الصالة بدون ما ينتهبون لها وينتقلون بعصبيتهم عليّها .. ومن دخلت غرفة ودِيع حتى لقته جالس على السرير وهو معصب مشت وهي توقف جنبه وتضرب رأسه من الخلف : أشوفك ضايق بسبب كلامهم .. ما تعودت
ألتفت لها وهو يناظرها بطرف عينه : أشوف يدك يبغى لها كسر
ضحكت وهي تخبيّها ورى ظهرها .. وقالت : خلك من يدي .. ترى بتنفعني عشان أكسّر رأسك باللعبة الجاية
ناظرها بنظرات هاديّة .. وكلها ثواني قليلة وقف وهو يقفز من على سريره بحماس وجلس قدام السوني وهو يناظرها بطرف عينه وعلى مُحياه ضحكة : تعالي .. نشوف آخر مهاراتك بالخسّارة
جلست جنبه وهي تضحك نفس ضحكته وقالت : لو عندك القوة .. حاول تهزمني
ضربها على كفها وقال : متى ودك تتعلمي تصرفات البنات أنتي ؟
مسحت على كفها وهي تضحك وتقول : متربيّة مع ثلاثة عيال .. وش منتظر مني ؟ ألعب بيت بيوت يعني ؟
هز رأسه وهو بضحك بآسى من طريقة كلامها وهي أبتسمت براحة من ضحكته .. وعدلت جلستها وهي تبدأ تلعب معه .. صحيح إن جسدها مع ودِيع
بينما جُل تفكيرها عند وقاص وعن نيته المخفِية ورى كل هالغضب على ضِرار كله !
-
-
هذا يوم كامل مر .. ما يدري هو مَر ولا مُر بالأحرى
كانت آخر ضياعاته بليلة إنتحار أبوه .. والآن ضاع بسبب الخُذلان
ليلة مُرة بكل ماتعني الكلمة .. ويوم أمّر ، ماكان حاس حتى بأشعة الشمَس الي تِخترق جسده .. كان فعلاً تايّة !
ولكن هالمرة يظن إن له وجهة .. وله عضيّد
يظن إنه بينخذل من كل جهة .. إلا الجهة الي جربت طعم الخذلان
-
-
رفع جواله .. وأتصل بالرقم الي على رأس قائمة الإتصال .. ووصله صوته بلحظات قليّلة .. ولأول مرة يسمع نبّرة وهّاج الحنييّنة .. كان دائماً يقابله بالجفاء والصُدود .. ضِرار دائماً يرفض الشفقة
ولكن لما جاءت من وهّاج تقبلها بصدر رحب : هلا يا ضِرار
ضرار أبتسم بخُفوت .. وقال بصوت هادي : وينك يا ولد الخالة !
وهّاج ألتفت لبُرهان الي يمشي معه لمقهى بنيّان : بمقهى الجنُوبي .. لك حيل تجي لنا ؟
سكت للحظات .. ثم قال : جايّكم !
قفل الجوال .. ووهّاج ألتفت لبُرهان وأبتسم : تعال والله يا عقله بيطير صدق
بُرهان بادله الإبتسامة .. والفرحة مو سايعته .. ن وصله إتصال وهّاج وهو مرتبَك ومتوتر .. ما حسب حساب إن وهّاج الي يبادر بالإتصال أبداً !
وقف وهّاج قدام المقهى .. ودنى برأسه يراقب تصرُفات بنيّان وهو يرتب الطاولة بعدما خرجو آخر الزبائن .. أبتسم للحظات ودخل وهو يقول : أشوفك اليوم منت برايق .. وش صاير ؟ لايكون برنامجك ملغي
ألتفت له بنيّان وقال : بُرهان اليوم ماعنده برنامج .. وهذا من سوء الحظ والله .. شخص مثله مفروض ما يسكت أبداً .. والمفروض كل العالم يستمع له
أبتسم وهّاج بتأأيد .. ثم أشر لبُرهان يدخل وهو يقول : طيّب وشرايك .. هالليَلة ما يسّتمع له العالم كله .. هالليلة يستمع له الجنُوبي وخويّه الشمالي وبس ؟
عقد حواجبه بنيّان للشخص الي دخل المقهى .. ثم بدأت تِتراكم إبتسامات هادية على ثُغره لما تِسلل صُوت بُرهان لمسامعه : سلام الله على الجنُوبي !
ضحك بنيّان بصدمة وهو يحط يدينه على رأسه ويتقدم بخطوات سريعة وهو يوقف قدامه : هذا أنت يا بُرهان !
أبتسم بُرهان بإحراج وهز رأسه بهدوء .. بينما بنيّان زادت حدة ضحكته وأقترب وهو يضمه بكل حبُور وكأنه شخص يعرفه من زمان .. وسط صدمة بُرهان من الموقف .. وإحراج وهّاج الي أقترب وهو يبعد بنيّان عن بُرهان ويبتسم بإحراج : أعذرنا يا بُرهان .. قلت لك هالرجل حيل يحبك
بنيّان ضحك وهو يرتب ثوبه .. ثم أبتسم وهو يقترب ويبي يضمه من جدِيد بس سحبه وهَاج بإحراج وبنيّان رجع يبّتسم بضحكة من جديد: يشهد الله أحسه واحد من إخواني .. يارجل سنة كاملة وهو يشاطرني( يشاركني) الليالي بصوته لين ( لدرجة) صار جزء من يومي .. كيف تبيني ما أحبه ؟
وهّاج ناظر لبنيّان بنص عين وهو يقول : وين الشخصية الراكدة الي نعرفها عنك يالجنوبي
تنحنح ثم تقدم له بنيّان وهو يقول بركادة : الله يحييّ أبو الصعب .. يامرحباً ألف
أبتسم وهّاج بخفة لتغيير أسلوب بنيّان للهدوء
-
هز رأسه بُرهان بإحراج من إستقبال بنيّان الكبير .. وتقديماته الكثيرة .. والأهم حفاوته وسط إبتسامة وهاج الهادية لتشيّيد بنيّان ببُرهان وكيف يمدحه
وبعدها قال بخفوت : يالجنُوبي .. عندنا لك كم وعد .. واحد منها لامني أقبلت عليك ولي من الهم الشيء الكثيّر .. يكون لي بقلاوة جنوبية وكوب من الشاهي .. ولا ؟
أشر على خشمه وهو يبتسّم : وأنا قد الوعد .. ولكـ...
قاطعه وهَاج وهو يقول : ولد الخـالة مقبّل علينا
رمش بنيّان بخفوت .. وهو يتذكر ضِرار ثم هز رأسه وهو يقول : له عندي .. مثل مالك عندي
ودامه ولد خالتك أنت .. فيبّشر بالسعد !
أبتسم له وهّاج بخفوت ووبنيّان أستأذن ودخل للمطبخ الخاص بالمقهى .. بينما بُرهان كان حاضر للموقف كامل .. وكله إستغراب .. لدرجة وضح بتعابير وجهه المُستنكرة .. ولاهو من النوع الي يكتم فضوله لذلك قال : هات غيّم السوالف يا وهّاج .. من متى وهالجنوبي لك خوييّ .. ليه أحس إنكم من المهد إخوان ؟
إلتفت له وهاج وإبتسامته مازالت عالقة بثُغره .. ثم رفع كتوفه بعدم معرفة : ماليي علم أظن إني أعرفه من ثلاثين شمس .. وثلاثين ليل
عقد حواجبه بُرهان .. ووهّاج أردف : العشرة ماهيّب أيام .. ولا سنين تبقى بها مع الشخص نفسه العشّرة مواقف وحميّة يا بُرهان ويشهد الله هالجنُوبي فيه حمية أجهلها في كثير من الناس وإن له من كتفي ضلع في ثلاثين يوم بس
أبتسم بُرهان بطمأنينة وهو يهز رأسه ..ولكنهم ألتفتو بصدمة لِـ لصوت الجهوري الي من خلفهم : العشرة ولا الخمسة !
وصوت ضحكة صاخبّة ملأت المقهى .. عقد حواجبه بُرهان ولافي كان يضحك مع كايد بشكل هستيري على النكتة
وهّاج أشر لهم يسكتون وفعلاً إلتزمو الصمت
جلس لافي على الطاولة وكايّد جنبه .. ثم قال : حيّا الله المذيع بُرهان شرف كبير نستضيفك بالحي هذا
لافي عقد حواجبه بعدها وهو يأشر على الفروة الي لابسها : تدري يا المذيع .. تحت هالفروة مليون جكيت وباقي البرد ينخر بضلوعي وأنت بهالجكيت ضلوعك دافيّة ؟
بُرهان هز رأسه بإيجاب : هذا حيييّ .. وعهدي به قديم
يعني أنا وبرده أخوياء
هز رأسه لافي وكايّد كان ساكت طول الوقت
وبعدها بُرهان كان يتكلم مع وهّاج .. حتى وصل الموضوع .. لنيّة بُرهان برجوعه للإستقرار بالحي هذا لفترة من الزمن .. ولكنه يجهل عن مكان يأويه
لحتى تكلم وهّاج عن مبناه .. والي مكُون من إثنيّن أدوار .. وبما إن كل دور له باب خاص فيه .. كان لهالشيء منفعة كبير لوهّاج .. والي عرضه على بُرهان بنفس السعر الي تدفعه دُجى .. وهو بالتالي وافق بصدر رحب .. كونه لقى مكان بالسرعة الشدِيدة
وفي ظل سواليفهم الهادية .. دخل ضِرار يجُر خيباته خلفه .. ولكن من لمحهم كلهم مجتمعين على نفس الطاولة عقد حواجبه
بيّنما لافي ووقف وهو ينحني قدامه ويقول : حياك الله إستاذ ضرار .. تفضل بالجلوس
ناظره بإستغراب وهو يلتفت لكايّد الي سحب له الكرسي وهو يبتسم : تفضل
تقدم وهو يجلس على الكرسي .. ويناظر لوهّاج اللي صاد عنه ومنشغل بالراديُو
بينما بُرهان سلم عليه .. وتعرف عليه بإطار هادي
وبهالأثناء خرج بنيّان .. وبيدينه صحن البقلاوة .. وكأس شاهي ولكن من لمحهم كلهم أبتسم وقال : حيّا الله ضيوف الجنوبُي
أبتسم كايَد .. ولافي هز رأسه بينما البقية بقو صامتين .. وضِرار يحاول يصد عنهم .. كونه منحرج من ضيقته الواضحة
تقدم بنيّان وهو يترك البقلاوة قدام ضِرار .. وكأس الشاهي وهو يقول : بقلاوة بنيّان.. لو تخطي الجنوب خطوة خطوة منت بملاقي بحلاوتها
رفع رأسه وناظره بإمتنان .. بينما لافي قال : طيب بلقى عنده دبة موية صغيرة ؟
ألتفت له بنيّان بإستغراب وهو يقول : تلاققي
ضحك لافي وقال : أجل خلها عندك لين تكبر
عم المكان الصمت .. ولافي أنحرج ولكنه لف على طول لكايّد الي ضرب كتفه بقوة وهو يضحك من قلبه على سماجة لافي .. ومن أيقن لافي إن أحد بييّشد له بسماجته .. كمل المشي بهالدرب طوال الجلسة .. وكل مرة يقول كلمة يلاقي كايّد مستعد يضحك عليها
بُرهان ألتفت وهو يهز رأسه بيأس وقال بضحكة : دائماً تلاقي الشخص الي بيحبك حتى وأنت ثقيل دم
ودائماً بتلاقي شخص متفاجى من هالحب
ضحك بخفوت ضِرار على كلام بُرهان وبدأ يلقي نظراته عليهم بإمتنان .. متأكد إنهم أجتمعو لأجل يتغير عليه جوه .. ماكان محتاج يقول وش همه .. ولا ليه نظرات الشفقة ممتليّ بها ظهره
ماكان محتاج يشرح ويبرر .. كان بس يحتاج يضحك وينسى الي صار له .. وهذا الشيء الي وفّره له وهّاج بكل وسع صدر .. وكأنه يدري عن حاجة ضِرار
_
_
ومر يوم .. أتبّعه يوم خالِي من الأحداث المُهمة .. غير حدث تغير خيّال .. وكيف صارت مختلفة الشخصيّات .. صارت تحاول تلقى نفسها بأي طريقة .. كل الي تعرفه إن تقمص شخصية البطلة نسّاها شخصيتها الحسّاسة .. وملأها بالجراءة
وهالشيء غيرها كثِير .. وبينما مرت هاليومين على الكل هادية .. كانت صعبة عليه
لأنها تصارع أفكارها .. أفكارها الي كانت عبارة عن متى بيكون إعتراف البطل للبطلة .. متى بيموت الشرير بالرواية .. متى بينتقم البطل .. تغيرت تماماً وصارت عبّارة عن جُمل رسخت بعقلها .. وصارت تِتكرر وكأنها بإسطوانة مُدورة .. ليه تحس إن قلبها يوجعها كلما تذكرت النبّرة الموجوعة الي تسللت لمسامعها ؟
بعد اللي حصّل رجعت لبيتها آمنة مطمئنة .. من فكرة إن وقاص ولدها الحنُون .. يكون له صِلة بإبنة طليقة زوجها !
-
-
على أعتاب عبّق للسيدات .. كانت مبتسمة وهي مقابلة أول زبونة لها بالمشغل .. وكلها حفاوة وحُب وإهتمام .. على علبة الآيشادو تنتقل فُرشاتها لون لتدرجاته .. لجفن هذه الزبونة العميق ووالذي يتزين بكل إحترافيّة .. وكأنها تحاول أن تنقل البهجة من علبتها .. إلى ملامح هذه المرأة .. كانت مبتسمة طول الوقت كيف لا ؟ وهي تقوم بالشيء الي تِحبه !
ومن إنتهت من تزيين الزبونة .. حتى بقت للحظات تتأمل السعادة بعيوونها وضحكتها الهادية .. وهذا الي كانت تِتمناه دُجى !
هذا كانت الي تبي تلمحه .. العيُون الضاحكة والإبتسامة الراضية .. كانت تحب هالمنظر وبشدة
لذلك قررت تختار هالمهنة .. برغم كل العقبات الي واجهتها
ومن شكرتها الزبونة وإستأذنت .. إلتفت لنغمة جوالها والي ظهر بالشاشة إسمه .. ردت بكل عجلة وهي تقول : صرت عند الباب ؟
فهد أبتسم وهو يقول : إييية يلا إستعجلي !
رتبت كل الأشياء الي قدرت ترتبها .. ثم لبسّت عبايتها على عجل .. وهي تسارع خطواتها لأجل ما ينتظر أبوها كثير .. وفعلاً خرجت بوقت قياسي جداً
ولكنها وقفت خلف السيّارة بإستغراب .. لوهّاج الي يتقدم ناحيّة أبوها وبجنبه رجل غريب ما تعرفه
بقت مكانها .. وهي تشوف أبوها ينزل من السيارة ويسّلم عليهم بترحيب وبسعة صدر وخاطِر !
كانت بمكانها .. وهالمرة شابّكت يدينها ببعض .. وهي تحاول تكبّح كل مشاعرها الي تسللت لصدرها
وجهه البارِد المهلوك كان يثير كل فضولها .. فكيّف بالوجه الضاحِك المبتسم ؟
كل الي فهمته من كلامهم إن هالشخص الغريب هو المستأجر الجديد للدور الثاني وهذا الشيء ماكان يهمها .. لذلك كانت بتركب لولا الرجل الي أستقر بجسده قدام أبوها وهو مبتسم .. وتعابير وجهه كلها إحراج وخوف وقلق .. وكيف مرتبك ويحاول يدخل بموضوع ولكنه مو قادر
ضغطت على يدها بقهر .. من إنها صارت محاصرة بالمكان هذا .. ماتقدر تتحرك شبّر واحد لأن طيفها رح يظهر لكل الرجال اللي مُستقرين أمامها .. وبتبان بهيئة شنيعة جداً وكأنها تراقبهم.. لذلك بقت مجبورة بمكانها ثابتة دون حراك وهي مغضمة عيونها .. وتلقائياً جميع الكلام الي ينقال يتسلل لمسامعها
-
كان واقف مرتبك .. ولكن من لمح أبوها زاد إرتباكه أكثر .. يدينه يفركها بتوتر .. ماكان قادر يدخل بالموضوع خصوصاً بهالشارع ولكن
بنفس الوقت الكلام الي سمعه من أمه والمدح الكثيف كان معمي بصره فيها .. لدرجة إنه كان يدور بالحي بس لأجل يلمح زول أبوها
فعلاً هذا هو صار مستقر قدامه
ألتفت لوهّاج الي قال وهو متنرفز : إنطق بالحكي .. تراك بديت تنرفزني بتلكأك
ناظره بطرف عينه وبقهر .. والود وده يقول له يفارق من قدامه .. ولكنه عارف إنه ولد خالتها .. وهالشيء مربط يدينه !
مع ذلك تجاهل وهّاج .. وحاول يتكلم بكل سلاسة .. فأبتسم بخفوت وهو يقول : عيب علي أجيك بالمكان هذا .. وقدام سيارتي وسيارتك .. ولكن ماودي يضيع نسبّك من بين كفيني .. بعطيك علمي
وإن كان لك نية بالقبول رح أجيك لين بيتك وبكل صدر رحب مع هليّ كلهم ..
عقد حواجبه فهد بإستغراب .. بينما وهّاج بدأ يلهم الموضوع .. لذلك شد على كفه بعصبية ونظراته بدأت تِحتد بشكل مُريب .. لدرجة إن بُرهان عقد حواجبه بإستغراب كبير لتحول وهّاج من الشخص الرايق الهادي .. للشخص العصبي المُخيف
في ظل حوار هالرجل .. وتطرقه لخطبّة بنت الإستاذ فهد
كان يتأمل تغير حالته المزاجية ..وكيف تحول بطريقة شرسة ومخيفة
إحتدت ملامحه وبشدة.. وزادت الضيقة بعيونه للضعف .. والعصبية إحُتقنت بملامحه وزادته حدة وغضب لما تسللّت لمسامعهم جُملة هذا الشاب : جيت أبي القرب منك .. وسمعتكم تسبّق إسمكم ولي الشرف بهالنسب !
مايدري بُرهان كيف ثبّت وهّاج بيدينه وهو يحاول ما يخليه يتهور .. لأن الغضب الي في عيونه ينشاف !
وقبل ما ينطق فهد بكلمة .. أو يرد بالرد المُناسب لهالرجل
رفع أنظاره وهّاج .. وأستقرت بعمُق السواد للحظة .. بعد ثواني قليّلة نطـق وهّاج بهدوء .. عكس الحرب الي بصدره ونظره مسكُوب بسّواد عيُونها : بس البـنت مخطوبة لولد خالتها !
إشتحن المكان بمشاعر غرِيبة .. مُستنكرة !
يدين بُرهان الي كانت تِعتلـي كفوف وهّاج أزاحها بصدمة وهو يرمش بعدم إستيعاب .. وعيُونه تعلقت بوجه وهّاج .. ماكانت تعابيره مِترددة
ماكان الخوف متلبسه .. كان العكس تماماً
الهُدوء طاغِي عليه .. والثبّات بوقفته وبكلامه
أثبت لكل الواقفين إنه فعلاً جاد بالي يقوله .. ماخفى على أحد صدمة فهد .. والي بسببّها ألتزم الصمت وبقى يناظر لوهّاج الي أكمل كلامه وهو يقول : خطبـة على خطـبة مرفوضة في الدِين يا إبن الكرام .. فما بـالك بفكرة إنك تخطـب على خـطبتي أنا ؟
جابر "إبن الجار" تلعثم للحظات .. ولكنه حاول يثبث بمكانه.. لأن الي وصله من أمه إن البنت للآن محد تكلم بأمرها .. أكمل إستغراب : العلم الي وصلني إن البنت للآن بأمان أبُوها .. وأنا جاي لأجل القُرب ..
نظرات وهّاج الهادية تحولت تماماً لنظرات تكسُوها العصبية .. ليه يتجاهل كلامه بالطريقة ذي ؟ وليه يحاول يدخل من باب قفّله وهّاج بوجهه قبل لحظات ! إلا إنه ماترك مجال لفهد يُرد .. وعيُونه الي مازالت مُعلقة بالسّواد أزاحها وهو يُنقلها بكل عصبيّة ناحية جابر : الـواضح ياجابر إن الخبر الي وصلك فيه من الزِيف الشيء الكِثير .. بنت فهد تِنتمي لولد خالتها .. وهالقُرب الي تحكي عنه صار لغيرك ..لذلك إحفظ ما بقى من ود .. وخذ حملك وتحرك .. لأني مازلت ساكن وهادي ولا هيّب من شيمي !
زفر جابر بعصبية من كلام وهّاج مع ذلك ماحب يطول السالفة أكثر .. ألتفت لفهد وقال بالفم المليء : أنا مالي إذن أسمع بها لغيرك .. إن ماكان حكيه صحيح فأنا من بكرة جايّك
هِنا وهّاج إنتهت أعصابه فعلاً .. وتقدم خطُوة ولكن نظرات فهد كانت سبّاقة ..لذلك وقف مكانه بعصبية وهو يِصد عنهم .. بينما فهّد ودّع جابر بدون ما يعطيه علم أكيد .. وهو محتار .. وكثر ماهو منذهل ، كثر مالعصبيَة تلعب بصدره والي أجبَرته يسكت بدهشة من فعل وهّاج الي زعزع كيانه وترك يدينه ترتبط بعدم فهم !
—
دُجى كانت بعالم ثاني تماماً .. لا تُنكر أنها إمتلأت روحها بإستنكار غريب ..لما بدأ هالرجل يُلقي كلماته على أبوها .. ولكن الخوف والرهبّة لما تطرق لموضوع الزواج منها ماكان بالشيء القِليل .. لذلك فاض الخُوف والفزع من صدرها لدرجة إن عيونها تشبّعت به .. ووُضح لمرأ العين .. وأي شخص كان بموجود في تلك اللحظة وأستقرت عيُونه بعيُونها .. لأنتبه لكمية الرعب بعيونها .. وهذا الي حصل
وهّاج الي كان سارِح بنظراته ومو مهتم لمحتوى حدِيثهم من بدايته .. ولكن من بدأ بزبدة الموضوع حتى إشتعلت بصدره نار ما يدري وش سببّها .. ونظراته فعلاً مازالت حائرة وشاردة
-
ولكن لِلحظة تعانقت عيُونه بعيُونها .. ونظراتها الي كانت كُلها خُوف ورُعب ورجاء .. تلاقت بنظراته الي كُلها غضب وحِيرة .. ولكن من اللحظة الي فهم معنى نظراتها .. ما تِردد لحظة وحدة يقدم على هالخُطوة
ما تِردد لثانية ولا لجزء من هالثانية لأجل يقول إنها تنتمي به .. بس عشان ما يلمح هالخوف بعُيونها ! بس لأجل الرِجاء الي بنظراتها !
من بعد كلمته الي تِسللت لمسامعها .. ودمرت سكُون المكان صار التنفُس صعب عليها وجداً .. صارت عاجزة عن تحديد موقفها أو إسِتيعاب الحدث ..حتى بلع ريقها كان حيل عسّير .. ماقِدرت تزيّح عيُونها عنه .. ماتدري وش نيّته .. ولا ليه أقدم على هالخُطوة .. ولكن الي تعرفه إن الخُوف تضاعف عندها بشكل كارِثي .. لدرجة إن قعشريرة عظِيمة سرت بأنحاء جسدها .. بمُجرد ما صدّ وهاج عنها .. وأختفى جابر عن العيُون
قدرت تتخلص من الحبّس بمكانها .. ومشت بخُطوات سريعة وهي تدخُل السيّارة بكل هدُوء .. ولكن صُوت قفل الباب وصل لمسامع فهد .. واللِي كان الغضب يعترِيه .. ماهو ذا المُراد .. ولا ذا الي يبيّه القلب يا وهّاج .. لذلك تعلقت عيُون فهد الخايّبة من موقف وهّاج الي ماترك له مجال لأجل يفهم مقصده .. وهز رأسه بضِيق وهو يقول بنبّرة حادة : مهُب ذا العشم يا وهّاج .. مهب ذا
ترك وهّاج خلفه .. ومشى بخُطوات غاضبِة وهو يركب السيّارة .. والصمت هو الصاحِب لهم طوال الطرِيق
بينما وهّاج رفع يده .. وهو يمسح على وجهه بخُفوت ..مهو بنّادِم على هالخطوة .. كثر ماهو مصُدوم من نفسه !
إلتفت بحركة سرِيعة لِـ بُرهان وهو يناظره بعدم إستيعاب : بُرهان .. فهمني الي حصل قبل لحظات
ضحك بُرهان بصدمة وهو يخلل شعره من بين أصابعه وهو يناظر لـوهّاج بهدوء وفكرتين على بعض برأسه ماقِدر يرتبها .. كان مُوقن إن شخصيّة وهّاج شخصية مستحيل تقدر تفهمها .. ولا تتوقع أي حركة منها .. شخصيّة مُعقدة .. وصعبة حيييل لذلك قال بخفُوت : العلم عندك طال عُمرك .. وش هالخطوة الي أقدمت عليها بدون ما تِفكر ؟ الي أعرفه إن مالك نيّة بالزواج هالفترة وتونا قبل يومين نحكي .. وش الي حصل ؟
وليه بالذات بهالموقف يا وهّاج
غمض عيـونه وهو يِرتجي يلاقي تفسير لتصرفُاته .. ولكن كل أبواب الفِهم والتبرير مُغلقة قدامه .. من ليلة البارِحة والنوم حالِف ما يجيه .. وآخر موقف مع فايّزة وكلامها ترك الأرق بجيبه .. والحين هالحدث الي صار .. خرب موازين تفكيره وأحدث كارِثة بقلبه .. لأن الخطوة الي أقدم عليها خطوة مالها تبرير بأي كتاب .. وبأي مكان !
هز رأسه وهو يرفع عيُونه لبُرهان بحيرة : مالِي علم.. مالي علم يا بُرهان
-
-
قطّب حواجبه وهو يكتف يدينه بضيق وقال بقهر : قبل لحظات الثبّات محله صدرك .. والجد يوضّح من عيونك .. ليه الحين التردد صار محله ؟ ندمت ؟
ليه ما فكرت بهالندم قبل توقف في طريق نصيّبها ؟
من بيّن كُل الجمل اللي ممكن تنقال بالوضع هذا .. إختار وهّاج الجُملة الأقوى .. الجُملة الي ما فكر فيها أبداً .. ولا وصلت لدِماغه لأجل يفكر فيها .. كلمة رتبّها قلبه بدون ما يسمح للمنطق أن يعرف بها .. وأستقبلها لسانه خِلسة لينطق بها بدُون وعي وهو يلقي نظراته الحادة الطِبيعية على بُرهان الي أستفزه بكلامه : أنـا نصـيبها يا بُرهان .. ومحد بواقف في طريقي
آرتخى حاجب بُرهان بضحكة وهو يفلت يدينه ويركز بنظره على وهّاج : لا تمرضني يا وهّاج .. وش ذا التناقُض الي حصل خلال دقيقة من الزمن .. حدِد موقفك .. أنت ما تبيها ويعتريك الندم هاللحظة ولا تبيّها ورافض يأخذها غيرك بالمعنى الصريّح العام أنت تحبّها ؟
زفر وهّاج وهو يناظره بشّتات وقال بسخُرية : أي حب الله يرضى لِي عليك .. هالبنت قبل ليالي ماهيّب طويلة عرفت إنها بنت خالتي .. متى لحقت أطيح بالغرام لأجل أنافس عليها
تأفف بُرهان وهو يقول : توك قبل البارحة تقول إن العشرة ما يبي لها سنين وعمر .. يبي لها مواقف
وهذاك صرت خويّ الجنوبي وماصار له إلا لياليّ هنا . . وبيني وبينك مالقيت مُبرر لفعلتك إلا هالشيء
هز رأسه بتأأيد : الإخوة الي تحكي عنها .. مهيّب مثل هالمشاعر يا بُرهان .. ماتجي من كم موقف
بُرهان اللي أمتلى حِيرة .. وهالموقف الي حضّره أكد له إن فهم وهّاج بيبقى أمنية يتمناها .. لذلك أختصر المشُوار على نفسه وضرب كتفه وهّاج بخفة وهو يقول : أنا مالي حيّلة على قلبك ولا على شعُورك .. ولكن صدقني تناقضُك ذا يا بيدمرك من كثر التفكير .. يا بيدمر علاقتك مع الإستاذ فهد .. لاتنسى إنك أقدمت خطوة لبنته .. ويا بتخطيّها يا بتنسحب خطوة لورى .. والله يقويّك
تركه بُرهان بعدما إستّأذن وخلى المكان من حِسّه
بينما وهّاج تأفف وركب سيارته وهو يِتجه بها للبيّت .. والي من وصل لِقاه خالي من حسّ أمه وغُصن وكايّد .. تنهد وهو يُلقي نظرات سرِيعة للمكان وكان ناوي يريّح جسده .. ولكن الأرض ماهي قادرة على حمّل هالجسّد ومافيه من تناقُض
وقف وهو يناظر للشجرة الي تِتوسط البيّت .. وتأملها للحظات ثم رفع ثُوبه الأسود وشمر عن أكمامه وثبّتها لنُص معصمه .. ثم بادر بالشغل على الفكِرة الي طرت بباله .. لا يخفى على نفسه إنه يشتغل بجسده بس .. وكل باله مع الموقف الي حصل معه .. وبعد سّاعة من المحاولات ..
تنهد وهو يناظر للأرجوحة الي من القمُاش .. والي ثبّتها بحبال قوية على جذِع الشجرة .. كان مُوقن إن هالقماش بيحمل جسّده الي مُشبع من الأفكار .. ولكن الأرض ماهيّب قادرة على حمله !
لذلك أستقر بجسده على الأرجُوحة وهو يثبّت يدينه تحت رأسه .. وعيُونه للسماء تنْاظر .. وما إن همّ بإغلاقها حتى حضّره موقفه ليّلة الأمس مع فايّزة
-
"
وهّاج الي كان واقِف قدام الباب الخلفي للمبنى .. والي أنتهى من ترتِيب الشقة الي بالدور الثاني .. وعلى مُحيّاه إبتسامة خفيفة .. بما إنه بدأ يعرف بالعقارات وبدأ يستثمر فعلاً بهالمبنى .. وأكثر شيء بثّ السكِينة بقلبه كان إختلاف المدخل لكل دُور .. وبكذا يضمن خصُوصية كل المُستأجرين عنده ..
ولكن الفُضول داهمه ليتفحص مدخل المشًغل المشهُور .. والي قضى على أعتابه لِيلة من الحيرة والخوف بسبّب صاحبته الي أنهارت فيه ..
وقف قدامه وهو يكتف يدينه .. ويلقي نظرات هاديَة للمكان .. كان وده يفهم سبب فضُوله القوي لعائلة فهد .. ليه لما عرف إنهم عائلة خالته صار وده يتعرف عليهم أكثر .. وبالأحرى على دُجى !
ليه الفُضول دائماً يتبّع إسمها .. إلتفت بإستنكار لصُوت الخطوات القادمة نحوه .. والي كانت صاحبتها " فايّزة "
وعقد حواحبه لما وقفت قدامه .. رجع خطُوة لورى بشيّم لأنه ما ميّزها ..
بينما هي عرفته من على بُعد أمتار قِليلة .. ومن نطقت بـ : لِـ وين خطواتك بتهرب هالمرة يا سُود الليالي ؟
توقف بمكانه .. وعقد حواجبه بعصبيّة .. بغضب بقهر .. للقلب اللي نطقته .. وللصوت النابْع من حنجرتها .. هو فعلاً يعرف صاحبة هالصوت .. وكيف يقدر ينسّاها .. قال بقهر : ليه الأرض مازالت تحمل شخص مثلك على ظهرها ؟ ليه ما بلعتك للحين ؟ ليه ما تعرفون للحيّاء وللإحراج باب ؟
ناظرته بهدوء وهي أكثر وحدة تعرف مدى كُره وهّاج لهم .. لذلك ماكان للإستغراب مكان عندها
مع ذلك قالت : أنت رجال ؟ تعرف للرجولة درب ؟
فتّح عيونه على وسعها بصدمة من كلمتها .. وشد على قبّضة يده بعصبببية والود وده ما تكون مرأة الي حكت هالحكي .. لأجل يفرغ هالغضب على ظهرها
أردفت بقهر : ليِه تسمح لبنت أمواج تفتح هالمكان الي يقلل من مستوانا ؟ ليه ترضى لإسم آل سهيّل بالإهانة يا قليل المروءة !
زفر بخفوت بعدما تِسلل البرود لقلبه وقال : مشكلتك ما تدرين إن إسمكم بأسفل قاع دون ما يكون لبنت الخالة يد
فايّزة أستفزها بُروده .. وقالت بعصبية وكل المُنى إنها تستفزه كلماتها : بلاك ما تدِري إن هالمكان واقف بنصيب ولدي وقاص
أنت تقرأ
لابد يا سود الليالي يضحك حجاجك
Romanceإما أم أن تكون العائلة ملاذك الآمن..وإما أن تعيش بسببها في خوف وجوع دائم . حسابي في الإنستقرام : @riwaia2