وهَاج .. البُهور .. الضيّاء اللي أنطفأ وبشدة هالليلة، أنقتل بسبب مليون ذكرى، من ميّة فكرة،من مشاعر ظن بيوم من الأيام إنه تحلل منها،وإنها غادرت من بين ضلوع صدره
ولكن الأقسى والأمر إن المشاعر مستعصيَة تبتعد شبّر واحد عن صدره
كانت منتظرة إشارة للسَعادة لأجل تنقض عليها وتلتهمها بكل شراسة !
--
يوم عن يوم يقترب فيه للفرح ،كان يعاني ويكتم معاناته ،كان يبَتسم من حُر جوفه ،يقول بخير والوجع يأكل من طرف قلبه !
ولكن ليّلة الفرح هذي ،كانت ليلة مُدمية، مُهلكة،مُزلزلة لكل كيانه
من خطت دُجى خطاويها خارج السيَارة
وقفلت الباب حتى أنطلق مبّتعد عن المبنى كان يمشي بدون وجهة ولكن اللي يعرفه إن ضلوع صدره تنقبض وبشدة لدرجة إن موته الليلّة لقاه بعيونه !
يحلف أيمان طويلة لو بقى معها أكثر كانت هالليلة بتكون أرملة ماهيب عروسة !
إنتهت طاقة التحمل عنده وقف بسيارته بالمكان المنشُود سحب يده عن الدريسكون بكل قوة ودفع الباب برجوله وهو يجُرها بعصيّان
وقف وهو يثبّت يدينه على طرف السيارة كان يحاول يلتقط أنفاسه اللي إنقطعت عن روحه كان يُناشد رئتيه هاللحظة تكمل جميلها معه ولكنه عجز ،عجز يسترد روحه
إنفلتت يدينه من على طرف السيَارة وهوى على الأرض وهو مازال يُصارع ،مازال يحاول يسترد نفسه
رفع يده وهو يتحسس طرف ياقة ثُوبه الأبيض حاول يفك الأزارير بكل طاقته ولكنها أبت ،وكأنها واقفة بصف الوجع معه !
رفع كفه وهو يغرز أظافره بعُنقه الطويل ويسحبه بطريقة وحشية ولكن مامن رجاء ،مازال النفس صعب ،مازال يُحارب على جبهة الحياة !
رفع رأسه للسماء يناظر لها بعيُونه المسُودة من شدة الوجع اللي يخترق قلبه !
وجع قلبه سيّطر على أعضاءه ،ملأ كل أركان جسده بوجع مُميت ،كان ممكن يموت بهاللحظة من شدة هجوم الوجع عليه من كل مكان !
غمض عيونه بكل قوة وهو يرفع كفه ويسحب ياقة ثوبه بكل قوته ،حتى تزلزلت هالياقة وإنقطع القُماش الأبيض وتفتت الأزارير الصلبة وخرت على الأرض مصعوقة !
كانت شهقاته الخافِتة تعلى أكثر وأكثر !
غمض عيونه بإنهاك شديد وهو يرفع يدينه ويتحسس رقبته اللي الدم مغطيها بسبَب أظافره !
كان مثل الي ودّعه قلبه مثل اللي تمردت شراييّنه وصار دمه ينزف بكثرة من مسامات جلده المسُود من شدة غلاظه شعوره هذي الليلة !
النفّس اللي نازع الموت من أجله كان يخرج من صدره بصعوبة ،كان يلهث بتعب وإنهاك وببحة عميقة
جلس بالقُرب من السيارة وهو يوزع نظراته المفجوعة لكل أنحاء هالبُقعة،كان يرمش بعدم إستيعاب رِيقه جف ،ودمعه تجمد،وقلبّه تمرد !
وش هالذكرى اللي زلزلت كيان شجاع ما يتزلزل ؟ وش هالظروف اللي كلما هل الفرح على روحه قالت مالك إلا الحزن
رفع يده وهو يسحب الشماغ الأحمر من على رأسه ويرميه بعدم حيله على الأرض وبدأ يسحب شعره الأسود المُهلك بشدة ،لعله يخفف من الصداع الي داهمه
رفع كفوفه وهو يتحسس يسَار صدره ،كان خايف يكون فعلاً ودعه قلبه وهو الحين على أعتاب الرحيل
ومن تحسس نبضات قلبه المدفُوعة بكل غلاظة حتى رفع رأسه للسماء وهو يصرخ من أقصى جوفه ،كان يصرخ سَخط ، ضيَق ،قهر
جوفه محترق من الضيق، وصدره يشتعل نار من شدة الوجع كان يحس بحرارة الدمع بعيونه ولكنه آبى ينزل، وكأنه يقول " عطيتك فرصة لأجل تبكي وأنت الي ما أستغليتها"
وكأن عيونه عاقدة إتفاق مع وجعه لأجل تباغته فجأة !
وقف وهو يترنح بصعوبة، كان مثل الطفل التاييّه ، كان مثل اللي مو قادر يفهم أي شيء من اللي صار له،يناظر بغُربة للمكان، هو أصلاً متى لقى له وطن يحتويه ؟ حتى لما لقى وطن إحتله الموت !
بلع ريقه بصعوبة وهو يحس إن الضيَق تكاثر أكثر وأكثر ، متى جرته خطواته هنا ؟ متى لقى الوصل مع هالمكان ؟ هو طوال الفراق ما طاوعته خطواته لأجل يخطي لهالمكان كيف بعز موته ينوجد هنا ؟
هالمكان رغم إنه متواجد من سنين طويلة إلا إنه كان يتناسى وجهته دايماً ، كيف هالليلة بالذات تعرف على هالدرب؟
تأمل المكان بعدم وعيي وبدأ يقترب منه حتى وصل لحدوده وهو مازال تاييّه،ألقى نظراته للداخل المُعتم المُظلم !
ولكن ماكان هالظلام يقدر يخلي الرعب يدب بصدر هالوهَاج ،لأن الظلام الي بصدره هاللحظة يكفي ويوفي !
دخل بخطوات مُتخاذلة وهو يترنح بصعوبة ويلقي نظراته على المكان بحيرة تسلل لمسامعه صوت صراخ عالي ولكنه ما أهتم كمل خطواته بعشوائية ولكن اليدين اللي تعلقت بمعصمه بكل قوة أجبرته يوقف ألتفت وناظر لحارس المقبَرة الشايَب ذا الشعر الأشعب والي الغضب يعترِي وجهه : وش تسوي تالي الليل هنا إنهبلت ؟
ولكنه عقد حواجبه بصدمة بسبَب حالة هالشاب اللي شاب قبل وقته ،من عيُونه الذبلانة لوجهه المتهشم من شدة الوجع لرقبته اللي تنزف بكثرة ياقة ثوبه المبعثرة بشكل كارثي ،خصلات شعره اللي تحُوف وجهه
بلع ريقه بخوف ومسّك كف وهَاج بربكة : علامك ؟ وش صابك ؟ فاقد لك أحد ؟
ناظره وهَاج وهو يرفع يده ويتحسس عُنقه اللي الغصّة كتمت على نفسه وألجمته عن الكلام
غمض عيونه بتعب وهو يحارب العِبرة اللي أنتهكت كل حقوقه " فاقد لي وطن .. فاقد لي حياة .. فاقد لي أهل .. فاقدني"
ردة فعل وهّاج أجبرت هالشايَب ينقهر على حاله قال بحنيَة وهو يحاول يسحب كلام من وهَاج ويساعده: تعرف قبر فقيدك وينه ؟ رح له وأنا بتستر ع وجودك،ممنوع تدخل بهالليل،ولكن ....
قاطع كلامه وهّاج اللي فتح عيونه وناظره بتشتت بعدما نزع يده عن عُنقه المُحمر والدامِي هز رأسه بنفي بمعنى ما يعرف
والحارس الشايّب ماكان له حل إلا إنه يقول : عطني إسمه طيَب .أنا أدور عليه
مازالت نظرة الضياع تعتري عيُون وهَاج اللي تحرر من غصّته لوهلة ونطق بصوت خافت مبحُوح من شدة تملك الغصَة له : شُعاع سلطان آل سهيَل
ومن نطق إسمها ناظره الشايَب بإضطراب وهو يبلع ريقه بصعوبة
" هذا ولد سلطان آل سهيَل ؟" شلون ما يعرفه وسيرة موت بنته إنتشرت على ألسنة جميع من بهالحي ، مع ذلك هز رأسه الشايَب وأبتعد عنه !أنحنى وهَاج وهو يثبت يدينه على رُكبه وعيُونه اللي جفت من شدة الوجع ،بدأت تنتحب بكل قوة ،دموعه هلَت على حدُود وجهه المتهشَم لدرجة إن صوت شهقاته العاليَة كان ممكن توصل لأي شخص يوقف على مقربة منه
كانت أول مرة ينطق إسم شعاع من بعد موتها ،أول مرة يلهث لسانه بإسمها ،أول مرة يتجرأ ويقول " شُعاع "
وكأنه يحاول يتحلل من ذنب هالإسم الذنب اللي عانق قلبه غصب عنه ،الذنبّ اللي أنكتب بسجله وماله يد فيه !
كان يتفادى يقول هالإسم من سنين طويلة حتى إنه لاحاول يقوله يتجرحّ حلقه من مداهمة الغصّات له ،ولكن ليه هالمرة كان نطقه سهل عليه ! ليه تسرب من بين كل الغصَات ونطقه بكل هالأريحية رغم الإعصار اللي يفتك فيه هاللحظة ؟
تنفسه بدأ يعلى أكثر وأكثر ،ورغم إن الهواء البارد يداعب عضلات صدره العلوية إلا إنه يحس بحرارة مُهلكة تجتاحه
لحظات بسيطة كانت فارقة بين إنحناءة وبين رجوع الحارس اللي وقف بربكة وهو يمسك معصم وهّاج اليائس ويوقفه على حيله واللي كان يعرف أغلب أهل هالأحياء ، لأن هالمقبر ماكانت تضم إلا أجساد أهل هالحيّ والي بجنبه وحي البهجة ، فماكان صعب عليه يعرفه وماكان صعب عليه يجهله وأغلب الأوقات أخوها الصغيّر يقصده لذلك قال بهدوء وحنية كثيفة : تعال،لقيته
بات وهّاج يجر خطواته بعدم وجهة ورى هالشايَب ،بدون وعي
وكأنه مثل دُمية يقدر يتلاعب فيها هالشايَب بيدينه بدون ما يلقى ردة فعل !
وقف على أعتاب هالقبّر وهو يأشر بالكشاف الأبيض عليه ويقول بضيق : هذا قبّر فقيدتك شعاع
ترك الكشاف على طرف القبّر وخلى جسده من المكان وهو يبّتعد خطوات بعيدة لأجل يترك وهَاج براحته
أما وهّاج من تسلل لمسامعه كلام الحارس نزل عيونه على حدود القبر ومن عانقت عيونه تُربة القبَر الليلة دمرت شهقة عنيَفة صدره ونطق بصوت مخنوق ودموعه مازالت تهل بكل شدة على وجهه : ييياااارببببب
قوته عند هالنقطة إنتهت ،خر صاعقاً على ركبته وهو يجلس على حدود القبر ويدينه على أطرافه ويحس إن روحه تلتهب تحترق من نار تلظى ،وعيونه المِحترقة تتهادى على حدُود هالقبّر اللي جرته خطواته له بدون وعيي ،خمسَ سنين فضضّة موجعة مهلكة على صدره الهشّ كان يحاول فيها يجر خطواته لهالمقبّرة ولكنه عجز ،خمّس سنين يجاهد لأجل يناديها حتى بحلمه ولكنه عجز !
ولكن من بين وجع صدره هالليلَة مالقى نفسه إلا بهالقرب من قبرها ، من بعد ليالي طويلة من بعده عنها ، تسلل ندم عنِيف لصدره هاللحظة
أنت تقرأ
لابد يا سود الليالي يضحك حجاجك
Romanceإما أم أن تكون العائلة ملاذك الآمن..وإما أن تعيش بسببها في خوف وجوع دائم . حسابي في الإنستقرام : @riwaia2