رجعت تسمع كل حلقاته الإذاعية ،من بدايته لآخر لياليه ،ومع كل نبَرة صوت يغيرها تبكي بشدة من ضيقها " أنا ويني عن ضناي ؟"
لذلك أبتسمت بمودة وهي تخفي الندم بقلبها وتقول : لا وأنا أمك ،ولكن كان ودي أنتظرك وأتطمن إنك بخير ،ولكن وين كنت؟
أبتسم لسؤالها وعدل جلسته : الليلة كنت أجهز للبرنامج ، وليلة البارح كانت زواج صاحبيَ وهاج
عقدت حواجبها بضيَق وهي تناظره بعتب : اللي زار مخيمنا مع أهله ؟ ليه ماقلت لي أحضر معك
عيب بحقي وأنا أعرفهم !
ناظرها بصدمة زود على صدماته اللي حضرها قبل لحظات وقال بإستنكار : كنتي بتحضرين لو قلت لك؟
هزت رأسها بإيجاب وهو رمش بغرابة ، يذكر كم الساعات الي أنتظرها لأجل تقتنع تروح معه للمخيم ، والحين هي الي تعرض عليه تروح للفرح ،وش صاير بدنياهم ؟
غلغل يدينه بأطراف دِقنه بريبة ولكنه قال بنبّرة كلها عذر : أعتذر والله ماخطر ببالي إنك بتجين
تنهدت وهزت رأسها بإيجاب وبعدها ربَتت على كتفه وهي تناظره بإبتسامة،ومن وقفت وكانت بتمشي لغرفتها رجعت تلتفت له وتقول : لا تنام دون تصلي الوتر
ألتفت لها وناظرها بخفوت : ما أنام دونها
أبتسمت له بهدوء وكملت خطاويها لغرفتها بينما هو رجع يعدل جلسته وهو يثبت وجهه على ركبته ،ويغمّض عيونه بتفكير عميق ،كيف سؤال عن حاله ، وإنتظار أمه له ممكن يخلق هالشعور الرهيّب اللي يعيشه هاللحظة ؟ ليه الطفل الي بقى متشفق لإهتمامها حظّر هاللحظة لدرجة إن خلاياه للآن تتراقص من فُرط سعادته؟
وش اللي حصل معها ، وش الي تغير ؟
شهد الليّل على إبتسامة تسللت من قلبه الرحب هاللحظة وإستقرت على ثُغره بعدما أيقن إن هالليّلة ليلة خير له
—
بالجانِب اللي يحتضن دفا جسَد البهُور ، كان مغمض عيُونه بشِدة وهو يجذب شعره الجاف من شدة تجرعه للتراب للخلف بإستياء ، الحين هي بفيّته دون ظلال غيره ، ولكن ليه يحس إنه مكبَل بهالظلال ؟ ومو قادر يقدم خطوة وحدة عشان يعدل اللي خربه بيدينه ؟
رفع رأسه وتأمل باب الغرفة اللي تضم جسدها
وبعد لحظات من التفكيّر الغائر اللي سرق منه مشاعر وألهمه مشاعر واللي زاده إضطراب وقل حيّل وحال ، بدأ يرمي كل السبَ اللي يعرفه على قلبه الي أنفجر بوقت خطأ ، بوقت كلَف هالبنية ليلتها وكلفها ثقتها فيه وحياتها !
ولكن وش بيده ؟ لامنّه من أقترب منها هالقُرب كله
إشتد لجام جروحه وأوجاعه بكل قوة لدرجة إنه في سبيل وجودها إنقطع من جذوره ، وإنتثرت كل هالأوجاع وأحترقت وصارت رماد ! خطوة منها بإتجاهه كلفته كل ذكرياته الموجعة ، وخطوة منه بإتجاهها كلفتها خيبة عميقة !
مسَح على أطراف ذِقنه المنسَق وهو يميّل شفايفه بخُفوتمسَح على أطراف ذِقنه المنسَق وهو يميّل شفايفه بخُفوت ، همسّ لنفسه بصوت خاِفت وهو يتأمل عروة الباب اللي لامست كفوفها : لِك علي ماعاد أمسك بزِمام الأمور ، لك علي لتكون وجهتي كفوف يدينك !
أسبَل أهدابه وهو يغُمض عيونه للحظات بعدما تِسلل التعب لكل أجزاءه ، ليلتين ماذاق حلاوة النوم ولا إستلذ فيه ، ليلة قضاها يتقلب على جمر القبّر ، وليلة بقى حارِس على بابها لأجل يتطمن عليها
آرخى جسده على الكنبَة العريضة وهو يوجه سِهام عيونه بإتجاه البَاب ويناظره بهدوء ، ماكان عنده القدرة حتى على نزع هالبيَاض من على جلده
ولا حتى قدرة على إستشعار الألم اللي ينبض به عُنقه ولا الألم اللي تتجرعه كفوفه ، كان يحتاج الراحة والشفاء لقلبَه ، لقلبه وبس !
—
—
بَبيت فهد اللي الهُدوء يزور أركَانه معاني كانت جالسَة على الكرسي المتحرك ، بيدينها كوب الشاي المُعتاد واللي النعناع يتراقص بأريحية على أطرافه
وقدامها صحن البقلاوة اللي يصاحب كوب الشاي دايماً ، تناظِر من الشبَاك بلا وجهة لحتى أُجبرت على الإلتفات لجوالها اللي صدّحت نبرته بأرجاء المكان !
أخذت الجوال وهي تناظر للرقم الغريب بإستنكار
وألتفت وهي تناظر لخيَال اللي إستقرت بجسدها بجانبها بخفوت
بعدما ردت معاني وصلها صوت إمراءة يوضَح بنبراتها الغلاظة ردت بإرتياب : هلا والله من معي ؟
بعدها كانت ردود معاني مُقتصرة على " إيوة يا هلا كيف أخدمك ؟ إية فهمت عليك ، ياحياك ، تمام بنرد لكم خبر أكيد ، مع السلامة "
ميَلت شفايفها خيال بإستغراب لما قفلت معاني ووضح بتقاسيّم وجهها عدم الإرتياح فسألتها بفضول : علامك ؟ من هذي الي ردودك معها رسمية
معاني ناظرتها بخفوت وهي تترك كوب الشاي بهدوء على حدود الطاولة ، إستعدلت بجلستها وأسبَلت أهدابها وهي تنطق بإبتسامة : والله وكبـرت قرة العيّٰن وصارو يخطبونها
تغيرت ملامح خيال الهاديّة للتهجم والإرتياب الفضيَع اللي أجبر معاني تعقد حواجبها وتقول بإضطراب : علامك ؟ وكأنك سمعتي خبر وفاة مهب خبر تقدم شخص لك
خيال صدت عنها وهي تجمع كفوفها وتضغط عليها بإمتغاظ وبعد لحظات من الصمت قالت بضيق : تعرفين إن ماودي أتزوج بالطريقة ذي
إستنكرت معاني ردها وأبتسمت بسخرية للحظات ، وبعدها تلاشت إبتسامتها وإستعدلت بجلستها وهي تقول : ماودك ترجعين لأرض الواقع يابعد هالعيّٰن ؟ ما قلت لك هاللي تقرينه بالروايات بعيد كل البعد عن ضييَ عينك؟ اتركي الخيال لرواياتك
ولامنك صرتي بالواقع خليك منطقية
تأملت معاني تغضن جبيَن خيال اللي دل على إنزعجها من كلامها مع ذلك
أنت تقرأ
لابد يا سود الليالي يضحك حجاجك
Romanceإما أم أن تكون العائلة ملاذك الآمن..وإما أن تعيش بسببها في خوف وجوع دائم . حسابي في الإنستقرام : @riwaia2