الجزء العاشر: ابقى مهتما بي

239 16 3
                                    


كان وليد يقف أمامها و هو يحمل الصغير بين ذراعيه.
" مرحبا يا أمل، لا يوجد الحمدلله على السلامة ؟"
الا ان السؤال أفلت من منها بدلا من ذلك
" متى عدت ؟"
قال و هو ينظر الى عينها المذهولتين
" للتو وصلت "
فاضت الدموع من عينيها، لتنهر نفسها في داخلها
" غبية لما اابكاء الآن "
ثم أخذت تمسح دموعها
اقترب منها وليد معاتبا بلطف
" لم كل هذه الدموع يا أمل "
قالت و هي تجهش بالبكاء دون أن تستكيع السيطرة على نفسها
" لا أدري "
في الحقيقة هي ادركت انها اشتاقت له كثيرا و افتقدته كثيرا حتى انها اثناء غيبه كانت حزينة جدا و لم تشعر بنفسه بخير من دونه.
هو أيضا اشتاق لها، طوال ابتعاده عنها لم يكن يشعر بالراحة و الاطمئنان فقد كان في غاية القلق عليها.
تنهد بعمق ليمد ذراعه نحوها و يضمها الى صدره مقبلا رأسها
" الحمدلله انكما بخير "
اما هي فطوقت خصره بشده تبكي على صدره مم جعله يدرك بأنها هي ايضا لم تكن على ما يرام اثناء غيابه.
ابتعدت عنه و هي تمسح دموعها محرجة لتقول معتذرة
" يبدو أنني اصبحت عاطفية كثيرا "
ثم سألت وقد تذكرت أمر علاج عمها
" كيف صحة عمي؟ لم عدت و تركته ؟"
تنهد وليد و هو يحمل الصغير و يعبر نحو غرفة الجلوس
" انه في فترة استراحة من العلاج الآن وضعه مستقر "
قالت
" الحمدلله "
ثم سألت
" متى وصلت؟"
رد عليها و الانزعاج باد عليه و هو يتذكر الذي حصل معه هذا الصباح
" البارحة "
لم يفتها الانزعاج الذي ظهر عليه ورغم فضولها الا انها لم تسأل عن السبب.
لكنه قال موضحا و هو مطرق بصره بحزن
" تحدثت مع هند هذا الصباح، انها ترفض العودة و تريد الطلاق "
ضمت يدها الى صدرها لتقول متسائلة
" هل أنا السبب في ذلك؟"
رفع بصره اليها
" كلا يا أمل"
عاد و اطرق بصره و هو يقول مفكرا
" قد تكون اتخذت من ذلك حجة لطلب الطلاق لكن ليس انتي هو السبب "
ارجع ظهره الى الوراء و أراح رأسه على الكرسي باعياء واضح ثم قال
" انها حتى لم تسألني عن صحة والدي "
آلمتها رؤيته مهموما هكذا فحاولت ان تغير مجرى الحديث
" سأعد لك القهوة "
لكنه قال " شكرا لك لكني حقا بحاجة الى أن آخذ قيلولة فأنا مرهق و لم أنم منذ وصولي "
حدقت به باستغراب فهي لم تتوقع ان يطلب منها ذلك
قال معتذرا
" آسف و لكنني حقا مرهق "
بسرعة تداركت الوضع و حملت الصغير قائلة بارتباك
" بالتأكيد، "
ثم تلفتت حولها تفكر اي يمكنه ان ينام الا أنه قال
" هذه الاريكه تكفيني ان لم يكن هناك مانع "
قالت محرجة  
" تستطيع أن تأخذ راحتك "
دخلت غرفتها من فورها و هي تفكر
" مادام متعبا لهذه الدرجة لم لم يذهب الى بيتهم و يرتاح؟ هل أراد اطمئمان عليهما اولا ؟"
للحظة اسعدها هذه الفكرة كثيرا لكونها مهمة بالنسبة له لكن سرعان ما زال هذا الشعور حين تذكرت بأنه مر بهند اولا، لكن لم يزعجها ذلك ؟ أليست زوجته؟"
اخلدت صغيرها الى النوم بعد ان لعبت معه بهدوء كي لا يزعجا وليد.
نهضت و فتحت الباب على المهل و سارت نحو الصالة حيث كان يستلقي واضعا ذراعه على عينيه يتنفس بانتظام هذا يعني انه قد نام.
وقفت مكانها تراقبه و تفكر به، لقد بدا مهموما جدا بسبب علاقته التي ساءت مع زوجته. ترى ماذا عساه ان تفعل لكي يتصالحا؟ ان وليد لا يستحق الذي يحصل معه ابدا.
لكنه لن يسمح لها بالتدخل اكيد.
عادت نحو غرفتها و الأفكار تدور في رأسها حتى غفت.
بعد فترة استيقظت على طرق بالباب.
جلست في سريرها تحاول ان تستوعب حتى تذكرت ان وليد هنا معها في نفس المنزل، حتى انه هو من يطرق باب غرفتها حاليا
" أمل!"
انه ينادي باسمها
وقفت ترتب من هيأتها و فتحت الباب ليطل وجهه الباسم و هو يقول لها
" ابي على الهاتف يريد رؤيتك" اضاف
" انها محادثة فيديو "
في بادئ الأمر شعرت أمل بالاحراج فهي لا تعرف ماذا سيظنونه حينما يرونهما معا هكذا، لكن بعد ذلك انسجمت في الحديث مع الجميع، استطاعت ان ترا ان عمها سعيد لرؤيتها و تنه اشتاق كثيرا للصغير خالد.

كانت الشمس توشك على المغيب و لونها البرتقالي ينعكس على امواج البحر و رمال الشاطئ حيث كانت تجلس تراقب وليد و هو يلاعب خالد الصغير سامحا للموج بتبليل قدميه الصغيرتين و هذا الأخير يضحك بصوت عال سعيدا و هو تارة يطير في الهواء و تارة ينزل يضع قدميه في الماء.
اقترح عليها وليد ان يخرجا و يتجولا قليلا، في الحقيقة هي قبلت عرضه لأجله. فهو لم يكن في مزاج جيد.
لكنها الآن تشعر بسعادة غامرة و لا تستطيع اخفاء شعور انهم بدو كعائلة سعيدة لمن يراهم من بعيد. فالصورة الواضحة لزوجين حقيقين و طفلهم الصغير.
و رغما عنها تمنت انهم لو كانو كذلك فعلا، ان لم يكن لأجلها فلأجل الصغير خالد.
هاهم عائدون نحوها، قلبها يخفق فرحا بهما. قال وليد بابتسامة عريضة كانت كفيلة بأن تسحرها و ترا مبلغ وسامته.
" هذا الصغير يا أخذني الى عالم آخر، انسى كل همومي حين أكون معه"
سعدت كثيرا بما قاله لكنها تمنت أيضا لو شملها هي أيضا في جملته.
لكن سرعان ما نهرت نفسها فهي لا يحق لها ان تتمنى ذلك فوليد ليس لها. و ان كان موجودا في حياتها فهو من باب الواجب.
لاحظ وليد عبوسها و تبدل ملامحها السعيدة بأخرى حزينه.
" ما الأمر؟"
سأل بقلق
ردت عليه و هي تشيح بوجهها كي لا يرا الدموع الحبيسة
" لاشيء "
امسك بذقنها يديرها لتنظر اليه ليقول بلطف جعل دموعها تنسكب
" تستطيعين اخباري "
رفعت عينيها الحزينتين لتلتقي بعينيه مما جعلها تتكلم بجزء من الحقيقة
" للحظة نسيت احساس اليتم و الوحدة لكن سرعان ما عدت الى أرض الواقع مدركة بأن هذا لن يدوم"
ثم مدت يديها الى صغيرها تضمه الى حضنها و احساس بالغضب بدأ يتسسلل اليها
" لا أريد لصغيري ان يعتاد على شيء لن يملكه ابدا "
حدق بها وليد غير متأكد من انه فهم ما تقوله
" ما الذي لن يدوم؟ و مالذي سيفقده خالد؟"
نظرت اليه بحده
" أنت، أنت الذي لن تدوم في حياتنا، و أنت الذي سيفقده خالد"
قال وليد مستغربا
" لماذا؟ أين سأذهب فأنا معكم "
وقفت من مكانها و الكلام يفلت من بين شفتيها دون تفكير
" كلا لست معنا، نحن شيء مؤقت في حياتك سرعان ما ستعود الى حياتك الطبيعية و نعود انا و خالد الى و حدتنا و يتمنا "
امسكها من ذراعها يوقفا
" ما الذي تهذين به يا أمل؟ "
ردت عليه و فيض من دموعها ينهمر
" انا لا أهذي، لا يحق لك بأن تجعلنا نعتاد عليك ثم ترحل عنا "
قال مستنكرا
" و من قال ذلك؟ انا لن أترككم و اذهب "
ردت أمل بانفعال
" كلا انت ستتركنا لن تستطيع العيش من دون زوجتك، انت تحبها، و هي لا تريدنا في حياتك، ستسأم منا و من مشاكلنا، ستتركنا و تعود اليها و الى حياتك الطبيعية دون هموم أو مشاكل"
كان يراقب انفعالها، و يصغي الى كلامها و تركها تتحدث حتى تفرغ الخوف و القلق الذي بداخلها ليقول أخيرا و هو يجذبها لتقترب منه بنبرة صادقة و نظرات دافئة و كفه تحتضن جانب وجهها ينظر في عينيها مباشرة
" كل ما تقولينه غير صحيح يا أمل، صحيح انكم دخلتم حياتي، لكن يستحيل أن تخرجو منها فأنا الذي لا يمكنني أن أسمح بذلك" اضاف و نبرة جادة في صوته
" ثم هند اختارت طريقها بنفسها "
تابع كلامه بكل ثقة و صدق
" خالد ليس يتيم يا أمل فأنا والده من الآن و صاعدا و انتي لم تعودي وحيدة فأنا معك سنربيه معا "
ثم قالت مشككة
" هل تعدني؟ هل تعدني بأنك ستبقى مهتما به طوال حياتك؟"
كانت ترغب بأن تقول مهتما بنا الا انها لم تستطع قول ذلك
أحاطها بذارعه يضمها الى صدره يشعرها بالأمان
" أعدك يا أمل "
شعرت بنفسها بين ذراعية كمن دخل في قصر محصن منيع يحميها من هذه الحياة.
قال لها مؤنبا
" لا أريد أن أسمع منك هذا الكلام مجددا"

لا حياة لي من دونك .... مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن