الفصل الأول

222 14 6
                                    


جلس قرب النافذة يتأمل منظر الغروب من خلف الزجاج ، السماء البرتقالية تعطيه شعورا بالسلام ، اختفت الشمس تدريجيا و ظهرت أول ملامح الليل .
رويدا رويدا خيم السواد على مدينة بوسان معلنا نهاية يوم آخر من المعاناة بالنسبة لكيم تاهيونغ .

أغلق الستائر و توجه نحو سريره ، انكمش معانقا وسادته،  يحاول إيجاد الأمان و الدفء الذي يفتقده .

دمعة حارقة نزلت من عينيه السوداويتين ، أخذ جسده يرتعد و هو يتذكر ذكريات ذلك اليوم الأليم الذي ترك جروحا عميقة في فؤاده .

ٱبتسامة عريضة زينت بأحمر شفاه قاتم جابت خاطره ، نهض بخوف يحرث أرضية الغرفة بقدميه .
تصبب العرق من جميع أنحاء جسده و ارتفعت حرارته .
جلس في ركن الغرفة الأيمن ، ضم ركبتيه إلى صدره و غرس رأسه بينهما . تمركزت يداه على أذنيه تغطيهما ، عدة أصوات ترددت على مسامعه و سببت له نوبة فزع .

أخذ يبكي و يتمتم بعبارات غير مفهومة ، توسعت عيناه و أخذت شفاهه ترتعد ، شهقة صغيرة خرجت من ثغره نطق بخفوت ، عند تذكره لكلامها ذلك اليوم ؛
«نابي ... نابي ... ستعود ستبحث عني و تجدني ستعذبني مجددا»
[نابي تعني الفراشة باللغة الكورية]

وسط تخبطاته و كوابيسه استسلم أخيرا للنوم متسائلا إن كانت حياته ستغدو أفضل بحلول الغد .

                                      ٭♪٭

استيقظت قبل أن تشرق الشمس حتى ، نزلت الدرج نحو غرفتها المفضلة ، الغرفة التي تنعزل فيها عن العالم .

أخذت مئزرها و ارتدته ، فتحت الأضواء لتظهر أمامها عدة لوحات فنية ، جلست أمام واحدة غير مكتملة .
أخذت بين يديها فرشاة ، مزجت الألوان و شرعت تعبر عن ما بداخلها من أحاسيس و تطلق العنان لإبداعها الذي لا ينتهي .

أمضت عدة ساعات ترسم ، أشرقت الشمس و انعكست أشعتها الذهبية على أعمال رينا .

من شدة انغماسها في العالم الجميل الذي تقدمه لها الألوان ، لم تلاحظ قدوم والدتها .
راقبتها السيدة بارك بسعادة و هي متكأة على الحائط ،  أخذت خطواتها إليها ، عانقت ابنتها و طبعت قبلة على خدها .
ابتسمت رينا و أردفت لوالدتها التي تمسد على شعرها الكستنائي ،
-رينا:"أمي هل أزعجت نومك؟"
-السيدة بارك:"لم تفعلي لقد استيقظت لأنها السابعة صباحا و علي الإستعداد من أجل الذهاب إلى عملي"

نظرت رينا للساعة بتعجب و صدمة ،
-رينا:"إنها السابعة بالفعل لماذا الوقت يطير بسرعة لم أشعر بالساعات الأربع الماضية حتى"
-السيدة بارك:"هيا استعدي للمدرسة و انزلي لتناول الفطور"
امتثلت لطلب والدتها و جهزت نفسها ، قبل أن تنزل للأسفل أخذت بيدها صورة تجمعها بولد .
تحسست وجهه من خلف الزجاج و ضمتها إلى صدرها
-رينا(بغصة):"أشتاق لك كثيرا تايانغ أكثر مما تتصور حتى !"
أرجعت الإطار إلى مكانه و نزلت لتتناول الإفطار ، أوصلتها أمها للمدرسة ودعتها لتردف لها ؛
-السيدة بارك:"لن آتي لأقلك هذا المساء لدي عمل تطوعي،
لذلك خذي  سيارة أجرة و عودي للبيت"
-رينا:"حسنا أمي أتمنى لك يوما جيدا في العمل"

𝙺.𝚃𝙷 | 𝑩𝑬𝑭𝑶𝑹𝑬 𝒀𝑶𝑼ꨄ︎حيث تعيش القصص. اكتشف الآن