الفَصل 05: أنجرِف.
عندما أخمدت الحياةُ آخِر عقبٍ مِن نوري، وطوَّقني دُجى الكَرب مِن كلِّ صوب، أدركتُ أنِّي الوحيدَة الَّتي ما انفكَّت تتَّقد لتَدفئتهم، لطالما أشعلتُ على أساريري ابتِسامة زائِفة، ستَرت هشيمَ روحي، وانتَظرتُ أن يسألَني أحدُهم ما إذا كُنت بخير، حتَّى وإن كنت سأكذِب.
أحيانًا العُثور عَلى شخصٍ يهتمّ أجود مِن شخصٍ يَفهم، فبعضُ ما شُحِن في السَّرائر بضاعةٌ مَحظورَة عَلى الألسِنة، ولا يُمكِن لأحدٍ تَطبيب قلبٍ يأبَى أن يصرِّح عَن علَّته. مهما تُقنا لبصيرةٍ تنفذُ في صمتِنا وتُصغي إلى الصَّخب بداخِلنا، فالأصواتُ المُتشابِكَة لتناقُضاتنا تضلِّلها. لكنَّ الاهتِمام ضمادة لا بأسَ لوما وُضعَت عَلى الجُرح، وأعطيَت لنا في رَبتة، لنوجِّهها بأنفُسنا إلى بقعةِ الوَجع.
ربَّما أنا أكثَر تعقيدًا مِن أن أحلُم بعينٍ يسعُها تركيبُ أحجِية الفَوضى الَّتي تناثَرت قِطعها في ثَنا صَمتي، لذلِك توقَّفت عَن انتظارٍ شخصٍ يُجيدُ فَهمي. الجميعُ يزرعونَ العَلاقات للاستِراحة مِن أضناء الحَياة تحت ظلِّها، فمَن ذا الَّذي قد يخصِّص جزءًا مِن جهده لخوضِ شخصيَّة محفوفةِ بالنّكسات المِزاجيَّة؟
أمَّا بيكهيون، فرجلٌ لا ألتمِس ضيرًا مِن السَّماحِ له بالعُبورِ إلى جانِبي المُظلِم؛ الوَجه الآخر لعُملتي متوارٍ بنَظيره الوهَّاج، ولا أستميتُ لحجبِ أفكارِي المعتلَّة عَنه أو تَجميلها أمامَه خوفًا مِن نقدِه. كِلانا مُهاجران غَير شَرعيِّان في مدينَة الاتِّزان، مجرَّدان مِن حقوقِ مواطِنيها في إطلاقِ الأحكام. هُو المرشَّح الوَحيد لفَهمي وما أنا بمنزلةٍ تستهويه. في ميزانِ الموبقات، كانَ الكفَّة الأثقَل بيننا، مُحادَثته تَرفعني إلى القمَّة.
مِن عجائِبي السَّبع أنِّي أنسجِم بشكلٍ جيِّد مَع أشخاصٍ أشدَّ منِّي انِطواءً، رغمَ أنَّ الجميعَ سواسيَة في الإهمال بنظَري، الجميعُ يتجاهَلون ثَرثرتي التَّافهة ليتحدَّثوا عَن أنفُسهم، أو ينتَقونَ ما طابَ لهم منها ويغفِلون الباقي، وبينَ محاوَلتي لإرضاء أذواقِهم وسكوتِي عَليهم، تضيع اللَّهفَة.
أنت تقرأ
Red| Daddy Issues
Fanfictionعجيبٌ كيفَ يخطُّ ببنانِه عَلى أديمِي كلماتٍ خرساء شفَّافَة، لا تَفقهُها سِوى خَفقاتِي، وكيفَ يدوِّن ذكرياتٍ جامِحة عَلى جدراني، مهما اشتدَّت رطوبَة الزَّمن لا تزول، ربَّما لأنَّها تُضاهِي رطوبَة حاضِرنا. «لنَغرق في لُجَّة الغَفلة، ولنَتبادل إكسيرَ ا...