الفَصل 09: مذاقُك كسيجارَة.
للهَوى قيامَة، تُحشر فيها المشاعِر دونَما استِثناء مهما تشبثت بقبور الخَفاء!
ونُصبَ عينيه مثَلت حقيقة مشاعِري عاريَة، كواهِلها مُثقلة بالموبقات، خصفتُ عَليها أوراقَ البُعد عَسى ألَّا يراها فاضحة، غيرَ أنَّ حريقِي التَهمها بلا رحمة. ما هَربتُ إلَّا لخوفِي مِن الغَرق إلى قاعٍ لا يصبوه وهج المَنطق أبدًا؛ فالحُفرة الَّتي سقطت فيها أعمَق من أن أتسلَّقها نحوَ سطحِ الامتِناع، هُناك مَكثت أراقِب نهارَ الأُنفَة، وليلَ اللَّهفة يتعاقَبان.
علمتُ مُنذ البِداية أنَّ عاقِبة إعجابِي به لَن تَكون حميدَة، لكنِّي صدَّقت الأكاذيبَ الَّتي لفَّقها شَوقي في صُحفِ اليَقظة، أخبرت نفسِي أنِّي لَن أنجرِف نَحوه دونَما هوادَة، ولو كلَّل الخَطر حاضِري، وهلَّل الألم في مواكِب هذه العَلاقة فسوف أفسِخها. الكَلامُ أسهَل مِن الفِعل، إذ قضيتُ سهراتٍ مُرهقة في مِحراب الفُراق، أذاكِر لحظاتِنا الجَميلة، حواراتِنا الَّتي سيطَرت عَلى أغلبِها، وسطَّر أجوبته بإيماءات وكلِمات مُقتضبة، بايَعت القَناعَة في ذاتِي، ما كُنت جشِعة.
أردَت طلقاتُ الشَّوق صوابِي صريعًا، وقادَني الجُنون إليه في لحظاتِ غفلَتي، بينَما عرشي شاغِر لا يعتليه أيُّ حاكِم، وربَّما حبٌّ غاشِم. هُو عدوَُ حواسِي الأوَّل، كيف أنهلَ مِنه دواءً؟ وحينَما أمسَكت عيناهُ بتلابيبِ وجهِي، أدركتُ أنِّي فقدتُ صَبري.
برَم شَفتيه بشَفتيّ مطلقًا سراحَ أشرِعة رغباتِه، وها نَحنُ ذا تائِهين في لجَّة الشَّغف، نتناحَر كالأمواجِ فيما بينها. لم يسبِق وأن قبَّلتُ رجلًا غيرَه، هُو الَّذي دشَّن ثَغري وقصَّ شريطَ العفَّة في نَفسي، وكشفَ لي أنِّي ما أزالُ أجهلُ بعضَ أركانِي. أتيتُه وفي رِحالي أكثَر مِن أمنيَة مصيرُها المنيَّة لأنَّه ليس بقدِّيس، وصلَّيت ألَّا يدفَعني بعيدًا عَنه بحجَّة أنِّي طِفلة، لكنِّي ما صبوتُ بخيالِي هذا الشَّوط!
في مُنعطفٍ ما من هذه القُبلة المَديدة، طرحَ عليَّ سؤالًا لم أسمَعه بوضوح، ولَم يُفسِح لي مجالًا للردّ، كأنَّه غير مكترثٍ لرأيي. بحَنين مُغتربٍ للوَطن ضمَّ شفتيّ ثانيةً، وأنامِله جاثيةٌ عَلى عُنقي، تنثُر لمسات رقيقَة بينَ أخاديدي، انفَلق مِنها الفُجور مثلَ فجرٍ برَّاق عقب ليلةٍ ماطِرة خلَّفت الثَّرى من بعدها نديًّا.
أنت تقرأ
Red| Daddy Issues
Fiksi Penggemarعجيبٌ كيفَ يخطُّ ببنانِه عَلى أديمِي كلماتٍ خرساء شفَّافَة، لا تَفقهُها سِوى خَفقاتِي، وكيفَ يدوِّن ذكرياتٍ جامِحة عَلى جدراني، مهما اشتدَّت رطوبَة الزَّمن لا تزول، ربَّما لأنَّها تُضاهِي رطوبَة حاضِرنا. «لنَغرق في لُجَّة الغَفلة، ولنَتبادل إكسيرَ ا...