الفَصل 07: مدٌّ وجَزر.
النَّفسُ المُحتلَّة تنتحِل هويَّات لا تُشبِهها، لتتخطَّى حواجِز النُّقصِ دونَ تفتيشها، تلتحِف أقنعةَ كمالٍ دَهماء مرصَّعة بجواهر الزِّيف، وتنتعِل كعبَ رفعةٍ يُخفي الضِّعَة فيها، رغمَ أنَّ خلعَه في خاتِمة كلِّ أمسيَة يُؤلِمها كحِذاءٍ ضيِق، لكنَّ المَظاهر تستحِقّ.
في حُقول البأسِ الملغَّمة باليأس نتشظَّى، لا نَدري أينَ فقدنا أشلاءَنا، ولو عثَرنا عَليها فهل نستَطيعُ رقعها لنَعود قطعةً واحِدة وما نحنُ بأحجيَة؟
بينَ الخيبَة والخيبَة نتعرَّى مِن أنفُسِنا الَّتي عمَّتها النُّدوب، كانَت في صِباها جروحًا كاوية، وفي أقصَى النِّسيان نُلقيها لأنَّ الاستِمرار حتميّ، نظنُّ أنَّ الزَّمن سيردِمها، فترسِلها رياحُه إلينا بينَ طيَّاته ثانيةً. ما الحياة إلَّا رحلة مُضنيَة للبحثِ عَن حقيقتِنا، حقيقةٌ ليسَت عَلى الدَّوام كنزًا، نَعي وصُندوقُها خاوٍ مِن الصّلح يَنضوي عَلى طحالِب الطُّلح، أنَّنا قد أهدَرنا أشواطًا طويلةً فيما لا يَنفع، وليتَنا بقينَا عَلى ذاتِ الجهلِ الجَميل، عَلى ذاتِ البراءَة مِن الطُّفولَة!
عَلى حافَّة الوَيلات، هبَّت عليَّ البَلوى تِلوى البَلوى، ونتَفت بتَلات السَّلوى من زهرةِ أيَّامي الَّتي لم تك قطّ أقحوانا، ما لملمَني الحَاضِر بل تركَني مشتَّتة بينَ خلجاتِ الماضِي فعبرته بدوني. نتوهَّم أنَّ الجُروحَ ستندمل بعدَ أمد وأنَّ الألَم سيخمَد، لكنَّها بداخِلنا تُعمَّد؛ ندوبِي ليسَت جزءًا لا يتجزَّأ مِنِّي بل كُلِّي. لثَّمت ريشَة الأتراحُ صَفحتي مرارًا كأنَّها شغوفةٌ بي، آهاتي مجرَّد لوحات معلَّقة في معرضِ ميولِها، وغربَتي في نَفسي غصَّة أخرَى.
فنيت أسرَتي أمامَ عينيَّ في ليلةٍ زَمهرير، ونَجوتُ مِن المَوت بروحٍ أسقمَها الإدراك لاحقًا. ظننتُ أنَّ النَّوم قد استَعارَهم من دونِي حينَذاك، لكنَّهم أبوا الاستيقاظ فالتجأتُ إلى جارتِنا، ولمتُها لأنَّها استَدعت أناسًا سلبوهم مِنِّي إلى الأبد. صارَ الانتِحار الجَماعيّ لأسرةِ يو والطِّفلة التَّعيسة حديثَ الصُّحف في اليوم المُوالي. كانَت ذِكرى لطالَما تهرَّبت مِنها، لأوَّل مرَّة أشارِكها مَع أحدِهم. لفَحني حُنوُّ الرَّاحَة، كأنَّ قسطًا مِن العِبء رُفعَ عَن منكبيّ.
أنت تقرأ
Red| Daddy Issues
Fanficعجيبٌ كيفَ يخطُّ ببنانِه عَلى أديمِي كلماتٍ خرساء شفَّافَة، لا تَفقهُها سِوى خَفقاتِي، وكيفَ يدوِّن ذكرياتٍ جامِحة عَلى جدراني، مهما اشتدَّت رطوبَة الزَّمن لا تزول، ربَّما لأنَّها تُضاهِي رطوبَة حاضِرنا. «لنَغرق في لُجَّة الغَفلة، ولنَتبادل إكسيرَ ا...