Red Night| 12

6.4K 505 1.4K
                                    

الفَصل 12: ليلةٌ حَمراء

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

الفَصل 12: ليلةٌ حَمراء.

في مَتحف العُمر، تودِع الذَّاكرة حفريّات الماضِي العَريق الَّتي ما وسِعها النِّسيان؛ أشلاء ألبابٍ جاهَدت الانفِطار بما أوتيت مِن صبر، أطلال حضارات حبور تقهقرت في عزِّ شموخِها دونَ سابِق إنذار، وكانَت الأجفانُ لها قبورًا، وبسماتٍ اسودَّت كالسُّوس فاقتَلعتها الأساريرُ إلى الأبد.

بينَ شُعبِه الدَّهماء، يصطَحبنا الشُّرود في جولةٍ أحيانًا، وعِند كلِّ نصب يتلو عَلينا قصصًا تعيسَة كنَّا يومًا سجناءها، تطرُق في أفئدتنا أبوابًا شِئنا لو تظلّ موصدة، لتوعِّي أجيالَ الأملِ كلَّما عمَّرت عَلى رُفات أسلافِها فينا أنَّ الثِّقة بالحياة هلاك.

لا يَكتفي الألم النَّابع مِن الخذلان بتشويه محيطِ الحاضِر فحسب، بل ويدنِّس غدائِر الماضِي الجميل فتأسن، ولا تبقى بداخِلنا ذكرياتٌ خالصة نرتوي مِنها. ندرِك بمُرور الوَقت أنَّ كلَّ آصرة قدَّسناها ما كانَت بالعَظمة الَّتي تصوَّرناها سابقًا.

تفسِد الحَياة نقاءنا بفراشيها السَّوداء ثمَّ تعلِّقنا في ركنِ الوجيعَة مِن معرضِ البُؤس، كذلِك لم تسمَح لي بالعيشِ كإنسانٍ عاديٍّ مُنذ البِداية، أقِف أمامَ حائطِ عُمري ولا أرَى سِوى لوحتَين لي، صَبيٌّ واصِب ورجلٌ فارغٌ دونَ مناصِب. لا أدري ما إذا كانَ عليَّ أن أحزَن لأنِّي ما اختبرت الكثيرَ مِن العَواطِف، أم أسعَد لأنَّها رأفت بي وقَتلتني مرَّة لا غير!

هي الرَّبيعُ الَّذي خيَّم على قَلبي عقِب عصورٍ جليديَّة مديدَة وها هُو ذا يذوب، يزلزلني الوَجل كلَّما انجَلت مِن تحتِ ثلوجِي رقعةٌ خصبَة؛ أنا الَّذي خِلتُني أجرَد، وأتساءل ماذا لو زَرعت جُذورها بي فاستَعصى عليَّ استِئصالُها دونَ أن تأخُذني معَها؟

كُنت أعلَم أنَّها خطأ فادِح لكنِّي واظبتُ عليها، توجَّب عليَّ اعتِزالُها حينَما تسنَّت لي الفُرصَة، لما بتُّ محكومًا بجاذبيَّتها كالآن، تكبِّل كَياني بأرضِها. أفكِّر فيها مِن غمضةٍ إلى غمَضة، تبطِّن كلَّ فجوةٍ في نفسي، وبطريقةٍ ما تُشعِرني بالامتِلاء، كما لو أنَّها نواتِي المَفقودة، وربَّما أنثَى نوويَّة تفجِّر النَّوايا المَوبوءَة في صَدري، وتسعرُني!

Red| Daddy Issuesحيث تعيش القصص. اكتشف الآن