الفَصل 15: حينَما احتلَّني.
هُو الَّذي انفَلق بينَ بساتيني مِن اللَّاشيء كلَّ شيءٍ كبلوى، ما ظنَّ أحدُهم أنَّه مواقِعها في أحدِ شوارِع الزَّمن. استَشرى ضرُّه فيّ الرُّقعَة تِلوى الرُّقعَة، وما كُنت يومًا أرضًا مسيَّجة، لا يطؤُها الضَّلال أبدًا، ولَا مرتعًا لظِلال الوَرع، بل مصراد تخلَّت عَنها أنامِل الاهتمام سأمًا، ما ارتآها المَلأ مَشروعَ آصرةٍ غانِية، تدرُّ عَليهم غلَّة فلاح، فما جزَّها الأخِلَّاء مِن الأفكارِ الخبيثَة الَّتي راحَت تنخرُ سنابِل عفَّتها، كذلِك انتَهى بي المَطافُ مدنَّسة به، بحبِّه.
اقتَحم قلبِي مِن أوسَع أبوابِه، دونَ أن يلقَى في طريقِه حائلًا يُربِك جحافِل طُغيانِه، أو يُؤجِّل آن سُقوطي شهيدَة هوًى بينَ ذِراعيّ الإثم، وما اتَّقيتُ أن يكونَ جَدثي رجلًا مدلهمًّا. شطَّ بطشُه مِثل المدّ عشيَّة اكتِمال القَمر، وأنا الرَّاقدة عَلى ساحلِ الغَفلة طَفوتُ عَلى متنِه، ووعيتُ في عرضِه ملجَمة، حيثُ عجزَ بَصري عن مُناجاة يابِسة الخَلاص.
حينَما احتلَّني، استأثَر ربوعِي رويدًا رويدا، دونَ عنَت إلى أن احتَكر لُبِّي الخاوِي عَلى عُروشِه، لأنِّي ما كُنت يومًا موطنًا لأحدٍ سِواي. وما تنازَل ليطمِس آثارَه بينَ ترائِبي، آثارٌ طبَعتها دقَّاتي الَّتي انتَعلتها مُقلتَاه بعدَما سلَبتاها مِن عتبَة شِغافي ضيمًا، لم يكُ يكترِث لثُبوتِ التُّهمَة عَليه، وربَّما يَدري أنَّه سيتنصَّل من العقابِ في الخِتام بطريقةٍ ما، لأنَّه رجلُ النَّار، لا تسعُه الأغَلال، ولا يعصَى عَلى دُخانِه استنامُ الجِبال!
حينما احتلَّني، عمَّرت الفَوضَى أحيائِي، فوضَى مسقطُ رأسِها مُدنُه المَنكوبَة الَّتي تعتنِق ثقافة السَّواد وتمتهِن الشرّ، فعمَّتني الجَرائِم، وما رفَّ لأمنِ منطقِي جَفن. هُو الَّذي لأَمني بعدمَا كُنت شتاتًا تائهًا عَن مرأَى نَفسي، بالكادِ أعرِفُني، ولاقانِي بي في عينيه. هُو رجلٌ يتغنّى بالانفِطار، بضَحايا الرَّغبة، اللَّائِي يتساقَطن عَلى سَريره كالعِهن، وأنا إحداهنّ.
أردانِي بطلقاتِ عينيه في كنفِه اللَّدِن، واستَبحتُ مُشارَكته حيِّزه رغمَ ضيقِه، متنعِّمةً بالدِّفء المُتلظِّي بينَ أحطابِ ترائِبه، يحترِق مِن أجلِي. كان جفناه مسبَّلان، كأنَّه مَخمور بالمُنكر، إذ أفرَط في مُعاقرته عَلى أقداحِي القادِحة.
أنت تقرأ
Red| Daddy Issues
Fanfictionعجيبٌ كيفَ يخطُّ ببنانِه عَلى أديمِي كلماتٍ خرساء شفَّافَة، لا تَفقهُها سِوى خَفقاتِي، وكيفَ يدوِّن ذكرياتٍ جامِحة عَلى جدراني، مهما اشتدَّت رطوبَة الزَّمن لا تزول، ربَّما لأنَّها تُضاهِي رطوبَة حاضِرنا. «لنَغرق في لُجَّة الغَفلة، ولنَتبادل إكسيرَ ا...