13..رِهان خاسر

2.2K 82 23
                                    

انطلق ياغيز بسيارته بسرعة كبيرة فتشبثت هزان بمقعدها و قالت بصوت خائف" أستاذ..هلا خففت من سرعتك لو سمحت؟" نظر إليها و خفف السرعة دون أن يقول شيئا..رن هاتفها و ظهر إسم نازلي على الشاشة..أجابت" نعم نازلي" سألتها" هزان..اين اختفيت؟ انني انتظرك أمام المبنى لكي نعود معا الى المنزل..أين أنت؟" نظرت هزان إلى ياغيز و ردت" نازلي..لا تقلقي علي..لدي عمل مستعجل..و سأعود..لن اتأخر..اذهبي أنت الى المنزل..تصبحين على خير" قالت نازلي" انتبهي الى نفسك هزان..ليلة سعيدة" و انهت المكالمة..اوقف ياغيز سيارته أمام مبنى البلازا الفاخر و ترجل هو و هزان ثم دخلا الى المبنى و اتجها الى المصعد..داخله..ضغط ياغيز على الرقم اربعين و هو رقم الطابق الذي يسكن فيه ثم راح يمرر يده على عنقه الذي اعتراه لون أحمر جراء غضبه الملتهب..اما هزان ففركت يديها بتوتر و هي تشعر بأن قلبها يكاد يغادر صدرها..وجدت نفسها بعد لحظات داخل شقته الواسعة ذات الاثاث الفاخر..أنار هو الانوار و اتجه مباشرة الى طاولة المشروب و سكب لنفسه كأسا من الويسكي احتساه دفعة واحدة ثم اردفه بثانٍ..نظرت هزان إلى الحيطان التي طليت بلون أسود قاتم لائم لون الأثاث الداكن..اقتربت من ياغيز و وضعت يدها على يده و هو يهم برفع الكأس الثالث الى فمه و همست" هلا توقفت عن احتساء الخمر لو سمحت؟ لن يساعدك هذا في شيء..لن يخفف ألمك و لن يهدئ من روعك..اتركه من يدك و تعالى معي لنجلس" فعل ما قالته و جلس بجانبها على الأريكة..أنشب أصابعه في قماش الأريكة و طأطأ رأسه و هو يحاول أن يمنع دموعه الحارقة من الانهمار..تنهد بحرقة بصوت مسموع فاقتربت منه و مررت اصابعها على خصلات شعره بحنان و هي تقول" اهدأ..حاول أن تسترخي..تحدث الي..أخبرني بما يوجعك..افتح لي قلبك و حدثني عن همومك..أستطيع أن أرى روحك المهمومة و المتألمة ترتسم على ملامح وجهك..ارفع رأسك و انظر إلي..لا تهرب بعيونك مني..انظر..أنا هنا..معك..و بجانبك..و أريد أن أساعدك و أتشارك معك هذا الحِمل الثقيل الذي يثقل كاهلك و يؤرقك..فلا تبقى صامتا هكذا..أرجوك" تمتم دون أن يرفع رأسه" لا أستطيع..هزان..من الأفضل أن تذهبي من هنا..لا أعلم كيف طاوعت شيطاني و أحضرتك الى هنا..سأطلب لك سيارة اجرة تأخذك الى منزلك" هم بالوقوف لكنها وضعت يدها على يده و منعته و هي تقول" غريب أمرك..لقد قلتها لي..أنت تحتاجني..لهذا أحضرتني الى هنا..فها انا هنا..معك..ما دمت تحتاجني فلماذا لا تشاركني همومك و تفتح لي ابواب قلبك المغلقة؟ لماذا تصر على حبس نفسك داخل صورة الرجل الغاضب و المحطم دون أن تقبل المساعدة من أحد..هل تستمتع حقا بعيش دور الضحية؟ هل يجعلك هذا مرتاحا؟" حملق فيها ياغيز بعيون غاضبة و صاح بها و هو يقف" ما هذا؟ دور الضحية؟ أرأيتني أستجدي التعاطف و الشفقة من أحدهم؟ أرأيتني أبكي و اذرف الدموع هنا و هناك و أصرخ طالبا المساعدة ممن هبّ و دبّ؟ أنا لا أحتاج شفقة و لا تعاطفا و لا مساعدة من احد..هل فهمت؟ و الآن..هيا اذهبي من هنا قبل أن افقد صوابي و أتصرف معك بطريقة سيئة" وقفت هزان قبالته و وضعت يديها على وجهه و هي تهمس" حسنا..أنا آسفة..لا تغضب..سيأتي ذلك اليوم الذي سأجلس فيه انا و انت جنبا إلى جنب و ستحدثني بكل ما يؤرقك..أنا واثقة من ذلك..لأنني أنا الوحيدة التي ترى روحك من الداخل..انا الوحيدة التي تلامس جرحك و تراهن على وجهك الحقيقي الذي تخفيه عن الجميع..لا تبعدني عنك و لا تغلق ابوابك في وجهي..اسمح لي بالبقاء قريبة منك فقط" أبعد يديها عن وجهه و تراجع الى الخلف و هو يقول بعصبية" هزان..لا تراهني عليّ..رهانك سيكون خاسرا لا محالة..هذا أنا..هذا وجهي الحقيقي..افتحي عيونك و انظري الي..انظري الى هذا الرجل الخطير الذي لا يجب أن تقتربي منه..اذهبي من هنا قبل أن أؤذيك..اذهبي" نظرت إليه هزان بعيون دامعة و انحنت تلتقط حقيبة يدها و مشت بخطوات وئيدة نحو الباب..تململ هو في مكانه و تابعها بعيون ذابلة..وضعت هي يدها على المقبض و همت بإدارته عندما شعرت بيده توضع فوق يدها و سمعت صوته المبحوح يهمس" لا تذهبي..ابقي معي..لا تذهبي" التفتت اليه فوجدت نفسها ملتصقة به..فتحت فمها لكي تتكلم لكنه منعها..اهوت شفاهه على شفتيها في قبلة يائسة أخبرتها بضعفه أمامها و أكدت مشاعره الخفية تجاهها

المُتدرّبةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن