الفصل العاشر

5.2K 137 12
                                    

الفصل العاشر





كانت زين مستغرقة تماما في عملها بحيث استغرقت دقائق لتدرك بأنها ليست وحيدة في مكتبها .. رفعت رأسها لتلتقي عيناها بعيني خطيبة السيد جمال الواقفة عند الباب .. رنيم ... جمال اسمر .. خطر ... كما كانت زين تستشعر خلال كل زيارة لها .. تحت وطأة نظراتها الثاقبة والغير ودية ..
بدون مقدمات سألتها رنيم بجفاف :- أين جمال ؟؟
:- في المحكمة ... لن يعود قبل ساعات ..
هزت رنيم رأسها وهي تعبر إلى داخل المكتب لتدرك زين بأنها لم تأت لرؤية جمال ... بل لرؤيتها هي ..
ارتسمت ابتسامة متحفظة على شفتيها وهي تقول :- أهناك ما أستطيع فعله لك ؟؟
:- الرحيل .
قالتها ببساطة وعيناها السوداوان تحدقان بعيني زين بتحدي ... عبست زين دون أن تأخذها الكلمة على حين غرة :- لماذا ؟؟؟ هل اشتكى السيد جمال من عملي ؟؟
:- لا ... أنا من أشتكي من وجودك ... لا أحب عملك معه ..
الفتاة صريحة ... تشهد لها زين بهذا ... صريحة وقوية الشخصية .. هزت زين رأسها متفهمة وهي تقول :- ما الفائدة من رحيلي إن كان سيأتي بأخرى من بعدي ... أخمن بأنك من تدبر أمر رحيل السكرتيرة السابقة .. صحيح ؟
اقتربت رنيم لتصفق سطح مكتب زين بكفها قائلة من بين أسنانها :- راقبي طريقة كلامك أثناء تحدثك إلي ..
قالت زين بصلابة وهي ترفع رأسها مواجهة المرأة بقوة إرادة :- لست مضطرة لفعل هذا ما دمت لا أعمل لديك ..
أطبقت رنيم شفتيها بقوة وهي تنظر إلى الوجه الجميل لزين بغيرة كانت تحرق صدرها بدون رحمة .. ثم قالت :- لم يسبق أن ناداني باسم سكرتيرته السابقة أثناء وجوده معي ..
( كما أن السكرتيرة السابقة لم تكن جميلة مثلك ... ثابتة مثلك ... مثيرة للإعجاب مثلك )
قالت زين ببساطة :- خطأ قد يقع فيه الكثيرون .... أؤكد لك أن ما من سبب لتوترك يا آنسة رنيم .. علاقتي بالسيد جمال لا تتعدى كونها علاقة رئيس بمرؤوسه
:- حتى الآن ..
أخذت زين نفسا عميقا قبل أن تقول بهدوء :- أنا لن أتخلى عن وظيفة جيدة أحبها لأجل شكوك لا معنى لها من شخص لا علاقة له أصلا بطبيعة عملي ..
هتفت رنيم بغضب :- سأطلب منه أن يطردك ..
هزت زين كتفيها قائلة :- سأرحل بدون تردد فور أن يطلب مني السيد جمال بنفسه الرحيل ..
مالت رنيم نحوها من فوق المكتب وهي تهتف فاقدة لأعصابها :- هل تتحدينني ؟؟ هل تظنينه يختارك إن خيرته بيننا ؟؟؟ فلتعلمي إذن ....
قاطعها صوت هاديء يقول :- هل أتيت في وقت غير مناسب ؟؟
التفتت المرأتان نحو رائد .... الواقف عند الباب ... وجهه الوسيم صارم الملامح بدون أي أثر للعبث الذي اعتادت زين أن تراه في كل زيارة كان يقوم بها لجمال خلال الأيام السابقة ... بينما كانت عيناه تنظران بثبات إلى رنيم التي شحب وجهها مرة واحدة وهي تنظر إليه .. تراجعت فوراعن مكتب زين وهي تقول بعصبية :- نعم أتيت في وقت غير مناسب ... وقد قاطعت حديثا شخصيا ..
نقل بصره بين وجهها الشاحب إنما محتقن بالغضب .. ووجه زين الجامد والخالي من التعبير ... ثم قال بهدوء :- إن كان الامر يتعلق بنوع القهوة الذي يفضله جمال .. فأنا لا أجد الأمر شخصيا بما يكفي ليتطلب رحيلي .. وإن كان يتعلق بعمل زين لدى جمال .. فأنا أتساءل عن رأيه إن عرف بتدخلك في أمور عمله يا رنيم ..
هتفت كقطة تهس في وجه مهاجمها :- إبقى بعيدا عن علاقتي بجمال يا رائد ..
لوح بيديه وقد ارتسمت على شفتيه أخيرا ابتسامة التهكم المألوفة وقال :- لا تقلقي ... لن أؤثر بجمال وأدفعه للتخلي عنك إن كان هذ ما تخافينه .. أنا أتركه ليميز ويخنار طريقه بنفسه ... في النهاية لا يتعلم المرء إلا من أخطائه .. صحيح ؟
راقبت زين بقلق رنيم وهي ترتجف فعليا من رأسها حتى قدميها قبل أن تندفع خارجة من المكتب متجاوزة رائد الذي أفسح لها الطريق متحاشيا الاصطدام بها بمعجزة ..
التفت نحو زين فور أن أصبحا وحيدين ... وقال ببساطة :- لا تبالي بها .... إنها تعاني من مشاكل في الثقة ... أظن هذا واضحا .. إذ أنها تخشى أن يكتشف جمال حقيقتها فيتخلى عنها في النهاية ..
الأمر ليس من شأنها ... كما أنها لن ترضيه أبدا بإظهارها الفضول وقد نجحت خلال لقائها المتكرر به خلال الأيام الماضية من التزام البرود والجفاف في الرد على تعليقاته المستفزة التي كان يحاول من خلالها اختراق تحفظها ... في كل مرة كانت تراه صباحا ... كان يحييها بطريقته المتهكمة والعابثة ... ثم يتركها ترتجف واثقا من تركه الأثر المطلوب فيها مما كان يزيد من غضبها ونفورها اتجاهه .. وتساءلها عما يريده منها بالضبط ...
أرادت أن تصرفه برد جاف ومقتضب .. إلا أنها لم تفكر قبل أن تقول :- وهل تعرف أنت حقيقتها ؟؟؟
قال ببساطة وهو ينظر إلى عينيها مباشرة :- بالتأكيد ... فقبل أن يخطب جمال رنيم ... كانت عشيقتي أنا .. وهو ما لا يعرفه جمال ... حتى الآن ..





في قلب الشاعر(الجزء الخامس من سلسلة للعشق فصول)مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن