الفصل الثاني والثلاثون
قبلته كانت عنيفة ... وحشية ... متملكة ... بينما أحاطت إحدى يديه بخصرها والتفت الأخرى حول عنقها مثبتة إياها إليه .. غضبها الشديد .. كبحه التشوش الذي لف عقلها على إثر صفعته التي ما زال مكانها ينبض بالألم .. هذا التشوش .. منحه الفرصة للتسلل إليها وإيقاظ أحاسيس كان لغضبها أن يشكمها .. منحه الفرصة كي يتمكن من حصونها قبل أن تمتلك القوة لمحاربته .. وعندما فعلت أخيرا .. عندما تمكن منها الذعر وهي تحس بيديه تلامسانها بجرأة ... وبقبلته تزداد ضراوة وتمكنا ... بنفسها تضيع وتخسر أمامه .... بدأت تضرب كتفيه بجنون وهي تحاول ركله عاجزة وقد كان أكثر قربا مما يسمح لها بإصابته .. أصابت إحدى ضرباتها فكه فحررها للحظة ظنت نفسها خلالها قد نجحت في التخلص منه دون أن تدرك أنها كانت إحدى تكتيكاته لا أكثر .. إذ سرعان ما كان يمسك بمقدمة قميص نومها قبل أن تتمكن من التحرك بعيدا ليدوي صوت تمزق الحرير عاليا في فضاء الغرفة .. أطلقت صرخة ذعر وهي تجد نفسها خلال لحظة مرمية فوق سرير مراهقتها الضيق .. مثبته بجسده مقيدة اليدين إلى جانبي رأسها بيديه .. وجهه يواجه وجهها ويلفحها بأنفاسه العنيفة وهو يقول :- لا تقاتليني يا ليلى .. لطالما كنت تعرفين بأنك ستكونين لي .. عاجلا أم آجلا .. كنت لأنالك .. برضاك أو بدونه ..
هست في وجهه والنيران الزرقاء تشع من عينيها :- لن أتوقف عن قتالك لحظة .. وإن كنت ستنالني حقا .. فستنالني رغما عني كما يفعل الجبناء .. لأنني أبدا ... أبدا لن أكون لك ..
ازدادت أنفاسه عنفا وهو يقول بخشونة :- سنرى ..
وعندما قبلها هذه المرة كانت نواياه واضحة ... هو سينال زوجته أخيرا ... بشروطه هو لا غير ..لأول مرة منذ زواجهما تنام نوار إلى جانب آدم ... دون أن تحيط بها ذراعاه .. دون أن تنعم بدفئه فتنام قريرة العين وهي تشعر بحمايته تحيطها ..
كانت تشعر به إلى جانبها دون أن تجرؤ على الاستدارة إليه ورؤية ظهره مواجها إياها .. إذ كان الأمر مؤلما جدا بالنسبة إليها .. أن تعرف إلى أي حد أزعجته بكلماتها ..
لم تعرف ما الذي دفعها لقول تلك الكلمات القاسية ... لم تعرف لم شعرت بالحاجة لأن تدافع عن نفسها في حضرة الاتهام في عيني آدم .. ربما لأن جزءا منها شعر بالذنب لشهادته على وجودها برفقة فراس من وراء ظهره وقد سبق وأخبرها بأنه يرفض تماما أن يكون زوجها السابق جزءا من حياتهما معا بأي طريقة كانت .. وأنها يجب أن ترميه بكل ذكرياته وراء ظهرها .. فكيف كانت تتوقع أن تكون ردة فعله عند رؤيته لها جالسة مع الرجل في مكان عام وعلى مرأى من الغادي والرائح ...
لو أنها مكانه .. ربما لفعلت أكثر مما فعل .. ربما لجنت إن رأت آدم في جلسة حميمة مع امرأة كانت حبيبته فيما مضى .. إذن ما الذي دفعها للانفجار في وجهه وتوجيه تلك الكلمات الباردة إليه ؟؟ ..
ما فعله حين رمته بكلماتها تلك .. هو النظر إليها ببرود شديد .. قبل أن يقول بصوت لا تعبير فيه :- أنت محقة .. أنا آسف لتدخلي في حياتك الخاصة ..
ثم استدار عنها .. قبل أن ينظر إليها من فوق كتفه قائلا بجفاف :- أنا ذاهب إلى البيت .. إن أردت مرافقتي فأهلا بك .. وإن لم ترغبي فأنت حرة .. تفعلين ما تريدينه عندما تريدينه لا أكثر ..
شحب وجهها عندما أحست فجأة بما ارتكبته ... بالثمن الذي كان عليها دفعه لأجل دفاعيتها الغبية عن نفسها .. وعندما سار مبتعدا ... سارت ورائه بدون تفكير ... فلم يتحدث إليها أبدا في طريقهما إلى البيت ... وعندما دخلا أخيرا .. تركها واقفة في الصالة .. ودخل إلى غرفة النوم .. لتجده قد سبقها إلى السرير .. مديرا لها ظهره .. دون أن يظهر أي استعداد للتحدث إليها ..
وهاهو الليل قد انتصف .. وهي عاجزة عن النوم .. وكيف تفعل .. وهي تشعر وكأن جزءا منها قد انتزع عنها .. وهي تشعر بأنها ضعيفة .. هشة بدون حبه ودعمه ..
استدارت إليه .. لتنظر إلى ظهره عبر الظلمة .. فاغرورقت عيناها بالدموع .. لم يستغرق اتخاذها القرار الكثير من الوقت .. إذ سرعان ما كانت تتحرك ببطء قاطعة المسافة بينهما ... وملتصقة به ..
في البداية .. أحست بجسده يتشنج عندما لمسته ... هو ليس نائما إذا ... جيد ... هذا يعني أنها ليست الوحيدة التي تعاني من الأرق والسهاد .. تجرأت ..ومدت ذراعها لتحيط خصره بها .. التصقت به أكثر تاركة أنفاسها تلفح عنقه .. وهمساتها تدغدغ أذنه وهي تقول :- أنا آسفة ..
لم يمنحها أي رد .. فعادت دموعها تسيل من عينيها .. لتبلل ظهر قميصه القطني .. وهي تعاود الهمس :- أنا آسفة يا آدم .. آسفة .. أنا لم اعن حقا كلمة مما قلته لك .. أرجوك سامحني .. خصامك يقتلني ..
سمعت تنهيدته الحارة .. فعرفت بأنها تتسلل إليه .. تصل إلى قلبه فتلينه عليها .. سمعته يقول بصوت أجش :- أنت من يقتلني يا نوار ... لو تعلمين ... فقط لو تعلمين ...
أمسكت بكتفه تديره إليها .. فالتقت أعينها في الظلام .. مجرد إحساسها بدفء أنفاسه عليها منحها الطمأنينة التي تنشد .. همست برقة :- أخبرني ..
هز رأسه قائلا :- أخشى أن أخبرك .. فأضع حملا ثقيلا فوق كتفيك .. وقد وعدتك بالحرية ..
قالت مؤكدة :- حريتي فيك ... أجنحتي التي أطير بها .. أنت من رسمتها بثقتك .. فلا تتخلى عني الآن ..
همس وهو يسحبها إليه :- لن أفعل أبدا .. أبدا
ضمها إليه .. فاستكانت بين ذراعيه .. دافئة .. وآمنة .. دون أن تدرك بأن أحاسيسه هو كانت بعيدة كل البعد عن الأمان ...
أنت تقرأ
في قلب الشاعر(الجزء الخامس من سلسلة للعشق فصول)مكتملة
Romanceرواية بقلم المبدعة blue me الجزء الخامس من سلسلة للعشق فصول حقوق الملكية محفوظة للكاتبة blue me