ليس من يدق الباب كمن يكتب الشعر في غرف الدردشة المظلمة .. فالفرق بينهما كالفرق بين شين " الشهامة " وشين " الشهوة " ..وليست من تنتظر الحلال في خدرها كمن تهتك جدران بيت أبيها برسائل هاتفها .. فالفرق بينهما كالفرق بين فاء " الفضيلة " وفاء " الفتنة "..
فدع عنك أباطيل الغرام ومعسول الكلام ، فما هي إلا فتنة يمتحنك الله بها أتصبر أم تتهور !
زلّت قدمكَ بعد ثبوتها فأُركس قلبك.. وضلّت نفسك وفُتنت روحك ، أراكَ تتأرجح بين الطريقين .. تميل هنا وهناك .. لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء .. تتذكر ربكَ فتستغفر .. وتُضعفك نفسك فتسقط .. وتسقط وتسقط دون أن ترتطم بالهاوية..إيمانك ينتفض كمحتضِر تُلحُّ عليه الدنايا لتنزع منه روحه وتتركه جثة بالية ..
أشعر بكَ يا صديق ..فدعني أذيع لك سرا احفظه .. ستستصغر الذنب وتعتبره كفتحة مفتاح الباب ، ستقول " لا بأس به لن يضرني " .. فإذا بالفتحة تنشرخ وتتمدد ، وإذا بها بابٌ فُتح على مصراعيه ينفث فيك خبثه .. وأنت لا تزال تردد " لا بأس به لن يضرني " .. فإذا بأبواب أخرى تُشرَع عليك ما كنت تظن أنك ستلجها بادئ ذي بدأ .. لكنها العادة .. تقتل لك ضميرك ويضحمل بها إيمانك .. تُسارع لتغلق الأولى فتُفتح الثانية.. تهرع للثانية فتُفتح الثالثة .. تهرول بين هذه وتلك حتى يضيق بك صدرك وينقطع نفَسك وأنت لا تزال تردد : " لا بأس به لن يضرني ".حتى تحين تلك اللحظة التي يمنحها الله لك رأفة بك .. لحظة الارتطام بالواقع .. لحظة الانسلاخ من الأحلام.. لحظة كانت تأتيك كل مرة لكنك كنت تهرب منها وتفّر خوفا وهلعا .. الآن لن تهرب .. لقد تكشّفت لك نفسك وفهمت خطأك وأدركت سبيلك .. لا لن تهرب .. فقط ستثني ركبتيك حتى تصل للأرض وتتبعها بناصيتك تمرغها في التراب سبعا وتمرغ معها قلبك.. وتخرج منك صرخة تمزق روحك " يا ليتني كنت ترابا " تحن إلى أصلك الطيني.. أصلك العدمي .. يا ليتني ما كنت وما خُلقت .. لكنك لا تزال موجودا .. أنت هنا وعليك تحمل تبعات ذلك شئتَ أم أبيت ..أنت هنا كسير الجناح ..تلجأ لمن بيده ملكوت السماوات والأرض .. تتذكر أنه شديد العقاب لكنك تطردها من رأسك لتردد :" نبئ عبادي أنّي أنا الغفور الرحيم ". وتحجم عن إتمامها .. تتشبث بها كطوق نجاة .. تردد مجددا :" إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ".. لقد كنتُ جاهلا يا الله .." ثم يتوبون من قريب " لقد تبتُ يا الله .. وتظل تردد بعيون فاضت بعد قحط " وكان الله توابا رحيما " .. " و من يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما "... " ومن يغفر الذنوب إلا الله " .. ولا تزال تردد حتى تطمئن نفسك وتسكن روحك فترسل تنهيدة ملؤها السماوات والأرض..
أتظنها النهاية ! أتظن أن الأمر ينتهي ها هنا ! لا و رب الكعبة.. ستُفتن مجددا.. قد تقاوم .. قد تسقط .. لكنك ستنهض من جديد .. وتُفتن من جديد .. إنها لعبة الدنيا ... تذكر فقط أن هناك من يردد منذ بدء الخليقة " فبعزتك لأغوينهم أجمعين " .. و تذكر قوله سبحانه " وعزتي وجلالي لأغفرن لهم ماداموا يستغفرونني " .. ضعهما أمام ناظريك .. احفظهما عن ظهر قلب .. وامض في طريقك.. حتى يطرق أذناك ذاك النداء المنتظر " سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين ".
في الأخير .. لسنا في زمن أبرهة .. من يريدك سيصل إلى بيت أبيكِ ولو حبوا ..