ألا ترى ..

29 5 0
                                        

أنَّ اكثر ما يُحرّكُكَ من سريرك في الصباح هي الجراح ؟   
لا أتكلم هنا عن نبذِ الرّاحة أو أني أجلدك  !

تعال معي .. ألستَ ذاتك الذي قُلت لـ نفسكَ يومًا أنَّ الأمرَ أكبرُ منك
و أنَّ الوصول لما يشغل عقلك هو أمرٌ جَلل ، صَعبٌ لا يُدرّك !

و أنّك تشعر بـ فم الحوتِ ينتظرُ منك حركةً لـ تقع في بئر يوسُفَ
ولا تخرجَ من كهفِ الأخدود سجينًا في قرية موسى .. !

كم من مرةٍ أهداكَ اللهُ انفاسًا لـ تسعى في أرضٍ لا ينبتُ زرعها إلا إن قُمتَ وتحرّكتَ وكنتَ الأحسن عملا .. كم من مرةٍ ستر الله قُبحًا أتيتَ به على أعيُن نفسك ، متواريًا عن الناس غيرَ مستورٍ عن عين الله .. ! وإن كنتَ لا تراه .. كم من مرّةٍ دعوتَ ولم ترَ نتائج طلبك على طاولة الأمل فيك ، فـ غضبت وسخطت ولم تُدرك أنَّ الله أبعدَ عنك مصيبةً أو أجَّلَ لك الجائزة ! كم من مرّةٍ ظننتَ نفسَكَ القادر الجبّار على أمرك فـ ابتلاكَ بـ مرضٍ رماكَ في حُضن نفسك .. كم من مرّةٍ ظننتَ أنّك مبتلى بـ ما حَرَمَك الله ، ولم تعلم أنّك ابتُليتَ بما آتاكَ أصلًا .. ! كم من مرَّةٍ عليَّ أن أقول لك اسمع صمتك قبل صوتك وانظر لما بينَ يديك ، ترى بعضَ قيمتك وبعضٌ في شكر الله تراه .

ماذا لو ؟ سلّم الله لك إدارة الجسد .. أتشعر ان 24 ساعة تكفيكَ لـ تحرّك الكبد وتنبض قلبك وتصفّي كليتك وتُديرُ عينك و تحرّك رئتتيك .. و ألفُ مهمةٍ غيرها ؟
لذلك كانت " يُدبّرُ الأمر " ..

ماذا لو ؟ حقق الله لك أمنيتك في الإنتقال لـ شخصيةٍ تحبّها وترى فيها محور الكون وقدوتك . ألن تشعر بأنك لا ترتاحُ إلا بـ قالب نفسك وإطار شخصك .
إن كانَ الله قد قبلك كما أنت . بكل ثقوبك وعيوبك وناداك بـ " قل يا عبادي " وأنت لا زلتَ تلعنُ نفسك . !

ماذا لو ؟ آتاك الله ما تتمنّاه فورًا ، أليسَ يضيعُ معنى الشّغف ، أليسَ يفقدُ الألم معناه وجوهره ، أليسَ تغيبُ شمس المحاولة ، أليسَ الحرمانُ عطاءٌ يُحرّك كسلك ! أليسَ حينها لن تشعر بـ رغبة الوقوف من جديد ، أن لا تبرح

ماذا لو ؟ فقدتَ كل يومٍ نعمة ، كم يومٍ ستعيش ؟ .. أضمنُ لك أنّك ستعيشُ آلاف وملايين السنين .. ألا ترى أنَّ نعم الله لا تُحصى ! أم أنَّكَ ما زلتَ لا تعرفُ العَدَّ بعد 5 حواس ؟

يا صديق .. أعلمُ ما يدورُ في ذهنك الآن ، أقرأ أفكارك ؟ لا بل أنا مثلك تمامًا ما زلتُ أحاول ، و سأبقى . لكنّي أقولُ لك بـ حُب أنَّ إدامةُ النّظر تُنتج الفكرة .
ونحنُ بـ حاجةٍ لإعادة النّظر بـ انفسنا . ثم إدامة النّظر بها ، حتى تولد الفكرة !

ألا ترى أن سورة الشرح قالت بعضَ قصّتك والكهف تروي حكايتك والضحى تشعل همتك والنور تضيء دربك والفرقان تمسح ألمك والروم تؤكّد قيمتك و و و

ألا ترى أنّك تبالغ ؟
لا بل أنا للاجلك..

لا تنسى الآية 39 من الأحزاب . وسلامٌ على قلبك

اجراس العودةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن