الفصل السابع

14.1K 794 110
                                    


الفصل السابع

شعور فقدان أحدهم أمام عينيك، يفوق في وجعه وقساوته أي شعور آخر قد تجابهه طوال حياتك، خاصة إن كان عزيزًا لديك. ما أحسست به في اللحظة التي رأيت فيها أمي ممددة على ظهرها، والدماء تغرق ثوبها كان لا يمكن وصفه، شعرت بقلبي يتمزق، وبروحي تقتلع. كل ما بي صار هائجًا، ثائرًا، متحرَّقًا للانتقام. اندفعت بعنفوانٍ متضاعف أحرك رأسي لأتمكن من غرز أسناني في ذراع من يمسك بي، ورُحت أعضه بكل شراسة وما اهتاج بداخلي، مما جعله يصرخ من الألم الشديد بعد أن أوشكت على تمزيق لحمه، تركني مرغمًا وهو يلعن:

-أيتها الســاقـــطة!

لم أهتم بسُبابه، وابتعدت عنه لأهرول نحو والدتي التي كانت بين الحياة والموت، وقبل أن أصل إليها أمسك بي آخر من شعري، ولف كومة كبيرة منه حول كفه ليضمن إحكام قبضته عليّ، وكذلك ليمنعني من بلوغها. صرخت في هياجٍ أكبر، واستدرت لأضربه وأصفعه؛ لكنه كان الأسرع في إيلامي، فهوى على صدغي بصفعة جعلت رأسي يرتج، ولاحقني بأخرى طالت فمي ليخمد ثورتي فجعل خيوط الدماء تنزف من بين أسناني. كاد يمنحني الثالثة لولا أن أوقفه أحدهم هادرًا في صرامة بلكنته الغريبة:

-توقف، لا نريد إفســاد هذا الوجه الجميل...

رمقي بنظرة ذئب جائع قبل أن يتابع:

-فمثلها مطلوب لدى صفوة رجالنا.

تجرأ بعد ذلك على الإمساك بمفاتني بيده، فصرخت في ذعرٍ، اعتصر بيده ما طاله من جسدي، وقال في خبثٍ:

-وأنتِ تملكين ما يريده الرجـــال!

رغم خوفي الشديد إلا أن كل ما في استنفر جراء حركته البذيئة تلك، فحركت رأسي في اتجاهه، وبصقت في وجهه وأنا أزعق فيه:

-أيها الحقير الوضيع، سأقتلك.

احتقن وجهه لفعلتي، وقبض على فكي يعتصره بيده القوية مهددًا:

-سنرى يا حلوة.

ثم وجه أوامره للرجل الممسك بي:

-اذهب بها عند "ريمون"، فهو يجيد ترويض القطط البرية!

سمعت الآخر يعلق عليه قبل أن يُديرني عنوة ناحيته:

-حسنًا.

وجدته يحرر كومة شعري الذي تشعث تحت وطأة يده، ثم رفعني عن الأرض دفعة واحدة، ليلقيني على كتفه وهو يتوعدني:

-ودعي حياة الدلال هذه.

تقدم نحو الباب في خطى سريعة، فحاولت الإمساك بإطار الباب لإعاقته؛ لكني لم أمتلك من القوة والمقدرة ما استطعت مقاومته به، نجح في الخروج بي من الحجرة، ونظرت إلى "صوفيا" نظرة أخيرة متحسرة قبل أن يصعد بي للأعلى.

غير قابل للحب ©️ كاملة - مافياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن