الفصل الرابع

25.7K 1.1K 387
                                    


الفصل الرابع

كانا يتفاوضــان على قتلي، هذا آخر ما أذكره قبل أن أشعر بألم عظيم يعصف برأسي، وبمذاقٍ مالح يقتحم حلقي، لأغرق بعدها نحو ذاك السواد الحالك، حينها فقط شعرت بالسكينة والاسترخاء، نغص عليّ ذلك الشعور الجارف بالاستسلام تلك الضغطات العنيفة على ضلوعي، فتحت بثقلٍ جفناي لألمح أطيافٍ مبهمة المعالم تتجول فوق رأسي، حتى الأصوات المنتشرة من حولي، بدت كوخزات حادة تؤلم أذناي، فقط نداء قريب للغاية، متكرر باسمي، ظل ينتشلني من راحتي المؤقتة:

-"ريانا"! "ريانا"!

ثم أحسست بذراعان تلتفان حولي، وباهتزازات سريعة من أسفلي؛ وكأن أحدهم ينقلي من مكان لآخر، بعدها اجتاحت جسدي رطوبة باردة، وشعرت برجفات متتالية تنال مني، ومع هذا أطبقت على جفناي بقوةٍ لاستدعي استرخائي اللذيذ واستمتع به، لا أعرف كم مضى عليّ من الوقت وأنا على تلك الحالة الهادئة؛ كنت في حالة سكون تام، إلى أن بدأت استفيق من غفوتي على شعوري بلمسة حنون، تطال جبيني تارة، وظهر كفي تارة أخرى، بدأت استجمع طاقتي المستهلكة لأفتح بها جفناي، وأنا أرهف السمع لتلك الهمهمات غير الواضحة.. صوت والدتي كان الأقرب إليّ، خاصة حين هللت بسعادة غريبة:

-يا إلهي! أخيرًا عدتِ إلى وعيك.

ضغطت على عيناي لأعتاد على الإضاءة، رغم كونها غير مزعجة؛ لكنها كانت مؤلمة بالنسبة لي، شعرت بوخز طفيف بهما، ربما نتيجة الملوحة التي أصابت حدقتاي، أدرت رأسي مع حركة جسدها المتحمس لأتابعها، وهي تضيف:

-أنظر "رومير"! لقد أفاقت ابنتي.

تحولت نظراتي نحو خالي، حين سألني بلطفٍ:

-كيف تشعرين الآن، "ريانا"؟

أجبته متسائلة بوهنٍ، وأنا أحاول الاعتدال في رقدتي، ساحبة الغطاء على جسدي، فمازلت أشعر بالبرودة تضرب أطرافي:

-ما الذي حدث؟ وأين أنا؟

مسح على رأسي برفقٍ، وجاوبني بابتسامة لبقة:

-أنتِ في مأمن من أي خطر.

سألته محاولة تذكر ما مررت به:

-ألم أكن بالخليج وآ..؟

بترت سؤالي لأنظر إلى قميص النوم الحريري –ذي اللون الأسود- الذي أرتديه، كان يكشف عن كامل أكتافي بسبب حمالاته الرفيعة، لا أذكر أبدًا أني كنت أمتلك واحدًا أسفل ثيابي الرسمية، ولا أعرف أين يصل طوله بسبب الملاءة التي تغطي جسدي، للحظة دار في خلدي هاجس موتر، جعل بشرتي تتورد خجلاً؛ ألا وهو احتمالية قيام "فيجو" باستغلال الموقف، وتجريدي من ملابسي، في حالة اللا وعي التي كنت غارقة فيها، لهذا هتفت متسائلة في جزعٍ، وأنا أتطلع إلى والدتي:

غير قابل للحب ©️ كاملة - مافياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن