الفصل الرابع والثلاثون

12.3K 725 70
                                    


الفصل الرابع والثلاثون

حاولت أن أبعد عن نفسي سحب اليأس التي ظللت فوق روحي؛ لكني لم أفلح، ثما ما ينغص علي سَكِيني، فقد غمرتي كل مشاعر الانهزام والإحباط والرغبة في فعل اللا شيء، وما ساعد على تعزيز هذه المشاعر السلبية في نفسي هو الفراغ الكبير الذي حاوطني منذ غياب "فيجو" عني لأيام متعاقبة، في البداية مِلت لتصديق وجود خطب ما؛ لكن والده "مكسيم" أكد لي أن تنظيمهم في أوج نجاحاته، حينها تيقنت أنه يتجنب اللقاء بي ليضاعف هذا من شعوري بالنبذ والإقصاء. أذكر في نهار يومي الكئيب أن استيقظت من نومي، ولساني يردد:

-"فيجو"، أما زلت تكرهني؟

كنت مندهشة لكوني أتكلم خلال يقظتي القريبة، تمددت على ظهري محاولة استعادة سبب تلفظي بهذه العبارة. استعاد ذهني تفاصيل حلمي الأخير، حيث كنت أستجدي مشاعره لأعرف ماهية إحساسه ناحيتي، استنكرت حماقتي وتذللي السخيف إليه، ولكزت جبيني بظهر كفي معنفة نفسي:

-يا لكِ من غبية! حتى في أحلامك تتسولين الحب!

التقلبات المزاجية الحادة لم تكن من سماتي مؤخرًا، فتارة تجدني في قمة هدوئي وعدم مبالاتي، وتارة أخرى أتحول للنقيض وأطيح بمن حولي من فوران عصبيتي، تمنيت لو كانت والدتي إلى جواري ربما خففت عني هذه الأعباء التي تثقل روحي، وأعادت إلي سكوني واستكانتي.

لم أبدل ثياب نومي، فقط غسلت وجهي، وبسطت على كتفي شالًا، ثم خرجت إلى الشرفة لأنظر إلى الخضرة الممتدة أمامي بشرودٍ، نداء الخادمة من ورائي أخرجني من سرحاني المؤقت:

-سيدة "ريانا".

بفتورٍ ظاهر علي أخبرتها دون أن أنظر تجاهها:

-لا أريد الإفطار، فقط أعدي لي كوبًا من القهوة.

حمحمت قائلة بتهذيبٍ:

-إنها شقيقتك...

خفق قلبي وانشرحت قسماتي، فهتفت في ابتهاج كبير:

-"آن"؟

أوضحت لي وهي تشير بيدها:

-على الهاتف.

خبت فرحتي قليلًا؛ لكني رددت أمرها في حماسٍ:

-اعطيني إياه.

ناولته لي وهي تقول:

-تفضلي، أتأمريني بشيء آخر؟

أشرت لها بالانصراف وأنا أوليها ظهري قائلة:

-لا، اذهبي.

...................................................

انتقلت مع الهاتف إلى سور الشرفة، استندت بمرفقي على حافته، وحدقت في وجه شقيقتي المضيء بنظراتٍ مشتاقة، خمنت من الخلفية الظاهرة ورائها أنها تقضي وقتها على الشاطئ، وجدتها ترفع النظارة على رأسها، وهي تستطرد قائلة:

غير قابل للحب ©️ كاملة - مافياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن