الفصل الحادي والعشرون

15.2K 859 78
                                    




الفصل الحادي والعشرون

لحظات الشوق الودَّية التي من المفترض أن أكون عليها في هذه الأثناء المميزة بين زوجين يسعيان للتقارب الحميمي انعدمت تمامًا، كانت الأجواء بيننا مشحونة، متأزمة، مطعمة بالكراهية والحقد .. كلانا متأهبان، مستعدان لإحراق أحدنا الآخر، دون اكتراث بمشاعر بعضنا البعض؛ وكأن بُغض الدنيا بأسرها قد اجتمع في نفسي كلينا. رُحت أنظر إلى "فيجو" بنظراتٍ متسائلة باحثة عن أجوبةٍ شافية، بعد أن استثار حواسي برغبته في إعلامي بالحقيقة الغائبة عني كاملة. حدجني بنظرةٍ احتوت إظلامًا أرعبني، ارتجفت، وانكمشت، وشعرت بالتضاؤل. على ما يبدو أشفق علي، وإن كنتُ أشك في ذلك، فترك معصمي وابتعد عني ليلتفت ناظرًا في الناحية الأخرى.

بقيتُ متسمرة في مكاني، ذاهلة، متخبطة، ضائعة، أي شيء غير أن أكون نفسي الهانئة. استجمعت جأشي وأنا أشعر بأنفاسي مضطربة، حملقت في ظهره متسائلة بصوتٍ مهتز:

-ما الحقيقة؟ هيا، قل!

توغل أكثر في صمته المريب، لا يفوه شيئًا، فازداد الفضول المقلق بداخلي، تغلبت على مخاوفي التي تساورني بين الفنية والأخرى خشية مواجهته الشرسة، خاصة أني لا أعلم بنواياه بعد، وضغطت عليه بإلحاحٍ يحمل في طياته الاتهام:

-أما أنها محاولة جديدة منك لخداعي؟

التفت برأسه تجاهي، وقال في صوتٍ صارم خشن:

-لستُ بحاجة للكذب أو التضليل...

شملني بهذه النظرة الموترة لأوصــالي، وأتم جملته:

-فما أريده أحصل عليه.

تضاعف دبيب قلبي المرتجف، فحاولت إظهار تماسكي، وسألته بلجلجةٍ محسوسة في نبرتي:

-أخبرني إذًا، وتوقف عن المماطلة.

عاد للتحديق أمامه متجنبًا نظراتي المسلطة عليه، واستطرد يقول بعد زفيرٍ ثقيل:

-حسنًا.

رأيته يتحرك بضعة خطواتٍ في اتجــاه نافذة الشرفة، أزاح الستارة الحاجبة عن المشهد الطبيعي بالخارج، لينظر مليًا بشرودٍ عبر الزجاج وهو يسترسل في سرد ما لم أتوقع:

-لم أكن حاد الذكاء فقط، وانتبه لصغار الأمور، بل كنت مولعًا بالرماية أيضًا، وأجدتُ استخدام الأسلحة بشكلٍ شبه احترافي قبل أن أتم الحادية عشر من عمري، حتى مهاراتي في التصويب من مسافاتٍ بعيدة باتت رائعة.

معلومة جديدة أضفها إلي لاحتفظ بها في ذاكرتي بشكلٍ مال للألفة، تلك التي كانت مناقضة لطبيعة الموقف الحاد بيننا، ركزت كامل انتباهي معه وهو يتابع دون أن ينظر في اتجاهي:

غير قابل للحب ©️ كاملة - مافياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن