الفصل الثاني والثلاثون

15.3K 770 98
                                    


الفصل الثاني والثلاثون

حين بدأت استفيق من سباتي العجيب، بدا وكأن برأسي عشرات المطارق تَدقُّ بقوة في جنباته، رحت أدعك جبيني، وأفركه برفقٍ محاولة إسكات الصخب المزعج المتفشي فيه. بعد لحظاتٍ كنتُ شبه واعية، مدركة تقريبًا لما يدور من حولي، بادرت بفتح عيني، ونظرت إلى ما يوجد أمامي من زاويتي، خلال لحظة أخرى أدركت أني بغرفة نومي، تثاءبت في تعبٍ، وشعرت بلفحة من الهواء تضرب ظهري، خفق قلبي فجـأة، وخفضت من بصري لأتأكد إن كنت أضع شيئًا أم لا، وكنت مثلما توقعت، متجردة من ثيابي، سحبت الغطاء نحو كتفي، وتثاءبت من جديد، استغرقني الأمر عدة لحظاتٍ لأستعيد نشاطي، حينئذ اعتدلت في نومتي، وأرجعت ظهري للخلف لأستند على عارضة الفراش.

وضعت يدي على مقدمة رأسي، وتساءلت بإرهاقٍ، وبصوتٍ شبه مسموع:

-ما هذا الصداع؟

مددت ذراعي نحو درج الكومود لأفتش فيه عما يخرس هذه الطرقات العنيفة، ولساني لا يزال يتكلم:

-أشعر برأسي على وشك الانفجار.

وجدت شريطًا مسكنًا، أفرغت منه قرصًا، وتناوله بقليلٍ من الماء الموجود أعلى سطح الكومود. دعكت عيني لأزيل آثار النعاس، ثم تطلعت حولي، فرأيت ما كان على الغرفة من عدم ترتيب، افترت شفتاي عن صدمةٍ عجيبة قبل أن أتساءل عاليًا، وأصابعي تتخلل خصلات شعري:

-ما الذي حدث هنا؟ وما هذه الفوضى؟

اتجهت بناظري نحو الباب عندما ولج منه "فيجو" وهو يقول ببسمة صغيرة استرعت حيرتي:

-أخيرًا استيقظت.

سألته وأنا أحاول التطلع إلى الساعة الموجودة على الكومود الآخر الملاصق لناحية زوجي من الفراش:

-ما الوقت؟

برقت عيناي في ذهولٍ، وهتفت من فوري عندما رأيت كيف تخطت عقارب الساعة الرابعة عصرًا بقليل:

-يا إلهي، هل نمت كل ذلك؟ لا أصدق.

كانت من عادتي الصحية الاستيقاظ مبكرًا، لا أتجاوز حاجز التاسعة صباحًا، إلا في العطلات، يمكن أن استيقظ قبل الظهيرة؛ لكني لم أصل مُطلقًا لهذا التوقيت، نظرت إلى "فيجو" مرة ثانية وهو يكلمني بشيء من التلميح غير المريح بعد أن خلع سترته مظهرًا حامل أسلحته:

-بعد ما حدث بالأمس...

تجمدت نظراتي عليه متوقعة حدوث الأسوأ، فاتسعت بسمته العابثة وهو يتم جملته:

-أظنكِ كنتِ بحاجة للراحة.

بلعت ريقي، واستطردت قائلة في توترٍ خفيف:

-ملامح وجهك توحي بالكثير...

ظل يرمقني بهذه النظرات النافذة، التي تجعلني أبدو في عينيه ككتاب مفتوح يسهل قراءته، تنحنحت بصوتٍ خافت، وسألته:

غير قابل للحب ©️ كاملة - مافياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن