الفصل الثاني عشر

14.6K 817 167
                                    


الفصل الثاني عشر

اجتاحني فيضــان الخوف الممزوج بالحنق بعد أن سمعت جملته الأخيرة التي نطقها بشكلٍ هادئ، كأنما يلقي على مسامعي خبرًا عابرًا، لذا طلب مني ادعاء فقدان الوعي، لكونه يعلم جيدًا مدى الهياج الذي سأصبح عليه حين أعلم بالأمر. انتفضت بجسدي بين ذراعيه أتلوى بكل قوةٍ محاولة الإفلات منه، وأنا أهدر في عصبيةٍ جمة:

-أيها اللعين، كنت تعلم بذلك.

لم يعلق علي، وأكمل سيره وهو يشدد من إمساكه بي، قاضيًا بلا عناءٍ يُذكر على أي مقاومة مني، بالكاد وصلنا إلى إحدى سيارات الدفع الرباعي التابعة لجماعته، فرحتُ أصرخ بصوتٍ مرتفع:

-لن أدع شقيقتي مع جماعتك، لن أتركها.

في سرعة أرخى ذراعه عن ركبتي لينزلني على قدمي، لكنه لم يتركني أمضي في سبيلي، بل طوق بذراعه الآخر عنقي، ليحاصر وجهي، ثم كمم فمي ومنعني من الصياح، كما كان أيضًا يحول بظهره بيني وبين شهود القبور من خلفه، فلا يتمكن أحدهم من رؤية ما يحدث بيننا من شدٍ وجذب، لم يكن بحاجة لفعل ذلك فطوله الفاره كان كفيلاً بإخفائي عن الأعين. أحكم السيطرة على انفعالي، وقيد معصمي بيده فحجم ذلك من حركتي، بات لصيقًا بي للغاية، فكنتُ أغوص في كتلة عضلات صدره الصلبة، لا أستطيع الفكاك منه، سمعتُ صوته يأمر أحدهم:

-هيا أعطها المهدئ، لا نريد إثارة المشاكل.

وصل إلى مسامعي ذلك الصوت المألوف الذي أمقته كثيرًا:

-من دواعي سروري.

شعرت بأنفاس "لوكاس" قريبة من صدغي، وتأكدت من هويته عندما خاطبني بهسيسه الشامت:

-سأتولى تخديرك ككل مرة...

تخشب جسدي أكثر، وتقلصت مع ضحكاته الماجنة وهو يضيف من وسط ضحكه المستفز:

-ربما أجعل منكِ مُدمنة!

نهره "فيجو" في صرامة:

-هيا، أسرع!

نظرتُ للأخير من موضعي، كان يُطالعني بتعابير جامدة، لا تعرف الرأفة أو التسامح، انكتمت أصوات صراخي المستغيثة تحت يده، وشعرت بحرارة أنفاسي المكتومة تحرقني، حاولت بجهدٍ جهيد الإفلات من قبضته؛ لكنه كان كمن يلصقها بالغراء، فلم تتجاوز صرخاتي عن بضعة تأويهات مبهمة خافتة، غير مسموعة في الهواء الطلق. استمر "لوكاس" يُكلمني بما استثار أعصابي على الأخير:

-سأحرص على الاستمتاع مع شقيقتك.

تلويتُ أكثر في جنونٍ، فأكمل بتلذذٍ:

-تُرى هل هي شرسة مثلك أم...

بترت عبارته عن عمدٍ ليضمن اقتحام الخيالات المفزعة لعقلي، وقال بعد ضحكةٍ سريعة:

غير قابل للحب ©️ كاملة - مافياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن