الفصل السادس والعشرون

13.2K 734 69
                                    


الفصل السادس والعشرون

سرت بجسدي رعشة قوية تغلغلت في أعماقي وأنا أقاوم بصعوبة ما حملته كلماته الصادمة من وقائع تقشعر لها الأبدان، رفض عقلي تصديق ما أملاه "فيجو" على مسامعي، استغرقني الأمر عدة لحظاتٍ حتى أستفيق من صدمتي الذاهلة، اندفعت ناحيته لأمسك به من طرفي سترته لأهزه في غضبة مندلعة، وصوت صراخي يرن في الأرجاء:

-ما الذي تقوله؟ أنت تكذب!

لم أكترث للفضيحة التي قد أتسبب بها أمام الحرس والخدم، كنت في أوج عصبيتي، أريد الانتقام منه بضراوة، وكان هو على عكسي تمامًا: هادئًا، متحكمًا، ومتوقعًا لردة فعلي. وضع "فيجو" قبضتيه على يدي دون أن ينتزعهما، وسلط نظراته علي قائلًا ببرود:

-إنه ما حدث، وعليكِ تقبل ذلك.

في هذه الثواني الفارقة، استحضر ذهني صدى كلمات شقيقتي وهي تخبرني بأنها تفضل الموت على أن يكون مصيرها مثلي، انقبض قلبي انقباضة مميتة، وامتلأ داخلي بغضبٍ محمومٍ على غضب مستعر، اتخذتُ موقفًا معاديًا متوقعة أنه فعل ذلك للانتقام مني، فهو يتلذذ بإيذائي فيمن أحب، لذا لم أتردد وأنا اتهمه علنًا:

-أنت أردت حدوث ذلك.

أبقى نظراته الجامدة علي، ليزيد ذلك من استفزازي، فبادلته نظرات كارهة حاقدة، هززته مجددًا صارخة فيه وقد شعرت بملمسٍ صلب خلف سترته:

-أرسلتها بعيدًا لتضمن إتمام الزيجة دون أن تكترث بما قد يصيبها بعد ذلك.

قال وهو ينظر في عيني:

-لا تقلقي عليها، فـ "لوكاس" يهتم لأمرها.

شعرت بموجة جارفة من الحنق تجتاحني، فصحت به باستنكارٍ أشد:

-أتهزأ بي مثلًا؟ أيملك هذا القاتل مشاعرًا؟

قال وأنا أشعر بأصابعه تداعب جلد كفي:

-أخبرتك سابقًا لا وجود للمشاعر لدين؛ لكن ما أضمنه لكِ أنها الآن تقع رسميًا في حماية العائلة، ولن يسمح "لوكاس" لأحدٍ أو حتى لشيء بإيذائها.

علقت في نقمٍ وقبضتي تشتدان على القماش:

-يكفي أن تكون بجواره لتتألم وتعاني، أنت أصدرت حكمك بالموت عليها.

أخبرني في تحيزٍ مزعوجٍ، والقسوة تنتشر في عينيه:

-لما لا تستوعبين أنكِ جزءًا من هذا العالم، أنتِ مثلنا، ولو جاءت لكِ الفرصة لقتل أحدهم فستفعلين ذلك، إنه أمر يجري في عروقك.

ثم أزاح كفيه عن يدي، كأنما يريدني أن أنفث عن غضبي الأهوج بتحديه المبطن، أغاظتني كلماته، بل إنها بعثت كل مشاعر الغضب والحنق في كل حواسي، واصلت هجومي المنفعل عليه، ويداي لا تزالان ممسكتان بطرفي سترته السوداء:

غير قابل للحب ©️ كاملة - مافياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن