الفصل الخامس
مصيبتي بالحياة إنني أحببتگ كورطة ، أصبحت تُلازمني كأنفاسي ، مهما فررت منك رأيتك في كل الوجوه ، وفي كل مكان ، شبح حبك يطاردني أينما ذهبت كالقدر مهما هربت منه وجدته أمامي ، كم هو مؤلم الفارق بيننا ! أنت تقطن هنا خلف سياج صدري المنغلقة عليك ، أما أنا لا أعد في سجل الأحياء بالنسبة لك .
****
( حمد لله على سلامة مراتك ، خلي بالك منها عشان اللي جاي مش في صالحكم يا ابن السيوفي )
تلك كانت الجُملة المكتوبة داخل الظرف الذي وجده تحت الباب ، قرأ الرسالة عدة مرات حتى عصرها في يده من قسوة الحيرة التي ارهقته ولعن في سره مغمغمًا
-اااه يا ولاد الكلب !
ظلت مُحافظة على صمتها طويلًا تتقرب تغير معالم وجهه التى تبرز الحيرة حتى خرجت من صمتها بتردد وسألته
-خير !
رفع أنظاره إليها وهو يمسح على وجهه قائلًا بابتسامة مُزيفة
-مفيش ؛ متشغليش بالك .
أومأت بالإيجاب وهى تجلس على أحد درجتي السلم تحت قدميها حيث انكمشت حول نفسها وبدأ جسدها يرتجف بصورة ملحوظة حاولت أن تسيطر عليه بضم ذراعيها وركبتيها لصدرها ملتزمة الصمت ، لاحظ هشام عدم اتزانها فإقترب منها وجلس بجوارها وهو يربت على شعرها بحنو
-فيكي حاجة ؟! مالك ! اطلب لك دكتور ؟
فزعت من جواره كمن لدغ بصاعق كهربي وهي تتوسله
- لو سمحت ، ممكن تبعد عني ! متحاولش تقرب .
لأول مرة يراها أمامه بتلك الحيرة المروعة لقلبه ، ذبحته برفضها الواضح له ، وذبحته أكثر لتعبها الذي استفرد ببدنها الهزيل وهو يراقبها عاجزًا ، وقف حائرًا يُطالعها بقلة حيلة وبكثير من الحب ، لأول مرة يرى في عيونها غيم الحيرة ، وفي شعرها ليل الوجع الذي استبد القلوب بدون شفقة .
حاول أن يقترب منها فاستقبلت قربه بخطوة أخرى للوراء وهى تترجاه بضعف
-لو سمحت .
بنفس رجٌفِه الشوق الكائنة بقلبه زادها بُرد خوفها منه بعد ما كان مأمنها قبل لحظات ، رفع كفيه أمام صدره مُلبيًا لطلبها
-تمام ، تمام .. اهدى وقولي لي عايزه أيه وأنا هعمله ؛ تمـام !
اقتحم الصداع رأسها وهى ترى صورتها مشوشة أمامها وقالت
-عايزه أبقى لوحدي ، ممكن !
هز رأسه رافضًا طلبها
-مش هقدر اسيبك في الحالة دي .
ثم اندفع صوبها بتلقائية وهو يكمل قائلًا
-اهدي كده وو
فقطعته صارخة
-متقربش ، قولت لك عايزة أبقى وحدي شوية .
-ما هو مش هينفع اللي بتطلبيه ده ! أنا هطلب لك الدكتور .
انخرطت دموعها بغزارة وهى تتشبث برأسها من شدة الوجع والاضطراب النفسي الذي عقد حلقته حولها ، وانهارت صارخة
-مش عايزه دكتور ومش عايزة أي حد ، عايزة افضل لوحدي !
استسلم هشام أمام انهيارها الذي اطاح بقلب الثنائي وقال
-اللي عايزاه هعمله ، تعالى ارتاحى في الاوضة جوة وانا مش هقرب منك بس المهم ترجعي كويسة لو هو ده اللي هيريحك .
أصبحت تأخذ انفاسها بصعوبة وهى تستجيب لعرضه وتسبقه لغرفتها فلحق بها وما لبث أن وصل لأعتاب غرفتهم فوجئ بها تقفل الباب بقوة وتجلس خلفه سابحة في دموعها ، تشعب الخوف في قلبه أدى به أن يتواصل مع طبيبها المختص الذي اجابه بعد ما انتهى هشام من وصف الحالة المفاجئة التى اصابتها وقال بهدوء
-طبيعي يا هشام ، كل اللي بتحكيه ده طبيعي ، ساعه هتلاقيها بتعيط وتايهه وخايفة لانها مش فاكرة حاجة ، وساعة هتلاقيها حد طبيعي جدًا ، مسألة وقت وهترجع أحسن ، المهم اللي تطلبه نفذه لها .
لم يقتنع بنصايح الطبيب وجهر ممتعضًا
-بقولك منهارة وانا مش عارف أعمل اي ! وأنت بتقول لي اسيبها ؟
أمره الطبيب
-اهدى ياهشام عشان تقدروا تتجاوزوا الفترة دي ، ماينفعش الحالة اللي أنت فيها .
زفر هشام مختنقًا
-أيوه يعني أعمل ايه !
-طمنها ، حسسها إنك جمبها ومش هتسيبها وأن ده كله فتره وهترجع احسن ، فجر مش محتاجة دكتور لان مرضها مش عضوي ، هى مش محتاجة حد غيرك دلوقت .
ألقى الطبيب حمل المسئولية على كتفي هشام فأحس بأن جبال الارض رست عليهما ، انتهت مكالمته مع الطبيب ثم عاود الاتصال بسعاد قائلًا
-طنط ممكن تيجي حالاً .
-خير ياحبيبي مراتك مالها .
مسح على رأسه بعجز
-صدقيني معرفش ، ومفيش غيرك ممكن يساعدها ويساعدني ، لو سمحتي تعالي حالًا .
لبت طلبه على الفور
-مسافة السكة ياهشام ؛ سلام يا حبيبي .
ما لبث أن انهى مكالمته مع سعاد ثم عاد إلي غرفة فجر مرة أخرى وهو يدق الباب بتوسل
-طيب ممكن تفتحي .
لم يلق منها أي رد ، فأشعل الصمت بقلبه لهيب القلق قائلًا
-فجر متعمليش كدا فيا ، من فضلك افتحي .
مسحت دموعها الغزيرة وهى تتمالك أعصابها
-أنا كويسة ، محتاجة أنام شويه .
-متأكدة إنك هتنامي ؟
انتظر ردها طويلًا فكانت تتخلص من دموعها بمعاناة لتُجيبه بهزل
-ااه هنام .
لا أعلم إن راودك هذا الشعور قط ، بأنك تود أن ينتهى كل هذا كانتهاء كابوس مزعج ، أو ألا تكون فرد في ذلك العصر المُحزن ، أو ألا تعي بوجودك ، أو شيئًا مثل ذلك .. أعتقد أنها رغبةٌ سوداوية جدًا عندنا يعاكسك كل ما تسعى لتحقيقه ، شعور العجز قاتل ، لكنّني أريده عندما أصبح هكذا ، ولهذا أحاول ألا أفكر .. أريد فقط أن يكف كل شيءٍ عن الدوران ، اترقب مرسى سفينتي التي تقاذفتها الدوامات بقوة .
اقتربت من فراشها بضعف وهى مشتته ، صداع قوي يصدح برأسها حتى أوشكت على الانفجار ، ضمت الوسادة الي صدرها ودفنت رأسها ودموعها بها وهى تجهش ببكاء مكتوم وتناجي ربها بصوت غير مفهوم .
لا ثوابت في هذا العالم، كل ما يمنحك الأمان بإمكانه أن يبثّ فيك الرعب دفعةً واحدة، وكل تلك الأشياء التي هربت إليها ستجد نفسك هاربًا منها، رفعت رأسها بتثاقل وهى تتناول صورته الموضوع جانبًا بزيه الميري ، مسحت الصورة بأهدابها المبتلة وهى تطالع أدق تفاصيله لتجهر صارخة بأنين الوجع
-أنا مين وبيحصل معايا كده ليه .
تشبثت برأسها بقوة وهى تغمض عيونها الذي تتقطر بالدموع ووتراجع بظهرها للخلف حتى هجم على ذاكرتها موقف من مواقفهم معًا
#فلاش باك
- بالمناسبة شكلك في البدلة الميري حلو أوي .
أنت تقرأ
الحرب لاجلك سلام
Любовные романыاذا مست فتاة كبرياء رجل اما ان يقتلها او يقُتل فيها عشقا .. انتصرت صمت عيونها على مسدسه الكاتم للصوت .. امامها قرر أن يخلع عباءة الشرقي المكونه من خيوط التهديد والتوعد الى متيم لا ملجأ له الا إليها .. ♥️ #الرائد_هشام_السيوفى & فجر♥️ الحرب لاجلك سلا...