قطعة حلوى

63 12 11
                                    

نهاية يومهم المدرسي ذاك كان هادئا مقارنة ببدايته، يمكن القول أن كلام أيدين لم يكن كلاما فحسب، لقد أضافت طابع إثارة في وقتهم وسواء استنكروا أفعالها أم لا كانوا يستمتعون بالوضع والوقت الذي يضيع من الحصص الدراسية بسبب مقالبها.
أثناء تشغيل ألريك لدراجته لمح أيدين تمر أمامه بعد أن ودعها ريا وأوليفيا، لاحظ بأن منزلها قد يكون يقع في الطريق الذي يسلكه فهو غالبا ما صادفها في ذهابه وعودته لكن هذه المرة لم يمنع نفسه من الإبطاء حتى يبقى على مسافة منها متخذا عذرا أمام نفسه بأنها هي في طريقه وليس يلاحقها لكن ذلك لم يمسح توتره من أن تنتبه له لذلك ابتعد لحد يمكن فقط رؤيتها دون إلتقاط رائحتها، في لحظة ما تساءل عن أهمية ما يفعله وعن سبب تكبده لهذا العناء، كان على وشك أن يقرر الإسراع عائدا لمنزله لكنه رآها تنعطف وتدخل للحديقة العامة مما جعله يتعجب بعض الشيء، أي طالب يتوجه لحديقة عوضا عن منزله في نهاية يوم طويل، على الأقل ستكون جائعة وتريد أكل الغذاء، ذلك جعله يرجع لقراره بمراقبتها، أقصد الوجود في طريقها صدفة...

بينما الأفكار تأكل عقله كانت أيدين تتمشى متنشقة الهواء المشبع برائحة الأعشاب والأوراق الخضراء باستمتاع غير منتبهة حقا للأعين المسلطة عليها، اتخذت أحد المقاعد وارتاحت عليه تفكر بما ستفعله أثناء تضييع الوقت هنا، وضعت سماعات أذن تدفع الموسيقى في رأسها وأخرجت دفاترها تفكر بحل أحد الواجبات لكن بعد ثوان قليلة رمته حيث الفكرة لم ترق لها، انتهى بها الأمر بالتأمل حولها مع أكل حلوى كانت تحمل كمية منها بشكل دائم في حقيبتها ورغم محاولتها لتجاهل الفتى الصغير المقابل لها إلا أنها في النهاية زفرت بضيق ونادته.
رفع رأسه عن الأرض حيث كان يرسم بطبشورة صغيرة وتعابيره الحزينة تحولت لأخرى فضولية محاولا التعرف على هوية الفتاة التي نادته، أشارت له أن يقترب فنهض بصعوبة يخطو نحوها عدة خطوات حذرة، ضحكت بخفة على الطريقة التي يعبس بها بينما خدوده الكبيرة تدلت للأسفل، مدت قطعة أخرى من الحلوى التي معها له فرمقها بتردد، أعادتها تحرك رأسها بيقين:"لا بد أن أمك حذرتك من أخذ شيء من شخص غريب".

خرج صوته أخيرا وقد كان ناعما عكس ما يوحي به شكله:"نعم، لكنها تبدو لذيذة، هل وضعتِ شيء بها؟"

لم تستطع كتم ضحكتها وانفجرت خاصة حين رأته ينظر بتحسر للحلوى، ناولته ثلاثة منها:"لا، ليس عليك الثقة بي لكن أنظر إنها ما تزال مغلفة".
ابتهج جالسا بجانبها ويباشر بفتحها، شعره الكستنائي كان طويلا حتى غطى أذنه وناعم بشدة لدرجة رغبت بالتربيت عليه ومداعبته لكنها كبحت رغبتها وبدلا من ذلك سألته عن سبب كونه لا يلعب مع الأطفال الآخرين الذين كانوا يشغلون الجانب الآخر من الحديقة ويضجون متبادلين الكرة فيما بينهم.
"هم لا يسمحون لي بلعب الكرة معهم، يقولون أني بطيء وأعيقهم بسبب هذا". أنهى جملته مشيرا لبطنه الكبيرة نسبيا فقد كان من الواضح أنه يعاني من الوزن الزائد لكن بصورة لطيفة.
حركت رأسها بفهم وبدت كمن يفكر بأمر ما، أكمل بقليل من الحزن:"إني أحاول أن لا آكل منذ الأمس لكن عندما رأيت هذه الحلوى بدت لذيذة جدا، لا أريدهم أن يسخروا مني مرة أخرى لكني أشعر بالجوع ولا أستطيع التوقف عن الأكل لوقت طويل".

أيدين-الشعلة الصغيرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن